منطقة ساحل تهامة تنفرد بجمال إلهي خلاب طبيعي وبثقافة إنسانية لها عراقتها ومكانتها في الموروث اليمني، مدينة الحديدة أكبر مدن تهامة سكاناً ونشاطاً وهي حاضرة تهامة وعاصمة المحافظة وتبعد عن صنعاء حوالي 250كم. كل ما تراه جميل أينما اتجهت في سفرك وسط أفياء تهامة.. واحات خضراء من أشجار النخيل والفواكه والحبوب المزروعة وأودية تسيل فيها المياه طوال العام.. وعلى مقربة منها حمامات ساخنة يستشفي بها الكثير مثل حمّام السخنة الذي يبعد عن مدينة المنصورية بحوالي 18كم ويأتي إلى هذه الحمامات المواطنون والسياح من الدول المجاورة ودول أخرى للاستشفاء والعلاج من الأمراض الجلدية. وسهل تهامة واسع تقع معظم أجزائه في محافظة الحديدة ويمتد من اللحية شمالاً وحتى شواطئ الخوخة جنوباً، وما يزيد جمال تهامة سواحلها البحرية الهادئة بطبيعتها الإلهية التي لم تتدخل يد الإنسان فيها، وجزرها وشواطئها المهيأة لقضاء الإجازات وممارسة رياضة الغوص والاصطياد التقليدي والاستكشاف والبحث في البيئة البحرية الغنية على ساحل البحر الأحمر. وتحظى تهامة بتراث إنساني متنوع من فن معماري وفلكلور شعبي يصعب على أي شخص من غير أبناء تهامة تعلمه بسهولة ومع ذلك فالرقص التهامي مثير وممتع. والألعاب الشعبية الرياضية لها طابعها الخاص في تهامة ويقام لها مهرجان سنوي يتمثل في سباق الهجن والقفز من على ستة جمال دون أن يلمس المتسابق أياً منها، وكذلك يمارسون سباق العدو بأنواعه والمصارعة الشعبية وغيرها من الألعاب التراثية ولعل أجمل ما تشعر به هو لطف الناس وتعاملهم مع الآخرين ببساطة، ودائماً تفوح منهم روائح الكاذي والزهور العطرة ومن الأسواق، حيث تباع هذه الأشجار العطرة، إذ تعتاد النساء والرجال في تهامة على التزين بهذه الشجيرات ومنها ما يسمى بالمشاجر عند الحفلات والأعراس ويحرص التهاميون على عاداتهم وتقاليدهم القديمة في كل مناسبة. التجول في تهامة التجول في الأماكن السياحية في الحديدة وغيرها من مدن تهامة أو التنقل في الأسواق يعتبر أمراً مريحاً للسائح وللزائر عند الصباح ومع الغروب، حيث إن المناخ التهامي شبه مداري حار صيفاً ومعتدل شتاءً متوسط الحرارة في الصيف.. معظم التجمعات السكانية في هذه المنطقة تتركز في المدن والقرى القريبة من البحر والأودية الخصبة والغنية بالمياه وتزرع آلاف الأراضي الزراعية وتربى الحيوانات الأصيلة كالخيول والجمال، ومن مدن تهامة الساحلية «العرج الفازة غلافقه عثر وحلي». أما المدن التاريخية فهي «هجر» وتقع على وادي ضمد وبها أشجار النخيل ومدينة الكدراء الواقعة على وادي سهام المتدفق بالمياه القادمة من الجبال ومن عيون المياه والأمطار، ويستفاد منها للزراعة وبناء السدود المائية. ومن المدن التهامية مدينة «المعقر» على وادي ذؤال وبجوارها «القحمة وبيت الفقيهوزبيد» على وادي زبيد و«المهجم» على وادي سردود و«موزع» على وادي موزع و«بلحة» على وادي مور أكبر أودية اليمن.. وهناك مدن على الطريق إلى الحديدة كالحسينية وحيس المشهورة منذ القدم بصناعة الفسيفساء والخزف والذي يستخدم في العمائر وأدوات تشكيل المنازل ومدينة الجراحي والزهرة واللحية، والوصول إلى هذه الأماكن أغلبها بطريق مسفلتة، كما تتوفر فيها وسائل الخدمات والسفر إلى الحديدة إما براً أو جواً. منتجعات سياحية تعتبر مدينة الحديدة من أجمل مدن تهامة وفيها منتجعات وأماكن سياحية راقية متوفرة وبإمكان الزائر القيام برحلة بحرية إلى الجزر المجاورة مثل كمران وجزر أخرى ومواصلة الرحلة إلى مدينة اللحية الساحلية على البحر الأحمر وهي مدينة جميلة محاطة بأشجار المانجروف وتبعد عن الحديدة براً مسافة «134كم» مدينة الزيدية جنوباً وعبس شمالاً في محافظة حجة الجبلية المجاورة للحديدة، واللحية ميناء قديم لعبت دوراً في تصدير البن اليمني الشهير عالمياً واللؤلؤ والمرجان، وسميت اللحية لأنها حية في حركتها التجارية، ويذكر التاريخ أن البعثة العلمية الدانماركية زارتها قديماً مع علماء أوربيين بين 1761م 1767م، ويقول أحد أعضائها وهو نيبور إنهم عزفوا الكمنجة على هواء المدينة الطلق في أمسية جميلة شاعرية تأسر الوجدان. ومن أمتع المواقع السياحية ساحل أبو زهر الذي تغطيه ظلال النخيل على امتداد الساحل القريب من مدينة الخوخة وتتنوع بيئة هذا الموقع السياحي من الطيور المهاجرة والمقيمة ومنها طيور النوارس.. والخوخة مدينة قديمة يقع بها ساحل أبوزهر الغريب وتبعد عن مدينة حيس «27كم» باتجاه الغرب وتتميز الخوخة بمياهها العذبة بجانب الساحل البحري، وقد أصبحت الخدمات السياحية في هذه المدينة متوفرة اليوم ويأتي الناس والسياح لقضاء العطلات والإجازات في المناسبات وغيرها.. وعلى مقربة من مدينة زبيد على مسافة حوالي 30كم باتجاه الغرب تقع منطقة الفازة الساحلية الهادئة. الفن المعماري مدينة زبيد التاريخية أحد الشواهد الحضرية في العمارة الإسلامية وتبعد زبيد عن الحديدة مسافة «100كم» بين البحر والجبل، وعن مدينة تعز «140كم» وعن الشاطئ البحري وعن الجبل «25كم» ولزبيد تاريخ عريق في العصر الإسلامي وقبله مما يعني حضرية هذه المدينة العلمية والدينية كونها تحتوي على أربعة وثمانين مسجداً ومدرسة إسلامية قديمة. وقد لعبت المدينة دوراً ريادياً في تشكيل حضارة علمية وموروث ثقافي في مجالات وتخصصصات مختلفة.. وتتميز المدينة بفن معماري يتمثل في جامع الأشاعرة الذي يعد أحد شواهد الحضارة المعمارية.. بوابته الجميلة مزينة ومشكلة بألوان مختلفة وكتابات إسلامية قديمة من الداخل والخارج، وكان بها سور قديم ويحيط به أربعة أبواب هي باب الشباريق من الشرق وباب النخل من الغرب وباب سهام من الشمال وباب الكرتب من الجنوب.. إضافة إلى ذلك قلعة زبيد التاريخية ونوبة الكشف ونظراً لما تحتويه زبيد من تراث إنساني فقد اعتبرتها اليونسكو في قائمة التراث العالمي مع صنعاء القديمة وشبام حضرموت وغيرها من المدن التي تحظى بالاهتمام. وقد اكتسبت زبيد فنها المعماري من مكانتها التاريخية، حيث كانت عاصمة لدولة بني زياد ومن بعدها بني نجاح فهي عامرة بالثقافة والمعرفة والفن المعماري، وكثيراً ما تتشابه الفنون المعمارية في تهامة كما في زبيدوالحديدة وحيس وبيت الفقيه وتتميز بزخارف جصية.. وفي تهامة نمط شعبي قديم للسكن فيه البساطة، حيث تنتشر أكواخ العشش البديعة التي تلطف الجو الحار ويشعر الإنسان بالاسترخاء.. ومكونات بناء هذه العشش من الشجيرات المدهونة بطين وتبن وتغطى إما بالحصير وسعف النخيل أو بقصب الذرة المجفف والقش الذي يزرع في المناطق الصحراوية. متعة التسوق يأخذ العسل البلدي والسمن شهرته في تهامة داخل اليمن ويصدر منه إلى الدول المجاورة لليمن مع العسل الدوعني لما يتميز به عسل تهامة من جودة فائقة.. والأسواق التقليدية الأسبوعية منتشرة في تهامة وفي الغالب الأسواق تتميز بعضها من ناحية المنتج ووجوده بكثرة عن بقية السلع الأخرى، سوق المنصورية وهو سوق أسبوعي يأتي إليه الكثير من كل أنحاء تهامة ومن محافظات يمنية مجاورة للحديدة، وأهم ما يباع فيه السمن البلدي والخضار والفواكه المحلية.. ويزخر سوق المراوعة وباجل على طريق الحديدةصنعاء بأنواع الماشية والخضروات المحلية.. ويمتاز سوق بيت الفقيه بحياكة أجود الأقمشة اليدوية النسائية والرجالية وصناعة الظلل والكوافي التي يستخدمها التهاميون لمنع ضربة الشمس وللزينة. وللحنيد رائحته الشهية من اللحوم والأطعمة في بيت الفقيه، فالقرى المجاورة تجود بأنواع الماعز والخرفان البلدية وتعرف جارتها زبيد بصناعة الأقمشة والمصانف التهامية واللحافات القديمة وتشتهر مدينة حيس بصناعة الخزف والفسيفساء في سوقها الشعبي وكذلك أدوات المنازل التي يتم تشكيلها كمنتجات تقليدية وهي من الصناعات اليدوية والحرفية في زبيد، وتشتهر قبيلة الزرانيق بصناعة القوارب الخشبية والشباك وأدوات الصيد البحري وصناعة الحصير المستخرج من سعف النخيل والخياطة وصياغة الذهب والفضة وصناعة الأحزمة وسروج الخيول والبغال وتنتشر هذه المنتجات في أسواق تهامة الرئيسية وخاصة في بيت الفقيه وما جاورها. عادات الناس يعرف أهل تهامة بقوتهم وبفطنتهم وذكائهم وبطيبة قلوبهم ووفائهم كما يتصفون بإكرام الضيف وبأخلاقهم الحسنة.. وللنساء طريقة خاصة في ارتداء الثياب فعادة ترتدي المرأة منديلاً وفوقه مقرمة وقبعة مصنوعة وحلل من الفضة والذهب في الأذن وأساور أخرى في المعصم، أما الفستان فهو طويل في تصميمه يشبه الزي الأفريقي ويكون هذا الملبس للفتيات غير المتزوجات.. أما المتزوجات فيرتدين نفس اللبس لكن ليس ثمة اهتمام بالحلي ويكون الفستان ملوناً ويسمى «كرته»، وعادة يكون هذا اللبس في المناسبات وفي الأعراس.. أما بالنسبة للرجال فيرتدون ملابس بيضاء بالإضافة إلى الكوفية المصنوعة من شجرة الخيزران ويرتدون المصنف وهو نوع من القماش محاك محلياً ويضع العروس سيفه في يد أو سلاحه مع هذه الملابس ثم يزف عادة على ظهر الفرس وتزف المرأة على ظهر الجمل إلى بيت زوجها وهي مزينة بالمشاجر والحلي، إن الناس في تهامة محافظون على عاداتهم وخاصة في المناسبات. التراث الفني والرياضي تهامة غنية بموروثها الفلكلوري، ومن أشهر رقصات تهامة الفرساني المأخوذة من الفرس وتشتهر اللحية بهذه الرقصة الشعبية وما جاورها ورقصة الهقفة والتي يتم فيها الرقص على عزف الناي المعروف بالقصبة مع إيقاع خفيف لحركة القدم قدم خلف قدم موازية للعزف، يقف الراقصون في صف واحد.. أما رقصة الحنجل فهي رقصة فردية لا يستطيع القيام بها إلا من لديه لياقة عالية.. ورقصة الهندمة التي يتم فيها الرقص بالجنابي والخناجر بسرعة فائقة تحتاج مرونة، وهناك رقصات أخرى مشتركة في الأعراس والمناسبات. ولتهامة فن غنائي أصيل وأدب شعبي له مكانته الفنية في اليمن، وقد اشتهر عدد من الفنانين والأدباء والشعراء في مجال المساجلة الشعرية والغنائية، ومن التراث الرياضي التهامي سباق الهجن والفروسية والعدو السريع والمتمثل في سباق الجري والقفز من على ستة جمال كرياضة شعبية ويتصف شباب الزرانيق وبعض قبائل تهامة بالنحول وسرعة الحركة.. وتقول حقائق قديمة إن الزرانيق كانوا يصطادون الغزلان ويقبضون عليها باليد دون استخدام السلاح ويصور ذلك قوة أبناء تهامة ولتنوع التراث الرياضي في تهامة، وفي مواسم السنة تقام مسابقات في الهجن وسباقات فردية متعددة متنوعة