- الكويت - (كونا) يثير الصعود المتواصل في الاقتصادات الاسيوية لاسيما تلك التى يطلق عليها "الاسواق الناشئة" دائما التساؤلات حول مستقبل الاقتصاد العالمي في ضوء ظهور هؤلاء "اللاعبين الجدد" والكيفية التى يمكن ان تتشكل بها خارطة الاستثمار والتجارة العالمية وكيف يمكن لاسواق اخرى مثل دول الخليج ان تستفيد من هذه الفورة الاسيوية.وتشهد الكويت غدا السبت واحدة من اهم الندوات التى تستعرض النمو الاقتصادي الاسيوي وتأثيره في الاقتصاد العالمي ومستقبل التعاون الاسيوي الخليجي خاصة في ظل الفوائض الخليجية التى يمكنها ان تتجه الى اسواق جديدة في آسيا. وينظم الندوة بنك الكويت الوطني تحت عنوان "آسيا والخليج العربي.. نحو ازدهار دائم" وذلك تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح في مقر الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي.وسيحل الزعيم الآسيوي الشهير رئيس الوزراء السنغافوري الاسبق لي كوان يو ضيفا على البنك الوطني حيث سيكون المتحدث الرئيسي للندوة مستعرضا تفاصيل المعجزة السنغافورية والكيفية التى استطاع بها تحويل بلاده من جزيرة نائية بلا مستقبل الى واحدة من الاقتصادات المتقدمة ونموذج اقتصادي متطور تتمنى الكثير من الدول تطبيقه.ومن المتوقع ان تثار في الندوة الكثير من التساؤلات التى تتعلق بمدى قدرة اسواق اسيوية مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وغيرها على استقطاب واستيعاب الفوائض الخليجية التى تقدر بمئات المليارات التى تبحث دائما عن فرص جديدة للاستثمار.ويمثل النمو المتسارع في الايرادات النفطية لدول الخليج فرصة للتوسع في الانفاق العام وثقة متزايدة في القطاع الخاص ومزيدا من الارتفاع في مستويات الدخل الفردي وفي مستويات قياسية من الانفاق الاستثماري والاستهلاكي الى جانب البحث عن اسواق ومنتجات استثمارية جديدة لتوجيه هذه الفوائض اليها.واشارت توقعات لمعهد التمويل الدولي في واشنطن الى ان مجموع العائدات النفطية لدول الخليج سيتعدي 300 مليار دولار هذا العام أي أكثر من ضعف مجموع الايرادات في العام 2000 وحسب تقرير أخير لصندوق النقد الدولي فان الفوائض المتوقعة في الحسابات الجارية لدول الخليج يتوقع ان تصل الى 239 مليار دولار وسترتفع في عام 2007 الى 259 مليار دولار. وعند مقارنة الوقت الحالي بعام 1997 فان ثمة فارقا كبيرا ففي حين كانت دول الخليج في ذلك الوقت تعمل جاهدة للحد من الإنفاق وتحقيق الاستغلال الأمثل لموارد مالية محدودة نسبيا والسيطرة على عجوزات كبيرة في الميزانيات العامة لدى بعضها فانها تتمتع اليوم بفوائض سنوية متتالية ومتنامية وارتفاع سريع في احتياطاتها المالية.ويبدو من جميع المعطيات الواقعية أن التحول الجذري في عائدات دول الخليج النفطية وأوضاعها المالية في السنوات الأخيرة سيبقى ويترسخ في المستقبل المنظور ويؤدي بالتالي الى استمرار تراكم الفوائض النفطية لدى هذه الدول وفي ضوء هذا التطور المتوقع فان سؤالا يطرح نفسه بالكثير من الالحاح والأهمية ويتعلق بكيفية استعمال هذه الفوائض من قبل الدول المعنية وماذا سيكون تأثير ذلك على اقتصادياتها. لقد بات معروفا ان جهود الحكومات الخليجية في السنوات الأولى من الفورة النفطية الحالية بدءا من عام 2000 تقريبا تركزت على تصحيح أوضاع المالية العامة التي عانت في معظم تلك الدول عجزا مزمنا خلال عقد التسعينات الماضي.وبعد ذلك فان النمو المستمر والمتسارع في الفوائض النفطية سيفرض على الأرجح بعض التغيرات في كيفية استغلال هذه الفوائض في المرحلة المقبلة بحيث تأخذ في الاعتبار احتياجات الانفاق المحلي ولكن تخضع أيضا للقدرة الاستيعابية للاقتصادات الخليجية. وبالنسبة للانفاق الاستثماري أو الانفاق على المشاريع فان تقديرات أخيرة ببلوغ حوالي 150 مليار دولار في العام الحالي أي نحو أربعة أضعاف مجموع العام 2004 علما بأن ذلك يشمل مشاريع تطوير القطاع النفطي الذي من المتوقع أن تستقطب نحو 35 مليارا.ويبدو هذا المبلغ متناسقا تقريبا مع تقديرات صدرت اخيرا أيضا عن وكالة الطاقة العالمية بأن مشاريع الغاز والنفط في منطقة الشرق الأوسط ستتطلب استثمارا أكثر من تريليون دولار خلال فترة ال 25 سنة المقبلة أي بمعدل 40 مليار دولار سنويا خلال هذه الفترة.وتقول تقديرات أخيرة لمعهد التمويل الدولي ان دول الخليج ستقوم باستثمار اكثر من 360 مليار دولار من الأصول الخارجية خلال هذين العامين الحالي والمقبل بما يشمل السندات والأسهم والعقارات والأصول الأخرى وهذا الرقم الضخم المتوقع يزيد بنسبة 50 في المئة على مجموع ما تم شراؤه من الأصول الخارجية في السنوات الخمس السابقة أي من 2000 الى 2004م.ان الدول الاسيوية لاسيما الاقتصادات الناشئة فيها والاسرع نموا لديها من القدرات والمؤهلات ما يجعلها من افضل الوجهات الاستثمارية فحسب تقرير لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) فان دول غرب اسيا حققت في عام 2005 أعلى معدل نمو لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي زادت بنسبة 85 في المئة لتبلغ مستوى قياسيا حجمه 34 مليار دولار.وأشار تقرير الاونكتاد الى ان التدفقات الداخلة للاستثمارات الأجنبية الى شرق وجنوب شرق آسيا بلغت مستوى مرتفعا جديدا بتسجيلها 165 مليار دولار العام الماضي بزيادة نسبتها 19 في المئة عن عام 2004 . ويمكن تلخيص العلاقات الاقتصادية الاسيوية الخليجية في اربعة اتجاهات رئيسية اولها يتعلق بالصادرات الاسيوية حيث الاسواق الخليجية قادرة على استيعاب هذه السلع والمنتجات التى تلقى رواجا كبيرا بسبب انخفاض اسعارها الى جانب ارتفاع جودتها عاما بعد عام.والاتجاه الثاني يرتبط بالصادرات النفطية الخليجية الى الدول الاسيوية التى تعتبر من اهم الاسواق سواء لمنتجات النفط الخام او المنتجات البتروكيماوية ومشتقات النفط بينما يتعلق الاتجاه الثالث بالتدفقات الاستثمارية الخليجية للاسواق الاسيوية .ويعتبر الاتجاه الرابع احدث هذه الاتجاهات وهو مرتبط بالظهور القوي للشركات الاسيوية القادرة على تنفيذ مشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية والقطاع النفط الى حد ازاحتها شركات اوروبية وامريكية عملاقة متفوقة عليها اولا بالسعر وثانيا بالجودة والاداء العالي.والادلة كثيرة فمشاريع نفطية كثيرة في الكويت تقدر بمليارات الدولارات تنفذها شركات كورية وهندية وصينية وفي دبي فان اعلى برج في العالم تنوي الامارة النشطة انشاءه تتصدى له شركة كورية هذا الى جانب الغزو الصيني للعشرات من مشاريع الطرق والنقل والمطارات في دول المنطقة.