قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر    أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاوضات جنيف تعرضت للتشويه والاستقلال لم يكن هبة من أحد
خالد عبدالعزيز عضو مفاوضات الاستقلال يؤكد :
نشر في الجمهورية يوم 30 - 11 - 2006


- الرئيس بومدين تكفل بنفقات وفدنا إلى المباحثات
- حاوره/سالم بن بريك ..
الكفاح اليمني ضد الاستعمار البريطاني كان يأخذ عند كل مرحلة بعداً جديداً، فمن المظاهرات الطلابية إلى الحركات النقابية إلى التنظيمات السرية والعمل الفدائي وأخيراً إلى المواجهات المسلحة المباشرة مع قوات الاحتلال ..وفي إطار مسيرة النضال من أجل الحرية والاستقلال ثمة عطاءات وأسماء نضالية بارزة ساهمت بفاعلية في تفجير الثورة وصنع الاستقلال ..من هذه الشخصيات الأستاذ المناضل/خالد محمد عبدالعزيز أحد الرموز النضالية وأحد الأعضاء المشاركين في مفاوضات الاستقلال والذي كان للصحيفة معه اللقاء الآتي:
- بدايات
في البداية هل يمكن اعطاء نبذة موجزة تتضمن النشاط والمراحل الدراسية وبداية اهتمامكم بالسياسة وكيف ومتى انضممت إلى حركة القوميين العرب والجبهة القومية؟
الحقيقة السؤال صعب يغطي فترة طويلة ولكن سأحاول أن اختصر الإجابة.قصر السلطان فبالنسبة للنشأة أنا نشأت في المكلا ومن مواليد 1942م درست المرحلة الابتدائية أربع سنوات في المدرسة التي هي الآن مستشفى الأمومة والطفولة وعشت فترة في الشحر حين انتقل الوالد من المكلا.وهي فترة قصيرة وبعد إكمال الدراسة الابتدائية انتقلت إلى مدرسة وسطى الغيل وبعد تخرجي منها سافرت إلى السودان حينها كانوا يأخذون أوائل الخريجين من المدرسة الوسطى للدراسة في الخارج والبعض منهم يلتحقون بالدراسة في كلية عدن بالشيخ عثمان «ثانوية» والآخرون يلتحقون بالسلك الوظيفي للدولة القعيطية..ثم انتقلت للدراسة في بغداد وتخرجت من جامعة بغداد بكالوريوس في مجال الحقوق
- بداية مشوار السياسة
أما بالنسبة لاهتمامي بالسياسة الحقيقة أول حدث أثر في نفسي كان حادثة القصر والتي راح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى من أبناء مدينتي وكانت جناية هؤلاء المواطنين المهم كانوا يطالبون بتعيين سكرتير دولة وطني بدلاً من السكرتير المستقيل سيف أبو علي الزنجباري الأصل والذي انتهت فترة ولايته وكان السلطان يعمل على إسناد هذا المنصب إلى الشيخ قدال سعيد القدال ناظر المعارف«السوداني» وهذا الرجل لانقول شيئاً في شخصه وكان له دور في خدمة التعليم وهو رجل مرب فاضل ولكن كان لدى الناس إحساس وطني لماذا لايتولى هذا المنصب سكرتير حضرمي وأن يظل الشيخ القدال في عمله في مجال التعليم.ونتيجة لقرار السلطان ينتج صدام بين المواطنين من جهة وقوات الأمن والجيش التابعة للسلطان من جهة أخرى وراح ضحية هذا الحادث قتلى وجرحى كثر من أهالي البلاد وكنت حينها في المدرسة الغربية الملاصقة للمستشفى وشهدت مع غيري من التلاميذ حيث كنا نطل من الشبابيك وكانت هذه الحادثة لها أثر في نفسي وظلت راسخة في ذهني ولاتزال محفورة حتى اليوم».وأيضاً اكتشفت اهتمامي بالسياسة عندما كنت أدرس في وسطى الغيل إذ أنني تكونت علمياً وثقافياً وسياسياً في هذه المدرسة وأدل عمل سياسي اشتركت فيه كان تظاهرة وسطى الغيل عام 1956م عندما اعتقل سنحان الحبشي الأمين العام لحزب الرابطة فقد خرجت مظاهرة احتجاجية من المدرسة على هذا الاعتقال وخلال هذه الفترة أثناء الدراسة كنت أميل كثيراً لقراءة الكتب الثقافية عن الدول القومية في أوروبا وأيضاً إرهاصات الفكر القومي في الدول العربية من القوميين العرب في سوريا ولبنان وعلى الخصوص ساطع المصري والشعراء العرب القوميون في العراق..وكنت أشعر بانجذابي إلى هذا الفكر القومي ولذلك فاثناء قراءاتي لهذه الكتب سواء في وسطى الغيل أو في السودان ومصر والعراق كانت تتجاذبني كثير من التيارات الإسلامية والقومية والشيوعية.ففي السودان التيار الإسلامي«الإخوان المسلمين» وفي مصر التيار اليساري« القوميون والشيوعون» وكان بعض زملائي يحاولون أن يفسحوا لي مكاناً بين هذه التيارات.غير أنني وجدت أن الفكر الشيوعي بيني وبينه حواجز تمنعني من الاقتناع به أهمها حاجز الدين رغم محاولات كثيرة من زملائي الطلبة المنتمين لهذا التيار..أما عن الفكر الإسلامي لتيار «الإخوان المسلمين» كثير من زملائي حاولوا إقناعي بالانضمام إليهم ولكن وجدت نفسي أن الإسلام ساكن فيَّ وشخصياً لم أستطع أن أستوعب الإسلام كحزب سياسي فالإسلام دين والدين فوق الجميع..بينما الفكر القومي كان يلقى هوى في نفسي وكما قلت من خلال قراءاتي للتاريخ الأوروبي«دول القومية» إلى جانب الثقافة الإسلامية والثقافة القومية العربية وجدت أن الفكر القومي يستهويني أكثر خلال تلك الفترة وهي فترة نهوض قومي وكانت ثورة 23يوليو تلهب الجماهير العربية بقائدها الرئيس جمال عبدالناصر وثورة يوليو والذي كان يمثل استلهاماً لكل الثوريين القوميين والثوريين في دول العالم الثالث.
- مع فيصل عبداللطيف
أثناء دراستي في المرحلة الثانوية بالقاهرة تعرفت على فيصل عبداللطيف الشعبي وكان هو طالباً في الجامعة وهو المسئول الأول لحركة القوميين العرب في قطاع الطلبة.كما تعرفت على فيصل عبدالله الحبشي وكان يمثل الطلبة البعثيين وهو شقيق سنحان الحبشي أمين عام حزب رابطة أبناء الجنوب العربي..وكان للاثنين تأثير كبير بين أوساط الطلبة وربطت بيني وبينهما صداقة فكنت مُعجباً بفيصل الحبشي ولكن كانت تربطني بالشعبي صداقة وعلاقة حميمة وكنت أشعر أنه أقرب إلى كثيراً وأننا نتحدث لغة واحدة وكان هو السبب وله الفضل في انضمامي إلى حركة القوميين العرب ثم إلى الجبهة القومية.
- علاقتي بقحطان الشعبي
عندما عدت من الدراسة بعد التخرج من جامعة بغداد مررت إلى القاهرة عام 1964م وفي ذلك الوقت كان هناك مكتب للجبهة القومية رئيسه قحطان محمد الشعبي الأمين العام للجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وكان معه عبدالله الخامري ومجموعة من الشباب الآخرين وكانت معرفتي بقحطان مسبقة وتربطني به علاقة صداقة عززتها علاقتي بابن عمه فيصل عبداللطيف وكان قحطان يفكر أن أكمل دراستي في القاهرة للحصول على شهادة الماجستير ومن ثم الدكتوراه وأنا كنت بصراحة متحمساً للعودة إلى الوطن.لكن قحطان رحمه الله كان مصراً على أن أكمل دراستي العليا في القاهرة..غير أنه حصل حادث غير رأي قحطان فقد مكث في القاهرة شهرين حينها كان في مصر الإخوة الأساتذة الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه وفرج بن غانم وحسين بارباع.فالأول ذو ميول ناصرية والآخران من القيادات البعثية.فعندما التقيتهم أخذتهم إلى منزل قحطان الشعبي للتعارف.فعندما التقاهم قحطان تكون لديه انطباع عن وزنهم لأنهم من قيادات البعث في حضرموت.وقبل هذا اللقاء كنت قد ذكرت له أن في حضرموت عناصر قيادية مؤثرة وناضجة وتمثل خطورة على الجبهة القومية من حيث التمدد في الشارع وفي إقناع الناس بفكرهم فبعد هذا اللقاء اقتنع قحطان وقال هذه العبارة والتي مازال أذكرها:«خلاص ممكن تعود إلى حضرموت وبعدين نشوف لك فرصة لتواصل دراستك العليا في القاهرة»وأثناء مكوثي في القاهرة خلال هذه الفترة كان الأخ عبدالفتاح إسماعيل طلع بنسخة من «الميثاق» للجبهة القومية فالتقيته في المستشفى الإيطالي بالقاهرة حيث كان ممدداً لإجراء فحوصات.ثم تكرر لقائي به وكنا نحن الأربعة نجتمع في غرفة قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف الشعبي وعبدالفتاح اسماعيل و«أنا» خالد محمد عبدالعزيز.وكان عبدالفتاح قد أتم مراجعة الميثاق أما لقاؤنا به كان للمراجعة الأخيرة.
- مشاركة فكرية
- ماهي طبيعة المراجعة التي قمتم بها للميثاق؟
أنا قمت بتعديل وتصحيح لغوي لمحتواه وإضافة بعض الأشياء مثلاً قلت لعبدالفتاح يجب أن يبوب ويتوج بآية قرآنية مناسبة.
وحين قال:ماهي؟
قلت : بسم الله الرحمن الرحيم
«من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»فقفز عبدالفتاح من سريره يعانقنا وقال ماكنت أتصور آية مناسبة للجبهة القومية أفضل من هذه الآية.
أردفت أكنت متوقعاً الآية «ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون» قال نعم فسعد للتعديلات التي أدخلناها على الميثاق.وبعد هذه الفترة الشهرين والتي قضيتها في القاهرة عدت إلى الوطن فكلفت بقيادة العمل السياسي والنضالي في حضرموت وكان العضو من أعضاء التنظيم عندما ينتقل من مكان إلى آخر تحمل رسالة تحدد فيها وضعه التنظيمي فنزلت أولاً إلى عدن وفي ذلك الوقت الأخ/عبدالله صالح البار في المكلا وهو المسئول التنظيمي الأول للجبهة القومية في حضرموت وكان يستعد للمغادرة للدراسة في الخارج «بغداد» في منتصف عام 1964م أو النصف الأخير من ذلك العام.وعندما وصلت المكلا توليت مسئولية قيادة العمل التنظيمي وكان حينها لايزال في المكلا.
- وثائق سرية
- ماسبب أو غرض نزولك إلى عدن أولاً؟
من ضمن التكليفات المسندة إلى من يأتون من القاهرة..نقل أعداد معينة من نسخ الميثاق بعد أن تمت طباعته بشكل عاجل وكان خط سير الرحلة بالطائرة «القاهرة جدة عدن» وحملت معي إلى جانب الميثاق وثائق أخرى سرية.
- أما كيف ادخلت هذه الوثائق السرية؟
وهي حقيقة كانت مخاطرة إذ استغللت ضعف أو بالأصح نحالة جسمي حيث رتبت نسخاً من الميثاق والوثائق وجعلتها على شكل حزام ملفوف على ظهري وصدري وخصري.وعند توقف الرحلة في جدة خط ترانزيت استقبلنا في مطار جدة بالمملكة العربية السعودية كل من هاشم عبده الصاني وهو من العناصر القيادية في الجبهة هناك وسالم عمر القعيطي ومحمد سالم عيديد وعلي مبارك بلفقير وآخرون لاتسعفني الذاكرة الآن بذكر اسمائهم فقلت لهم أنا ملغم بالميثاق ومكلف بإيصال بعض النسخ إلى جانب وثائق أخرى قالوا كيف سنستلمها.قلت:سأدخل الحمام وعليكم الحيطة والحذر وسأضع النسخ فيه وأنتم عليكم الدخول فيه بعد خروجي مباشرة فرداً فرداً بالتناوب ليبدو الأمر طبيعياً وتم الأمر حسب مااتفق عليه..وبعد خروجي من الحمام شاهدت محمد سالم عيديد واقفاً إلى جانب أحد رجال المباحث في المطار ويبدو أنه يعرفه وتكلف بإشغاله بالحديث وكان الوقت يقارب منتصف الليل.واصلت سيري في الرحلة إلى عدن فوصلنا عدن الساعة الخامسة صباحاً..وكانت الحالة الأمنية في المطار وجود مكثف للجنود الإنجليز وأجهزتهم المختلفة وتفتيش دقيق للمسافرين.وقبل خروجي من صالة المغادرين طلب مني تفتيش اغراضي وكانت عبارة عن شنطة واحدة وهي حقيقة كانت تحتوي ملابس ومجموعة نسخ من الميثاق وقبل وضعها كنا قدقمنا في القاهرة بنزع الأغلفة الخارجية للميثاق ووضعنا بدلاً عنها أغلفة أخرى.فأحذ الضابط الإنجليزي يحرك محتويات الشنطة بطرف عصا كان يحملها بيده إلى أن وصل بعصاه لنسخ الميثاق..فالتفت إليّ وقبل أن يسألني تحدثت معه باللغة الانجليزية فقلت له أنا طالب درست في بريطانيا وعائد بعد مروري بالعربية السعودية.بعدها لمحت من تعابير وجهه الارتياح والاطمئنان إلي فسحب عصاه وأغلق الشنطة وسمح لي بالمرور.
واطمأن لحديثي معه بالإنجليزية لأن الصورة المرتسمة لديه أن الجبهة القومية ناس بدو جهله ولايفهمون الإنجليزية ولايحسنون حتى لغتهم وقد اطمأن أنني لايمكن أن أكون واحداِ منهم ،وبذلك انتزعت منه نظرة الريبة والشك فأبدلتها بالاطمئنان.
- متى وكيف بدأت المفاوضات بين الجبهة القومية وبين قادة الوحدات العسكرية للقوات المسلحة القعيطية بشأن تسليم السلطة للجبهة القومية في حضرموت؟ولماذا تأخر إسقاط حضرموت؟أولاً المفاوضات مع العسكريين في القوات المسلحة القعيطية في حضرموت بدأت في أواخر اغسطس عام 1967م والاتصالات بدأت بعد البدء بإسقاط المناطق في الجنوب اليمني،وتم هذا بقرار من القيادة العامة للجبهة القومية..فبعد اشتداد لهيب الثورة بدأت القوات البريطانية بإلانسحاب من بعض الولايات وبدأت قواتها تتمركز في عدن،حينئذ فكرت الجبهة القومية في السيطرة على هذه المناطق،تم الزحف إلى عدن تحت شعار «إسقاط الريف ثم السيطرة واسقاط المستعمرة عدن».وقد بدأ تسلسل سقوط المناطق بدءاً من الضالع الشعيب يافع وغيرها من المناطق التي استولى عليها ثوار الجبهة القومية،أما لماذا تأخر إسقاط حضرموت فإن ذلك يعود لأسباب موضوعية منها:
أن حضرموت مساحتها كبيرة وهي لذلك منطقة صعب السيطرة عليها،فهي لذلك ليست بسهولة السيطرة على منطقة صغيرة المساحة والسكان ،غير أننا كنا في قيادة الجبهة القومية بحضرموت متفقين على اسقاطها،وتمت مناقشة هذا الموضوع في اجتماع لقيادة الشعبة التنظيمية بحضرموت «للجبهة القومية» وللحقيقة كان هناك رأيان لتيارين برزا بشأن موضوع اسقاطها.
الأول: يمثله خالد محمد عبدالعزيز عضو القيادة العامة والمسئول الأول سالم علي الكندي، عضو الشعبة سعيد عمر العكبري، عضو الشعبة عباس حسين العيدروس، عضو الشعبة.
الثاني: يمثله خالد أبوبكر باراس، عضو الشعبة والمسئول العسكري الأول في تنظيم الجبهة القومية بحضرموت فيصل علي العطاس، عضو القيادة العامة عضو الشعبة، وكان التيار الأول يرى بإسقاط المكلا أولاً باعتبارها العاصمة وبسقوطها تسقط بقية حضرموت على أن يتم ذلك سلمياً عبر المفاوضات مع لجنة الطوارئ التي شكلها السلطان من إدارة شئون السلطة القعيطية أثناء غيابه في جنيف.الثاني يرى أنه يجب تحرك قواعد وقيادات الجبهة القومية من المدينة «المكلا» والتمركز في الريف ثم الزحف على العاصمة «المكلا» لاسقاطها عسكرياً.. وتم الاتفاق في الأخير لاحتواء هذا الخلاف باعتماد خطة التحرك في الاتجاهين وكان ذلك في آخر اجتماع تم لقيادة الشعبة مجتمعة قبل سقوط حضرموت، وخطة التحرك في الاتجاهين تقضي بأن ينسحب الثاني من المكلا برفقة عدد من الفدائيين للسيطرة على حجر عسكرياً بقيادة خالد باراس ومجموعة أخرى من الفدائيين بقيادة فيصل العطاس تتجه إلى وادي عمد ليحاول الاثنان الضغط على السلطة في المكلا أثناء المفاوضات، بحيث نظهر أننا نفاوض السلطة وفي أيدينا أوراق للضغط من موقع قوة وليس من موقع ضعف.. لكن هناك من أوردناهم من القيادات بمن فيهم القائدان خالد باراس وفيصل العطاس يؤكدون أنه كان هناك خلاف في الشعبة التنظيمية بشأن هذا الموضوع وليس اختلافاً في الآراء، لأنهم يرون أن استلام السلطة من العسكريين عبر المفاوضات من شأنه أن يظهر الجبهة القومية بغير موقفها الحقيقي بمعنى أن استلامها للسلطة من عسكري السلطة القعيطية سيسلبها استحقاقها بالنصر.
- بما أنكم المسئول الأول للجبهة القومية ومهندس ومنفذ فكرة الاستيلاء على السلطة سلمياً نريد توضيحاً أكثر، كيف بدأ التفاوض ومع من من القيادات العسكرية بدأ أولاً؟
بالنسبة للمفاوضات الاتصال أولاً تم بقرار على أساس الأخذ بالرأيين كما ذكرت وأنا لا أنكر وجود خلاف، وكما ذكرت تم احتواء الخلاف بخروج المجموعة الأولى وبقاء المجموعة الثانية في المكلا وأنا منها وإلى جانبي سعيد عمر العكبري وسالم علي الكندي وعباس العيدروس وهم من أعضاء الشعبة التنظيمية للجبهة القومية في حضرموت..وكان الأول سعيد عمر العكبري قد انضم إلى هذا التشكيل القيادية في عام 1965م ونحن بنينا رأينا منطلقين من منطلقات عديدة منها:
1 ماالذي يمنع ولماذا لاتجرب «فكرة» الحوار مع القيادة العسكرية في حضرموت لأننا نعرف أن هناك تقليداً في المؤسسة العسكرية وهو أن القيادة تأمر والجماعات والأفراد ينفذون الأمر، ذلك كان من المهم جداً أن نستميل القيادات العسكرية في السلطة إلى جانبنا.
2 هذه القيادات العسكرية في حضرموت تربطنا بها علاقات بصفات متعددة، علاقة وشائج قربى صداقات معرفة شخصية..الخ وكنا نشعر أن وجودهم في هذه المناصب العسكرية القيادية ليس لأنهم عملاء للإنجليز أو أن السلطان اشترى ذممهم وأن وصولهم لهذه الوظائف العسكرية القيادية نتيجة تدرجهم في هذا السلك لكفاءاتهم ومقدرتهم الفردية المرغوبة والمطلوبة.
3 أن هؤلاء القادة في مختلف الوحدات العسكرية الأربع بحضرموت جيش النظام جيش البادية الشرطة المسلحة الشرطة المدنية يتمتعون بالحس الوطني فهم مواطنون من أبناء البلد وتهمهم مصلحته لذا يهمهم أن يتحرر من السيطرة الاستعمارية وانهاء الحكم الوراثي السلاطيني.
- كيف وأين ومع من من القيادات العسكرية كان التفاوض؟
نحن في الجبهة القومية قبل التفاوض رسمنا خطة: أولاً كيف نصل إلى هؤلاء القادة، فرغم معرفتنا بهم إلا أننا نعرف أنهم عسكريون منضبطون وملتزمون بقوانين التسلسل الوظيفي في عملهم لذلك كان همنا كيف نفاتحهم بالأمر.فبدأنا الاتصال بأحمد عبدالله اليزيدي قائد جيش النظام بعد تقصينا لمعرفة من يمت بصلة قربي كنسب أو علاقة وثيقة ذات صفة ما من أعضاء التنظيم في جيش النظام وكلف الأخ صلاح علي عضو رابطة تنظيمية في القطاع الطلابي بهذه المهمة، وهو بدوره اختار خاله «محسن بن حطبين» جندي في جيش النظام وعضو في الجبهة القومية وتربطه بقائد جيش النظام علاقة أسرية وصلة احترام متبادل..بعد هذا الاختيار استدعينا «محسن بن حطبين» وكلفناه بمهمة إبلاغ قائد جيش النظام بطلب الجبهة القومية لقاءه بشكل سري، وقد تم هذا اللقاء في منزل في «الديس» إحدى ضواحي مدينة المكلا قام بترتيبه عضو التنظيم «محسن بن حطبين».
- هل تتذكر أهم مادار في هذا اللقاء؟
أتذكر أنني قلت له إن البلد ستدخل في فوضى وأن السلطة منهارة وأن الجبهة القومية اتخذت قراراً بإسقاط المناطق، حتى أن إذاعة عدن اشارة إلى قول قحطان الشعبي أن الجبهة القومية بدأت في الاستيلاء على المناطق وانها في طريقها إلى السلطة ونحن هنا في حضرموت لانريد اقتتالاً أهلياً.وأنت تعرف الأشياء في تكوين الحضارمة «بين يافع والبادية» مضيفاً في قولي فربما تكون هناك بعض الحساسيات ونحن نرى أن هذه قضية سهل التلاعب فيها، بإشعال الفتيل ولكن من الصعب اخماد نيرانها، لذلك نحن في الجبهة القومية وأنتم يجب أن نحرص على وحدة أبناء حضرموت وأن الجبهة القومية أصبحت تمثل كل أبناء الجنوب وليس أبناء يافع أو الضالع أو أبين أو حضرموت فكل ابناء المناطق بنظر الجبهة القومية مواطنون متساوون في الحقوق.
- ماذا كان رده؟
بصراحة كان متقبلاً للكلام، واستجابته سريعة، فقال «أنا مسئول عن جيش النظام ولكن هناك قادة عسكريون آخرون». رددنا عليه نحن كفيلون بهم أردنا أولاً أن نستمع إليك.ثم شكرناه وقلنا له نحن واثقون منك ومن وطنيتك ومطمئنون إليك ونعتبرك قائداً وطنياً حريصاً على سلامة البلاد وأهلها.بعد نجاح أول اتصال توالت اتصالاتنا الانفرادية السرية بالقادة الآخرين.
أحمد ناصر البطاطي قائد الشرطة المسلحة كلف محمد بن عبدالمانع بترتيب اللقاء معه.
سالم عمر الجوهي نائب قائد جيش البادية المغرمي وحسين مسلم المنهالي أركان هذا الجيش كلف محمد المحمدي بترتيب اللقاء.
- والقادة الآخرون هل كانوا جميعهم متجاوبون؟
في البداية كانت هناك بعض الصعوبات قائد الشرطة المسلحة البطاطي كما ذكر لنا المكلف إليه محمد بن عبدالمانع عضو التنظيم في الشرطة المسلحة أنه أصر أولاً أن يعرف أسماء اعضاء الجبهة القومية الذين سيفاوضونه وكنا مترددين في كشف هويتنا غير أننا في الأخير ابلغناه بأسماء الوفد المفاوض معه.
- من هم المفاوضون من جانب الجبهة القومية؟
أنا وسعيد عمر العكبري وعباس العيدروس.
- وقائد جيش البادية؟
نفس الشيء سالم عمر الجوحي الذي تولى قيادة هذا الجيش، وكذلك أركان هذا الجيش حسين مسلم المنهالي فقد أبديا موافقتهما على تسليم السلطة للجبهة القومية ولكنهما أصرا على أن يتم ذلك في اجتماع يضم قوام قادة الوحدات العسكرية الأربع للقوات المسلحة القعيطية..كما اقترحوا أيضاً أن نجلس مع لجنة الطوارئ المشكلة من السلطان لإدارة وشئون السلطنة أثناء غيابه والمكونة من عيسى مسلم بلعلا السكرتير الإداري للسلطنة وبدر الكسادي أمين العاصمة والكولونيل صالح يسلم بن حميدع السكرتير الحربي القائد الأعلى للقوات المسلحة القعيطية واقترحوا ايضاً الاجتماع بعدد من الضباط لاستطلاع آرائهم.وللحقيقة كان حديثهم معنا يتم عن حرص.
فبادرتهم بالقول: لانستطيع أن نجمعكم إلا بعد التأكد من مواقفكم لأننا نحد ونخشى من الفتنة..وبعد أن أخذنا عهداً من قادة الوحدات عقدنا اجتماعاً في منزل الكولونيل صالح يسلم بن حميدع حضره ايضاً مجموعة من الضباط الكبار الموالين لنا وعناصر أخرى من الضباط المناصرة لجبهة التحرير.
- عن مفاوضات جنيف
ماذا يمكنك أن تقول عن مفاوضات جنيف؟
أولاً الوفد المكلف بمفاوضات الاستقلال وفد مكون من القيادات التاريخية للجبهة القومية مكون من قحطان محمد الشعبي رئيساً وعضوية سيف الضالعي وكل من فيصل عبداللطيف الشعبي عبدالفتاح إسماعيل خالد محمد عبدالعزيز أحمد محمد البشين وإلى جانبهم عدد من المستشارين المدنيين والعسكريين الوطنيين.وقد روعي في الوفد بهذا التشكيل أن يكون كامل التطبيق «يقطع ويمنع» في المفاوضات دون الرجوع إلى أحد.وستلاحظ أن أعضاء الوفد تقريباً أغلبهم القيادة الفعلية للجبهة القومية..أما عن المفاوضات فنحن ذهبنا إلى المفاوضات ونعرف مانريد من هذه المفاوضات مع بريطانيا.أما عما نريد منها وماذا نريد في بريطانيا فالبعض يقول كان المفروض من الجبهة القومية بدلاً من أن تتفاوض مع الانجليز تتفاوض مع الجمهورية العربية اليمنية بشأن وحدة الوطن.
- في تفسيري هذا الرأي سياسياً رأي مراهق ورأي خاطئ لماذا؟
لأننا نحن كنا حينها «في الجنوب» لسنا دولة حيث كان لدينا أكثر من «21» ولاية وامارة ومشيخة وسلطنة صحيح اسقطتها الجبهة القومية واستولت على السلطة فيها إلا أن دولة الجنوب لم تخلق الا بالاستقلال في الثلاثين من نوفمبر ثم أننا كنا خارجين من سيطرة بريطانيا بدءاً من عدن وحتى المهرة..لذلك كان يجب أن نتفاوض مع من كان مستعمراً لهذه المناطق وهي بريطانيا بكل حركات التحرر كحركة التحرير الجزائرية مثلاً تفاوضت مع مستعمرتها فرنسا وهذا مجرد مثال..لذلك كنا ذاهبين إلى المفاوضات على مكونات الدولة التي ننشدها..نحن قبل الذهاب إلى المفاوضات كنا قد اتخذنا قراراً بأن كل المناطق التي كانت خاضعة للسيطرة البريطانية مكوناً جغرافياً للدولة الجنوبية الجديدة وهي البديل باحساسي للمكون الجغرافي السياسي السابق بدءاً من البر وحتى البحر «الجزر».
ثانياً: نحن ذهبنا إلى المفاوضات لأننا نريد الاعتراف القانوني للدولة الجديدة..فالبعض من المتضررين من الثورة يقول أن الانجليز تفاوضوا مع الجبهة القومية لعداوة خاصة ونكاية بها حتى لايتثبت الأمن والسلام لها..الحقيقة أن الانجليز حاولوا أن يخلقوا دولة في الجنوب تتولى الاستقلال وكانوا يعتبرون الجبهة القومية حركة تمرد وارهاب..وقد حاول الانجليز أن يقدموا البديل «اتحاد الجنوب العربي» وحتى انهم قدموا وعداً بدعم حكومة هذا الاتحاد بين مليون جنيه استرليني لتمكينها من مواجهة بعض الالتزامات غير أن الانجليز عندما شعروا بهزالة هذا الاتحاد حاولوا أن يتواصلوا مع قادة القوات المسلحة لمفاوضتهم بشأن استلامهم السلطة..وكدليل على مكرهم وخبثهم حاولوا فعلاً التفاوض مع قائد كبير هو رئيس أركان قيادة جيش الجنوب العربي «أحمد محمد السياري» وهذا القائد هو من شباب الجبهة القومية الناشطين داخل القوات المسلحة وهو من قيادات القوات المسلحة الكفؤة ونال قسطاً وافراً من العلوم العسكرية وتخرج من جامعة جمان سان فرست ببريطانيا «اركان» وهو لذلك دينامو القوات المسلحة وحيث عرض عليه استلام السلطة إلا أنه رفضها قائلاً «نحن عسكريون يمكنكم التفاوض مع السياسيين» كما حاولوا بعدة طرق أن يسلموا السلطة لأي مجموعة أو أفراد من قيادات الجبهة القومية.
- اشتراطات
تدخلت الجمهورية العربية المتحدة «مصر» لخلق تجانس أو ائتلاف بين كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير وكانت جبهة التحرير تحظى بتعاطف بعض الدول العربية نتيجة وجود قيادات جبهة التحرير في مصر وغيرها من الدول العربية.
وقد كان عبدالناصر حينها يحاول بحسن نية التوفيق بين الجبهتين لاستلام السلطة غير أن المفاوضات بينهما لم تكلل بالنجاح وهذا ماأشار إليه الأستاذ المناضل محمد سالم باسندوة من قيادات جبهة التحرير في كتابة «قضية الجنوب اليمني المحتل في الأمم المتحدة»!!نحن فعلاً استطعنا السيطرة على كل السلطة في كل السلطنات والمشيخات صحيح أننا كنا سلطة ولكننا لم نحظ بالاعتراف بنا كدولة على المستوى الدولي ولكن كنا دولة بالأمر الواقع ولهذا ذهبنا إلى مفاوضات جنيف لتحويل هذا الأمر الواقع إلى اعتراف.لأن الدولة لاتكون عضواً في المجتمع الدولي إلا باعتراف المجتمع الدولي بهذا الكيان وبالاعتراف بكيان الدولة الجديدة لابد من إجراءات معينة.
أولاً: يجب أن يتم التفاوض بين المستعمر والمستعمر حول الدولة وحدودها الجغرافية، وكذا مصير القوانين والالتزامات هذه أولاً من الأسباب التي ذهبنا من أجلها للتفاوض.ثم أن تحويل دولة الأمر الواقع إلى دولة ذات تمثيل وعضو في المجتمع الدولي لايتم إلا بعد التفاوض مع الدولة المستعمرة والتي يجب عليها أن تعترف بالنظام الجديد وحسب النظام الدولي هي التي تقوم بترشيح النظام الجديد إلى الأمم المتحدة.
ثانياً: وبعد اعتراف الدولة المستعمرة بالدولة المستعمرة تتقدم الدولة المستعمرة بطلب انضمام إلى عضوية المجتمع الدولي بعد أن سمينا هذا الكيان وحدوده..ومن النقاط الرئيسية في المفاوضات مصير العاملين في جهاز الخدمة المدنية وهذه من القضايا التي تشعب الحديث حولها واتفق أن تشكل لجان تختص بالحقوق للعاملين في جهاز الخدمة.
ثالثاً: نحن ذهبنا في جنيف للمفاوضات ونعرف مانريد..فمن نقاط التفاوض تعرضنا للوعد المقدم لحكومة الاتحاد ب «60» مليون جنيه استرليني ويكون معلوماً نحن الذين أثرنا هذا الموضوع والوفد البريطاني المفاوض رفض في بادئ الأمر مناقشة الموضوع بقولهم: نحن لم نعد الجبهة القومية بشيء وهذا الموضوع عبارة عن وعد قدمناه لحكومة الجنوب والتي ليس لها وجود الآن.الحقيقية نحن بدأنا نناقش التعويضات ليس على اساس ذلك الوعد البريطاني للاتحاد ولكن التعويض على اساس الاحتلال ل 129 سنة واستفادتها عسكرياً واقتصادياً وتجارياً، وفي المقابل هذه الأستفادة اعتبرنا مطلبنا تعويضاً شرعياً كتعويض خلال هذه الفترة من الاحتلال، وكنا مصرين على مطلبنا عندها قال اللورد شاكلتون رئيس الوفد البريطاني..أنه شعر بشيء من المنطق فيما نطرحه لأننا أثرنا هذا الموضوع الستين مليون بطريقة أخرى غير الوعد البريطاني للحكومة الاتحادية.
رابعاً: نحن ذهبنا إلى المفاوضات وأشدد نعرف مانريد فنحن بحاجة إلى تعويضات وهذه التعويضات من الدولة المستعمرة ليست هبة أو منحة تقدمها بريطانيا لنا بل سبق أن دفعت بريطانيا تعويضات للبلدان التي استعمرتها وكذلك فرنسا دفعت تعويضات للدول التي كانت تستعمرها.فطلب شاكلتون الوزير البريطاني «بلا حقيبة» ورئيس الوفد رفع الاجتماع وتأجيله ليوم وذلك بهدف التشاور مع حكومته في لندن وكان خلال المفاوضات ذهب إلى عاصمة بلاده مرتين للاستشارة ثم العودة، وعندما عاد من لندن قال: أنه على استعداد لمناقشة موضوع التعويضات وأن قوات بلاده ستخرج قبل إعلان الاستقلال من الجنوب ودولة الجنوب لديها قوات عسكرية ولكن هذه القوات يجب أن تكون مدربة وتمتلك اسلحة وذخيرة تحتاج إليها للدفاع عن نفسها بعد خروج قوات بلاده وأن حكومة بلاده على استعداد لتأهيل هذه القوات..واشترط شاكلتون لهذا الشيء أن يكون هناك فريق عسكري بريطاني يشرف على تأهيل هذه القوات.ونحن رفضنا هذا الاشتراط واشترطنا استقلالاً كاملاً..حاول طرح بديل جهاز بريطاني «خبراء» ورفضنا.كرر اشتراطه فريقاً بريطانياً فنياً..وفي الأخير وافق على تعويضات بسيطة «12» مليون جنيه لمواجهة بعض متطلبات الدولة الجديدة.
- التزامات هامة
مثل ماذا؟
لأن بريطانيا قبل خروجها رفعت المرتبات..كما أن توقف حركة الملاحة تم بقناة السويس كان معناه توقف جباية رسوم الملاحة في عدن وهذا كان له آثار سلبية على الدولة الجديدة.ماأردت أن أقوله أن اتفاقية جنيف تعرضت للتشويه بل ووصل الأمر بالبعض إلى حد الاتهام والتشكيك في وطنية الوفد المفاوض.غير أني أقول أن من يقرأ بتمعن نصوص اتفاقية جنيف بشأن الاستقلال ويقارنه باتفاقية استقلال أي دولة وهذا الكلام أنا مسئول عنه «لن يجد أي اتفاقية من اتفاقيات تحرير حققت ماتحقق في اتفاقية الاستقلال عن بريطانيا.مثلاً ثورة مصر على قدرها وبلائها وعلى قدر مكانة قيادتها على المستوى الوطني والقومي والعالمي تنازل الملك فاروق عن الحكم للسلطة الجديدة وظل وجود القوات العسكرية البريطانية في السويس وكذلك ليبيا تحررت من ايطاليا وظلت فيها القاعدة البريطانية والأمريكية وكذا المغرب وكثير من بلدان أفريقيا وآسيا نالت استقلالها مع وجود قوات أجنبية على أراضيها..أما نحن فقد رفعنا ذلك وطلبنا الاستقلال الكامل.كما تعرضت اتفاقية الاستقلال لتشويهات من جهات معادية للثورة أوفقدت مصالحها من النظام السابق فالاستقلال لم يأت هبة من الانجليز بل هو نضال عبر كل الجبهات وتوجناه سياسياً في جنيف ماحدا برئيس الوفد البريطاني إلى القول وهذه شهادة منشورة في الصحف حينها:«كنت أتوقع أن أقابل أمامي مقاتلين يجيدون استخدام البازوكا والرشاش ولكن وجدت أمامي وفداً محنكاً واضحاً فيما يريد يعرف كيف يصل حينما يريد».وأود الاشارة هنا إلى خط سيرنا وهو الانطلاق من بيروت وقد رافقنا بيروت الأخ/غسان كنفاني الأديب الفلسطيني كمندوب عن صحيفة الأنوار اللبنانية وهو رجل مناضل قومي معروف..وعند وصولنا إلى بيروت اتصل بالوفد الأخضر الابراهيمي وهو من قادة الثورة الجزائرية.. كما أنه من الوفد الجزائري المفاوض في لغيان «بين جبهة التحرير الجزائرية والحكومة الفرنسية» بشأن استقلال الجزائر..وقد قال لنا الابراهيمي أن الرئيس هواري بومدين رئيس الحكومة الجزائرية يبلغكم أن حكومة الجزائر ستتكفل بكل صرفيات الوفد وقد كانت هذه لفتة كريمة من حكومة الجزائر وقد كان الاثنان غسان كنفاني والأخضر الابراهيمي من أنصح القيادات السياسية العربية المرافقة للوفد وكانوا خير نصير لنا في وقت كانت مهمة الوفد تعاني نوعاً من التجاهل أو التعتيم الإعلامي.
- ذكريات
ماهي الذكريات العزيزة التي لاتزال عالقة بذهنك عن تلك الأيام؟
من الذكريات التي لاتزال عالقة في ذهني حدث عند بدء المفاوضات أن أحضر الوفد البريطاني مترجماً إنجليزياً ونحن رغم إجادة الكثيرين منا للغة الإنجليزية إلا أننا أحضرنا معنا مترجمنا وهو عبدالله عقبه، وقد استمتع الوفد البريطاني بلغة عقبة المهذبة واكتفوا به واعفوا مترجمهم عن الحضور.
كذلك من الذكريات العزيزة على نفسي أثناء عودتنا بعد انتهاء المفاوضات مررنا بالقاهرة وقد حرصنا على أن تكون أو دولة عربية تعترف بالدولة الوليدة فالتقينا بالرئيس جمال عبدالناصر ورغم انشغالاته الكثيرة بعد نتائج الحرب «5» يونيو جلس معنا لأربع ساعات متوالية ولم يحدث أن جلس ناصر لساعات طويلة كتلك في تلك الظروف وطلبنا منه اعتراف مصر بالدولة الجديدة.
- ماذا كانت إجابته عند سماع ماجرى في المفاوضات؟
قال: سنذيع الاعتراف قبل مغادرتكم القاهرة وكان حاضراً معنا هذا اللقاء سفير الجمهورية العربية اليمنية «حينها».وفعلاً أذيع خبر اعتراف الجمهورية العربية المتحدة بجمهورية اليمن الجنوبية ونحن في مطار القاهرة قبيل اقلاع القاهرة في طريق عودتنا إلى عدن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.