- الخرطوم - رويترز .. قال ضابط كبير في جيش متمردي جنوب السودان السابقين إن مئات الأشخاص ربما يكونون قد قتلوا في أعنف اشتباكات بين القوات المسلحة السودانية والمتمردين الجنوبيين السابقين منذ اتفاق السلام الذي أبرمه الجانبان العام الماضي، فيما قرر الاتحاد الإفريقي أن يمد تفويض قوته لحفظ السلام في دارفور ستة أشهر. وتحدث مدنيون أصابهم الفزع في بلدة ملكال الجنوبية عن عمليات نهب وجثث ملقاة في الشوارع بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات، وقال مسؤولون بمقر الأمم المتحدة في نيويورك إن المنظمة الدولية قامت بشكل مؤقت بإجلاء 240 موظفا مدنيا من المدينة. وقال الياس وايا نييبوكس وهو ضابط كبير بالجيش الشعبي لتحرير السودان إن "مئات الأشخاص فقدوا وتكبد الجيش السوداني خسائر فادحة وحوصر المدنيون وسط التراشق بالنيران".وقال نييبوكس إن ميليشيات تنتمي إلى القوات المسلحة السودانية هاجمت الجيش الشعبي والمفوض المحلي لملكال. ولجأ رجال الميليشيات بعد ذلك إلى ثكنة القوات المسلحة السودانية قرب المطار وبدأ القتال الشامل. وأضاف: "اضطررنا إلى اجتياح الثكنة وقاتلت القوات المسلحة السودانية جنبا إلى جنب مع الميليشيات ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان"، وقال نييبوكس إن دبابات القوات المسلحة السودانية شنت هجوما مضادا وقصفت البلدة أيضا وأوقعت خسائر كبيرة بين المدنيين. وقالت الأمم المتحدة في بيان إن القتال هدأت حدته في وقت مبكرأمس الأول الخميس لكن التوتر بين الجماعات المسلحة في البلدة لايزال شديدا وهناك اطلاق للنيران بصورة متقطعة، وقالت إن موظفي الأمم المتحدة بدأوا في توصيل مساعدات طبية إلى ما بين 300 و400 مدني أُصيبوا بجروح خلال القتال. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الاشتباكات بانها "انتهاك خطير" لاتفاق السلام الذي ابرم في يناير/ كانون الثاني 2005 والذي أنهى اطول حرب أهلية في القارة الإفريقية بجنوب السودان. وقالت توم كيسي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة "تشعر بقلق بالغ من أنباء القتال" وقال إن دور الأمم المتحدة في اخماد العنف في ملكال يؤكد الحاجة إلى قوة موسعة للأمم المتحدة في دارفور. وقال مواطن من ملكال متحدثا لرويترز شريطة عدم الكشف عن اسمه "فقدت اثنين من أقاربي وفقدت جارتي ابنها." وقال إنه بالامكان رؤية جثث القتلى في الشوارع، وأضاف "الناس يشعرون باليأس بسبب انقطاع المياه وعلى الرغم من دوي إطلاق النيران فما زالوا يحاولون الوصول إلى النهر للحصول على المياه". ويراقب نحو عشرة آلاف من جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة تنفيذ اتفاق 2005 الذي تم بموجبه تشكيل جيشين منفصلين للشمال والجنوب وتشكيل وحدات مشتركة مسلحة في البلدات الرئيسية وحكومة تتمتع بالحكم الذاتي في الجنوب. وتم بموجب الاتفاق اقتسام السلطات والثروات بين الشمال والجنوب لكن تنفيذ الاتفاق اتسم بالبطء فيما يتصل بقضايا مهمة مثل ترسيم الحدود وملكية حقول النفط. وتعد ملكال عاصمة منطقة اعالى النيل وهي واحدة من أكثر المناطق في السودان غنى بالنفط وتنتج ما لا يقل عن 330 ألف برميل يوميا من الخام، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحكومة السودانية ذكرت أنها تبحث الانضمام الى منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك). ويقول محللون إن هذا سيعطي السودان على الارجح قوة في مواجهتها مع الأمم المتحدة بسبب رفضها السماح بنشر قوة حفظ سلام تابعة للمنظمة الدولية للمساعدة في وقف الصراع في دارفور. وقال مندوب إفريقي في اجتماع أمس الأول الخميس في أبوجا إن قائد قوة الاتحاد الإفريقي سيعينه الاتحاد الإفريقي بالتشاور مع الأمم المتحدة والحكومة السودانية. وقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير إنه سيقبل الدعم السياسي والمالي والفني والدعم في مجال النقل والامداد لقوة حفظ سلام افريقية في دارفور. وكان دبلوماسيون دعوا لتعزيز قوة الاتحاد الافريقي الموجودة حاليا في دارفور والمؤلفة من سبعة آلاف جندي. وأضاف البشير "الاعداد يجب أن تكون حسب تقدير القادة في الميدان. نحن لا نحدد اعدادا". وقالت مصادر دبلوماسية إن البشير قال في رسالة إلى عنان إنه يريد قائدا إفريقيا توافق عليه الأمم المتحدة وأنه يوافق على رئيس مدني للبعثة يكون مسؤولا أمام الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي كليهما. وتفيد تقديرات الخبراء أن 2.5 مليون شخص اجبروا على الفرار من ديارهم بسبب الصراع في دارفور الذي تصفه واشنطن بانه ابادة جماعية، فيما تقول الخرطوم إن تسعة آلاف شخص فقط قتلوا في الصراع ونفت حدوث أي عمليات ابادة. وتصاعدت حدة القتال في دارفور منذ أن وقع فصيل واحد من بين ثلاث فصائل متمردة في دارفور على اتفاق سلام في مايو/ ايار الماضي.