إصابة ثلاثة أطفال جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات بالضالع    نخبتنا الحضرمية... خط أحمر!    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    ضبط 54 متهمًا في قضايا جرائم جنائية    أول قيادي مؤتمري موالي للحوثيين بصنعاء يعزي عائلة الشيخ "الزنداني" في وفاته    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    ليس وقف الهجمات الحوثية بالبحر.. أمريكا تعلنها صراحة: لا يمكن تحقيق السلام في اليمن إلا بشرط    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الأمل يلوح في الأفق: روسيا تؤكد استمرار جهودها لدفع عملية السلام في اليمن    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    تشييع مهيب للشيخ الزنداني شارك فيه الرئيس أردوغان وقيادات في الإصلاح    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثمّة من يصنع الأسئلة .. ثمّة من يصنع الأزمات!!
الكتاب العربي:
نشر في الجمهورية يوم 06 - 12 - 2006


- علي حسن الفوا ز ..
هل يمكن البحث عن شروط جديدة لآليات تسويق الكتاب الثقافي العربي وسط معطيات وتحولات اخذت بواقع وقيم الثقافة الانسانية الى فضاءات لم يعد فيها الانسان/المثقف يمارس فيها أدوار بطولته الباسلة ؟ وهل يمكن توكيد اهمية برامج انتاج وتسويق هذا الكتاب انطلاقاً من حقائق تدخل في اطار الصناعة الثقافية وآليات عملها وتوسيع برامجها
التوزيعية والإعلامية والانتاجية ضمن وجود عالم يسوّغ صناعة ونشر وتسويق الكتاب العربي باعتباره من أكثر مصادرالثقافة تأثيراً وسط قصور واضح في انتاج آليات أكثر فاعلية وتداولاً لمكونات ومصادر الثقافة الجديدة عبر تيسير تقنياتها وأسواقها الكونية وسبل تبادل وتسويق ما تقتضيه من المعارف المتعددة وسط عالم يمور
بالصراعات والالتباسات بين الهويات الحضارية والثقافية في عالمنا الحداثوي وثوراته المعلوماتية والاتصالية والعسكرتارية !!!
والعاجز عن حماية الحالمين والشعراء والعشاق والفقراء وكل سكان العوالم السفلى الذين مجّد احلامهم دستوفيسكي وجان جنيه ونعمان عاشور ذات زمن ابيض!!!!
ومع انعقاد الايام الجديدة لمعرض فرنكفورت الدولي للكتاب في دورته لسنة 2006،فإننا نكرر ذات الاسئلة التي طرحت مع دورة عام 2005 ... خاصة مع مشاركة العديد من الناشرين العرب ومجاميع من المثقفين الذين دأبوا على حضور الأسواق الثقافية .. ولعل اكثر هذه الاسئلة مدعاة للإثارة هو البحث عن الكيفية التي نحتاجها لوضع الكتاب العربي في اجندة السوق العالمية ودعوة المعنيين على مستوى التوزيع والترجمة والتعريف للتعاطي مع هذا الكتاب بمسؤولية وحرفية دون عقد أو حساسيات ، فضلاً عن إبراز دور المؤلف العربي كاتباً وباحثاً ومبدعاً ومترجماً ومؤرخاً في الحضارة الإنسانية ومسؤوليته في تكريس قيم حوار الحضارات والثقافات !! إذ لايمكن التصور أن هناك حضارة ثقافية تملك شرعية الوجود دون أن يكون لها مشاركة إنسانية فاعلة في الحوار مع الحضارات الأخرى وفي إعادة قراءة الكثير من الحقائق في التاريخ ومرجعياته الحضارية والإنسانية، فضلاً عن دور هذه الشراكة ومنهجة آلياتها وسياقاتها في تطوير مديات الصناعة الثقافية العربية واتساع أسواقها وخلق البيئات الحاضنة لحوارات ثقافية متنوعة يمكنها أن تسهم في التعريف بالثقافة العربية والإسلامية وكذلك التعريف بالآخر ومشروعه الثقافي والحضاري دون عقد أوحساسيات .
واظن أن هذا المشروع سينعكس إيجاباً على التعاطي مع الكثير من الاشكالات العالقة بازمة وعي التاريخ و تداول وتأويل الخطاب الثقافي والديني ومفاهيم المهيمن والاحتلال والصراع الحضاري وثقافات العنف والإرهاب والحرية والمجتمع المدني والإعلام وتبادل المنافع الثقافية وغيرها ،خاصة ونحن نعيش ازمات حقيقية وصراعات يدخل فيها سوء التعريف وهشاشة التعاون والحوار كعناصر فاعلة في وعي هذه الصراعات بكل نتائجها الكارثية ..
إن التعاطي مع اشكالات هذا الواقع دون البحث عن حلول ناجعة أو آفاق يمكنها أن توفر اجواءً من الصفاء الحواري وحسن الثقة سيجعلنا أمام ازمات اكثرضغطاً وتعقيداً نعيد فيها انتاج ثقافات الازمة والمؤامرة استجابة لتداعيات الوعي الاشكالي الذي تصنعه تلك الازمات عادة، واحسب أن ذلك لن يكون في صالح الانفتاح على عولمة الحضارة وعولمة الاقتصاد وعولمة الثقافة التي مازلنا نصنع لها رؤوسا مضادة ،ويقينيات لاتتزحزح عن ثوابتها القائلة ، أن هذه العولمات هي غزو مكشوف للجغرافيا والعقل والإيمان ،واستباحة لعقائدنا ونسائنا ،،وكأن هذا النوم في صناديق الجدات سيجعل عالمنا العربي بعيداً عن تأثيرات هذه المعطيات التي تروج لها المؤسسات العالمية في السياسة والثقافة ونظريات الإصلاح في مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والاقتصاد الحر ،وتحاول أن تفرض فلسفاتها كأنساق وسياقات عمل وشراكات تسعى إلى شرعنة هذه العولمة وتداولها ، لأن إشاعة الثقة والمسؤولية المتبادلة سيضع كل المعنيين في العالم المعاصر أمام استحقاقات تحسين الاداء الثقافي والسياسي والاقتصادي وتأهيل القوى الاجتماعية لمسؤليات تصب في عمليات البناء الوطني والمؤسسي والتنموي وتحسين المدخلات المادية والمعنوية والثقافية بما يخفف من غلواء الضواغط المادية على المؤسسات في المجتمع والافراد، والسعي إلى الارتفاع بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى مستويات فاعلة وكذلك التقليل من الكثير من الازمات المتفشية في اوساط عديدة في المجتمعات الغربية بسبب اشكالات العزل الثقافي ومنهجة التبادل الثقافي و سوء القراءة الجادة للخطاب الثقافي العربي والإسلامي الإنساني وضعف برامج التعريف والترجمة وحتى دور المؤسسات الثقافية والإعلامية العربية وهامشية دور المراكز الثقافية العربية الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية واوربا فضلاً عن هشاشة دور المؤسسات الدبلوماسية العربية وكذلك دور الجامعة العربية وغياب برامجها الثقافية المشتركة وعدم الاستفادة من الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية التي يتم تنفيذها ضمن اجندات العمل المشتركة والتي يمكنها ان تنعكس على كل مكونات الواقع الاشكالي وتداعيات ما يسمى بالإرهاب الدولي وبالتالي تهيئة الأسس المادية والوجدانية لحوار إنساني تدخل الثقافة في صلب موضوعاته خاصة إذا أدركنا أن (الازمة المعاصرة) بين الغرب والشرق أو بين الأوربيين والأمريكيين مع العالم العربي والإسلامي هي في جزء كبير منها ازمة (تعريف ) وازمة (ثقة) وازمة(حقوق متبادلة) لذا تكتسب هذه الموضوعات سمات وملامح تحتاج إلى إعادة قراءة الكثير عن خصائصها ومحاورها باتجاه وضع آليات ومقاربات تجعل الحوار الثقافي قابلاً للتنفيذ وشرعنة محاوره في الكثير من برامج مؤسسات ومحافل ومهرجانات العالم الغربي والعالم العربي على حد سواء،،
ازمة التسويق الثقافي العربي العربي
. لقد انعكست هذه الأزمة العالمية على الحوار العربي العربي ،فالسوق العربية الثقافية تبعا لشيوع هذه الأزمة دخلت هي الأخرى في صراعات تلبس بعضها لبوس (السياسي السلطوي) واخذت المؤسسات الثقافية تمارس دورها ومسؤولياتها ومواقفها في ضوء ماتمليه عليها السلطات ، ناهيك عن أن بعضها بدأ يمارس دوراً أحادياً في مجالات العلاقات الثقافية وتبادل منافعها وحركية أسواقها في إطار علاقات خاصة لها خصائص لغوية وسياسية ..
واظن أن استمرارهذه الأزمة دون حلول تكاملية وضعف دور الجامعة العربية في تشجيع الفعاليات الثقافية والاعلامية العربية العربية بعيداً عن الحساسيات التي تفرضها الصراعات المزمنة بين البلدان العربية وكذلك المؤسسات الاكاديمية والاتحادات الثقافية العربية خاصة اتحاد الادباء والكتاب العرب الذي تحول إلى واجهة سياسية لأنماط بائدة من التفكير وإلى مجموعات من المثقفين العاطلين عن الحداثة والتقدم والترويج لنظرية الدولة الفاضلة ، سيجعلنا أمام خطورة تكبر أمامنا مثل كرة الثلج دونما مواجهات حقيقية أو قراءة تؤثر ما فيها من هموم قابلة .
إن إبراز هذه الجوانب ينطلق أساساً من وعي حاجتنا الملحة لتثبيت قواعد وأسس برامجية للتعامل مع شروط الثقافة ومنتوجها الإبداعي واهمية أن تكون هذه الشروط موجودة وكافلة للحقوق المادية والمعنوية للكاتب العربي ، إذ أن مراجعة اجندة الأسواق الثقافية العربية وتشرذمها وسوء إدارتها وخياراتها فضلاً عن ما نقرأه في ادبيات السيرة أو حتى متابعاتنا لبعض النشرات التوزيعية للكتاب العربي تكشف لنا عن صور (مؤلمة )لحجم ما يعانيه هذا الكتاب من انحسار وضيق وربما تهميش وسوء سياسة في الإدارات والبرامج التسويقية كذلك ضعف الاستحقاقات المادية التي يحصل عليها الكاتب العربي قياساً إلى ما يحصل عليه الكاتب الغربي والأمريكي إلا باستثئاءات محدودة جداً ولأسباب معروفة أيضاً!!!
والذي سيؤدي بالضرورة إلى ضعف قدرته على نشر الخطاب الثقافي العربي والتعريف بانجازاته ورموزه وقيمة الإنسانية خاصة في مجالات التراث والعلوم والفلسفات والإبداع إضافة إلى حقائق الوعي الحضاري المثقف العربي ومشروعه في التعاطي مع الحداثة والتقدم وقيم الفكر الإنساني الجديد والتي ينبغي أن يحملها الكتاب كخطاب ثقافي واعلامي إلى حواضر الغرب الثقافية والإعلامية والسياسية...
إن هذه المشكلات لاتدخل في جوهر البداهات التي نبغي من ورائها التعريف بالبضاعة الثقافية وتحسين اداء الصناعة الثقافية وخلق تجار ومسوقين لسلع السوق الثقافية بقدر ما تعكس أزمة حقيقية في الكشف عن انماط التفكير القاصرة في اغلب المؤسسات السياسية العربية وسوء فهمها الدائم لنوايا المثقف والكاتب وحقوقه في انتاج كتابه وتسويقه والتعريف به .. إذ أن الكاتب العربي ما زال يعيش ازمة ثقة مع السلطة ، وأن السلطة تضعه في خانة المشكوك به وبالتالي فإنها تفرض رقابة عليه وتحّجم حركته وتسويق بضاعته ..وهذا ماينعكس على طبائع السوق الثقافية حيث نجد أن الأسواق الثقافية وآليات تبادل الكتاب الثقافي تعج بأسماء مكرسة وظواهر ثقافية مقبولة أمنياً وفكرياً وأن السلطات تضع لها كل الامكانيات والتمويلات لغرض التسويق والتصدير والتبادل مقابل نفي كل الظواهر والأسماء التي تعاكس تيارها في التفكير والاتجاه وبالتالي فإنها ستدخل في خانات المسكوت عنه.. إن حقائق تطوير آليات انتاج الكتاب العربي وتسويقه تحتاج إلى وعي هذه الاشكالات واهمية انشاء البيئات الصالحة وإدراك أسباب الحرية في شرعنة التعاطي مع الكتاب الثقافي دون سقوف ثانوية !! لأن هذه السقوف هي سقوف أمنيّة وغير شرعية وهي التي تجعلنا أمام تداعيات الخراب الثقافي أو الانتاج الثقافي الذي يروّج للعدم والتخلف والبلادة والعصاب وهشاشة الحوار مع الآخرين .. واحسب أن هذا هو جوهر المشكلة في انتاج الكتاب الثقافي العربي وعلى أسس واضحة وصالحة ،والذي يحتاج بالضرورة إلى إعادة النظر بالكثير من التشريعات والقوانين ومهيمنات الرقابة ودور بعض المؤسسات الخارجة عن السياق الثقافي في فرض آرائها وافكارها وتحت حجج ليست ثقافية وليست مهينة!!
إن حرية الكاتب وحرية تسويق الكتاب هي أكثر استحقاقات العلاقات الثقافية المعاصرة ضرورة وأن ما يتوهمه البعض من أصحاب نظرية السلطة والايدولوجيات المغلقة من أن الكتاب يمكنه أن يكون عنصراً في التخريب لم يعد واقعياً وعلمياً إذ أن العالم أصبح مخترقاً من كل زواياه وأن الثورة المعلوماتية والإعلامية والثقافات الفضائية قد وضعت الإنسان أمام الريح العاتية بعد أن نزعت كل نوافذ البيت القديم ، ولا اظن أن هذه الريح هي سلوك في الاقتلاع ، لأن من يترك أرضه هو الفارغ والهش وغير الحقيقي .. لذا فإن معطيات هذه الثقافات تحتاج إلى وعي ومسؤولية وحوارات جادة بمستوى استحقاقها.. فضلاً عن إن الكاتب لم يعد من صنّاع المؤامرة أو من محركي الجماهير العريضة على طريقة ما كانت تطرحه نظريات اليسار القديم ،والجماهير ذاتها لم تعد هي الحشد القديم والقوى المستلبة التي تحركها الشعارات، إذ أن الكاتب والجمهور قد تعرضاً كليهما إلى عمليات تشقق بنيوي معقدة .. إضافة إلى إن المؤامرات السياسية والثقافية لم تعد صناعة محلية بقدر ما اضحت صناعة عالمية لها ظروفها وعواملها ومكوناتها ... إذن لاخوف من الكتاب والكاتب ولا الجمهور ولا الفضائيات وغيرها من مصادر التعليم والتثقيف .. وأن حاجتنا تبدأ من الهجوم الايجابي في تعميق روح الحضارة والكتاب والمعرفة لانها الخلاص من أمراض بدأت تظهر أعراضها في المجتمعات التي تعاني من ثقافة (النص-نص) مثل أزدواج الهويات والعنف والاقصاء والإرهاب والحروب الصغيرة وشيوع ظاهرة الكتاب الايديولوجي والخرافي والشعبي والجنسي وغيرها من الانماط غير الممنهجة..إن وعي هذه الحقائق يتطلب من الحكومات العربية هامشا أكثر سعة ومسؤوليات أكثر نباهة وسلوكاً أكثر حرفة في مجال التعامل مع ثقافة الكتاب وآليات انتاجه وتسويقه وادخال برامجه في مجال تخصيصاتها المالية وخططها السنوية أو الخمسية وبرامج تحسين الاداء والتأهيل العملياتي والاجرائي اسوة بالصناعات الأخرى التي تتوهم هذه الحكومات بأنها ستحمي أمنها الخارجي والداخلي وتنعش سياساتها المحلية والاقليمية والدولية وبرامجها التجارية والسياحية ، لأن الكتاب سيكون هنا جزءا من برنامج هذه الحماية وجزءا من حركة السوق والسياحة وتشغيل الايدي العاملة وتخفيف مستويات البطالة الفكرية !! نعم أن التعامل الجاد مع هذا الموضوع ينطلق من ضرورة الاهتمام الكبير في تفعيل دور مراكز البحث العلمي والجامعات واهمية تشجيع كل ما يتعلق بالبحوث والدعوات والانفتاح الثقافي للتعريف بالثقافة العربية وماتضمه مكتبتها من نصوص وبحوث ودراسات تتجاوز النظرة الاقصائية للكتاب العربي وتهميش حضوره في الترجمات العالمية وفي دور النشر المتعددة وأسواقها ومعارضها،،والعمل على أن يكون التعامل مع الكتاب جزءاً من التعامل مع الحقائق والمكونات الأخرى في المجتمعات العربية وفي إطار يضع هذا الكتاب ضمن سياق ما يمثله من معرفة وقيم ليس من باب نشر (الانطولوجيات) الثقافية التي تدخل في الهوامش البحثية لبعض المؤسسات الاكاديمية وإنما لاغراض وحقائق تدخل في استشراف الآفاق العالمية الإنسانية لهذه الثقافة أولاً والترويج لقيم ومفاهيم واسماء رائدة ومهمة في ثقافتنا العربية وتحملة من شروط فاعلة في الحوار الحضاري - الإنساني وضرورات تنميته وتقدمه واستحقاقات حداثته واسئلته الجديدة ثانياً والكشف عن الثراء الإنساني والتاريخي والحضاري للأدب والفكر العربيين ثالثاً... وكسر احتكار الترويج الدعائي المضاد والرائج لبعض وسائل الإعلام والتسويق الصهيونية والمؤسسات المناهضة للحوار الثقافي العربي -الغربي في وسائل الإعلام في أمريكا واوروبا رابعاً وانشاء سوق ثقافية واسعة تمنح الكتاب العربي حقوقا وتعريفات وحضوراً في الاجندة الثقافية بمواجهة ثقافات انتجتها عقد العصاب والنكوص وتحت يافطات واسماء موغلة في رجعيتها ومعاداتها لقيم التقدم والحداثة والحوار الإنساني بين الثقافات خامساً ،والدعوة لإقامة ورشات عمل ثقافية عربية بإشراف الجامعة العربية للتعاطي مع الاشكالات الثقافية الحادثة دون تركها للتراكم والاهواء والمزاجيات سادساً..
أن هذه الشروط والالتزامات تحتاج إلى أرضية واقعية وأسس مادية وامكانات فنية ومهنية وإلى وعي مؤسسي وإلى قرار حكومي يدرك حقائق وضرورات هذه العملية فضلاً عن شروط التنسيق والتعاون والشراكة مع دور نشر ذات اختصاصات وخبرات على المستويين العالمي والعربي تبدأ من وعي الحقوق المتبادلة في العرض والتسويق والتعريف والحضور وانتهاء بتكليف الخبرات الترجمية المتخصصة للتعريف بالكتاب العربي وفق أسس وسياقات دقيقة وتوزيع نتاجاته في الأسواق والمكتبات والمدارس والاكاديميات ومؤسسات البحث العلمي .. فضلاً عن تكليف المراكز البحثية العربية في الخارج خاصة في اوروبا الغربية وأمريكا والدعوة لتوظيف بعض رؤوس الاموال في هذا الجانب والاشخاص المعروف دورهم في دعم هذه الفعاليات الثقافية وتغطية بعض نفقاته واستحقاقاته وصولاً إلى تشكيل قاعدة أساسية في المؤسسات البحثية العالمية تقوم على تقاليد ومواثيق مشتركة يتحقق فيها اساساً الاعتراف بثقافة الأخر واهمية التبادل الثقافي معه واحتضان ثقافاته ومصادرها على أساس حضاري وإنساني ومهني يرافقه تنشيط واسع لكل الفعاليات التي تنضّج عوامله الموضوعية والاجرائية .. ولعل ما حدث في معرض فرانكفورت خاصة في دورتيه السابقتين ومؤشراتهما الايجابية والسلبية يمكنها أن تخضع إلى إعادة تقييم ودراسة من قبل المؤسسات الثقافية ودور النشر وحتى الجهات الثقافية الحكومية لوضع منطلقات جديدة ،، تكفل آليات أكثر موضوعية لهذا العمل الواسع والباسل في ان معاً.. أن الشروع بالعمل وإدراك اسبابه وضروراته وتحديد مسؤولياته وتوظيف ما يتيسر من الامكانات والجهود الإعلامية والبحثية والمؤسسية سيجعلنا أمام حقائق السوق الثقافية وتفاصيلها وشجونها وكيفية الاستفادة من الخبرات في انضاج عناصرها وشروطها التجارية والفنية والمهنية والتسويقية لملء الفراغ القديم في آليات التسويق الثقافي حتى على مستوى معارضنا العربية -العربية باتجاه وضع أسس أكثر احترافاً لتغذية استحقاقات الأسواق والمعارض والاوساط الثقافية العالمية والجهات الاكاديمية في الجامعات الغربية والأمريكية العريقة ودور النشر المعروفة في المجال التعريفي أولاً والتبادل ثانياً والتسويق ثالثاً والذي يمكنه أن يؤسس اشكالاً ولو بسيطة لما يمكن أن نسميه ب(اقتصاد الكتاب) الذي يمكنه أيضاً أن يحتضن ورشات عمل لتنمية الخبرات الكتابية واحتضان مواهب جديدة وتنظيم زيارات ومعارض مشتركة وطبع مشترك وترجمات مشتركة .. ولعل هذا كله سيصب في هدف اسمى هو ازالة التشويه عن الكثير من قيمنا الفكرية والادبية التي تعرضت له طوال قرون طويلة من الزمن خاصة منذ زمن الحروب الصليبية والبدايات العلمية لعصر النهضة الأوروبي الذي تشكل بعيداً عن حقائق الحوار الحضاري وضمن إطار شيوع ظواهر الاستعمار والحروب وحملات التبشير والتطهير وتكريس عوامل التخلف والرداءة الحضارية التي رافقت أزمان الهيمنة العثمانية والاحتلالات الأجنبية لوطننا العربي وصولاً إلى ازمات الحجاب والرسوم الكاريكتورية وطروحات البابا بنيدكتس السادس عشر حول الإسلام والمسلمين.
إن استمرار سوء الفهم هذا وتكريس بعض مظاهره وانعكاسات نتائج (الإعلام الثقافي ) القرين لصناعات المواقف السياسية أصبح مدعاة لإثارة اسئلة جديدة حول استمرار جدوى (هذا السوء ) وسط صراعات غير متكافئة والتي اسهمت في شيوع الكثير من الجهل حول حقائق الواقع العربي والإسلامي وجوهر القيم الروحية للدين الإسلامي النافية للتطرف والإرهاب والتي عمدت إلى إثارتها بعض وسائل الإعلام الغربية والإمريكية والصهيونية ضد قيم الثقافات العربية والإسلامية لاسيما بعد احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001م في امريكا والتي كشفت عن نوع من (الامبريالية الاعلامية ) بكل ما تحمله من مهيمنات وانماط للتفكير ودعوات لعسكرة المواجهات بين الغرب الأمريكي والاسلام فضلاً عن تأثيرات الحرب في افغانستان والعراق والتي انعكست سلباً وواقعاً على الكثير من طبائع الحوار الثقافي والحضاري وسط (عتمة ) اعلامية عربية إسلامية وركود الكثير من الفعاليات الثقافية التي كانت تنهض بعض المؤسسات داخل المجتمعات الأوروبية والأمريكية والتي اضعفت عمليات التبادل الثقافي وفرض المزيد من القيود على الصناعة الثقافية العربية.. إن هذه المؤشرات تؤكد ضعف البناء المؤسسي العربي المسؤول عن البرامج الثقافية والإعلامية وضعف التمويلات المرصودة لهذا الجانب وربما انحسارها إلى برامج خاصة تدخل في إطار العلاقات الثنائية واستحقاقاتها السياسية والاقتصادية وعدم وضوح المسؤوليات التي تقوم بها الجاليات العربية والإسلامية في المجتمعات الثانية ورضوخ اغلبها إلى سياقات الاندماج الاجتماعي وضغوطه الأمنية والاقتصادية .. ولاشك أن ادراك هذه المسؤوليات وتداعيات ما يمكن أن يتركه اختلال واقع الحوار الثقافي بين الشعوب وتبادل المنافع الانسانية والثقافية لهذا الحوار سيترك أثاراً مدمرة وكارثية على المستقبل خاصة وأن أكثر الحروب دموية قد حدثت في عالمنا العربي والإسلامي كانت بسبب اختلال معادلات هذا الحوار وعدم تهيئة الاسس العملياتية لمنع وقوع مثل هذه الكوارث وما تتركه من آثار على البنيات الاقتصادية والسياسية والثقافية.. أن الثقافة كخطاب ونصوص والقيم الروحية لهذه الثقافة هي أكثر الوسائل شجاعة في صنع مصدات معرفية وجمالية وانسانية لمنع كوارث تكرار الحروب وسط عالم يزداد شراسة وعدوانية وتطرفا وسوءا للفهم وتعتيما للمعارف والثقافات .. ومن هنا نجد أن المؤسسات الثقافية وقوى المجتمع المدني أمام مهمات خطيرة في ضرورة تأهيل الحوار الثقافي ليكون بمستوى هذا الواقع والضغط على العقل الحكومي -العسكري للتقليل من توجهات عسكرة الحياة المدنية وتشويه التنميات الاقتصادية واسس الوفرة والمعيش تحت ضغوط هذه التوجهات والتي لاتؤدي الاّ إلى مزيد من الخسائر والانهيارات الاجتماعية والاقتصادية وانتاج ثقافات العنف والتطرف والفقر الاجتماعي والثقافي .. واحسب أن ثقافة الكتاب وتوسيع برامج تسويقه وتنمية برامجه وتخصيص تمويلات كافية له والاستفادة من الخبرات العالمية والعربية في هذ المجال فضلا عن الاستفادة من المدن العربية التي تحولت إلى مراكز تجارية لغرض القيام بمعارض وفعاليات ومهرجانات مشتركة وتحويل بعض رؤوس الاموال للاستثمار في هذا المجال ومنع الضرائب عن (البضائع الثقافية ) ومنحها امتيازات خاصة على مستوى الانتاج والتسويق .. ومن هذا المنطلق فإن مجال السوق الثقافية وصناعة الكتاب سيدخل آفاقاً جديدة ليس لتأكيد اهمية وسط زحمة إعلامية وثقافية ومن مصادر شتى ولكن لإبراز اهمية التبادل الثقافي والحوار ووضع الأسس الكفيلة للتعريف بالثقافات والهويات بالذات والآخرين وانشاء هوامش للحوار والجدل والكشف العلمي والإنساني عن جوهر الحضارات في الشرق والغرب والتي عكست طموح الإنسان بحثاً عن الحرية والجمال .
. (عناوين ثقافية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.