إمكانية الاستفادة من الماء الفاقد في توفير احتياجات المدارس والمساجد والمستشفيات ما يهدر سنوياً يبعث على القلق.. والمشكلة بحاجة إلى تعاون الجميع للخروج بحلول جادة وعملية - تحقيق / عادل أحمد القحوم .. 10 آلاف لتر وأكثر من المياه يتم هدرها في الصرف الصحي كل يوم من محل واحد فقط لتنقية المياه هذه الكمية الكبيرة من المياه بالإمكان الاستفادة منها في أغراض أخرى غير الشرب في الوقت الذي تعاني بلادنا من ظاهرة التصحر وقلة الأمطار.. هذه المياه وكميتها تهدر في محل واحد فكم عدد محلات ومعامل تنقية المياه الصحية.. وكم مجموع ما يتم هدره كل يوم وكل شهر وكل سنة. للحديث عن هذه المشكلة التقينا في البداية بالأخ طاهر علي الرشيدي رئيس جمعية مالكي معامل تنقية المياه بالمكلا لاستيضاح الموضوع حيث قال: تم في العام 2005م تأسيس جمعية مالكي محلات ومعامل تنقية المياه ويبلغ الآن عدد المنتسبين للجمعية في ساحل محافظة حضرموت «26» معملاً ومن أهداف الجمعية تجميع أصحاب محلات المياه الصحية في كيان واحد يرعى مصالحهم ويحل المشاكل التي قد تنشأ بينهم وتحديد الأسعار وتوحيدها.. وبالطبع هناك مشكلة تتمثل في «الماء الفاقد» أي الماء الذي بعد عملية التنقية وعهو غير صالح للشرب وهذه المياه كمياتها كبيرة ويتم التخلص منها عبر الصرف الصحي أي المجاري.. وهي مياه زائدة وتشكل ما نسبته 30% من كمية المياه قبل عملية التنقية وتتم عملية التنقية إلى ما نسبة الشوائب التي به 200 كحد أقصى.. ومشكلة الماء الفاقد تم مناقشتها أكثر من مرة في اجتماعات الجمعية وتم تقديم بعض الحلول لهذه المشكلة ولكن ذلك لم يتعد الاجتهادات الشخصية وهناك ثلاثة محلات تقريباً حلت هذه المشكلة وقامت بإعطاء المساجد المجاورة لها الماء الفاقد وهو حل ممتاز وعملي وجذري في نفس الوقت. حلول عملية ويضيف رئيس الجمعية : شخصياً كنت أنوي تزويد مسجد الشهداء وهو المسجد المجاور لنا بالماء الفاقد وشرعت في تنفيذ هذا الأمر ولكن وللأسف الشديد لم تتعاون معي لجنة المسجد بل ورفضت العرض بحجة أنه يتم استخدام مياه البئر المجاور للمسجد والاستفادة من مصدر ثانٍ أمر سيغضب المتصرف الذي حفر البئر ولعمري ذلك عذر وحجة غريبة.. وقد كنت في السابق أقوم بتزويد المدرسة المجاورة للمحل بهذه المياه لاستخدامها في حمامات المدرسة، وهناك توجهات لدينا في الجمعية للاتفاق مع أصحاب الشأن والجهات الحكومية للاستفادة من الماء الفاقد في المستشفيات والمدارس والمساجد والشركات .. المهم ان يتم ذلك وفق منظومة وخطة عمل موحدة ومشتركة من جميع الأطراف ونحن مستعدون لأي عمل من شأنه الاستفادة ووقف هدر هذه المياه. خير وفائدة عظيمة كما أسلفت قليلة هي المعامل والمحلات التي اهتدت إلى الطريقة التي يمكن الاستفادة منها من «الماء الفاقد» ومن هذه المعامل مياه السلام الصحية ولبيان هذه الطريقة التقينا بالأخ المهندس خالد عثمان باحشوان العامل بهذا المعمل.. منذ افتتاح هذا المعمل في العام 1998م ونحن في خسارة مستمرة وأعني بهذه الخسارة «الماء العادم أو الفاقد» وهو الماء الذي يفيض عن الحاجة بعد أن تتم عملية التنقية ويومياً خلال فصل الشتاء نفقد حوالي 8 آلاف متر مكعب من الماء أي ما يعادل 2.5 صهريج ماء محمول.. وهذه الكمية تزداد بالطبع في فصل الصيف إلى 12 ألف متر مكعب بما ان فصل الصيف فيه استهلاك أكبر للماء ولك أن تضرب هذه الكمية في عدد أيام السنة وسيعطيك الناتج رقماً كبيراً وذلك في معمل واحد فقط وهذا اهدار لنعمة عظيمة من نعم الله التي جعل بها كل شيء حي.. ومن أجل ذلك اهتدينا في العام الماضي إلى الاتفاق مع إمام المسجد المجاور لنا لتزويده بالماء الفاقد الصالح استخدامه للوضوء والاغتسال وتعهد الشيخ عبدالقادر الجفري إمام المسجد بإحضار خزان ماء كبير من قبل فاعل خير، وقمنا نحن بجلب الأنابيب والمواسير البلاستيكية وحفرنا الإسفلت الواقع بين المحل والمسجد ومدينا الأنابيب وخصصنا إحدى المضخات ذات الضغط العالي من أجل دفع المياه إلى هذا الخزان الذي بالمسجد والماء الذي يزيد عن الخزان نعطيه للبئر التابعة للمسجد. راحة ضمير وقد استفاد المسجد كثيراً فبالإضافة إلى توفر الماء كذلك قلت كثيراً فواتير الماء التي كان القائمون على المسجد يعانون ويشتكون منها وارتاح ضميرنا بعد أن تمت الاستفادة من هذا الماء خاصة وان الفائدة منه كانت طهوراً للمصلين وكسبنا الأجر على ذلك بإذن الله. امكانية إعادة التنقية ويضيف الباحشوان: نتيجة لنجاح التجربة فقد قمنا بتطبيقها في منطقة الديس فقامت معامل الرشيد الصحية بتزويد المسجد المجاور بهذا الماء «الفاقد» وسؤالك حول إمكانية إعادة تكرير الماء الفاقد أو العادم فمن الصعب القيام بذلك وليس مستحيلاً فالماء الذي نستخدمه في البداية تكون نسبة الشوائب به 1200 ونقوم بتنقيته إلى نسبة 120 وبالتالي فإن الماء الفاقد به كمية كبيرة من الشوائب والأملاح وتنقيته للمرة الثانية يحتاج إلى امكانيات أكبر ومواد فصل أكثر وبالتالي خسارة أكبر. ثلاث مراحل وعن عملية التنقية يتحدث لنا الأخ أسامة سالم بن هامل صاحب معامل لمعالجة المياه بالقول: عملية التنقية هي إزالة المواد الطينية والرواسب والأملاح والشوائب الأخرى من المياه.. وذلك عبر ثلاث مراحل: 1 تمر المياه أولاً عبر فلترات «مصفيات» رملية كبيرة بها رمل وحصى ومادة الكربون النقي ومهمتها استخراج الرواسب من الماء والكلور ان وجد وهذه العملية تستغرق ثواني. 2 المرحلة الثانية ويتم خلالها إزالة الأملاح ، الماء الذي نستخدمه لأول مرة تكون نسبة الشوائب به مابين 900 إلى 1200 وهذه النسبة تختلف باختلاف الوقت ففي الصباح تكون 900 ومساءً تصل إلى 1200 . 3 المرحلة الثالثة وهي مرحلة التعقيم وخلالها يمر الماء عبر جهاز خاص لقتل الجراثيم وجعل الماء أكثر نقاوة.. وهذه الأجهزة المستخدمة أجهزة مكلفة ومتوسط سعرها 15 ألف دولار. وفي معملنا فقط نفقد ماقد يصل إلى 12 ألف متر مكعب من الماء وهي كمية ليست قليلة تهدر عبر المجاري وهي مياه طاهرة يمكن استخدامها لأغراض مختلفة ولكن ماذا نفعل فليس من الممكن اعادة تنقيتها فذلك مكلف لنا.. ولا يوجد من يرغب بالاستفادة منها ونحن على استعداد لإعطائها من يريد الاستفادة منها. مشكلات أخرى إلى جانب مشكلة الماء الفاقد هناك مشكلات أخرى يعاني منها أصحاب معامل المياه الصحية من هذه المشاكل صعوبة الحصول على المياه عبر الأنابيب الداخلية للمدينة وبالتالي يتم جلب الماء من مناطق مجاورة ويباع بسعر المتر المكعب الواحد 200 ريال وهي نفس تسعيرة المتر في داخل المدينة وبالتالي يجب أن يخفض سعر الجالون الواحد الذي كان إلى وقت قريب منخفضاً غير ان المشكلة الأهم هي عملية الفحص والإشراف على عمل هذه المعامل والمحلات فالمختبر المركزي يقوم كل عدة أشهر بالتفتيش على هذه المعامل وفحص الماء الذي يتم تنقيته وتبلغ رسوم ذلك الفحص 5000 ريال ويعتبر بعض أصحاب المعامل انه مبلغ ورسوم كبيرة فهذه العملية من صميم عمل اختصاص الجهات الرسمية والرسوم يجب أن تكون معقولة ويجب أن تكون بشكل متقارب وليس بعد عدة أشهر.. كذلك الفحص يجب أن يشمل أخذ عينات من الماء من أماكن مختلفة في المعمل الواحد وبالأخص من داخل الصهاريج المتحركة أي الناقلات التي تنقل إلى البقالات وأماكن بيع الماء.. وهذه الصهاريج أكثر تعرضاً للرواسب والصدأ أيضاً الخزانات المستخدمة في البقالات والتي كثيراً ما تتعرض للأوساخ وبالتالي يفقد الماء نقاوته وصحته ولكن تظل مشكلة الماء الفاقد مستمرة. من المحرر أخيراً لابد من القول انه وبالنظر إلى حجم الفاقد من المياه المستخدمة في محطات تنقية المياه سواء في مدينة المكلا أو في غيرها من المدن والمحافظات اليمنية فإنه يصبح لزاماً التحرك لوقف هذا النزيف اليومي وهذه الخسارة الكبيرة والبحث عن حلول جدية ومتطورة تكفل الاستفادة المثلى من هذه المياه العادمة ولن يتأتى ذلك إلا بتعاون الجميع وبقيام أهل الخير والمؤسسات البحثية والمدنية بدورها في هذا الجانب وبخاصة أن نقص امدادات المياه اليومية وانخفاض منسوب المياه الجوفية وعدم توفر مصادر بديلة ودائمة يدفع الجميع من أصحاب المعامل وغيرهم للمضي في هذا الجانب ضماناً لغد أفضل ومستقبل آمن لأجيال الحاضر والمستقبل.