الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن    منظومات دفاع الكيان تقصف نفسها!    اليمن يستهدف عمق الكيان    تصنيف الأندية المشاركة بكأس العالم للأندية والعرب في المؤخرة    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    دخول باكستان على الخط يسقط خيار الضربة النووية الإسرائيلية    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    أرقام صادمة لحمى الضنك في الجنوب    للكبار فقط...    الانتقالي ومعايير السيطرة في الجنوب    مستشار بوتين.. انفجار النهاية: إسرائيل تهدد بتفجير نووي شامل    التوقعات المصيرية للجنوب في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية    اغلاق السفارة الامريكية في اسرائيل وهجوم جديد على طهران وترامب يؤمل على التوصل لاتفاق مع إيران    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    خلال تفقده الانضباط الوظيفي في وزارتي النقل والأشغال العامة والنفط والمعادن    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    مجلس الشيوخ الباكستاني يوافق بالإجماع على دعم إيران في مواجهة العدوان الصهيوني    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    مرض الفشل الكلوي (8)    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقومات، المساعي، والمعوقات في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية
انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي
نشر في الجمهورية يوم 13 - 01 - 2007


- أحمد المرشد ..
مقدمة لابد منها:بحكم الجوار الجغرافي لليمن ودول الخليج، والترابط الاجتماعي والتكوين النفسي الواحد لشعب اليمن ودول الخليج، لم يكن من الغريب أن يكون المهاجر اليمني هو الأكثر اندماجاً اجتماعياً ونفسياً في محيطه الخليجي.. والإحساس الكامل بالثقة والاطمئنان لشعوبها بحكم السيكولوجية الواحدة والعادات والتقاليد المتقاربة أحياناً والواحدة أحياناً أخرى.. بل ولم تتمكن الأحداث التي عكرت صفو العلاقات السياسية لفترات متفاوتة أن تفسد تلك الأحاسيس البشرية الطبيعية والتلقائية بين الإنسان اليمني وأشقائه الخليجيين.. وأن التشابك والتشارك اليمني/ الخليجي لايقتصر على واقع الجغرافيا فقط بل يمتد أيضاً إلى الواقع الاجتماعي والثقافي في المنطقة فمنطقة الخليج والجزيرة العربية تمثل وحدة ثقافية واجتماعية واحدة تكاد تصل إلى التماثل في أجزائها المختلفة.. وقد نقل اليمنيون ثقافة مجتمعهم إلى مجتمعات الدول الخليجية التي كانت مؤهلة لاستقبال هذه الثقافة من واقع التشابه الاجتماعي وكان الغناء والفلوكلور اليمني بمختلف أنواعه حاضراً وبقوة في تفاعلات المجتمعات الخليجية طوال النصف الثاني من القرن العشرين حتى أنه طبع الفنون والغناء الخليجي بطابعه بل انه تحول في بعض الدول إلى فلكلور شعبي خاص بها..فضلاً عن ذلك فإن منظومة القيم الاجتماعية الحاكمة لشعوبها واحدة وهي قيم مرتبطة بواقع التركيبة القبلية والعشائرية لهذه المجتمعات والشعوب التي لاتختلف كثيراً كاختلاف دول المنطقة بل إن التشابك والتشارك اليمني الخليجي يمتد حتى التجمعات السكانية فكثير من القبائل اليمنية قد انتقلت وانتشرت
على امتداد المنطقة.. وهناك العديد من القبائل اليمنية التي تمتلك امتداداً وفروعاً في العديد من المناطق والدول الخليجية.
انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي
ومع ازدياد موجات الهجرة اليمنية لدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج كافة اضطلعت العمالة اليمنية بإقامة العديد من المجموعات التجارية والصناعية الضخمة التي تولت بالتالي إدارة جزء كبير من اقتصاديات الدول الخليجية.
وتجدر الإشارة بعد ذلك إلى أن هناك بالتأكيد اختلافات وفروقات بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي «وأكثرها فروقاً اقتصادية».. إلا أن مايجمع اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي هو أكثر بكثير مما يفرقها الأمر الذي أدى إلى طرح صانع القرار السياسي الخليجي في اليمن لموضوع انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي.
وحول قضية انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي فقد ظل هذا الأمر محل نقاش وجدل منذ إنشاء المجلس عام 1981م ثم عاد مرة أخرى ليكون محل نقاش جاد عام 2001م مع قمة مسقط التي أسفرت عن انضمام اليمن لأربع مؤسسات تابعة للمجلس وذلك كخطوة أولى لانضمام اليمن الكامل لدول مجلس التعاون الخليجي وهذا الأمر يحظى باهتمام اليمن ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي.. ويحظى أيضاً باهتمام عدد من المثقفين في البلدان الخليجية وقد دعا بعضهم لإقامة «مشروع مارشال خليجي في اليمن» لتسوية أوضاعه الاقتصادية لتقترب من أوضاع بقية دول المجلس.. تمهيداً لانضمام اليمن الكامل لمجلس التعاون الخليجي باعتبار أن اليمن تمثل العمق الاستراتيجي لدول الخليج وان الشعب اليمني يمثل الاحتياطي السكاني الذي يمكنه الحفاظ على التوازن الديموجرافي في المنطقة وذلك لمواجهة العمالة الأجنبية المتدفقة بكثافة كبيرة إلى دول المجلس، وقد أصبحت تشكل قلقاً بالغاً للمواطنين في الخليج.
وتجدر الإشارة إلى أن اختلاف النظم السياسية بين اليمن ودول الخليج لم يكن سبباً كافياً من وجهة النظر اليمنية لاستبعاد اليمن من الانضمام لمجلس التعاون الخليجي.. لهذا كانت سياسة اليمن الخارجية تبحث دائماً عن مخرج لكسر هذه العزلة السياسية المفروضة عليها خليجياً وذلك عبر سياسة تعويضية سواءَ بالبحث عن تحالفات عربية أو بالالتفاف إلى فضاءات إقليمية أخرى تحاول اليمن الاندماج فيها أو الالتئام مع مشروع الشراكة الأوروبية مع منظمة شرق البحر الأبيض المتوسط ولكن على الرغم من ذلك ظل التطلع اليمني للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي حاضراً في أوقات كثيرة.
ظلت علاقة اليمن بمجلس التعاون الخليجي بعد ذلك تراوح في مكانها إلى أن وقعت اليمن مع السعودية معاهدة جدة عام 2000م التي تم على أساسها حل نزاع الحدود بين البلدين وترسيم كل الحدود اليمنية السعودية.. ولقد مثل توقيع هذه المعاهدة نقطة تحول جذرية في علاقة اليمن بمجلس التعاون الخليجي.. ودخل اليمن في عضوية بعض لجان مجلس التعاون الخليجي: لجان التعليم والصحة والرياضة، ووفقاً للقرار الذي اتخذه القادة الخليجيون في قمتهم المنعقدة في مسقط في شهر ديسمبر عام 2001م.
التطورات السياسية في دول
مجلس التعاون وأهمية اندماج اليمن:
إن ماحققه مجلس التعاون خلال العقد الأخير بصفة خاصة من تغيرات سياسية ودستورية وقانونية والبدء في بناء مختلف المؤسسات يؤكد أن مسيرة التطوير المؤسساتي في بلدان مجلس التعاون قد بدأت، وأن هناك حراكاً اجتماعياً وسياسياً نشطاً قد بدأ يشق طريقه، كما أن دول المجلس قامت بمراجعة رصينة، سياسية واجتماعية وثقافية لمختلف أوضاعها، وهذه التطورات تقود بشكل طبيعي إلى انضمام اليمن للمجلس، على أساس أن مجلس التعاون الخليجي لم ينشأ إلا من أجل الترابط وتشكيل كتلة عربية موحدة، لذلك فانه ومن أجل توسيع هذا التكتل فإن دخول اليمن يعد تطوراً آخر له أبعاده الاستراتيجية في ظل التطورات التي تشهدها الساحة الدولية.
ومجلس التعاون حقق انجازات تقارب حقيقي بين دوله، في مقدمتها، تعميق مفهوم المواطنة الاقتصادية وتوسيع نطاقها، والسعي لدمج السياسات وتنسيقها في مجالات عديدة، والقيام بمشاريع تكاملية قد تبدو للبعض انجازات متواضعة، لكنها موعودة بالاستمرار والتوسع والعمق، خاصة أن دول المجلس تسعى لجعل الأهداف تتناغم مع قيم التطوير والتحديث.
وقد تم تطبيق فعال لسياسة الإصلاح الديمقراطية على الصعيد الداخلي وتوفير سبل التنمية الشاملة في مختلف المجالات بدءاً بسياسات التعليم والمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة ومكافحة البطالة والفقر والجهل والمرض والتخلف، وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية، وكذلك توفير سبل المعارف الحديثة والمتطورة في المجتمع العربي، وتفعيل احترام حقوق الإنسان العربي، وتأكيد دور مؤسسات المجتمع المدني في عملية التحديث والبناء الديمقراطي بما في ذلك المشاركة الشعبية.
ومن ضمن النجاحات التي تمت يمكن الإشارة إلى:
أولاً: النجاح في تسوية ملفات الخلافات الحدودية التي كانت تحول دون ترسيخ التجربة التكاملية لدول الخليج العربية.
ثانياً: التحولات الديمقراطية التي تشهدها بلدان الخليج العربية فلم تعد الممارسة الديمقراطية حكراً على التجربة الكويتية الرائدة، وإنما باتت معظم بلدان الخليج مقبلة على تحولات ديمقراطية عميقة بدرجات مختلفة.
ثالثاً: ازدياد وتيرة الاهتمام الخليجي بالإسراع بمشاريع التكامل الاقتصادي الخليجي، ودخول عصر منظمة التجارة العالمية لإلغاء القيود على حرية التجارة وانسياب البضائع وحركة رؤوس الأموال، وهو مايقتضي من دول الخليج الإسراع بخطى تهيئة الذات وإعداد البيئة الداخلية والخليجية الاقليمية للتفاعل مع التزامات وتداعيات عصر العولمة والتجارة المفتوحة.
رابعاً: حدوث تطورات تشير بإمكانية التقدم في مشاريع تحقيق تقارب سياسي أكبر في تجربة مجلس التعاون الخليجي، والاتجاه إلى الاتفاق على صيغة سياسية مرحلية لتكريس قدر أكبر من الاندماج السياسي بين دول الخليج.
خامساً: كان من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الخليجية في الفترة الأخيرة الإعلان في قمة المنامة 2000 بالبحرين، عن توقيع اتفاقية الدفاع الخليجية المشتركة، ثم مسارعة ثلاث دول هي السعودية والبحرين وسلطنة عمان إلى التصديق عليها خلال الشهور الخمسة الأولى من عام 2001.
تحقيق التكامل اليمني مع دول مجلس التعاون الخليجي:
مع إعلان الجمهورية اليمنية أصبح المجال مفتوحاً أمام الإمكانات الواقعية الحقيقية للعمل الجاد من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي لبلدان شبه الجزيرة العربية للتمهيد لاندماج هذه الدول ككيان موحد يتيح له التعامل بكفاءة لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين.. إقليمياً.. ودولياً فمع بداية التسعينات شهد العالم انهيار نظام القطبية الثنائية الدولي وظهور نظام عالمي جديد تنفرد به الولايات المتحدة الأمريكية حيث إن هذا النظام العالمي الجديد.. لايمكن القول بأنه قد استقر على قواعد وأسس ثابتة.. ومازال الصراع قائماً بينه وبين التكتلات الأخرى.. دول الاتحاد الأوروبي والصين، واليابان ففي خضم هذا الانهيار المتسارع لنظام القطبية الثنائي جاءت الجمهورية اليمنية لتشكل بتوحيد شطريها استشراف الأمل التاريخي أمام بلدان شبه الجزيرة العربية والخليج العربي لتحقيق كل التطلعات المستقبلية لشعوب الأمة العربية.. والتأكيد على أن اليمن مازالت تصر على موقعها الطبيعي هو في إطار شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي.. وقد كان لها بالفعل العديد من المواقف التي تؤكد ذلك.. وفي مقدمتها التوقيع على اتفاقية الحدود مع سلطنة عمان، ومعالجة بؤرة التوتر الخطير الناشئ من الاعتداء الاريتري على جزيرة حنيش الكبرى في البحر الأحمر.. والتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية.. وتنقية الخلافات مع بقية دول الخليج العربي.
ويمكن القول في النهاية بأن علاقة اليمن مع دول مجلس التعاون الخليجي لاتقوم على مبدأ الرغبة فحسب، بل تحكمها محددات تملي على اليمن ودول المجلس السعي لتعزيز الروابط بينها في شتى المجالات.. بما في ذلك صياغة الرؤية الأمنية الجماعية.. وتجاوز الخلافات الحدودية بين هذه الدول حتى لايحول ذلك دون تعزيز روابطها الأخوية.
ومن ثم يجب العمل على:
أولاً: تأمين حوض البحر الأحمر وسلامته وفرض إرادة
الكتلة العربية على مياهه باعتبار أنها الكتلة الأساسية في كامل المنطقة.
ثانياً: تحقيق أمن الدول العربية وتأمين مصالحها
الاقتصادية والأمنية في حوض البحر الأحمر من خلال تعزيز التفاعلات العربية/ العربية الإيجابية كمدخل لاحتواء التوجهات الفردية لبعض دول الإقليم غير العربية.. والتي تريد أن تلعب دوراً يفوق حجمها الفعلي.
كما أن التعاون اليمني السعودي يشكل أهمية خاصة في تعزيز هذه التوجهات العربية الإستراتيجية وذلك بحكم موقعها في الجزء الجنوبي للبحر الأحمر وامتلاكها معاً القدرة على إحداث التوازن الجديد الذي يخدم المصالح الإستراتيجية للأمة العربية.
كما تشهد مساحة العلاقات اليمنية مع دول مجلس التعاون الخليجي الآن العديد من الفعاليات التي توحي بوجود السعي الجاد نحو تعزيز العلاقات بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي لما فيه صالح الجميع.
أهمية اليمن كعمق استراتيجي
للأمن الاقتصادي.. لدول التعاون الخليجي.
مع رصد التفاعلات الدولية والاقليمية في منطقة البحر الأحمر وتأثيراتها على الاستقرار في المنطقة... وعلى خطوط الملاحة البحرية... وعلى عملية تدفق النفط... يمكن التعرف على أهمية البعد الجغرافي، والبعد البشري، والنمو النسبي في القوة الاقتصادية والعسكرية اليمنية ... والتي تشكل أهمية كبيرة لليمن كعمق استراتيجي للأمن الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي... والذي يتمثل في:
1 مساهمة اليمن في حماية خطوط التدفق على طول 2300 كيلو متر.. والتي تمثل المنطقة الحرجة التي يغلب عليها طابع المخاطر بفعل التفاعلات الاقليمية الدولية.
2 قدرة اليمن على تأمين المنافذ البحرية لتدفق النفط الخليجي... خارج إطار مضيق هرمز باب المندب وهي المنافذ التي تسمح للنفط الخليجي بامتلاك السعة والمرونة الكاملة في التوجه شرقاً إلى جنوب شرق آسيا أو التوجه غرباً إلى أوروبا ... وقد اكتسبت اليمن هذه الميزة الاستراتيجية بفعل حضورها الجغرافي على البحر الأحمر.
المتغيرات الدولية التي تعرقل
مساعي الوحدة الاندماجية لليمن مع دول المجلس
بالرغم من الإشارة إلى جميع العوامل التي تزكي اندماج اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي وتوفر المصالح المشتركة للجميع... والأمن والاستقرار إلا أن رياح المتغيرات الاقليمية والدولية قد ساهمت في عرقلة مساعي هذه الوحدة... بعد تسيد الولايات المتحدة لزعامتها للعالم... وفرض مشاريعها لتغيير خريطة الشرق الأوسط فالولايات المتحدة الأمريكية تسعى لفرض عدد كبير من الاصلاحات السياسية الاقتصادية والثقافية التي ترى أن على حكومات المنطقة تطبيقها والبدء في تنفيذها فوراً وذلك من أجل اللحاق بركب العصر «العولمة» والخروج من دائرة التخلف التي تعيشها من وجهة نظرها إلا أن الأهداف غير المعلنة للإدارة الأمريكية تتركز في إعادة ترتيب المنطقة وفقاً لما يخدم الرؤية الاستراتيجية لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن لإعادة ترتيب العالم ولا سيما المناطق الحيوية منه يضمن سيطرتها بعيدة المدى على النظام الدولي الجديد.
موقف الرئيس اليمني من مشروع الشرق الأوسط الجديد
يرى كثير من المراقبين السياسيين أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لايعارض المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط «الإصلاح السياسي» ولكنه شدد وطالب بضرورة مناقشة هذا الموضوع بموضوعية ودون حساسية... ولكنه أكد على أن الإصلاح يجب أن يتم وفقاً للقرار الوطني في كل دولة عربية... مع ضرورة مراعاة ظروف كل دولة.
ويمكن رصد أسباب ثلاثة لموقف الرئيس اليمني المؤيد لعملية الإصلاح السياسي في المنطقة.
الأول: حاجة الاقتصاد اليمني للمساعدات والمعونات والقروض الأجنبية.
الثاني: شعور صانع القرار اليمني بأن عملية الإصلاح في الوطن العربي قادمة أو واقعة لا محالة... نظراً لضيق مساحة الخيارات المتاحة الآن أمام الدول العربية وأن مشاركة الدول الكبرى في وضع التصورات الخاصة بالمنطقة يمكنها من الإطلاع على مالديهم من أفكار وتصورات حول الإصلاح من المنطقة.
والثالث: يرى بعض القادة اليمنيين أن وضع اليمن على خارطة المنطقة سوف يكون أفضل إذا ماتمت عملية الإصلاح في المنطقة... وباعتبار أن العملية الديمقراطية قد بدأت في اليمن مبكراً وأن الإصلاح في الوضع العربي سيكون المدخل الحقيقي والرئيسي لحل كافة المشكلات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية... وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي إلا أن الأحداث الأخيرة على الأرض الفلسطينية واللبنانية واجتياح القوات الإسرائيلية لهما يؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن الأمة العربية قد عاشت في وهم السلام مع إسرائيل على مدى سنوات طويلة... ومنذ اتفاق مدريد للسلام.
أضواء حول الوجود العسكري الأمريكي والغربي
في الخليج في إطار الاستراتيجية الأمنية لدول الخليج
إن حرب الخليج الثانية وانهيار النظام العربي الاقليمي كنتيجة للغزو العراقي للكويت قد ساهم في تمكين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الاستراتيجيين في المنطقة من استثمار هذا الاحتلال في التوازنات الاقليمية لصالح توجهاتها وأهدافها الاستراتيجية في العديد من المناطق المهمة...
وتعزيز الهيمنة العسكرية والسياسية الأمريكية في منطقة الخليج وبشكل يقترب من الاحتلال ويمكن القول بأن:
أولاً: إن الوجود العسكري الأمريكي والغربي «الفرنسي والبريطاني» قد أصبح جزءاً من الاستراتيجية الأمنية لدول الخليج وبالتالي نال مشروعية بقائه في المنطقة.
ثانياً: إن الترتيبات الأمنية الثنائية بين دول مجلس التعاون الخليجي وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وأيضاً روسيا تعني حكماً... القبول بوجهة نظر الدول الغربية في قضايا الصراع الاقليمي... والتعاون من أجل الاستقرار.
ثالثاً: إن الاتجاه العام في الدول العربية الآن هو القبول بصلح مع إسرائيل بغض النظر عن مضمون ذلك الصلح وأبعاده الحضارية... بذلك يكون أقرب إلى الاستسلام منه إلى السلام.
رابعاً: أن الوجود العسكري الأمريكي المكثف في منطقة الخليج والمصحوب بالهيمنة الأمريكية على الجوانب الأمنية والسياسية قد ألغى هامش المناورة التي كانت تمتلكها دول منطقة الخليج في الماضي حول المشاريع الاقليمية العديدة.
خامساً: إن الاتجاه العام في المنطقة حالياً يتمثل في قبول دول المنطقة للتوجهات السياسية والاقتصادية والأمنية للإدارة الأمريكية... وتبرير ذلك بأنه يشكل جزءاً من التوجه العام للنظام العالمي الجديد.
من هنا يمكن القول:
بأن المخاطر الجسيمة على البنية الأمنية الاقليمية الجديدة في الدول الخليجية والناجمة عن التوجهات الأمريكية التي تسعى لتعريز دورها الاقليمي من خلال تكثيف وتكريس وجودها العسكري البري والبحري والجوي وخاصة المناطق التي تدخل في إطار الاستراتيجية الأمريكية للهيمنة على المنطقة تكمن في خطة الإدارة الأمريكية لإحداث التغيرات في التوازنات الاقليمية ولصالح توجهاتها وتوجهات حليفها الاستراتيجي في المنطقة وبالطبع سوف يؤدي ذلك في النهاية إلى وجود حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وإحداث التوتر في التفاعلات المحلية والاقليمية... وأيضاً الدولية... نتيجة لعدم قدرة الأطراف المحلية على استيعاب هذه التطورات والتفاعلات الراهنة، والتكيف معها على نحو يكفل الحفاظ على المصالح الاقتصادية والوطنية والسياسية والأمنية لدول منطقة الخليج... حيث يتطلب ذلك العديد من الظروف الخارجية التي تساعد على الخروج من هذا المأزق ... وبأقل معاناة ممكنة.
وبالرغم من ذلك وفي ظل هذه المتغيرات يمكن القول:
إن اليمن تتمتع بالمكانة الاستراتيجية في المنطقة حيث تمثل قاعدة أساسية لشبه الجزيرة العربية،وتتحكم في مداخل البحر الأحمر وطرق الملاحة البحرية الصاعدة إلى آسيا عبر البحر العربي... كما يمكن القول بأنها تشكل العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاوني الخليجي على مستوى الأمن الاقتصادي وأن الشعور العميق للإدارة اليمنية بالمسئولية الداخلية والاقليمية والدولية تعد من العوامل المهمة جداً التي تؤهل اليمن لتلعب دوراً إقليمياً لصالح منطقة الجزيرة والخليج وأن هذا الدور المهم يتجسد في:
أولاً: قدرة اليمن على المساهمة في حماية خطوط تدفق النفط على طول 2300 كيلو متر هي الشواطئ اليمنية قبل الاقتراب من مضيق باب المندب وبعده وهي منطقة يغلب عليها طابع المخاطر بفعل التفاعلات الاقليمية والدولية المتغيرة باستمرار... ويعزز من هذه المقدرة امتلاك اليمن لمجموعة الجزر الاستراتيجية المتناثرة في البحر الأحمر والمحيط الهندي وخليج عدن التي يصل عددها إلى 135 جزيرة.
ثانياً: امتلاك اليمن لإمكانية تأمين تدفق نفط دول مجلس التعاون الخليجي عبر المرافئ اليمنية في خليج عدن والبحر العربي وهي منافذ تقع خارج إطار كل من مضيق عدن وباب المندب وتسمح للنفط الخليجي بامتلاك السعة وتسهل له التوجه شرقاً وغرباً بحرية ومرونة عالية... وهو الأمر الذي سيقلل من دور العامل الايراني وقدرة تأثيره على الأمن الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي.. فضلاً عن أن هذا المتغير الطابع الاستراتيجي سوف يلغي جميع أوراق الضغوط الإيرانية ويعزز موقف دول مجلس التعاون الخليجي لصالح رؤيتها الاقليمية... بل وسيجبر إيران على إعادة حساباتها الاقليمية ومراهناتها في استخدام مضيق هرمز كورقة ضغط ضد دول مجلس التعاون الخليجي،كما أن هذا المتغير سوف يكبح المطامع الإسرائيلية في منطقة البحر الأحمر للنفاذ إلى الاستثمارات الخليجية.
ثالثاً: قدرة اليمن على منح التسهيلات للأسطول العربي الخليجي للقيام بنشاط تأمين خطوطه الاقتصادية... حيث أن التواجد البحري الإيراني في الخليج وعلى نحو مكثف يحول دون قدرة الأسطول السعودي على المناورة البحرية والاتصال بقاعدته في شرق البحر الأحمر وذلك دون الإخلال بالتوازنات في منطقة الخليج.
ختاماً أتمنى لجمهورية اليمن الشقيقة كل تقدم وازدهار في ظل قيادتها الحكيمة برئاسة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وتحقيق كل مايصبو إليه الشعب اليمني الشقيق من رفعة ورقي.
- المراجع:
1 د.أكرم عبدالله الأغبري، أهمية البحر الأحمر في علاقات الجمهورية اليمنية بدول مجلس التعاون الخليجي، سلسلة كتاب الثوابت ،11.
2 كتاب اليمن ودول الخليج العربي الصادر عن مركز البحوث والمعلومات، لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» الطبعة الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.