ننشرها على حلقات مصطفى يعقوب عبدالنبي ..حسام لنديم يانديم إن هذه الفتاة؛ قد حازت من الحسن أعلاه. نديم لحسام هذا ماكنت من قبل ذلك أخشاه، فلا حول ولاقوة إلا بالله. حسام لنديم اذهب يا نديم؛ وخذ معك خادمي سليم؛ وليكن دليلك هذا الخادم «ويشير إلى نجاح» وأعلم بحضوري الأمير غانم. وأتني به وبابن أخيه الغضبان، بدون تأخير إلى هذا المكان «يخرجون ويقول نديك وهو خارج» خلا لك الجو فبيضي واصفري. صباح للجمهور صدق الله العظيم ماهذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم «ثم تلتفت إليه». صباح لحسام لقد تشرفت بقدومك يامولاي جزيرة العرب وأحرزت بتقبيل أقدامك نيل الأرب. حسام للجمهور يا سلام ما أعذب هذا الكلام صباح لحسام ما لي أراك يا مولاي في حيرة وذهول حسام للجمهور آه ماذا أقول صباح لحسام لعلك يا مولاي قد تذكرت الأهل والوطن وتفكرت في هاتيك المعاني والدمن. حسام للجمهور حقاً إن كل الحسن في العرب، وأنهم جرثومة الفضل وأرومة الأدب «يدخل أحد خدمة الأمير غانم ويقول بلهفة» مولاتي إن ابن عمك الغضبان، قد أسر والدك في حومة الميدان، وهاهو مقتف آثارنا، وعما قريب يكون هنا، فالهرب يامولاتي الهرب، من قبل أن يحل بك العطب. حسام للخادم اخرس يا كشحان،فلا كنت ولاكان الغضبان. صباح ويلاه قد زادت كربي، وساءني الدهر بأسر أبي وإني أخاف أن يسبيني الغضبان، وأبقى أحدوثة في فم العربان، وليس لي اليوم من ناصر ولامعين، سواك يا مولاي حسام الدين، فأنقذني من أنياب هذه النوائب فقد انشبت في أظفارها المصائب. حسام لصباح لاتحزني يا صباح، فوحق فالق الإصباح، لابد أن أجعل ابن عمك الغضبان، معفر الوجه فوق الصحصحان فأذهبي وآتيني بآلة الحرب، لأريه كيف يكون الطعن والضرب «تذهب». حسام لنفسه إذا خصمي تقاضاني بدين قضيت الدين بالرمح الرديني جهلتم يابني الأنذال قدري وقد عرفته أهل الخافقين علوت بصارمي وسنان رمحي علي هام السهى والفرقدين وكم من فارس أضحى بسيفي هشيم الرأس مخضوب اليدين وسوف أبيد جمعكم بصبري ويطفي لاعجي وتقرعيني ودونك سيدي ترساً وسيفاً به تستقي الأعادي كاس حين حسام لصباح ها أنا يا صباح ذاهب إليه، لكي أخطف روحه من بين جنبيه، فطيبي نفساً وقري عيناً وقومي الآن وودعيني، ولمالك الملك دعيني «هنا يهجم عليهم الغضبان ومن معه من الفرسان وهو يقول اليوم أنال المنى، ويزول عن قلبي العنا». حسام للغضبان وراءك يا غضبان، وإياك أن تقرب من هذا المكان؛ فإن دون مرامك طعناً يهد الجبال؛ وضرباً يشيب لهوله الولدان والأطفال. الغضبان لحسام من تكون أنت أيها الفتى؟ ومن الذي بك لهذا المكان أتى؟ حسام للغضبان لا تسل عن ذلك يا مهين؛ فأنا البطل حسام الدي. الغضبان لحسام اذهب من أمامي وإلا علوت رأسك بحسامي. حسام للغضبان اخسأ ياغضبان ودونك الحرب والطعان «ويحملان على بعضهما» ثم ينشد حسام الدين: حادثات الدهر تأتي بالبدع ترفع العبد وللحر تضع خل ياغضبان عن نار الوغى واتبع الحق ودع عنك الطمع لست أهلاً لصباح لا ولا مثلها مع مثلك الدهر جمع فاسل عنها قد حواها سيد سيفه لو ضرب الصخر انقطع يالقومي أنني نلت المنى وانجلى هم فؤادي واندفع الغضبان لحسام ياحسام الدين أغواك الطمع سوف تلقى فارساً لايندفع ياحسام الدين كم صيد نجا خالي البال وصياد وقع إن تكن تشكو لأوجاع الهوى فأنا أشفيك من هذا الوجع بحسام كلما جردته في يميني كيفما مال قطع ياحسام الدين عمي ظالم وعليكم ظلمه اليوم وقع «ثم يحملان على بعضهما حملة ثانية وبعد هنيهة ينشد حسام الدين»: أنا يا صباح دون وصلك باذل روحي ولو أن الأنام عواذل هيهات يشغلني بغيرك شاغل ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي لك قامة مازلت أعشق لدنها ةولأجلها أهوى الرماح وطعنها ياظبية ضحكت فأبدت سنها فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم ثم يحملان على بعضهما مرة ثالثة وبعدها يضربه حسام الدين بالسيف ويقول خذها يامهين، من كف حسام الدين، فيقع على الأرض وعندها تهجم الفرسان على حسام الدين وبوقتها يدخل الأمير غانم ونديم وسليم وهم يقولون هلكتم ياغادرين هذا ابن أمير المؤمنين فيخرون للأرض ساجدين ثم يتقدم الأمير غانم ويقبل أذيال الأمير حسام الدين. غانم لحسام الحمد لله على سلامتك أيها الأمير الجليل، ولك الشكر يامولاي على صنيعك الجميل. مولاي أوليتني من فيض فضلك لي مالست أحصى أياديك التي غمرت أهل البسيطة من بدو ومن حضر. حسام لغانم إننا يا غانم مافعلنا إلا ماتقضيه الغيرة على المحارم وماسبب خلاصك من يد قناصك. غانم لحسام إن سببه نديمك نديم وخادمك سليم فإنهما عندما شاهداني في الأسر أقاسي أنواع العذاب والضر أعلما من حولي من الشجعان بتشريف جنابك إلى هذا المكان فوقعوا على الأرض ساجدين، عند سماع اسمك يامولاي حسام الدين،وذلك بسبب عدل والدك فيهم وتراكم إحسانه عليهم فجزاكما الله عني أحسن الجزاء، يوم العرض والجزاء. حسام لغانم الحمد لله على ذلك، وإنقاذك من أنياب المهالك. غانم لحسام أرجوك يامولاي أن تتشرف صباح دائماً بخدمتك وأن تكون أمة لك في سفرك وإقامتك فإنها أسيرة برك ورهينة أمرك. حسام لغانم بارك الله فيك يا غانم، وأننا سنفيض عليك وعليها سجال المكارم. نديم لحسام مولاي قد طال على والدك أمد الانتظار ومضت لنا مدة مديدة في هذه الديار وقد أتممنا الغرض المقصود وما علينا يامولاي إلا أن نعود. حسام لنديم حقاً لقد صدقت يا نديم فيما نطقت فلنتهيأ للمسير الآن بدون تعويق ولاتوان. غانم لحسام مولاي هذه الأبطال والشجعان، متأهبة لأن تسير بخدمتك إلى الأوطان. حسام لغانم لا أرغب أن أعود إلا كما جئت يا غانم، ولكن عليك أن تتم لابنتك جميع اللوازم، وحين وصولي إن شاء الله بالسلامة لأوطاني أبعث لإحضاركما الموكب الملوكاني وهناك نحظى بأنس الاجتماع فقوموا بنا الآن للوداع. غانم لحسام بحفظ الله سريا خير مولى تحف بك السلامة والبقاء فأرض بنت عنها فهي قفر وأرض قد حللت بها سماء حسام لغانم لقد زودتنا حمداً وشكراً فطاب بمدحنا منك الثناء حباك الله غايات الأماني وأعطاك المهيمن ماتشاء إذا حم النوى يوماً فأبشر فما بعد النوى إلا اللقاء وهذي حالة الدنيا فيوم نسر به وفي يوم نساء وإن شاء المهيمن عن قريب بكم نحظى ويكتمل الهناء *** الفصل الرابع «ترفع الستارة عن الأمير غصوب وصديقه زيدان وغصوب ينشد»: لاصنت عرضي ولا أحسنت للجار إن لم أكن آخذاً يا قوم بالثار أنا الذي ترهب الأبطال سطوته إن جال يوم الوغى في وسط مضمار لا أرهب الموت في يوم الزحاف ولا أهوى الحياة لدى ضرب بيتار تسمو على الفلك الدوار لي همم في كسب محمدة أو نيل أوطار لاعز جاري ولا وفيته ذمماً إن لم أكن كاشفاً بالسيف عن عار زيدان لغصوب ما لي أراك يا صديقي غصوب؛ تلهج بذكر الوقائع والحروب؛ وتترنم بالأشعار المهيجة على أخذ الثأر. وكشف العار، فهل لك ثأر عند أحد من الأنام؛قد لحقك العار بسببه يا ابن الكرام؟ غصوب لزيدان أما بلغك أن حسام الدين قد قتل ابن خالتي الغضبان،وألبسنا من أجله ثوب العاربين قبائل العربان. زيدان لغصوب نعم بلغني ذلك أيها الأمير، وماسبب قتله لذلك البطل الخطير. غصوب لزيدان اعلم ياصديقي زيدان أن ابن خالتي الغضبان قد عشق صباح ابنة الأمير غانم،وأصبح فؤاده في حبها هائم، وخطبها من أبيها،بعدها اشتهر أمر حبه فيها، فرفض خطبته حسب عوائد العرب فخرج من عنده وقد امتلأ فؤاده بالغضب، وقد تعلق بها حسام الدين بعد ذلك، وسقى ابن خالتي لأجلها كأس المهالك،ولابد لي أن آخذ منه بالثأر،واكشف عنه بقتله المذلة والعار،لاسيما ووزير والده حازم، قد كلفني بأن ألقيه في العذاب الدائم،ووعدني في جوابه بأنني متى أتممت له هذا القصد، جعلني أميراً على سائر بلاد نجد،والآن قد تعددت على هلاكه الأسباب ولا أرى مناصاً من أن أذيقه أليم العذاب. زيدان لغصوب تأن يا مولاي ولاتعجل، وخذ الأمر بالسكون في العمل، فإن من تأنى سلم،ومن تعجل ندم، وانظر في عواقب ما أنت عازم عليه، وطامح بطرفك إليه، فإن ذلك لاتحمد عقباه، ولايسر منتهاه، ولاتغتر بكلام ذلك الوزير الخائن، ولاتنطل عليك زخارف وعوده فإنه كذاب مائن، ولا تأخذك في أمرك الحمية الجاهلية، وتبصربعواقبه وكن من أصحاب التأني والروية. قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل غصوب لزيدان ما هذاالكلام يا زيدان، أجبنت وماعهدتك بالجبان،أتأمرني بترك أخذ الثأر، وكشف المذلة عني والعار، وذلك أمر دونه ضرب السيوف، وشرب كؤوس الحتوف، وهل أترك دم ابن خالتي يذهب سدى؛ وأكون بعد ذلك من أهل التبصر والاهتداء،كلا ثم كلا فلابد أن أضرب بالسيوف وأطعن بالرماح حتى تضج إلى خالقها الأرواح؛ فلاتسمني أن أحمل الضيم والمذلة؛ ولاتكلفني أن أسلك هذه الخطة المذلة. وهل يقيم على ضيم يراد به سوى الإذلان غير الحي والوتد زيدان لغصوب مولاي إن اللبيب من تبصر بالعواقب؛قبل تعرضه لحادثات النوائب أتظن أنك تسعى في هلاك حسام الدين، وتكون بعده أنت وقومك في هذه البلاد من الآمنين؟ كلا ثم كلا فإن دون ذلك خراب هذه الديار وإهراق دماء أهاليها وتقصير الأعمار؛ فلا تلق بنفسك وقومك في هذه التهلكة؛ فإن حسام الدين ابن الملك ووحيد المملكة؛ فانظر فيما أقوله لك بعين الناقد البصير فلا ينبئك مثل خبير؛ وأفق من سكرة هذه الحدة؛ فرحم الله من عرف حده فوقف عنده. غصوب لزيدان ويحك يازيدان ما هذا الكلام؛ فإنه أشد عليّ من ضرب الحسام؟ اتحسب أنني أهاب الملوك العظام، أو أخاف سطوة أحد من الأنام، وأنا أعلم أن العز تحت ظلال السيوف، واقتحام نيران الحرب وشرب كأس الحتوف، وهل الشجاعة إلا صبر ساعة؟وأنت تعلم أنه لولا الرمح والسيف؛ لكثر الجور والحيف، وأنه من اقتصر على التبصر والاحتمال؛وطئته أقدام الجهلة الأرذال، وهل كتب القتل والقتال إلا على صناديد الرجال. كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول زيدان لغصوب مولاي احذر تغنم، وتفكر تسلم، فإن هذه العزيمة وخيمة العواقب، لاتصفو لك منها المشارب، وليس ما أنت قادم عليه من باب الشجاعة،بل هو من باب تكليف النفس بما فوق الاستطاعة، فلا ترم نفسك في هذه المعاطب، فما أنت ظافر بنيل المآرب، واحذر أن تجعل نفسك عبرة بين الأمم، وإياك أن تقف بحيث تذل بك القدم، فإني أعيذك أن تسعى عن حتفك بطلفك، أو تكون جادعاً مارن أنفك بكفك، فاقبل مني ما أشرت به عليك، ولاتجر البلاء لنفسك بيديك.