مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    مكاتب الإصلاح بالمحافظات تعزي رئيس الكتلة البرلمانية في وفاة والده    الثالث خلال أشهر.. وفاة مختطف لدى مليشيا الحوثي الإرهابية    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    بعثة اليمن تصل السعودية استعدادا لمواجهة البحرين    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ماذا يحدث في إيران بعد وفاة الرئيس ''إبراهيم رئيسي''؟    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس .. وحقوق الإنسان
نشر في الجمهورية يوم 24 - 02 - 2007


المحامي أحمد الأبيض :
لعل أول تكريم من الله سبحانه وتعالى للإنسان كان بعد خلقه لآدم عليه السلام، حيث أمر سبحانه الملائكة بالسجود له،فسجد الملائكة إلا إبليس فأما سجود الملائكة جميعاً إلا ذلك الملعون ،فقد كان سجوداً لتنفيذ أمره تعالى لأن الملائكة لايعصون الله طرفة عين ويفعلون ما يؤمرون وهو تكريم منهم لما كرمه الله ولم يزل مكرماً له ولبنيه وملائكته بدليل قوله سبحانه وتعالى«ولقد كرمنا بني آدم».
فتكريم الله سبحانه وتعالى لأبينا آدم عليه السلام بإسجاد الله لملائكته لآدم عليه السلام هو تكريم لبني آدم،كما هو واضح في الآية الثانية إلى أن تقوم الساعة ولذلك فإننا نجد أن الطريد ابليس وفي عجز واضح وضعف بين يُعلن أمام الله سبحانه وتعالى عداوته لذرية آدم عليه السلام،حيث يخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم «قال أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً» ومنذ تلك اللحظة أعد إبليس عدته لمحاولة الإخلال بالمنهج الإلهي الذي أراده الله سبحانه لبني الإنسان وهو الخير مطلقاً وما يأتي به إبليس من عمل هو شر مطلق.
وعليه فإن إبليس الملعون هو أول عدو للإنسان وحقوقه وذلك فإن برنامج إبليس كما هو واضح في الآيات الكريمة هو تدمير وتخريب منهج الخالق سبحانه وتعالى في تكريم بني آدم،الأمر الذي يعني أن انتهاك حقوق الإنسان هو إهانة له وإهانته هي مخالفة لتكريم الله له وبالتالي فإن انتهاك حقوق الإنسان هو اتباع لبرنامج إبليس المهين للإنسان ومخالفة لمنهج الله في تكريمه ومصداق ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد جعل جهنم جزاء لإبليس ومن أتبعه من ذرية آدم حيث يقول سبحانه وتعالى في الآية الكريمة «قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا»
وبذلك يجد المطلع أن الإسلام قد رفع الإنسان إلى مكانة عالية ليس بما ورد من الآيات الكريمة فحسب، وإنما أيضاً بما ورد في السنة النبوية المطهرة من الأحاديث الشريفة والأفعال الحميدة، كل ذلك قبل المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بقرون طويلة،حيث لم يدرك الإنسان المعاصر ولم يهتم بحقوق الإنسان إلا في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن وبعد أن عانى الإنسان مالايمكن وصفه من صنوف التعذيب والحرمان من الحقوق في الدول الغربية سواءً في العصور الوسطى أو ما تلاها قبل الثورة الفرنسية وحتى بعد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من معاناته في الدول الإسلامية.
ولذلك فإننا نجد أن انتهاك حقوق الإنسان في عالمنا العربي والإسلامي إنما ظهرت وبرزت حدتها بعد تفتت الدولة الإسلامية إلى دويلات فهي ظاهرة طارئة على المجتمع العربي والمسلم ،وما ورد في كتب السير والتراث الشعبي من حكايا وقصص عن انتهاك حقوق الإنسان إنما هي نوادر تؤكد أن الأصل في المجتمعات العربية والإسلامية،والأهم من ذلك أن الفكر والتراث الإسلامي بصورة عامة قد خلا من أي تبرير أو تأصيل لانتهاك حقوق الإنسان باستثناء ماورد في السياسة الشرعية للإمام ابن تيمية من تبرير لجواز ضرب المتهم بالسرقة لإجباره على الاعتراف.
غير أنه انفرد بمخالفة ماعليه جمهور فقهاء المسلمين من تحريم لانتهاك حقوق الإنسان وعلى الأخص الجنائية إلى حد أنهم اعتبروا سجن المتهم صورة من صور الإكراه إذا ما اعترف المتهم المسجون أثناء وجوده في السجن وهو مايؤكد أن أولئك الفقهاء اشترطوا لصحة الإقرار والاعتراف إرادة حرة خالية من أي شائبة من شوائب الإكراه.
وفي بلادنا وبعد إعلان الوحدة اليمنية المباركة التي منّ الله سبحانه وتعالى علينا بها وقيام الجمهورية اليمنية نجد أن حقوق الإنسان قد أصبحت حقاً دستورياً وأن احترامها وحمايتها وكفالة ممارستها قد أصبح واجباً على سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وأصبح هماً شخصياً ووظيفياً لرئىس الدولة «رئيس الجمهورية» ،إلا أنه من الملاحظ أن السنوات الأولى لقيام الجمهورية اليمنية لم تشهد إنجازات ملموسة في مجال حقوق الإنسان.
ولعل ذلك يرجع إلى الصراع على السلطة الذي أدى إلى الانفصال والانتصار على فاعليه ومحو آثاره وإعادة وحدة البلاد والحفاظ عليها.
ولذلك فإن التطور في مجال حقوق الإنسان لم يكن ملموساً إلا بعد عام 1994م،حيث أنشئت لجنة وطنية لحقوق الإنسان وتلا ذلك استحداث وزارة دولة لحقوق الإنسان،ثم أصبحت وزارة حقوق الإنسان ذات حقيبة فعلية في مجلس الوزراء وحتى الآن تمارس نشاطها في مجال حماية حقوق الإنسان ولها قطاعاتها وكادرها الإداري ولها علاقاتها مع المنظمات الدولية ذات العلاقة وتصدر تقاريرها وتناقشها في مجلس الوزراء وتتصدى لأي انتهاك لحقوق الإنسان وتخاطب الجهات المختصة محلياً وتتصدى للتقارير الدولية المبالغ فيها عن حقوق الإنسان.
ولا ريب أن هذه الوزارة ربما واجهت أو تواجه بعض الصعوبات باعتبارها وزارة حديثة النشأة وذلك لسببين أولهما عدم تجاوب أو تعاون بعض الوحدات الإدارية الصغيرة أو بعض الموظفين فيها معها وثانيهما افتقار هذه الوزارة لذوي الخبرة والممارسة القانونية العالية.
ولا مبالغة إذا ماقلنا أن الأخ/علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية كان وراء تلك الإنجازات والتطورات الملموسة في مجال حقوق الإنسان،حيث أصبح موضوع حماية حقوق الإنسان واحترامها يشغل حيزاً واسعاً في فكره إلى حد أن كثيراً من الصعاب التي واجهت أو تواجه وزيرات حقوق الإنسان يقوم هو مباشرة بإزالة تلك الصعوبات سواء عند عرضها عليه أو عند علمه بها.
ومع ذلك،فإننا لانستطيع القول إنه لا يوجد انتهاكات لحقوق الإنسان في بلادنا،بل على العكس من ذلك نسلم بوجودها لكن الحقيقة الهامة والمؤكدة أن أي انتهاكات لحقوق الإنسان حدثت أو قد تحدث هي ممارسة فردية وليست منهجاً للدولة أو لأجهزتها ذات الصلة بحقوق الإنسان وآية ذلك ما يشهده المحامون في ممارستهم اليومية وما تتضمنه تقارير منظمات المجتمع المدني في بلادنا حتى مع المبالغة التي تتسم بها في بعض الأحيان ولاننسى شهادات المنظمات الدولية في تقاريرها أو الدورية أو الفجائية وأي انتهاكات لحقوق الإنسان تحدث من وقت لآخر من قبل البعض في الحاضر أو المستقبل ستبقى ممكنة الحدوث في بلادنا شأنها شأن أي من بلدان العالم بما فيها الدول التي تتباهى بازدهار حقوق الإنسان فيها ولعل أصدق مثال على ذلك هو ماآلت إليه حقوق الإنسان في الدول الديمقراطية العريقة من تدن وصل الحضيض تحت مبرر مكافحة الإرهاب بلغت إلى حد أخذ الناس في تلك الدول ومؤاخذتهم لمجرد أسمائهم أو لغاتهم أو ألوان جلودهم أو عيونهم أو شعرهم سواءً كانوا من مواطني تلك الدول أو من القادمين إليها،وبلغ أيضاً إلى حد قيام بعض تلك الدول بسن تشريعات خاصة بمعاملة العرب والمسلمين ألغت حقوقهم الإنسانية المكفولة في دساتير وقوانين تلك الدول مرتدة بذلك إلى عصر أسلافهم الرومان الذين كان لهم قانون الشعوب وقانون الرومان.
وإزاء ذلك النكوص والتراجع الغربي عن احترام حقوق الإنسان وتمرد الغرب عما ابتدعه من إعلانات عالمية لحقوق الإنسان واتفاقيات دولية إزاء ذلك،فإنه يكون من حق بلادنا أن تفاخر بأن حقوق الإنسان محترمة فيها أكثر بكثير من تلك الدول الديمقراطية والتي تهتم بحقوق الإنسان خارج بلادها وتهدرها في بلادها ولذلك فإن التطور الذي تشهده بلادنا وغيرها من الدول في مجال الاحترام وحقوق الإنسان ليس نتيجة لضغوط تمارس من قبل الدول الديمقراطية الغربية وإنما هو تطور حتمي تمر به بلادنا كما مرت به تلك الدول الغربية،ولذلك فإن بلادنا في حالة تقدم مستمر في مجال حقوق الإنسان بينما البعض من الدول الديمقراطية الغربية في حالة تقهقر وتراجع في ذلك المجال.
ولعله من الملفت للنظر،أنه وعلى الرغم من تدني حقوق الإنسان في الكثير من الدول الديمقراطية الغربية،فإن البرامج الانتخابية للأحزاب في تلك الدول تخلو من الإشارة إلى العودة إلى احترام حقوق الإنسان سواءً على مستوى الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية،بينما نجد أن احترام حقوق الإنسان في الدول الديمقراطية الناشئة وعلى رأسها بلادنا قد أصبح وسيظل هماً وشأناً سياسياً يومياً ولا يخلو منه برنامج انتخابي رئاسي أو برلماني سواءً للحزب الحاكم أو الأحزاب المعارضة وأصدق مثل على ذلك البرنامج الانتخابي للأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المنتخب للانتخابات الرئاسية التي تمت في ال20من شهر سبتمبر لسنة 2006م والذي أخذت حقوق الإنسان فيه حيزاً واسعاً وهو محل هذه الورقة والتي يتضمن حقوق الإنسان وأنواعها في القسم الأول وفي القسم الثاني البرنامج الانتخابي وفي القسم الثالث آلية تنفيذ البرنامج.
أولها كلمة الأخ الرئيس لتقديمه برنامجه وثانيها التعريف بحقوق الإنسان وثالثها حقوق الإنسان في البرنامج ورابعها آلية البرنامج للتنفيذ،ثم الخاتمة.
القسم الأول : حقوق الإنسان وأنواعها
لم يتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعريف تلك الحقوق وإنما سردها وبين أنواعها دون تعريف جامع لها جميعاً وإنما أشارت المادة الأولى منه إلى أنه "يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين" في الكرامة والحقوق وبينت المادة الثانية منه أنه"لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحر يات المذكورة في الإعلان دون أي تميز من أي نوع «1» وهو مكون من «30» مادة تضمنت الحقوق الطبيعية كحق الحياة والأمان ومنع الاسترقاق والحقوق القانونية كالتساوي أمام القانون والتساوي في حمايته والحقوق المدنية كالحق في العمل وحق اللجوء إلى القضاء وحق السفر والتنقل وحق التملك والحقوق الجنائية كالحق في البراءة حتى تثبت الإدانة ومنع التعذيب والحقوق الاجتماعية كالحق في الزواج وحق تكوين أسرة والحق في الضمان الاجتماعي وغيرها من الحقوق.
ولأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يشتمل على جميع حقوق الإنسان فقد سعت الأمم المتحدة إلى توسيع تلك الحقوق وذلك في عهود وبروتوكولات ومؤتمرات دولية منها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الدولية وصل مجموعها إلى «94» وثيقة مابين إعلان وعهود وبروتوكولات ومؤتمرات واتفاقيات دولية.
ومع ذلك فإن حقوق الإنسان المختلفة في الإعلان العالمي وما تلاه من العهود الخاصة والاتفاقيات الدولية،لايمكن اعتبارها حقوقاً ملزمة للدول التي وقعت عليها طالما أن الحقوق التي تضمنتها تلك المواثيق الدولية لم تدرج ضمن القوانين الوطنية للدول وبقيت ضمن تلك المواثيق ومعنى ذلك أنها لم تصبح حقوقاً يكفل القانون حمايتها وذلك لأنه لايمكن أن يصبح التصرف الإنساني حقاً يمكن للإنسان ممارسته والتمتع به إلا إذا أضفى عليه القانون تلك الصيغة وأسماه بذلك الإسم،فالحق لا يأتي من العدم وإنما ينشأ من مصادر يحددها القانون.
ولعله من المعلوم أن حقوق الإنسان التي وردت في تلك المواثيق الدولية،ليست كلها مقبولة على علاتها من جميع دول العالم،فهناك دول لم توقع على بعض تلك المواثيق وهناك دول أخرى رفضت التوقيع عليها وتحفظت مع ذلك على بعض ما تضمنته من نصوص.
ومرد ذلك إلى تعارض بعض نصوص تلك المواثيق مع الخصوصيات الثقافية أو الدينية أو الاجتماعية أو غير ذلك وهو ما يفسر لنا عدم اشتمال القوانين الوطنية على بعض نصوص تلك المواثيق الدولية وبالتالي عدم اكتسابها الصبغة القانونية،ومن ذلك على سبيل المثال ماورد في المادة «18» من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من حق الإنسان في تغيير دينه الأمر الذي جعل عدداً كبيراً من الدول الإسلامية ترفض التوقيع عليه أو توقع عليه مع التحفظ على نص المادة«18» أو أي نص في المواثيق الدولية الأخرى وإذا كنا قد أوضحنا في المقدمة مقدار التكريم العالي للإنسان أياً كان وأينما كان الذي ورد في القرآن الكريم ناهيك عما ورد في السنة النبوية المطهرة وما ورد من الخلفاء الراشدين ومنهم الفاروق رضي الله عنه الذي قال قوله المشهور:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً » وغير ذلك مما تضمنه الفكر الإسلامي وكل ذلك سابق على تلك المواثيق الدولية بقرون،كل ذلك يفضي بنا إلى القول بأن الفكر الإسلامي في مجموعه سباق في مضمار حقوق الإنسان على أي فكر آخر وذلك بقرون طويلة.
وما تضمنته المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان هو حديث جداً لاتعدو أن تكون:
نتيجة لتطور إنساني بطيء لم يصل إليه المجتمع الدولي إلا متأخراً جداً.
أو تكون أغلب تلك المبادئ مستنبطة من الفكر الإسلامي ألبست ثوباً غريباً معاصراً ونسوق على ذلك بعض الأمثلة فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يقول في مادته الأولى:"يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الحقوق والكرامة" والقرآن الكريم يقول "ولقد كرمنا بني آدم" والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وصحبه يقول في حديثه الشريف:"الناس سواسية كأسنان المشط لافضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى" والخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".
وكما هو واضح يجد المطلع أن ما ورد في هذا المثل يشمل في حالاته الثلاث كثيراً من المبادئ التي تضمنها الإعلان كالحرية والمساواة ومنع التميز ومنع الرق ،كذلك فإن البراءة هي الأصل في الناس في الفكر الإسلامي حتى يثبت العكس،بينما الإعلان في مادته الحادية عشر يقول بعد أربعة عشر قرناً كل منهم يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها، وغير ذلك.
أما ما لم يتوافق من تلك المواثيق الدولية مع خصوصيات بعض الدول ،فإن العلة تكمن في أن بعض مبادئ تلك المواثيق وليدة ثقافة معينة لاتناسبها إلا هي كالثقافة الغربية ولا يجمعها مع غيرها من الثقافات الأخرى أي جامع ولذلك نجد أن بعض المجتمعات الغربية كالولايات المتحدة تفرض قيمها الاجتماعية ومبادئها على غيرها من الدول والمجتمعات ومن ذلك مثلاً اعتماد السوابق القضائية في النظام القانوني والقضائي وكذلك شهادة المدعي أو المجني عليه وهما أمران لصيقان بالثقافة الأنجلوسكسونية ولا يناسبان البتة مجتمعات كالمجتمعات الإسلامية ونظامها القانوني والقضائي.
وبناءً عليه فإن أغلب ماورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد تضمنه الفكر الإسلامي قبل ذلك بقرون ولاضير من قبول الجديد من القيم والمبادئ الإنسانية التي تتفق مع ثقافتنا.
ومن الجدير التنويه إلى أن موضوع حقوق الإنسان في المجتمعات الإسلامية قد تم تلقيه والتعامل معه بنفور من قبل الفقهاء وكأنما هو أطروحة غربية بحتة مع أن العكس هو الصحيح وذلك خطأ كبير،حيث كان من الواجب على الباحثين والفقهاء أن يعودوا إلى تراث الفكر الإسلامي لاستخراج ما تضمنه من اهتمام ورعاية بالإنسان وحقوقه سواءً على الصعيد الديني أو الصعيد الفكري وكان عليهم إشباع هذا الأمر بحثاً واستقصاءً وابرازه للعالم وترجمته.
وما صدر من أبحاث في هذا المجال قام بها باحثون ومفكرون إسلاميون فهي قليلة ونادرة ولم تصدر عن فقهاء متخصصين إلى جانب أنها لم تسبر أغوار الفكر الإسلامي العميقة.
القسم الثاني: حقوق الإنسان في البرنامج:
يمكن تقسيم البرنامج الانتخابي إلى قسمين أولهما كلمة الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المنتخب إلى الناخبين والتي أتت في أول البرنامج، وثانيهما البرنامج ذاته وعلى النحو التالي:
أولاً: كلمة الأخ الرئيس:
استعرض الأخ الرئيس في كلمته إلى الناخبين حقوق الإنسان في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل.
فعن الماضي أشار إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان التي كانت نتيجة "الصراعات على السلطة التي شهدها الوطن على امتداد تاريخه المعاصر منذ قيام الثورة لتحقيق المصالح الذاتية الأنانية باللجوء إلى الممارسات الطائفية لبعض القوى المتطرفة التي عملت على النيل من حياة المواطنين وأرواحهم وأعراضهم وسلبهم كرامتهم وحرياتهم وحقوقهم وممتلكاتهم الخاصة" والرئيس بذلك اللفظ إنما قرر واقعاً لانتهاكات حقوق الإنسان على النحو الذي ورد في كلمته وهو واقع لايمكن إنكاره.
وأما في الحاضر فقد ورد في كلمة فخامته بأنه:"أصبح الوطن والمواطنون بحمدالله اليوم وفي ظل راية الوحدة والحرية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ينعمون بالأمن والاستقرار والطمأنينة"وذلك ليس مبالغة من فخامته إذ أنه لا مجال للمقارنة بأوضاع حقوق الإنسان في الماضي وحالها الآن وجحود أي تطور في احترام حقوق الإنسان،إنما هو مكابرة خاصة مع تأسيس العديد من منظمات المجتمع المدني ومنها منظمة حقوق الإنسان وانفتاح الدولة وتعاونها وتنسيقها مع الأمم المتحدة والمنظمة الدولية والدول في هذا المجال،ناهيكم عن شهادات المنظمات الدولية والتطور الكبير الذي حققته بلادنا في مجال احترام حقوق الإنسان وذلك من خلال تقارير تلك المنظمات والدول.
وأما عن مستقبل حقوق الإنسان فإن الأخ/علي عبدالله صالح المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية آنذاك قد قطع على نفسه عهداً في كلمته للناخبين بقوله: "فإننا نجدد العهد والوعد بالحفاظ على الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية وصون المنجزات الوطنية والتاريخية ومواصلة مسيرة العطاء والتنمية والمضي قدماً في تحقيق المكاسب والإنجازات على جميع الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية وغيرها،والعمل الدؤوب من أجل ترسيخ أسس دولة المؤسسات والنظام والقانون..وتعزيز الأمن والاستقرار....وتعميق الممارسة الديمقراطية....وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة ونهج التعددية السياسية....وحماية واحترام حقوق الإنسان....ومشاركة المرأة وكفالة الحريات العامة والفردية «2»"
وذلك العهد والوعد الذي قطعه الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية على نفسه "بحماية واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة وكفالة الحريات العامة والفردية" هو عهد ووعد نجزم سلفاً أن فخامته سيحقق عهده وينجز وعده ولن يخيب ظن مواطنيه بذلك العهد لأنه تبوأ مكانة رفيعة في تاريخ اليمن إن لم يكن في تاريخ العرب بما أنجزه من مكاسب عظيمة على المستوى الوطني وبمواقفه القومية والإنسانية وبالتالي فهو لا شك حريص على إضافة صفحات ناصعة إلى سجله التاريخي الرائع هي ما تضمنه برنامجه الانتخابي ومن أهمها "حماية واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة وكفالة الحريات العامة والفردية".
وفي رأينا أن ماسيضيفه من صفحات في مجال حماية واحترام حقوق الإنسان تنفيذاً لوعده في البرنامج الانتخابي،لن تقل في روعتها وعظمتها عن روعة وعظمة ما سطره التاريخ في سجل فخامته.
ولا شك أن مهمة فخامته لإنجاز وعده "بحماية واحترام حقوق الإنسان" بقدر نبلها وسموها فهي مهمة شاقة وجسيمة تتطلب وقتاً وجهداً وصبراً يفوق الجبال حتى تصبح حماية واحترام حقوق الإنسان أمراً ثابتاً وسلوكاً راسخاً ويصبح أي انتهاك لها عملاً شائناً من الناحية الأخلاقية قبل أن يكون موجباً للمساءلة إلا لأن مايتمتع به فخامته من ملكات القيادة والحنكة والحكمة والحزم تجعل فخامته قادراً على إنجاز وعده ،كيف لا وقد أنجز وحقق ما هو أعظم.
ثانياً :البرنامج
من الواضح بجلاء للمطلع على البرنامج الانتخابي للأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المنتخب أنه أي البرنامج كان زاخراً بأنواع حقوق الإنسان المختلفة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعدلية وغيرها في مواضيع متعددة منه سواءً ما أندرج منها تحت اسم «حقوق الإنسان» أو ما لم يدرج تحت تلك التسمية ولذلك فإن هذه الورقة ستحصر الحديث عن بعض حقوق الإنسان التي وردت في ذلك البرنامج ولن تحيط بها جميعاً.
إن المطلع على البرنامج سيجد أن:
عبارة :"حقوق الإنسان"بمعناها الواسع والشامل قد وردت على ذلك النحو في «8» ثمانية مواضع منه تارة بلفظ "حقوق الإنسان"وتارة مسبوقة أو متبوعة بعبارة"الحريات العامة والفردية".
إضافة إلى ذلك،فإن البرنامج وفي المجالات العديدة التي تضمنها قد أورد كثيراً من حقوق الإنسان وان لم يسمها بذلك الاسم وذلك عند ذكره لمجال من مجالات البرنامج أو عند ذكره لفئة أو شريحة إنسانية معينة في مجتمعنا كالمرأة، الطفل ،الفقراء، ذوي الاحتياجات الخاصة والمهمشين على سبيل المثال ففي مجال "الحد من البطالة ومكافحة الفقر"وفي معرض بيانه لكيفية ذلك حدد نوعين من البرامج أولهما :"برامج لمحاربة البطالة والفقر وتوفير فرص عمل للشباب والقادرين " وثانيهما:"برامج شبكة الأمان الاجتماعي" وقد اشتملت عناصر النوعين السالف ذكرهما في البرامج على حقوق إنسانية منها مثلاً:"مواصلة الاهتمام بالفقراء والمحتاجين وذوي الدخل المحدود ورعايتهم وتحسين أحوالهم المعيشية والاجتماعية والارتقاء بحياتهم إلى مستوى أفضل " ومنها أيضاً:"توزيع أراضي سكنية وزراعية للشباب ومحدودي الدخل في إطار مشاريع الأمل"وتوزيع الأراضي على تلك الفئات هو زيادة على حقوق الإنسان ويعكس ويترجم الحرص الإنساني لدى الأخ/علي عبدالله صالح المرشح آنذاك لرئاسة الجمهورية على توفير الاحتياجات الإنسانية لتلك الفئات،كذلك"إنشاء المراكز التدريبية والإنتاجية"للفتيات بغرض تأهيلهن للمنافسة في الحصول على فرص عمل وإيجاد أنشطة ذاتية مدرة للدخل" ومؤدى تدريب الفتيات على الإنتاج هو ممارسة لحق العمل وحق تكافؤ الفرص.
كما ورد فيهما أيضاً: مواصلة الاهتمام بالمهمشين....والتوسع في إنشاء المزيد من المدن السكنية الخاصة بهم في بقية المحافظات" بهدف الارتقاء بمستوى حياتهم من الناحية التعليمية والصحية والثقافية لإدماجهم في المجتمع كي يسهموا في تنمية الوطن وتطوره ناهيكم عن "تبني برامج موجهة لذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين بما يحقق اندماجهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية"
وفي مجال المشاركة الواسعة للمرأة في كافة الميادين،نجد أن البرنامج أكد على حقوقها السياسية بزيادة مشاركتها في الحياة السياسية والعمل على فوزها بنصيب أكبر في المقاعد البرلمانية والمحلية وزيادة نسبة مشاركتها في شغل المناصب الوزارية والدبلوماسية والقيادية، بالإضافة إلى:"إزالة مظاهر التمييز والاختلالات المؤسسية والتشريعية التي تحد من دور المرأة في عملية التنمية"وغيرها من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لها.
ولم يقف البرنامج عند ذلك الحد من سرده لحقوق الإنسان في المجالات المختلفة وإنما علاوة على ذلك أكد أهمية منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان باعتبارها شريكة في موضوع كفالة الحريات العامة والفردية وحماية حقوق الإنسان حيث أعتبر البرنامج أن منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان هي وسيلة وأداة لكفالة تلك الحقوق والحريات وذلك بقوله في الفقرة«4» من البند ثانياً من "مواطن حر وسعيد..ووطن ديمقراطي مستقر" أحد مجالات البرنامج الرئيسية بقوله:" تطوير الشراكة وتعزيز الحوار مع منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان العاملة في اليمن وحمايتها وفقاً للدستور والقانون والمعاهدات الدولية ذات الصلة"
ولعله سيكون من المناسب أن نوضح موقف الرئىس المرشح آنذاك وهو الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الفائز في انتخابات الرئاسة وموقف المؤتمر الشعبي العام من مسألة حقوق الإنسان.
فالذي يتضح من خلال الصورة العامة للبرنامج ومن خلال الفقرة الرابعة السالف لفظها نجد من خلالها الجدية والاهتمام بحقوق الإنسان خاصة ومنظمة المجتمع المدني عامة كذلك نجد أن تلك المنظمات الإنسانية لاتشكل مشكلة أو عائقاً لمرشح الرئاسة آنذاك الأخ/علي عبدالله صالح أو لحزبه الحاكم المؤتمر الشعبي العام وإنما هي عون وشريك له أو على الأقل تلك هي رؤية وفلسفة ونهج المؤتمر الشعبي العام ومرشحه آنذاك لمنصب رئاسة الجمهورية وذلك للأسباب التالية:
1 لأن البرنامج في تلك الفقرة الرابعة يؤكد على وجود الشراكة مع منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان العاملة في اليمن المحلية والدولية والمنشئة عند إعداد البرنامج الانتخابي والجديد الذي جاء به البرنامج الانتخابي هو التزام الأخ المرشح بتطوير تلك الشراكة أي برفع مستواها.
2 لأن الشراكة ذاتها مع منظمة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وعملية تطويرها تقتضي بالضرورة تعزيز الحوار القائم معها أي استمراره وجديته.
أما كيفية تطوير تلك الشراكة وتعزيز الحوار فإن ذلك سيتم عبر الأجهزة المختصة وفقاً لمجالات نشاط منظمات المجتمع المدني وفيما يتعلق بمنظمة حقوق الإنسان العاملة في اليمن فإن عملية تطوير الشراكة وتعزيز الحوار معها سيتم عبر الجهات الحكومية المختصة كوزارة العدل والنيابة العامة وفوق ذلك عبر السلطة القضائية.
3 لأن عملية تطوير الشراكة وتعزيز الحوار مع تلك المنظمات سيكون وفقاً للدستور والقانون والمعاهدات الدولية.
4 لأن البرنامج قد وصل إلى حد كبير في إبراز جديته في الاهتمام بحقوق الإنسان والحريات العامة وذلك بتأكيده على "إدماج مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة في مناهج التعليم"الواردة في الفقرة الخامسة من البند ثانياً الخاص بكفالة الحريات العامة والفردية وحماية حقوق الإنسان من البرنامج وهي في رأينا من أهم ماورد في البرنامج فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
القسم الثالث : آلية تنفيذ البرنامج:
من المتفق عليه في علم الإدارة أن البرنامج أي برنامج هو خطة وأن الخطة لابد أن تتضمن وسائل وطرق تنفيذها ولأنني كنت معنياً بالبحث عن حقوق الإنسان فحسب في البرنامج الانتخابي للأخ رئيس الجمهورية،فقد وجدت أن البرنامج قد تضمن فيما يتعلق بحقوق الإنسان بيان الآليات العامة الرئيسية الكفيلة لتنفيذه وهي في رأينا ثلاث آليات رئيسية قانونية وقضائية وإدارية.
الوسيلة التشريعية:
لقد أحسن الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المنتخب وأجاد حينما تكلم عن حقوق الإنسان المختلفة الواردة في البرنامج وبين الوسيلة و الآلية اللازمة لتنفيذ عهده ووعده، حيث جعل سن تشريعات جديدة أو تعديل تشريعات نافذة هي الوسيلة الأولى والخطوة الجادة لإنشاء الحق الإنساني أو لتوسيع حدوده ومداه وتنظيم كيفية استخدام ذلك الحق وفي ذلك دلالة واضحة على مصداقية وجدية البرنامج وصاحبه،فلو لم يكن كذلك لسكت على الأقل عن ذكر وسيلة التنفيذ أو جاء بكلام عام غامض ولكنه لم يفعل ذلك ولبسط تلك الحقيقة نجد أن البرنامج عند ذكره لكثيرمن حقوق الإنسان الهامة "كتعزيز وضمان حرية الرأي والتعبير والنشروالتوزيع وحمايتها"قد أكد أن ذلك سيتم بالتشريعات القانونية، كذلك أكد البرنامج على إصدار قانون حديث للصحافة والمطبوعات "بما يكفل إلغاء عقوبة حبس الصحفي لسبب يتعلق بالتعبير عن الرأي" وتضمن أيضاً تشريعات تكفل حماية المرأة والطفل من كافة أشكال التعسف والعنف وغير ذلك من الحقوق سواءً صرح البرنامج أم لم يصرح بسن تشريعات لها أو تعديل لقوانين أخرى،إذ أن عبارات وألفاظ البرنامج عند الحديث عن حقوق الإنسان الأخرى والتي لم تشر إلى سن تشريعات لها كلفظ أو عبارة "مواصلة الاهتمام بتحسين وتطوير.ضمان..الخ" تستوجب بالضرورة وسن تشريعات جديدة أو تعديل تشريعات نافذة لضمان وتحسين ومواصلة الاهتمام...الخ تلك الحقوق التي أشار إليها البرنامج.
ولإنجاز سن التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان في المجالات المختلفة الواردة في البرنامج يمكن وفقاً للدستور إتباع طريقتين أولهما أن تقوم الجهات الحكومية ذات العلاقة كل فيما يخصه بإعداد مشروعات التشريعات التي وردت في البرنامج بواسطة القانونين المختصين لديها والاستعانة بخبراء في القانون من أساتذة الجامعات والمحامين ومنظمات حقوق الإنسان ذات العلاقة كمرحلة أولى،ثم ترفع مشاريع تلك القوانين إلى وزارة الشئون القانونية بصفتها الجهة الحكومية المختصة بإعداد مشاريع القوانين شريطة أن يشارك معها في إعداد تلك المشروعات خبراء مختصون من وزارة العدل والنيابة ونقابة المحامين ويعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء لمناقشتها وإحالتها إلى مجلس النواب فعلى سبيل المثال لكي يتم إدماج مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة في مناهج التعليم، فإن على وزارة التربية والتعليم أن تقوم بإعداد دراسة عن كيفية ذلك الدمج وفي أي المراحل، ثم يقوم المختصون لديها بوضع مشروع القانون.
والطريقة الثانية أن يقوم كتلة المؤتمر الشعبي العام «الحزب الحاكم» في مجلس النواب وفقاً لنص المادة«85» من الدستور باقتراح مشروعات تلك التشريعات وطرحها على مجلس النواب باعتبار أن المؤتمر الشعبي العام معني بتنفيذ البرنامج الانتخابي للأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المنتخب ويتمتع بالأغلبية اللازمة في مجلس النواب لإقرار تلك المشاريع على أن يسبق ذلك قيام الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام بإعداد مشاريع تلك التشريعات بواسطة خبرائه المختصين في القانون من أساتذة الجامعات والمحامين ومنظمات حقوق الإنسان كيما تكون مشاريع القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان عند عرضها على حكومة المؤتمر أو على كتلته في البرلمان مجسدة لوعد الأخ رئيس الجمهورية وقريبة من طموح المهتمين بحقوق الإنسان على المستويين المحلي والدولي.
الوسيلة القضائية:
من المسلم به أن وظيفة القضاء هي تطبيق القوانين على النزاعات المطروحة عليه دون الخروج عنها بأي حال من الأحوال، وذلك لأن القانون هو السلطان الوحيد الذي على القاضي طاعته والخضوع له والالتزام به دون أي سلطان آخر، ذلك هو ماجاء به نص المادة «149» من الدستور والتي تقول« لاسلطان على القضاء بغير القانون» «3»
ولأن النظام القضائي في بلادنا تعتريه بعض الاختلالات، وفي حاجة ماسة إلى «دعم وتفصيل إصلاحات السلطة القضائية ورفع القدرات المهنية للقضاة وتحسين إدارة المحاكم» حسب تعبير البرنامج، فإنه: أي البرنامج يدرك أن القضاء هو «الضامن الأساسي لحقوق الإنسان» نعم وتلك حقيقة لايختلف عليها اثنان وهو مايعني صدق صاحب البرنامج في وعده وجديته في الوفاء به وقدرته على الوفاء به.
لقد جعل البرنامج «دعم وتفصيل إصلاحات السلطة القضائية ورفع القدرات المهنية للقضاة وتحسين إدارة المحاكم» وسيلة لكي يؤدي القضاء دوره بصفته «الضامن الأساسي لحقوق الإنسان» وتلك هي غاية البرنامج فإصلاحات السلطة القضائية الغاية منها هي أن يكون القضاء متطوراً في نظامه وقضائه وإدارته وبدون ذلك يكون أداء القضاء غير مرضٍ أو غيركافٍ لأن يكون «الضامن الأساسي لحقوق الإنسان».
ولايعني ذلك أن واقع القضاء الحالي لايؤدي دوره ولايضمن حقوق الإنسان، وإنما هو في وضعه الراهن يعتبر ضامناً أساسياً لحقوق الإنسان بدون لام التعريف الواردة في لفظ البرنامج والتي هي :«الضامن الأساسي».
وسواءً كان القضاء ضامناً أساسياً لحقوق الإنسان كماهو الآن أو«الضامن الأساسي» لها حسب تعبير البرنامج، فإن القضاء يضمن حقوق الإنسان من ناحيتين:-
الناحية الأولى: أنه أي القضاء يضمن شرعية ودستورية أي قانون يقره مجلس النواب ويصدره رئيس الجمهورية وذلك بإلغاء القضاء أو تعديله لأي قانون أو نص في قانون يتم تشريعه بما يعارض حقوق الإنسان المختلفة والمتنوعة الواردة في الدستور إذا ماتم الطعن بعدم دستوريته في المحكمة العليا للنقض والإقرار أن تحول دون تشريع أي قانون أو أي نص في أي قانون يتعارض مع مبادئ وحقوق الإنسان المحددة في الدستور وأهمها تلك المبادئ المنصوص عليها في المواد «7،20،24،31،41،42،43،47،48،49،51،54،55،56،57،58»
والناحية الثانية: أن القضاء يضمن معاقبة من ينتهك أي حق من حقوق الإنسان سواءً تلك الواردة في الدستور وعلى الأخص الواردة في المواد «47،48،49» منه وهي حقوق عدلية وكذلك الحقوق المنصوص عليها في القوانين المختلفة وعلى وجه الخصوص الحقوق الواردة في قانون الإجراءات الجزائية وغيرها من القوانين ذات الصبغة الجزائية.
وخلاصة القول أن اعتبار البرنامج وتأكيده على أن «القضاء هو الضامن الأساسي لحقوق الإنسان» هو قول صادق وجاد حيث أن حق اللجوء إلى القضاءحق دستوري مكفول يستطيع وفقاً له من وقع الانتهاك على حقه أن يقاضي الفاعل وإلى ذلك للنيابة العامة السلطة في تحريك الدعوى الجزائية على من ينتهك حقوق الإنسان.
الوسيلة الإدارية:
من المسلم به أن حقوق الإنسان كما أسلفنا متنوعة، وبتنوعها فإنها تتوزع على القوانين المختلفة ولذلك فإن تنفيذها يقع على كاهل الجهات الحكومية ذات العلاقة باعتبارها مختصة بتنفيذ القوانين.
الخاتمة:
كانت تلك إجمالاً هي حقوق الإنسان التي وردت في البرنامج الانتخابي للأخ/علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية المنتخب حفظه الله، وردت مشفوعة بآليات تنفيذها وترجمتها إلى الواقع وهو مايؤكد صدق الوعد بها والنية الجادة والقدرة على الوفاء بها شأنها شأن غيرها مما ورد في البرنامج وإذا ماقورنت حقوق الإنسان في البرنامج الانتخابي للأخ رئىس الجمهورية المنتخب مع ما ورد في كلمة مرشح المعارضة وبرنامجه الانتخابي لوجدنا أن كلمة ذلك المرشح وبرنامجه لم ترد في أي منهما عبارة حقوق الإنسان إلا مرتين وفي غير محلها الطبيعي وضمن تعرض ذلك البرنامج للسياسة الخارجية وليس عند حديثه عن الداخل وإنما حديثه جاء في البند العاشر من السياسة الخارجية عن «الوقوف إلى جانب الشعوب وحريتها.. الخ» «4» وبذلك فإن عبارة «حقوق الإنسان» في ذلك البرنامج وموضعها لامحل لهما لأنهما وردتا عرضاً عند حديث ذلك البرنامج عن السياسة الخارجية فيه.
وفي الختام فإننا نعلم أهمية موضوع حقوق الإنسان وجسامة خطورته وعظم الجهد اللازم والزمن المطلوب لتنفيذ ما ورد في البرنامج الانتخابي للأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية المنتخب ولذلك فإننا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكون في عون الأخ رئيس الجمهورية حفظه الله وأن يوفقه لإنجاز ماوعد به في كلمته سواءً ماتعلق بحقوق الإنسان أو ماشمله جميع البرنامج.
والله من وراء القصد
«1» الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،إصدارات الأمم المتحدة،الجزء الأول.
«2» البرنامج الانتخابي للأخ رئيس الجمهورية الصادر عن الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام.
«3» دستور الجمهورية اليمنية: إصدار صحيفة الثوابت.
«4» البرنامج الانتخابي لرئاسة الجمهورية الصادر عن أحزاب اللقاء المشترك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.