احتفل اليمنيون وسائر الشعوب الإسلامية أمس بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم التي تأتي في الثاني عشر من ربيع الأول اليوم الذي كان له تأثيره العظيم في مسيرة حياة البشرية لأكثر من أربعة عشر قرناً وسيظل مشرقا ًعلى الكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقد شهدت المساجد في عموم محافظات الجمهورية احتفالات خطابية وإنشادية احتفاء بذكرى الميلاد العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم بكونها أهم حدث في تاريخ البشرية منذ أن خلق الله الكون ببعثه « صلى الله عليه وسلم» هادياً إلى الحق ومبشراً بالخير والعدل بين الناس ونذيراً بزوال الشرك والجاهلية .وقد أم اليمنيون المساجد قبيل صلاة المغرب للمشاركة في الاحتفالات التي نظمتها وزارة الأوقاف والإرشاد وحضرها عدد من أصحاب الفضيلة العلماء الذين تحدثوا عن المولد الشريف وذكراه العطرة ومامثلته للبشرية من إعلان مرحلة حياة جديدة اتجهت فيها البشرية إلى طريق الخلاص والانعتاق من ربقة العبودية لغير الله وتسلط الطواغيت والتردي في غياهب الظلمات والشقاء والجهل واليأس والفوضى العارمة في أرجاء الأرض وفي كل وجوه الحياة. كما تحدثوا عن مولده «صلى الله عليه وسلم» بما مثله من مرحلة تغيير وتحول مهمة وضعت حداً لضياع البشرية على مر القرون وانهيار منظومة القيم الإنسانية والدينية المنظمة لعلاقات الناس ببعضهم وعلاقتهم بالخالق عز وجل.. وتحدث العلماء عن الصورة المزرية التي كانت عليها الأمة قبل ميلاد الرسول الأعظم وبعثته الشريفة ، وما كانت تعيشه من مآسٍ وفساد العقيدة والحياة الاجتماعية، ومخاوف جمة تلف الدنيا بأسرها وتغلق الآفاق أمام العيون الباحثة عن الضياء ونور الأمل والعقول والنفوس المتطلعة لفجر الخلاص والحياة الكريمة في ظلال من العدل والسماحة والمساواة والمحبة والقيم العليا التي تتزن بها العلاقات وتصان بها كرامة الإنسان وعرضه وحقوقه. .وتعرضوا للإرهاصات والأحوال التي رافقت مولد الرسول «صلى الله عليه وسلم» والمبشرات بميلاد نور الهداية حتى بعثته الشريفة فجاء وأقام دولة الحق والعدل وغير الأفكار وربى الناس على الحب والإيمان والاعتزاز بكلمة التوحيد . وأكد أصحاب الفضيلة العلماء أن مولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه مثل مولداً للأمة وللبشرية انطلق بها في رحاب النور والحب والتآخي والتآلف وسار بها في معارج الرقي والتحضر وأعاد لحياة الإنسان اعتبارها كأقدس شيء وللإنسان قيمته الحقيقية كخليفة لله في الأرض وحفز العقول على الفكر والإبداع والبحث عن الحقائق وهذب النفوس والسلوك الفردي والجماعي بماجاءت به الرسالة المحمدية المطهرة وحظت عليه وألزمت به من مكارم الأخلاق ومحامد الصفات وفضائل الآثار والأعمال فانتظم سلك الحياة على خير مثال واستقام أمرها وصلحت كل شئونها. وذكًروا بأخلاقه «صلى الله عليه وسلم» وما تحلى به في سيرته العطرة وحياته الكريمة من الشمائل والسجايا العالية وماقامت عليه من مكارم ومبادئ عظيمة جعلت منه النموذج الأكمل والأنصع للإنسان الكامل والمثال الأعلى لأجل مظاهر وصور الرحمة ، أهله الله بها لحمل رسالته فجسدتها حياته كأروع وأفضل ما يجب أن تكون عليه حياة الإنسان من بذل للخير ، والمعروف والعطاء ورحمة بالإنسانية وحرص على سلامتها وصلاحها ونفعها والأخذ بيدها إلى سبل الرشاد وشواطئ النجاة والأمان. واستعرض أصحاب الفضيلة العلماء في خطبهم بالمناسبة مراحل جهاد النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» والمشقات التي واجهها من أجل إيصال رسالة الرحمة وأنوار الهدى للعالمين حتى أدى الأمانة وبلغ الرسالة القائمة على أركان العدالة والمساواة وتحرير العقول والنفوس من أغوار الجهل وأغلال التخلف والخرافات إلى نور العلم والإيمان وسعادة الدنيا والآخرة. وعرجوا على سمو الغايات والأهداف التي دعا إليها رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وجاهد لتحقيقها من أجل خير البشرية ورفعة الأمة الإسلامية ، منوهين بواقع الأمة اليوم وماهي عليه من ذلة وضعف، وحاجتها للعودة إلى التأسي بالرسول الأعظم والتمسك بما جاء به من كتاب الله وسنته المطهرة، وتجسيدها في الحياة، والاعتزاز بالعقيدة وحفظها، حتى تتحقق لها العزة والكرامة.