الثالثة خلال ساعات.. عملية عسكرية للحوثيين في البحر الأحمر وتدمير طائرة    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهمية التاريخية للمعمار اليمني القديم

قليل من جمر الشرق المتلبد بدخان السرية والأساطير ، يوجد بالقدر المماثل في العربية الجنوبية . منذ ذلك الزمن الذي توقفت فيه تجارة قوافل الجمال الشهيرة، فأخذت اليمن تشترك بقسط ضئيل في التطور النشيط لحياة غرب آسيا وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا، وتظهر مميزات معروفة عامة في نمط الآثار ، التي نشاهدها في الأحداث التاريخية القديمة أو في مرحلة الاقطاع بتسمية واحدة. نتذكر الأهرام وأبو الهول بسهولة عندما نتذكر اسم مصر، كما نتذكر اشبيلية عندما نتذكر أسبانيا : آلهة الفن المعماري
الشهير مثل قصر الحمراء في غرناطة أو الفنون المتأخرة عنه لقد أنسالت الأشكال المرتبطة باليمن القديم أو تحللت في الواقع.
مدينة شبام حضرموت
وتضاءلت المعلومات المتعلقة بحضرموت وأجزاء أخرى من اليمن القديم ، لأن العلماء الأوروبيين لم يتمكنوا من دراسته ، لذلك تأخرت عن بلدان الشرق الأخرى إلى حد ما في هذا الشأن.
وأا ما يرجع إلى عمق التاريخ القديم ، فقد انسلخ عنا بآلاف السنين ورقد على الأطلال بالذات واستيقظ ذلك التاريخ أثناء نشاط العرب الأحيائي في العصور الإسلامية الأولى.
كانت الدراسة الطويلة الناقصة للآثار الشهيرة هي الأقرب لنا ، ولعلها كانت الحلقة الفاصلة الضعيفة بيننا وبين ماضي جنوب الجزيرة، رغم انتشارها الثقافي . لقد بحث الفن المعماري في تلك البلدان ، التي ساد ويسود فيها الإسلام، وكان من النادر أن تدخل هذه الآثار ، فيما يتصل بالفكرة المتعلقة بها إلا القليل وبأشكال محسوسة .. وإن كان من الصعب الاقتناع بهذه النوعية ، التي لا تتلاءم مع أهمية الآثار التاريخية البسيطة والعظيمة في نفس الوقت.
يمكن حل القضية المتعلقة ببناء مساكن تلك المرحلة إذا بحثنا آثار اليمن القديم بواسطة تحليل البيوت المربعة ، رسومها وأوصافها القديمة نعرف حتى الوقت الراهن نوعين قديمين من البيوت المربعة أو ذات الخط القائم الزاوية . سنتوقف في الحديث عنها بالتفصيل دون أن نعير اهتماماً خاصاً لبناء المعابد والبيوت الدائري أو الشكل (الأهليجلي) ذي القطع الناقصة ، لقد بنيت الأبراج ذات الشكل المربع ، وقامت بمفردها ، وأحاطت بها مسافات طلقية ، واندرجت في مجال البنية المعقدة للوحة الفن المعماري ورسمت الأبراج المعزولة في نقشين صغيرين عثرت البعثة الألمانية على النقش الأول في أكسوم وصور جلازار النقش الثاني في اليمن ، وقدّم النقش الثاني واجهة برج مربع منشوري الشكل ، خرجت نوافذه إلى مستطيلات متشابهة في طابقي البرج، وغطى أعلى البرج بأخاديد من ناحية العرض ، وتوج بمستقيمات مسننة ، وقد اندثر أسفل النقش ، وهو الأمر الذي منع من مشاهدة أسفل البرج. وفي النقش الثاني الذي أخذ من مدينة الكفار في اليمن ترتفع واجهة كل برج إلى أربعة أقسام متوازية . يحتل القسم الأسفل أكثر من نصف ارتفاع البرج وقسمين دقيقين ، بحفر عالية ، جمعت فوقهما في حافة الحائط العلوي أخاديد عريضة مشابهة لما في النقش الأول غير أن عدد اخاديده أقل ، وتوجد منطقة ضيقة تتكون من ثلاثة شقوق عمودية بين الأخاديد وواجهات الأبراج في النقشين متساوية في العرض في كل المسافة ، غير أنه من المحتمل أن يكون أوسع في الأساس ، إذا حكمنا على الأبراج المزدوجة عند مداخل قصر نقب الحجر القديم (راجع الشكل الثالث).
يقدم لنا الهيكل الصغير تصوراً أكبر صعوبة للبيوت المربعة المكونة من طابقين بواجهاتها الواسعة تمتد نوافذ الطابق العلوي حتى فجوات مستقيمة ، وتخرج ثلاثة أخاديد في الطابق السفلي بشكل أكبر اذا احتسبنا افقياً.
وإضافة إلى التقسيم الأفقي الذي يحدد فتحة واجهة البيت تقسم الأخيرة إلى ثلاثة أقسام عمودية ، ويتأخر بنا وسط واجهة البيت إلى العمق وتتقدم أقسام أركان البيت إلى الأمام، وبناء على ذلك أعيد بناء البيوت المكونة من طابقين على شكل مربع منشورى و تربط الطابقين حيطان متساوية الطول والعرض وتتشابه مع بيوت العربية الشمالية في أسفل قاعدة البيت من حيث الخطة.
يوجد نقش في المتحف العثماني بأسطنبول ، فيه واجهة بيت تتألف من 14 طابقاً تتخلل الواجهة فجوات تنازلية تشمل كل طول الواجهة .. وفي عمق التجويف فتحة متساوية ويتشابه تتابعها بشكل محدد .. تضم مجموعة منفردة تتكون من خمسة أقسام عمودية ثلاثة منها في وسط الفجوة وتوجد القسم الأعلى بجسر عمومي.
وفي محور هذه المجموعة تتعمق الفتحة المركزية بثلال فتحات بينهما ممتدة رأسياً:
والفتحة السفلى عالية على وجه الخصوص وتساوي مسافة ، تحتلها ست نوافذ من مجموع 14 نافذة في الفتحتين ، المتجاورتين ، ويحمل بناء الفجوة المجاورة طبيعة البرج. تبرز بينهما في النصف الأسفل فتحة مرتفعة، ربما تكون المدخل : تهدل عليه ميزاب عريض متوج بشكل حسن، يشبه ماهو موجود في الأبراج المعزولة التي تذكرنا بغرفة سجن مغلقة ذات أهمية دفاعية.
وقد وضعت فوق الشكل المسنن ست غرف ورفع ثلاثة مثلثات عالية فوق الجسر تطل من جوانبه أراضي أعشاب لثيران ذات قرون ، أي هيئة ثالوث اليمن القديم، الأول اله القمر (شهر) ، وليس واضحاً التتويج بالمثلثات و وإن كان قد لوحظ توسع قليل في القرون العليا ، بعد انكماش حدهم الأعلى، وإذا أكد في الأصل شكل التاج ، فإن تفسيره بأنه رسم رمزي لثالوث آلهة اليمن القديم المكونة من ثلاثة آلهة
ويمكن أن تكون دمول طيف الأفاريز، التي تتضخم في جهتها العليا ، لاستكمال رسم منظر وجوه ورؤوس العجول.
وبناء على ماتقدم فالبناء يملك على النقش بصمة واضحة لمعبود العربية الجنوبية .
يصبح تركيب واجهة البيت ، واضحاً مع اجتداب منبسطة الضخم ، ويعود وقت تاريخه إلى مايقارب 300-500 سنة ق.م ، لقد عثر على النقوش في شمال الحبشة ، وقد عبرت عن قوة الروابط الثقافية والسياسية ، بالمملكة السبئية إلى حد كاف ، وبقت مسلة أكسوم حتى 1906م ، واندرست بيوت تشابهها ، وكانت تماثيل العبادة هذه كتل صخرية يبلغ ارتفاعها من 15 إلى 30 متراً ، إما بخط مستقيم أو بواجهات منكوصة منحنية، وهي مشابهة للهيكل الذي سبق وصفه .. مع فارق أن المسلة ضيقة ويرتفع طولها إلى أعلى بكثير.
وتوجد في واجهات المسلة فتحة منبسطة وعالية وضعت في حافة تقوم عليها أعمدة الأركات.
لقد ظهرت خطوط أجزاء رستم الأفقية، ومن تحتها الباب ونوافذ الطابق الأسفل التي يبلغ عددها نحو 11 نافذة.
وفوق الطابق الأعلى منبسط ممدود أعلاه تاج ، وفي جوانبه التواءات مزدوجة.
والجسر الأعلى عند الساقية في المنبسط ، يذكرنا بطيف الأفاريز في النقش الذي بأسطنبول ، وكما لو أنه قد ركب من سلسلة الإبراج العالية التي تشابه برج أكسوم، وتتجه الحافة الجانبية للبرج نحو مدخل قصر نقب الحجر ، الذي سبقت الإشارة إليه، والذي تتجزأ انحناءاتها عمودياً أيضاً.
إن هذه الأمثلة الكثيرة كافية لتصحيح مقارنة بيوت اليمن القديم بالبيوت المصرية عند اراتوسفين.
تقدم الموازيات في الجزئيات النفسية للتوابيت المصنوعة من الأشجار والأحجار في المملكة المصرية القديمة اللاواتي أعيد بناء واجهات بيوتها.
والتابوت الحجري الرائع على وجه الخصوص : تزينه عدد من الفتحات العمودية الضيقة والحفر المستقيمة ، التي تبتعد عنها بطيف الأفاريز الأفقية المضلعة ، وإن كان خط جزء العمود أضيق مما هو عليه في منبسط المتحف العثماني.
لقد جلبت الروابط العريقة بين مصر القديمة وشمال العربية في المراحل المتأخرة عبر التماثيل النبطية «تسمى المدافن المحفورة من الصخر مسلة .. وتذكرنا بالتاج الموجود في منبسط المتحف العثماني.
إن أضرحة (بترا) المتواضعة والقديمة هي من نفس نوع فن العمارة والأضرحة الحجرية في هجر أيضاً قريبة من المساكن الأصلية التي انتشرت في اليمن قبل الإسلام .
حيث توجت بالشكل المسنن واجهات البيوت ذات الأبراج الرباعية المقطوعة من الصخور بتميز خاص للمنظر الجانبي للبيوت في اليمن القديم.
لقد ظهرت عند العرب البيوت المعزولة والقائمة على شكل برج تحت ضرورة ضغط اعتداءات القبائل الحضرية المتاخمة أو القبائل البدوية غير الواضحة ، وليس غزو الدول الكبيرة ، وهو الأمر الذي جعل العرب يبنون بيوتاً كهذه، يستخدمونها في الدفاع عن أنفسهم من الانقضاض عليهم من جميع الجهات ومن أعلى البيوت ثبت البناء بالأحجار الصلبة ، وبنيت مراقد منحنية وقويت مواضع معينة فيها بمعدن البيرونم.
ولاتزال أطلال تلك البيوت حتى الآن ، وإلى جانب الأحجار ، لعبت المواد الأخرى دوراً ملحوظاً في الزمن السحيق ، ليس في ربط الأحجار بالطوب فقط ، بل وبالأشجار أيضاً ، واندرجت الأبراج في إطار أسوار المدينة للدفاع عنها أثناء قوة الدولة المعينية التي كانت عاصمتها معين (قرنو) ، وهذا ما تبينه كثير من النقوش التي حملت ألقاباً خاصة.
احتوى أحد النقوش المعينية الموجودة على حائط المدينة قرب بوابتها الغربية على طرافة وتفصيل متنوع واختص بتشييد الأبراج .
ذكر في أول النقش أسماء البنائين أصحاب الفكرة المبادرة من ذوي المقام السامي للعشائر النبيلة (أصدقاء الملك) الذين شيدوا ستة رفوف وستة أبراج في سور مدينة (قرنو) أي معين وأهدوها للآلهة .. امتد التشييد الجديد من البرج الذي شيده القضاة (في السابق).
(Seelentrichter) ثم سمى أقسم البناء نفسه من الذي بنى ما «تحت السقف» من الأشجار والأحجار الدقيقة .. كما أعطى أيضاً مقياس ما شيدوه : 47 قدماً وطولاً و17 قدماً عرضاً أي ما يساوي 15و21 متراً طولاً و 65و17 متراً عرضاً.
وأشار النقش إلى مصادر تمويل وتكاليف البناء التي تشكلت من : الضرائب وجميع التبرعات ودخل الملك والسخرة العينية بشكل الجباية الالزامية للذرة من المناطق لتغذية عمال البناء.
لقد عثر على نقش معين يشابه في السور الشرقي من مدينة معين أهدى بعض أهالي حَبْأن) أصدقاء ملك معين للاله (عثتر) برجاً شيدوه حتى قدمته من الحجر والشجر ، كانت تكاليف بنائه من الضرائب التي يجبيها ممثلو العشائر ومن عشور التبادل التجاري مع مصر وغزة وأشوريا ، كما نعرف من النص الصغير الكائن في شمال الجزء الشرقي من سور مدينة معين أن برج (خوف) بناه معدي الحرب ملك حضرموت وأهداه للآلهة.
وأشار النقش في مواضع أخرى منه إلى أن الأبراج الكائنة قرب المدرج في الطابق الأول ارتبط بناؤها بتجديد الآثار القديمة في سور مدينة معين ، في الطريق الدائري في جهة نهاية برج حجر .. وأيضاً إعادة بناء برج ضبران من أساسه حتى السقف وقام بهذا عشيرة حضر .. وتتحدث عدد من النقوش عن اكمال البرج من الخارج . مثلاً على ذلك ذكرت في براقش واجهة برج مراقبة تنعم ، جدد بناؤه من أساسه حتى الكوة بالأخشاب والحجارة كما جدد أيضاً بناء سوره بالحجارة.
كما أن النص الموجود على حائط نقب الحجر طريق من وجهة نظر الفن المعماري التكنيكية ، يذكر هذا النص أسور وأبواب الأبراج المشيدة من الحجر والشجر والعقص.
لقد ظهرت مباني مشابهة للأبراج العربية القديمة في دول العالم القديم الأخرى في شمال وشمال غرب آسيا على وجه الخصوص في ظل صراع مثل هذا ، مثلاً على ذلك مباني المدائن المشهورة بالرسوم الأشورية فقط .. وارمينيا حيث كانت تعيش قبيلة موسينويك التي بنت أبراجاً من (الاشجار) وفقاً لوجهة نظر كسيوفونت ، ويصور نقشان برونزيان ممتعان بيتاً في (افنه) ، في أحد النقشين حطام جهة فسيحة لبيت تتألف من ثلاثة طوابق ، في كل طابق ثلاث نوافذ ومدرج من فوق سور دقيق جداً ، يتألف من شقين متساويين فعلاً وتبرز دعامة ركن تتصل بسور دقيق بين النافذتين . فتحات النوافذ مستقيمة ، وتشابه بذلك نوافذ بيوت اليمن القديم ، غير أن المدخل في بيوت (افنه) مقبب ، وفقاً لنظام الفن المعماري الأشوري ، وتبتعد الواجهة الكائنة بين أعمدة الأركان ، التي يطل عليها السور.
ويوجد في الشق الآخر برج مربع الأركان ويتكون من عناصر سابقة أيضاًَ ، وإن كان من الملحوظ أن به نافذة واحدة في الطابق وبخلاف الأبراج المعزولة في النقوش الأشورية يطل السور هنا بقوة.
إن النقشين في (افنه) وقد أشير اليهما في النقوش الأشورية التي استخدمها هرزفد ببراعة حين حلل تركيب مبنى كعبة زرادشت وقارنها بالأضرحة الأخمينية والفارسية على صخور نقوش رستم ، ورأى فيها إعادة بنائها من أحد أشكال السكن الايرانية القديمة، وإن كان قد اعتبرها تمثالاً قبورياً ، شأنه شأن غيره من الباحثين .. وافترض د.روجي هذا البيت معبد النار (Curs (Satte).
وبعد أن بحث التمثال عام 1936 أصبحت الفرضية العلمية تقوم على قاعدة أكثر صلابة ، كان الثلث التحتي من البرج مغطى برابية . وقد برز البرج في رشاقة أكبر بفضل القياس الجديد لأساسه (5+23+13 قدم = 13 ، 11 متر).
وتكتشف نص تاريخي كبير في الجهة الشرقية من سور (بهلوي) عدد هذا النص الأغنياء الذين تبرعوا لمعبد النار المقدسة . وكعبة زرادشت هي خزانة النار المقدسة (أناخيت) حسب افتراض (Sprengling) ويتناسق هذا التحديد مع وضع الغرف والجدران التي اسودت فعلاً من الدخان.
لعل كعبة زرادشت واثرين تاريخيين يشبهانها في إيران (زندان في بسرجد وزوئين في نوراباد) ، تقدم نفسها كميات ثقافية، بالشكل المقتبس من مباني المساكن المبكرة في ذلك الزمن الذي انتقلت فيه (بيت خلان) من الحثيين عبر ما بين النهرين ، ونالت كامل حقوق الجنسية في ايران وتحولت بنايتها الى قصر أخميني.
وتعبر الصلة المبكرة هذه بين المباني السكنية في المرحلة المبكرة في ايران وبين مباني المرحلة التي تلتها عن الترابط المماثل للأبراج القديمة في اليمن القديم ومسلة أكسوم والاضرحة النبطية.
إن تقديم عرض المباني السكنية في اليمن والنقوش ، تكون مهمة للمقارنة بتلك المعلومات عنها، والتي انتشرت فيها مساكن اليمن القديم في المرحلة الاقطاعية.
ولهذا فسنتجه إلى الهمداني المؤرخ والجغرافي المشهور هذا العالم الذي ولد بصنعاء اليمن والمتوفي فيها في 334 / 945 946م.
أصدر د.ه مولر لأول مرة الجزء الثامن من مخطوطة الاكليل مع إضافات من عنده.
وفي عام 1931م حقق الأب الكرملي الجزء الثامن من الاكليل بالكامل من أربع مخطوطات : والمفروض أن تكون النسخة الأولى من القرن الثاني عشر والمخطوطة الثانية من القرن الثامن عشر ، والثالثة والرابعة من القرن التاسع عشر . ولا توجد هذه المخطوطات في ليننجيراد .. وظهرت ترجمة الجزء الثامن من الاكليل إلى الانجليزية عام 1938 .
قام المترجم في الأساس بترجمة النص الذي حققه الكرملي ، واستعمل نتفة من ترجمة مولر والنسخة الجديدة من مخطوطة «الاكليل» 1117 / 1706 ، المحفوظة في (Prineeton university) . والنص العربي الذي استند عليه دقيق في كل مواصعه (46) والترجمة الانجليزية للجزء الثامن من الاكليل كاملة في بعض المواضيع أكثر من ترجمة مولر ، وتقدم الروايات المختلفة . وإن كان المترجم قد حذف حسب هواه قسماً من الأشعار دون ترجمتها ، لقد أشار إلى الروايات في حواشي الجزء ، وشرح الأسماء الخاصة والأسماء الجغرافية ، وتوقف عند القضايا التاريخية وعلم اللغة ، غير أننا نرى أنه أعار انتباهاً قليلاً للمصطلحات ، مثل مصطلحات الفن المعماري التكنيكية . وكرس الهمداني الجزء الثامن من الاكليل لمحافد اليمن وقصورها وفي منطقة صنعاء على الأخص ، كما خص كثيراً من المناطق بوصف شعري ، غير أن المعلومات الوثائقية شحيحة فيه إلى حد ما ، وإن كان بمقدورنا الحصول على بعض الجزئيات المفيدة من الأشعار والنثر ، لقد أعار الهمداني تمجيد قصر غمدان بصنعاء اهتماماً كبيراً وليس معلوماً بدقة وقت بناء القصر ولم تذكر نقوش العربية الجنوبية غمدان وصنعاء ، وإن كان نقش سبئي واحد فقط ذكر اسم (صنعو) مع ذكر الشرح يحضب ويفترض أن يكون النقش قد كتب في القرن الأول من الميلادي .. يرى الهمداني أنه (وضع مقرانة (وهو الخيط الذي يقدر به البناء ويبني عليه بناءه إذا مده بموضع الأساس في ناحية فج عضدان في غربي الحقل مما يلي جبل عيبان .. فبنى الظبر)، وهذه النتف القصيرة مهمة ، لأنه أعطى مصطلحين الأول مصطلح مقرانه الذي لم يبحث كثيراً في علم المعاني اللغوية أي الحبل (49) ، ومن سياق الحديث نستطيع الجزم بأن استخدام الحبل قد كان مشهوراً لدى العرب منذ فترة سابقة لزمن الهمداني غير أنه لم يطبق قبل عهد الهمداني في أي مكان كما لم يظهر بهذا الوضوح ، وهذه الإشارة مهمة جداً لتاريخ تكنيك فن البناء عند العرب المصطلح الثاني ظبر هذا المصطلح نادر في عالم العربية ومنسي بالكامل.
وتوضح هذه الأجراءات تطور التعبير بالحروف الصوتية عند مولر في النص العربي والترجمة الألمانية.
لقد شاهد الهمداني جزءاً من سور غمدان المواجه لبوابة الجامع الكبير بصنعاء ، ويوجد الظبر في الرواية الأولى من مخطوطة الاكليل ، والثاني الظبر في ثلاث مخطوطات للهمداني «الظبر بالظاء» في كتابة صفة جزيرة العرب ومعناه طرف الجبل ، طرف البناء»(ü).
والاختلاف في معاجم علم اللغة العربية بيّن، حيث أشار تاج العروس وهو معجم القرن الثامن عشر إلى أن الطرف ظبر.
1) الظبر بالكسر ركن القصر هكذا أورده الصاغاني وتبعه المصنف وهو تصحيف الظئر بالظاء المشالة مهموزاً كما سيأتي أيضاً عن أبي عمرو.
2) الظئر بالكسر ركن للقصر والظئر أيضاً الدعامة (ظار من) ظئر(51) تبنى إلى جنب حائط ليدعم عليها وقد تقدم في (ظابر) أن الظبر ركن القصر ونبهنا هنالك أنه تصحيف وكأن المصنف تبع الصاغاني فإنه ذكره في المحلين من غير تنبيه والصواب ذكره هنا كما فعله ابن منظور وغيره.
3) فصل الطاء مع الزاي الطبز بالكسر أهمله الجوهري وقال أبو عمرو ركن الجبل وقد تقدم للمصنف ذكره في موضعين في طاب ، وفي طاي لا وهذا الثالث فلا أدري أي ذلك تصحيف ملينظر(52).
يقترب القاموس العربي انجليزي الذي وضعه (لين) من الرواية الثانية التي أتى بها تاج العروس (53) وقد حافظ رودوكاناكس على التعبير بالحروف الصوتية هذه حين شرح أحد نقوش اليمن القديم (54) وقدم أساساً جديداً للقراءة لصحيحة للمصطلحات المعاصرة التي سأرجع إليها فيما بعد (55).
تقول إحدى الروايات التي أتى بها الهمداني يساوي طول قصر غمدان عرضه، وتقول رواية أخرى لايزيد طول القصر عن عرضه.. ومن هنا ينبغي القول ، أن مبنى القصر قد كان مربع الشكل وشابه المبنى الأنيق الممدود إلى أعلى على وجه العموم.
تقترب الرواية الأولى من تصوير جهة المبنى فوق المحراب ، وتسمح الرواية الثانية بالقول بنظام تعدد الطوابق.
1) يقول الهمداني : «كان غمدان عشرين سقفاً غرفاً بعضها على بعض واختلف الناس في الطول والعرض فقائل يقول كل وجه علوه ألف بألف وقائل يقول إنه أكثر وكان فيما بين كل سقفين عشرة أذرع» وقد وصف الهمداني القصر شعراً :
من بعد غمدان المنيف وأهله
وهو الشفاء لقلب من يتفكر
يسمو إلى كبد السماء مصعدا
عشرين سقفاً سمكها لا يقصر
ومن السحاب معصب بعمامة
ومن الرخام منطق ومؤزر
متلاحكاً بالقطر منه صخرة
والجذع بين صروحه والمرمر
وبكل ركن رأس نسر طائر
أو رأس ليث من نحاس يزأر
2) ثم يراجع الهمداني ارتيابه فيؤكد أن غمدان تألف من 7 سقوف بين كل سقفين أربعين ذراعاً.
افترص بعض الباحثين أن وصف قصر غمدان قد اعتمد على المأثرة الأسطورية، فأرجع إلى القصر كل اعاجيب البناء ، الذي شاهده سكان صنعاء في البلدان الأخرى.
وبصرف النظر عن اعتراف باحثين آخرين بكفاية كتاب الهمداني ، فإنهم لا يتطرقون لاشارته بالملموس .. ويهيئ لي أنه قد بالغ في الوصف واعتمد على التخمين دون مبالاة.
ولكن حتى إذا أخذنا مسألة ألوان جدران قصر غمدان التي ذكرها الهمداني شعراً مثل الرخام ، والجذع بين صروحه والمرمر الخ.
وجدناه صادقاً ، ولما روى الهمداني عن عمرو بن اسحق المولود بحضرموت ، قال «حدثني عمرو بن اسحق بن محمد بن عبدالرجمن الحضرمي عن أبيه عن جده» يصنف الوان القصر قائلاً :
«كانت له أربعة أوجه في ترابيعه وجه مبني بحجارة بيضاء ، ووجه بحجارة سوداء ، ووجه بحجارة خضراء ووجه بحجارة حمراء» ويشير الهمداني إلى سقف القصر معتمداً على المصدر السابق قائلا :«وكان في أعلاه غرفة لها لهج وهي الكوى كل كوة منها بناء رخام في مقيل من الساج والأبنوس وسقف الغرفة رخامة واحدة صفيحة».
وقال آخر كانت الغرفة تحت بيضة رخام من ثمان قطع مؤلفة.
لاتحتوي هذه الإشارة على أي شيء اسطوري : لقد قدمت الأحجار الكريمة للبنائين في اليمن القديم امكانية كبيرة لاختيار واسع في مزج وتزين البيوت بالمرمر والرخام الشفاف والكلس والبازلت والصخر الأرجواني، وقد سمي عدد من قصور اليمن القديم غرب صنعاء حالياً بأسماء تدل على اختلاف الوان القصور مثل السوداء ، البيضاء وعليه فليس من المستغرب أن تبلط القصور الفخمة بالألوان المتنوعة كما أنه من المعروف وجود عدد من الألوان في أنواع أخرى من المباني مثل المباني الأخمينية ومباني المدائن وكعبة زرادشت وقصر سرجد وبيتول وسوز، وآثار الحبشة المبكرة أيضاً.
وهناك مقتطف رواية تصف الغرفة العليا في قصر غمدان في مخطوطة الاكليل ( Pripeeton University) تقول الرواية «كان للغرفة أربعة أبواب قبالة الصبا والدبور والشمال والجنوب وقد أشير هنا إلى معرفة الاتجاهات الأربعة وورد في نتف من مخطوطة (British Museum) مصطلح نسبي واحد في فن معمار اليمن القديم هو مقيل المتعلق بأكمال الكوة، ويبقى البناء الأول للقصر مجهولاً . كما لم يشرح المترجم الجديد هذا المكان (66) ، ولا يزال البحث في المعاجم المحلية غير مجد حتى الآن ، ويمكن أن يكون النص قد حرف هنا ، بكلام آخر عن مصطلح لهج (ü) ، الذي يعني شكل من أشكال النوافذ ولم تتضح حتى الآن . ولم تشرح المعاجم العربية هذا الجذع عند الحديث عن البيوت بأي شيء آخر ، إلا أن كتابة حرف (ح) بدلا من (ج) في وسط الكلمة تكشف معناه ، وسأعود إليه فيما بعد.
لقد تحدث الهمداني بصوت هادئ للغاية حول أشكال بيوت صنعاء في زمانه ، وكان هدفه هو أن يصبح نمط بناء قصر غمدان واضحاً ، وسنرى منذ البداية ، كيف كان الفن المعماري في اليمن القديم ومناطق أخرى منه أو حضرموت وإن اختيارات الأوروبيين له كانت ضئيلة.
انفصلت حضرموت عن المحيط الهندي بشعاب مقفرة وسلسلة جبلية فاقترب شمالها من الصحراء ، وظهرت «ناطحات السحاب» بحضرموت قبل ظهورها في الغرب بقرون كثيرة مبكرة .. وكانت ناطحات سحاب حضرموت تقوم على وجه الخصوص ما يشبه الرسوم القديمة المنحوتة على الصخر بالفطرة المقطوع المنحدر أو على مجرى سيل عرص الوادي تعلو بيوتها أو تهبط لكنها فوق بعضها البعض على شكل أبراج عالية ولا ينقص عدد طوابقها من طوابق المباني الأوروبية . غير أن الاختلاف في تكنيك الفن المعماري يحكي عن اختلاف الثقافة الغربية المعاصرة في الغرب عن تكنيك الفن المعماري في الشرق . هيمنت الخرسانة والهياكل المعدنية في الغرب . بينما ظلت أساليب الفن المعماري ومواده في اليمن القديم هي نفسها كما كانت في القدم . تتألف من مواد خام الطوب من الصلصال مع التبن والخشب، والأشجار لتغطية السقوف وقاع الغرف والسلالم : وقد كانت اعتيادية لبناء أساس البيوت كما استخدمت الأحجار في المباني الفاخرة أحياناً.
ويحدد السكان المحليون أعمار البيوت القديمة في حضرموت بخمسمائة سنة . وقد زار بعض الرحالة حضرموت قريباً فنشروا مناظر رائعة لها (سأستعملها فيما بعد) إلى جانب وصفهم لهذه المباني.
يجد المشاهد من فوق وادي ومدينة سيئون منظراً طبيعياً للمدينة بالأشكال الكثيرة والمكعبة المتميزة . يرتفع بسهولة ضيق المنظر ، بالمؤشرات العالية ، وتلتصق البيوت مع بعضها تقترب أو تبتعد الواحدة عن الأخرى .، ترتفع سقوف البيوت إلى أعلى ، ثم تنخفض على شكل شرفة ، ولا تختلف عن اللوحة الموجودة بالمتحف العثماني والمنبسط الأكسومي في القديم في كثير من البيوت الطوابق والكوة ، وكانت هذه المباني العالية تختص بها العائلات الغنية .. وهناك بيوت منخفضة هي مساكن الفقراء ، يشكل الجزء الأكبر من مساحة هذه البيوت مكاناً في أسفل البيت للماشية وطابق أو طابقين فوقه للسكن.
وسقوف البيوت منبسطة ويحيط بها سور يتخللها شكل مسنن أو سطوح مدرجة دائماً على وجه التقريب .، تقدم لنا البيوت البرجية المعزولة وبيوت الفقراء بحضرموت والمهجورة منها على وجه الخصوص بالفطرة ، بالشعور الحي المرتبط بمدافن تماثيل بترا ، وبالإضافة إلى ذلك تبين بشكل بسيط تشييد مدافن حضرموت.
ويوجد في قرية بارهوت عبود جسر مستطيل من الحجر الصلد والصلصال على شكل سطح هرمي ، وربما شيد برج مربع في نهاية الجهة المقابلة له : بوضع مائل في رأسه وأركانه ، يمكن أن يكون من المرمر مع النقش ، ويوجد مرمر ومعدن في البرج الأيمن يذكرنا بأبواب مداخل المنبسط الأكسومي المنقوش ، ومدافن بترا المتواضعة وتحتفظ أبراج المدافن الحضرمية بالمظهر الخارجي الواضح للمساكن وإن كانت الأجزاء الداخلية للبيوت طرحت جانباً في المباني الحضرمية المعاصرة بالذات.
نستطيع أن نشاهد الآن سير تطور البيوت البرجية الحضرمية من الأبراج المعزولة ، وحتى من بيوت ذات واجهة معقدة بخطوط منكسرة ، في المناظر الجانبية المتناسقة أو غير المتناسقة ، يضاعف سكان حضرموت الأغنياء مساحات مساكنهم باتجاهين حسب امكاناتهم وحجم الأسرة ، يضاعفون عدد الطوابق العليا في العادة ، بنايات ضخمة (74) وتدعم بطانة المدرج بأعمدة ضخمة من القطع بما يساوي عرضها 1.5* 2.5 متر وأكثر تنفذ إلى كل الطوابق في وسط البيت نفسها ويسمى عروس البيت.
وكلمة عرس هي في اللغة الكلاسيكية مصطلح غير معلوم في الفن المعماري ، على الرغم من وجود مصطلح آخر ، في قرب أكثر من المنى الذي يلائمه ، هذا المصطلح الذي يسمى رس على وجه الخصوص وهو الحائط الذي يوازي حائطاً جانباً داخل الغرفة الأرضية ، التي تجزء مساحتها بغرض تعديل الحرارة الكبيرة وتقسم إلى جزئين ف يالأماكن الباردة فقط ، تمتد المسافة نحو العمق وتسمى سهوة ، ويسمى المكان الذي يقترب من المدخل الخارجي مخدع . وتستند على العرس الخشب والأعواد الصغيرة فيما بين الخشب ، ومن مصطلح عرس يوجد اشتقاق معرس ، معرس بصيغة اسم المفعول والتي تستخدم بمعنى بيت أي الغرفة المجهزة بالعرس، يشابه مخدع باللغة الفارسية التي تقرأ بيجه أو بيجه باللهجة المشهورة عرض أيضاً . يتألف الحائط الداخلي للبيت بالعرس ويمكن مقارنته ببناء أضرحة في سهوى، التي شاهدها (Avwrede) حين زار حضرموت ، لقد وصفه (Avwrede) بأنه مربع الشكل ، وبالإضافة إلى ذلك يتساوى عرضه وارتفاعه = 25 قدماً ، وله حائط سمكه 7.62*7.22 أمتار ، وبلغ ارتفاعه من 0.61من المتر إلى 7.62 أمتار ، كما يشابه البيوت العربية القديمة من ناحية طبيعة البناء وميل الحائط ، وهو مايذكرنا بالمصطبة المصرية ، يبتعد الجدر الداخلي عن المدخل بستة أقدام (1.88 متر) وتشكل المسافة غرفتين صغيرتين (72) ويرتفع مدرج بشكل هرمي على الأركان.
وقد استخدم مصطلح عرس للأعمدة الداخلية في البيوت الحضرمية بالكامل.
وتستخدم وظيفة العمود سنداً لحائط السلم والخشب القصيرة للسقوف والتي تتكون من أخشاب أشجار العلب المحلية نسبياً (تعني باللاتينية Spinachristi Zizyphus من نوع Palivrus ، وذلك الصنف الذي يبلغ ارتفاعه 3-4 أمتار ويبتعد العمود مسافة عن الحائط الخارجي أيضاً ، وتغطى الغرف بسقف ن الخشب . ويستخدم مصطلح عرس في الوقت الحالي اثناء ومن العتبة وإلى جانب تطور المباني السكنية من حيث الارتفاع.
تتضاعف المساحة السكنية في الغالب من ناحية العرض فتشيد واجهة البيت ويتخللها عدد كبير من الفواصل في الطوابق ، ومن أجل أن يستند البرج الأول على البرج الثاني والبرج الثالث على الثاني وهكذا الخ.
والمفهوم في نظام كهذا يكشف عن الأسلوب القديم ، الذي عبر عنه نقش في المتحف العثماني حيث تنوع أجزاء منفردة من ارتفاع البيوت ، يمكن أن تتغير واجهة البيوت بقوة ، وإن لم يبحث بأشكال منتظمة ، وذلك نظراً لأن مالك البيت يقوم إما بوضع شرفة عالية على سقف البرج الواحد ، يكون بديلاً للمدخل ، أوو شرفة ذات مستويات مختلفة.
يجعلنا التخطيط نتذكر الأسوار الرائعة من المرمر المربع في مدينة مأرب السبئية وأسوار مدينة معين والنظام المشابه الذي قامت الدول الآسيوية القديمة الأخرى بتنفيذه مثل الأسوار الحثية والأخمينية.
ولعل تطور المساكن البروجية بحضرموت قد مر بهذا التتابع حيث شيدت الأبراج الأحادية في البداية ، ثم تكونت المدن من بيوت الأبراج ، التي أحاطت بها الأسوار أحياناً . يلائم هذا النظام ، تلك الصورة الطيبوغرافية في مأرب ، التي شاهدها جلازر من ناحية.
وتطور مباني مدينة صنعاء في القدم من ناحية أخرى . روى الهمداني «إن شعرم أوتر هو الذي واصل بنايات القصور وأحاط صنعاء بحائط».
(وقد انقسمت الدولة السبئية في تلك الفترة إلى عدة دويلات) . وقد كانت القصور والمدن اليمنية القديمة تحاط بسور دفاعي واحد أو عدة أسوار ، مثلاً على ذلك القصر الذي وقف في رأس جبل كوكبان أحيط به سور بباب واحد وكان على السور حصن وأبراج كثيرة .
وقد كان بمدينة ظفار القريبة من منكث عدد من الأسوار والأبواب «وكان على هذه الأبواب أوهاز وهم الحجاب» «وكان باب ظفار الذي يكون منه الأذن على الملك بينه وبينها على قدر ميل . وكان دون ذلك اباب واهزان، كانا يسكنان الناس أعظاماً للآذن إذا قدم عليه شريف من أشراف الناس يريد الملك فيكتب واهز المدينة اليوم التي حركت فيه السلسلة يوم كذا وكذا ، فيرفعه ذلك الواهذ إلى واهز القصر فيرفع ذلك إلى الملك ، وكان الباب الذي فيه السلسلة «باب علي».
لقد قولبت تفاصيل المظهر الخارجي للبيوت الحضرمية في الآثار القديمة تقريباً مثل الفجوات الشقوق القصيرة ، المشاقل ، اشتهر بعضه حتى بالمقاييس الطبيعية ، مثل مصارف المياه التي فوق المعبد في أيجه .. انسكاب مياه من فم تمثال الأسد من الحجر .
استخدمت الأشجار في بناء السقوف والأسوار ، وأبراج المنارات بحضرموت وكانت كثير من البيوت الحضرمية بمقدورها أن تصبح مشابهة للرسوم البرونزية في أفنه والتي ذكرناها سابقاً .
كان الفارق الرئيسي بين بيوت حضرموت وبيوت أفنه في التصميم بروز أركان الأبراج فقط ، وهو ما لم يكن موجوداً في المنارات ، غير أن الظبر لايزال اسم هذا المصطلح باق باللهجة الصنعانية الحالية.
لقد انفردت مداخل البيوت الحضرمية بالجمال ، والروعة عادة .
وقدم لنا الباب بالمصراع الواحد أو المصراعين ندرة من حيث التصميم ويوازي الكوة التحتية في محراب اليمن القديم السابق الذكر وتفاصيل التوابيت الخشبية في مصر القديمة ، كما يذكرنا برؤوس المسامير القديمة ، والمباني المعمورة بالمواد المختلطة أيضاً ، حيث يتناوب حزام البناء ، على المجلول وتركيب الأعمدة الخشبية ، التي أعيد بناؤها في منبسط الحشبة القديمة.
وهناك أحد أشكال الزخرفة الجديرة بالذكر : تثبيت قرون الوعل الحجري الغزلان في أركان سقوف البيوت ، وسطوح الأضرحة البروجية .. ربطتهم بالتقاليد العربية القديمة ووجد تعبير له في الأدب.
ويعتقد السكان المحليون بأن القرون هذه تصرف الأرواح الشريرة عنهم ، وهذا الاعتقاد هو من مخلفات الأديان العربية القديمة دون شك والمنسية منذ حين في حضرموت المعاضرة ، وإن كان بقاء هذه المعتدقات في أوساط البدو الرحل والحضر غير مفهوم بالكامل.
هنا نتذكر مقتطفات من وصف قصر غمدان بغير قصد وهو الوصف الذي أتى به الهمداني والذي ستعود له الآن ، متى وضحت البيوت الحضرمية بالسمات المحسوسة . وبيوت اليمن في الوقت الراهن ، والتي لم يتناولها الباحثون حت الآن تقريباً ، والمنارات على وجه الخصوص أيضا، غير أن المؤشرات القليلة حول فكرة نظام الطوابق الكثيرة ، وأكثر من (ناطحات السحاب) الحضرمية ، لقد تغلغل التأثير الأوروبي في بناء المدن الساحلية اليمنية، وعبر عن الارتباط به رغم التأثير التركي الضعيف.
لقد كثر الغلو في تزويق الديكور الخارجي لبيوت المدن والقرى الكبيرة مثل صنعاء وذمار(99) وتجاوز تجميل تفاصيل البيوت بشكل أكثر من تلك التي سنتطرق لها فيما بعد وللحقيقة ، أنه قد جرى تغلغل الفن الجديد بحضرموت ، ونلمس في السواحل بقوة أيضاً ، هناك حيث اتجهت مواد التصدير إلى الهند ، كما تغلغل الفن المعماري الجديد بالمستجدات التي أحدثها الأعيان ببيوتهم في المدن الداخلية.
يمكن أن نتحدث الآن بجرأة ، أن وصف منظر قصر غمدان قد سجله الهمداني وفقاً للتقاليد المبكرة ، والقريب من الحقيقة إلى حد ما هذا اذا ما قارناه بمعطيات تصميم الفن المعماري القديم والحديث ، وإن كان قد فعل الخيال فعله في وصف المميزات الخاصة بقصر غمدان مثل رأس القصر ، وأركانه ووضع الظبر.
ومما ليس فيه شك أنه قد كان مربع الشكل ومعزز بالمراكي الحجرية ، حيث كان هذا الأسلوب اعتيادياً في اليمن العربية قديماً، ويؤكد حجم المبنى ونظام المدرج تلك الصورة الوطيدة في اليمن القديم ، ولا يمكن أن نرجعها إلى مجال الخيال ، وعلى العكس من ذلك توجد أرقام دقيقة تراجع وتصحح ماقد زدركه الهمداني.
وفقاً للمعطيات التي أتى بها انجرامس، هناك بيت في شبام وارتفاعه 16 طابقاً بشرفة علوية أي مبنى يتكون من سبعة طوابق تساوي 64 قدماً أو 96 قدماً 25و29 متراً وبناء على هذا يتكون طول الطابق الآن من 18، 4 أمتار في المتوسط.
وقد وضع إلى جانب هذا الاحصاء معلومات طريفة عن ارتفاع قمة مبنى في مدينة معين بما يساوي 15و21 متراً حيث أشار له النص الذي في حآئط المدينة السابق الذكر وإذا حسبنا الذراع ب 0.45 من المتر ، يكون ارتفاع الطابق 4.5 أمتار ويكون طول قصر غمدان المكون من عشرين طابقاً في حدود 90 متراً.
وتكتسب كمية الطوابق التي نشاهدها في النقش الموجود بالمتحف العثماني ومنبسط الحبشة الشمالي أساساً واقعياً ويمكن استخدام هذه الأرقام لاحصاء الارتفاع المنشود لهذا البرج النموذجي في منبسط زكسوم والمكون من 11 طابقاً ، ويتكون كل طابق من 4.5 أمتار بشكل ارتفاع البرج 50 متراً هذا إذا لم نحسب التاج الذي في قمته.
لقد انتصب قصر غمدان على منعطف وادي غمدان حسبما أشار إليه النص الموجود هناك ، ويكون بالتالي جدار انحدار السور، أعلى في الارتفاع من جهة الصعود إلى القصر ويمكن للمرء أن يتخيل حزام المرمر الوجود بسطح السور بسهولة ، ويكون بمقدوره أن يكون بالذات انطباعاً عن صدى وسيلة حزم الجبس الأفقي في الفن المعماري المعاصر في اليمن ، وذلك الجبس الأملس أو المزخرف ، الأنيق في مدينة صنعاء في وجه الخصوص.
وجود سرادق الغرفة على الشرفة العليا من قصر غمدان نفسه ، ربما يكون بالكامل ، إذا انطلقنا من المباني المعاصرة ولقد أشرت سابقاً إلى ان د.ه مولر قد وصف جزئيات القصر.. وصفاً غير واضح بكامله .. تأتي رواية أمين فارس بصعوبة جديدة حول قضية الاهتداء إلى معرفة اتجاهات قصر غمدان حين يقول كان للغرفة أربعة أبواب قبالة الصبا والدبور والشمال والجنوب وعند كل اتجاه منها تمثال أسد من نحاس فإذا هبت ريح من الأرياح زأر ذلك التمثال الذي هو قبالة ذلك الباب، فإن تناجت الأرواح زأرت جميعها ، وكما لو أن وضع هذه التماثيل قد تطابقت مع وضع التماثيل الموجودة بأركان القصر (وبكل ركن رأس نسر طائر أو رأس ليث من نحاس يزأر) والذي قد سبق وأن أشير اليها شعراً.
وفي كل الأحوال ، فإن الوضع المائل لغرفة قصر غمدان المربعة في ظل قيام القصر بالشكل المربع أيضاً، يتنافى اطلاقاً وروح فن معمار اليمن القديم منه والمعاصر.
لم يوضح شكل نوافذ الشرداق حتى الآن ، ويعني مصطلح لهج بالضم زاوية البيت وكفه العين وهي غارها وقبتها الذي نبت عليه الحاجب.
وهو مصطلح لا يزال يستعمل في لهجة صنعاء الحالية بمعنى نافذة ، ويقارب جداً المعنى الذي أتي به الهمداني . وبصرف النظر عن الفرق في التعبير بالحروف الصوتية حيث أتى ف يالحالة الأخيرة (ج) بالنقطة أدنى ، فإنها يمكن أن تكون قد أتت من تسجيل غير دقيق وتحريف للهجة ، ومع ذلك يبقى المصطلح واضحاً في مزج معنى النوافذ بالذات (Finestr) وتفسير كفة العين.
في المعاجم اللغوية المحلية ، هكذا يفرق تاج العروس بينهما (اللحج بالضم زاوية البيت وكفة العين وهي غارها وقبتها الذي نبت عليه الحاجب .. وقال الشماخ بخواصين في لحج كدين ، واللحج كل ناتىء من الجبل يخفض ما تحته واللحج الشيء يكون في الوادي مثل الصدى في أسفله وفي أسفل البئر والجبل كأنه نقب ، ويوجد في واجهات بيوت صنعاء كفك ديس غريب.
والشيء المدهش هو أن نوافذها دائرية أو بيضاوية الشكل بنافذة واحدة أو نافذتين فوق بعضها البعض.
وتكون حافته غير شفافة ، وسبب ذلك أنه يوضع في النوافذ صفائح من الرخام الشفاف الدقيق ، يعطي ذلك أنه يوضع في النوافذ الصفائح من الرخام الشفاف الدقيق ، يعطي ضوء معتماً ، وقد أستخدمت هذه الصفائح باليمن في القرن التاسع عشر وقبل ذلك . لقد قارن د.ه مولر صائباً المعلومات المختصة بالمواد التي تستخدم في النوافذ والتي أتى بها إفري سافر الذي وصل إلى اليمن عام 1861، ووصف غرفة مطمورة بقصر غمدان وبها صفائح من المرمر الشفاف.
وتعود إحدى المصادر التي استند عليها الهمداني حول سرداق النوافذ إلى منتصف القرن التاسع تقريباً أي إلى قرنين من بعد هدم قصر غمدان نهائياً .
وتؤكد مقارنة هذه المقتطفات بالمصطلحات المعاصرة رسوخ تقاليد الفن المعماري المدهش وأسلوبه في اليمن ويمتلك قدماً تمتد ألف عام بلا شك ، وبناء على ما تقدم يمكن الافتراض بأن الغرفة العليا من قصر غمدان قد تألفت من حجر واحد من الصفائح شبه الشفافة من الرخام المحلي الشفاف (حيث كان هذا الفن المعماري في اليمن القديم ظاهرة اعتيادية) إلى درجة أنه بلغ غرفة قصر غمدان العليا «التي أطبق سقفها برخامة واحدة وكان يستلقي على فراسه في الغرفة فيمر بها الطائر فيعرف به الغراب من الحدأة من تحت الرخامة.
لقد دعم الهمداني بآرائه التصميم المقبب . ومما لا شك فيه أن هذا التصميم قد كان في زمانه أي القرن العاشر حين كان الأعيان المسلمون يستخدمون الصالات للاستعراض الكبير وحين كانت تغطى بالأشكال المقببة في الغالب ، وكانت في جدران الغرفة نوافذ بالشكل البيضاوي : أو الدائري منحوته من الرخام الشفاف والمرمر أيضاً ، وصنعت أطر النوافذ من نوعين من الخشب . وكان نور المصباح يشاهد من رأس جبل عجيب ، لأنه كان بمقدور الضوء الانسياب من هذه النوافذ والسقوف بسهولة عبر الصفائح الرخامية الشفافة الرقيقة .. وتبقى القضية المتعلقة بصحة وضع تماثيل الأسود النحاسية في أركان القصر ، ووفقاً لروايات وهب ابن منبه المولود بصنعاء (المتوفي 114 / 732 .. فقد تحدث عن الأسود مرتين.
يقول في مقتطف الرواية الأولى وكان على حروف الغرفة أربعة تماثيل لأسود من النحاس.
وتقول الرواية الثانية عن عبيد ابن شريه في النسخة التي حققها أمين فارس : وفي كل ركن من أركان القصر عند ترابيعه أسد من نحاس رجلاه في الدار وصدره ورأسه خارجان من القصر مفضى ما بين فيه إلى دبره عن حركات فيه مدبره .. يذكنا وضع التماثيل هذه بالبوابات أمام مداخل البيوت الأشورية وبيوت بلاد حث وميتان.
وأخيراً تذكرنا بالبوابات الأخمينية ، وبوابات كسرى في بيرسيول أواطر أركان أضرحة عمريت في فينيقية .. لا توجد أمثلة أخرى معروفة مشابعة في اليمن القديم إلا أنها ليست غريبة عليها بشكل عام.
الذي في الجدران عند معبد مدينة (حاز) الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة معين شاهد زخرفه فنية وصور فواكه وصورا حقيقية وخيالية للحيوانات ورسوم إنسان .. كان معبد الخزنة الحجري في بتر موازياً أكثر تألقاً وجمالاً من حيث الشكل وكان فن الأحجار أعجوبة أصيلة ، بالروح الهيلينية المتأخرة ، وكان في جميع أركانه وفنائه تماثيل للحيوانات لاتزال تشاهد بقاياها حتى الآن.
وهناك موازى فني مهم في بلد قديم آخر هي كعبة زرادشت في إيران ، حيث أعيد بناء سقفها من برج حجري مشابه للبرج العربي، إلى درجة التشابه فيما بينهما بأعمدة الأركان الظبر (في مصطلحات اليمن).
ويوجد ضريح داريا الأول وأحفاده المنحوت من الصخر مقابل كعبة زارادشت.
وزين أعلى ضريح داريا بأركان (عرس) ضخم من الأسود الرخامية المجنحة . برزت القرون الأخمينية في كل رسوم الفرق البلاغية القديمة وإن لم يتضح أصلها حتى الوقت الحاضر.،
وقد سميت بلاد بنط في نص داريا من أجل الأيبوغرافية الأخمينية لأول مرة . وتسمى بلاد بنط أحياناً ومن باب الافتراض جنوب غرب شبه جزيرة العرب، وقد ظهرت صورة سكان بلاد بنط بين جملة عرشه.
هل اتحدت الأبراج ذات المميزات الخاصة في قلب مملكة داريا الأول بهذه الدرجة صدفة أم لا ، بنمط حياة سكان بلاد بنط ، والأسود الرخامية المجنحة ذات القرون ؟
يوحي لنا مجمل هذا الوضع بفكرة تنظر لشيء آخر ، مما كان متبعاً ، إلى العلاقة الثقافية بين اليمن القديم والدول الأخمينية في عهد داريا الأول ، وكان لها أهمية كبيرة ، وقد تعرف الإيرانيون على ثقافة بلاد بنط عن قرب عبر حملاتهم على مصر وأبحارهم إلى البحر الأسود ، وإن لم يلم الايرانيون بثقافة بلاد بنط بالكامل ، في ظل الاصطفائية الخاصة بالاخمينيين ويمكن أن يكون شعار رمز الآله سينا وقد وجد نفسه مجذوبا إلى دائرة الرمز الأخميني ، ومن هنا نالت الأسود الرخامية المجنحة قرون الأثوار.
ومع تضعضع الأخمنيين ، ضعفت صلات إيران بجنوب غرب شبه جزيرة العرب ونسي رمز الاله سينا في إيران تدريجياً ، وإن كان رمزه لايزال يعيش بحضرموت حتى الآن ، ولاتزال التقاليد الثقافية المحلية نؤمن به.
وهكذا ، تعطينا حضرموت وأجزاء أخرى من اليمن لوحة واضحة لنمط المجتمع العشائري في هذه الأحداق ، التي لم تغير شكلها الظاهري تقريباً في مدة تزيثد عن ألف سنة.
وهذه اللوحة تساعد على استعادة بعض ماكان قد فقد أونسي بالتفصيل لأحد الثالث الثقافات الكبرى ف يالشرق القديم ، وتكشف جزئيات الفن المعماري في اليمن وبلدان العالم القديم الأخرى، وتؤكد سعة الاطلاع الكبيرة للمؤرخ الهمداني.
الاكليل بتصرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.