فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر فوهة البركان.. ولغز موقع حصن الغراب
بئر علي

عندما عقدنا العزم على القيام برحلة استطلاعية لمنطقة بئر علي بمديرية رضوم بمحافظة شبوه، تبادرت إلى أذهاننا الكثير من علامات التساؤل وإشارات الاستفهام التي تركزت حول جغرافية المنطقة وطبائع سكانها وعاداتهم اليومية، كل شيء اعتبرناه مقبولاً وفي حكم المعقول باستثناء أمر واحد كلما اقترب تفكيرنا صوبه زادنا قلقاً وخشية..
مدى انتشار المظاهر المسلحة التي توقعنا على أثرها إما سماع صوت أزيز الرصاص يخترق أذاننا ودوي القنابل المتفجرة يصيبنا بالصدمة أو مشاهدة مسلسل مطاردات حية ومعارك كر وفر وصدامات لاتكاد تخلو من آثار دماء وأجساد شارفت على الموت والهلاك، طوال المسافة التي اجتزناها من مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت في تمام الساعة السابعة صباحاً مندفعين نحو الهدف.. حوالي «117» كم جلها أسفلت مرصع، ظلت الشكوك تراودنا وتطوح بنا يمنة ويسرة، وبعد أن شارفنا على تخوم بئر علي تراءت أمام عيوننا ملامح قرية وهياكل بيوت ريفية متراصة بشكل عشوائي لاتتجاوز الطابقين أو الثلاثة، اقتربنا رويداً رويداً وعندما بلغنا مركز المنطقة ترجلنا من فوق مركبتنا على الفور، وبدأنا مرحلة تفحص المكان واستطلاع خصائصه، هنا حري بنا أن نقر ونعترف أن شعوراً عارماً بالطمأنينة والسكون بدأ يتسرب إلى أعماقنا ليستقر في سويداء القلوب.
خلاف التوقعات
فبئر علي كشفت منذ الوهلة الأولى عن وداعة أهلها وتواضعهم الجم واحتفائهم بالضيف وإكرامه قدر المستطاع على الرغم من ضيق اليد وعسر الحال لدى غالبيتهم، يكفي أنهم يستقبلونك بابتسامة مشرقة تشع من وجوه حنطية سمراء حفرت على جانبيها أخاديد التعب والإرهاق ونالت من ملامحها ضروب الدهر وخطوب الزمان، الوساوس والأفكار التي أرهقت عقولنا وضغطت على مجرى الأعصاب كلها تبخرت في الهواء ولم تبق منها ذرة رماد، الصورة المرعبة كانت من صنع الخيال وأي خيال خيالنا بالطبع، تحركات مشحونة بالتوتر وحالات الاستنفار، على النقيض من ذلك تماماً بئر علي تنعم باستقرار ملحوظ وأمن مستتب، خولنا على المضي قدماً في شوارعها المبعثرة وأزقتها الضيقة التي غطت ترابها الأوساخ وبقايا فضلات الطعام والقاذورات، توجهنا صوب الشاطئ بقينا نجوب في الرمال للحظات، ومابين اليابسة والماء استنطقنا عدداً من مواطني المنطقة الفاعلين والبسطاء.
الكهرباء مابين 6 8 ساعات يومياً
أولاً التقينا بالأخ علي محمد أحمد باقطمي، عضو المجلس المحلي مديرية رضوم الدائرة «7» مركز «ف 138»، حدثنا عن تعداد سكان بئر علي وبنية المنطقة التحتية قائلاً: "يبلغ عدد مواطني بئر علي حوالي خمسة آلاف نسمة تقريباً، ومعظمهم يعملون في مهنة صيد الأسماك، حقيقة العلاقة التي تربط بئر علي إحدى نواحي مديرية رضوم بعاصمة محافظة شبوة مدينة عتق علاقة جيدة.. وفي هذا السياق يقوم الأخ الأمين العام للمجلس المحلي مديرية رضوم بزيارات للمنطقة يتلمس من خلالها هموم المواطنين ويطلع على أحوالهم، إذا ماتحدثنا عن واقع الخدمات الأساسية في بئر علي نستطيع القول أنه مستقر نوعاً ما.. حيث يوجد في المنطقة مركز صحي، والكهرباء تعمل لمدة مابين 6 إلى 8 ساعات يومياً من العصر حتى الساعة ال12ليلاً.. وقد تم مؤخراً تزويدنا بمولدين كهربائيين من شركة الغاز المسال والدولة.. أحداهما جديد والآخر مستعمل.. علماً أن المولد الذي يمد المنطقة بالكهرباء حالياً قديم ومتهالك وفيما يخص التعليم يوجد في المنطقة مدرستان أساسيتان ومدرسة استحدث ضمن فصولها هذا العام لأول مرة صف للطلاب الأول الثانوي.. بينما يضطر أبناء بئر علي لمواصلة تعليمهم الثانوي بالانتقال إلى مديرية رضوم أو عزام التابعة لمديرية ميفعة".
تجميع اللاجئين الأحياء وترحيلهم
الأخ أبوبكر عبدالله سعيد باذيب، المدير المالي لجمعية صيادي شبوة، عن أبرز الأعمال التي يحصل منها مواطنو بئر علي على مصدر رزقهم بالقول: "تعتبر مهنة الصيد مصدر الدخل الوحيد والأساسي لأهالي المنطقة.. وكما تسمعون في وسائل الإعلام المختلفة فإن شواطئ بئر علي وقشيبه والحيبله تشهد بين فترة وأخرى نزول عدد من النازحين الصومال والذين يصل غالبيتهم جثثاً هامدة أما بسبب انقلاب المراكب التي تحملهم أو لإلقائهم عنوة في عرض البحر من قبل عصابات التهريب.. وفي نفس هذه المناطق أقصد الشواطئ يتم دفن الجثث التي يعثر عليها من قبل أهالي المنطقة على الفور وذلك بعد إبلاغ منظمة غوث اللاجئين.. كما أن المواطنين بحكم تواجدهم دائماً في الشواطئ لمزاولة مهنتهم اليومية غالباً مايصادفون مثل هذه الحالات.. ونحن على تواصل مستمر مع السلطات التي تتواصل بدورها مع منظمات غوث اللاجئين.
لكن كما تعرفون الإمكانيات محدودة ولاتسعفنا بالتالي في الحد من هذه الحوادث.. إزاء ذلك نحن نقوم بتجميع اللاجئين الأحياء في بئر علي، ويتم بعد ذلك ترحيلهم إلى ميفعة، وبالنسبة للوضع الصحي في بئر علي مثلما ترى بعينيك يشكل حالة أفضل مما عهدناه في السابق.. فالمركز الصحي الحالي تم استحداثه منذ مايقارب «10» سنوات.. على كل حال شباب بئر علي عادة يقضون أوقاتهم أما في البحر أو متابعة مباريات كرة القدم بالمنطقة أو في مجالس القات.. كما يجدر بنا أن نشير إلى أن بئر علي منطقة بعيدة كل البعد عن المناطق التي تعيش تحت وطأة ظاهرة الثأر... وفي مواسم الأعياد يقوم الشباب بتنظيم بطولة دوري في كرة القدم بمشاركة فرق المنطقة، وتختتم المنافسات بعد العيد، كما تنظم رحلات ترفيهية إلى مدن محافظات حضرموت أو صنعاء أو عدن.. والحمدلله في بئر علي لاتوجد أي مشكلات اجتماعية، والسبب تعارف الأهالي وتقاربهم وتكاتفهم اجتماعياً.
الوضع الصحي.. تطور بطيء
الأخ طلال صالح باصهيب: عاقل حارة بئر علي، رئيس اللجنة الصحية بالمنطقة يقول: بالنسبة للمركز الصحي الوحيد في بئر علي فقد تم افتتاحه في عام 1995م، وتم توسعته وترميمه وقد أعتبر بمثابة وحدة صحية نموذجية حتى عام 2001م.. بعدها أصبح مركزاً صحياً يحتوي على خمسة أقسام «المعاينة والتحصين والحقن والمجارحة والصيدلية وقسم المختبر والأمومة والطفولة»، ويبلغ عدد الطاقم الفني لدى المركز «12» عاملاً «11» ذكوراً وأنثى، وهم من الموظفين الرسميين لدى القطاع الصحي.. وقد تم ترميم المركز مرتين.. الأولى من قبل منظمة الدعم الهولندي في شبوة.. والمرة الثانية العام الماضي من قبل منظمة الدعم الأمريكي.. هذا إلى جانب إضافة شقة سكن داخل المركز الصحي تكفلت ببنائها منظمة الأمم المتحدة للاجئين، والسكن مخصص للأطباء الذين سيسعى المركز للتعاقد معهم عما قريب إن شاء الله.. طبعاً لدينا خطط ومحاولات مسبقة في هذا السياق.. حيث سعينا لاستقطاب أطباء من حضرموت لكن محاولاتنا للأسف باءت بالفشل لأسباب مادية وفنية، وكون الأطباء العاملين يفضلون مزاولة المهنة في مناطقهم.. ورغم الالتزام من قبل السلطة بالمديرية إلا أنها حتى اليوم لم تف بالوعود التي قطعتها على نفسها في هذه القضية بالذات، بالنسبة لمساهمة المجتمع فهي مقصورة على المختبر الذي يجري تحاليل أولية، علماً أن الحالات المرضية المستعصية نضطر لنقلها إلى المكلا عاصمة حضرموت نظراً لقرب المسافة التي تقدر ب «117كم».. بينما تبعد منطقة بئر علي عن عتق عاصمة محافظة شبوة تقريباً «310كم» ومن القوافل الطبية الجادة والمهنية التي استهدفت منطقة بئر علي قافلة الطبيب الزائر التابعة لمؤسسة الصندوق الخيري للطلاب المتفوقين، ولا أخفي عليك أن المركز شهد زيارات قوافل من المستشفى العسكري بصنعاء ثلاث مرات.. أخرها العام المنصرم، وللأسف الشديد كانت زيارات سريعة.
حقيقة المنطقة بين فترة وأخرى تعاني من انتشار الملاريا ففي 2004م استمر الوباء طوال العام تقريباً، وفي 2005م استمر لمدة 5 أشهر، وقد نجم عنه في العام الماضي حالتي وفاة، وسبب انتشار الوباء... البعوض الذي يتكاثر في المجاري المفتوحة، وخزن المياه، ونقص الوعي لدى المواطنين.. طبعاً نحن على تواصل مستمر وفعّال مع الأخوة في محور حضرموت وشبوة والمهرة لمكافحة الملاريا.. ممثلين بالدكتور عبدالله بن غوث، وآخر زيارة لفرق الرش التابعة للمحور بعد التنسيق مع وحدة مكافحة الملاريا بالمحافظة استمرت 3 أيام.
شحة الإمكانيات والمخصصات المالية
الأخ عبدالله أحمد بامعبد رئيس لجنة التخطيط والمالية بالمجلس المحلي مديرية رضوم يقول: لقد تحققت لمديرية رضوم ومنطقة بئر علي العديد من المنجزات التنموية في ظل الوحدة اليمنية المباركة وشيدت فيها العديد من المؤسسات والجمعيات السمكية.. كل ذلك بمساعدة وتكاتف أبناء المديرية من كوادر ومتعلمين.. الأمر الذي ساهم على انتشال المنطقة من واقعها المتردي الذي كانت تعاني منه فيما مضى، وتحديداً في زمن العهد الشمولي، وبما أن بئر علي منطقة ساحلية تطل على شواطئ البحر فقد تم تشكيل عدداً من الجمعيات السمكية وأبرزها جمعية الحسيني وجمعية حصن الغراب.. من هنا يتضح أن أهالي بئر علي يعتمدون على صيد الأسماك كمهنة تمثل أحد أهم مصادر رزقهم وحياتهم المعيشية وعن أسباب انتشار القاذورات والأوساخ على الشاطئ وبعض أحياء بئر علي السكنية، حقيقة نحن ومن خلال انعقاد دورات الهيئة الإدارية للمجلس المحلي ناقشنا بكل وضوح وشفافية هذه القضية.. لأن المنطقة بالفعل تعاني من العديد من المشكلات وتكمن المعاناة في شحة الإمكانيات وعدم توفير المخصصات المالية.. فيما يخص موضوع صرف الاستحقاقات المالية والتعويضات للصيادين في المنطقة من قبل شركة الغاز المسال التي تستمر حالياً في منطقة بلحاف، وفي هذا الإطار تم انعقاد اجتماع للمجلس التنفيذي في المحافظة لمناقشة الموضوع وقد رفع الأخ مدير عام الثروة السمكية مذكرة خاصة بهذا الجانب وقد تم تشكيل لجنة لمتابعة القضية مع وزارة النفط والمعادن لوضع الحلول الناجعة وصرف مستحقات المواطنين، لو تحدثنا عن نماذج من أشكال دعم شركة الغاز المسال لأهالي بئر علي يبرز أمامنا.. دعمهم لمشروع الكهرباء من خلال تمويله بمادة الديزل، وتوفير باصات لنقل الطلاب من المناطق المجاورة لمدارس بئر علي، وبالمناسبة نحن نشكر حقيقة مؤسسة الصندوق الخيري وقافلة الطبيب الزائر لاستهدافها لمنطقة بئر علي ..وهذا يدل دون شك على توجهات المؤسسة الخيرية ومساعيها الرامية لتوفير الدعم والرعاية الصحية للمناطق البعيدة والنائية سواء في قرى ومدن محافظة حضرموت أو المناطق في المحافظات المجاورة.. كما تلاحظون نحن متواجدين في المركز الصحي منذ ساعات الصباح الباكر.. بهدف تأمين وتوفير مستلزمات نجاح زيارة القافلة.. التي تم التمهيد لاستقبالها مبكراً من خلال ثلة من أعضاء المجلس المحلي بمديرية رضوم.. ونحن مامن شك نتمنى تكرار هذه الزيارة وأن تستهدف في القريب العاجل مديرية رضوم.
الشكوى لغير الله مذلة
عن جريمة اغتيال نظافة شاطئ بئر علي تحدث الصياد أحمد سعيد باحتروش قائلاً: ما من شك أن المسئولية يتحملها الجميع دون استثناء بما في ذلك الصيادون لكن يجب هنا أن نوضح بعض المسائل.. فعلى سبيل المثال كل قارب صيد يتحمل دفع مبلغ «50 ريالاً» يومياً كرسوم للحفاظ على نظافة الساحل.. ولكن وكما تلاحظون بعيونكم النظافة لاجود لها على الاطلاق في هذا الساحل المهمل من قبل من يفترض أن يكونوا مسئولين عن نظافته، ويأتي في مقدمتهم مسئول الحراج وعاملي البلدية..
تصوروا هذه السيارة الخردة العتيقة المحنطة أمامكم مركونة على الشاطئ وتستخدم كمقلب للقمامة والأوساخ وبقايا وأحشاء الأسماك دون أن يتم تفريغ محتواها من القاذورات بالعكس يضاعف منذ إقامة هذا السوق لبيع الأسماك منذ عام تقريباً.. علماً أن عدد قوارب الصيد في الشاطئ يتجاوز المئات لصيادين من شبوة وحضرموت والمهرة وغيرها من المحافظات.. طبعاً الوضع المأساوي للشاطئ يتفاقم رغم وجود الجمعيات السمكية وأعضائها وجلهم من أبناء المنطقة لايحركون ساكناً، الحل نطلب من الله الفرج.. أما عن أبرز أنواع الأسماك في بحر بئر علي فتتمثل في الثمد الزينوب الشروي الفرس وأسعار بيعها مناسبة أكثر من غيرها في المناطق المجاورة.
مواصلة الدراسة الجامعية
الشاب ساسان عبدالله حقيص.. طالب ثانوي يقول: نحن نعمل خلال أيام الإجازة ووقت الفراغ في اصطياد الأسماك.. حيث نمارس هذا العمل كمهنة وهواية، علماً أنني طالب في الصف ثالث ثانوي القسم العلمي في مدرسة بمديرية رضوم، وأمكث هناك شهر زمان، وأعود لبئر علي لقضاء العطلة.. فنحن أثناء الدراسة نعاني من صعوبات جمة منها مادية حيث أننا نصرف تكاليف الغذاء والمواصلات من جيوبنا الخاصة، ورغم ذلك فأنا أشعر برغبة تشجعني على مواصلة الدراسة الجامعية تخصص لغة انكليزية.. سواء في عدن أو محافظة حضرموت خصوصاً إذا ماتوفرت مصادر دعم خوضنا غمار تجربة الدراسة الجامعية".
واقع بائس
وحيد يسلم خميس حيدره: لاعب هداف في مركز رأس الحربة، وينتمي لفريق الساحل الرياضي الشعبي، ونادي قنا الذي يشارك في بطولات داخلية على مستوى محافظة شبوة.. عرض عليه اللعب مع فرق في مدينة عتق.. إلا أنه رفض نظراً لظروفه الخاصة وارتباطاته الأسرية.. حيث يساعد والده على تأمين مصدر الرزق لعائلته، وقد قال أيضاً أن الواقع الرياضي في مديرية رضوم بائس... فلا ملاعب كرة قدم موجودة، كما أن اللاعب نفسه يتكفل بتوفير مستلزماته الرياضية على نفقته".
جمعية نسائية فاعلة
خلال زيارتنا للمنطقة عرجنا باتجاه مقر جمعية المرأة الساحلية بمنطقة بئر علي، حيث التقينا هناك بالحجة سعد الله بخيت رئيسة الجمعية.. سألناها عن توجهات الجمعية ومحور نشاطاتها ومصادر الدعم التي تحظى بها الجمعية فقالت بدورها: "لقد بدأت الجمعية بدورة لصندوق التنمية عام 2000م خاصة بفن حياكة «الشباك».. بعد ذلك بدأ نشاطنا بالبروز والازدهار.. وقد وقف إلى جانبنا مشروع التنمية الريفية من خلال تزويدنا بالأفكار والدعم المعنوي والمادي.. ولقد طلب منا المشروع توفير وثيقة لقطعة أرض لبناء مقر خاص بالجمعية.. وبعد محاولات ومتابعات حثيثة بالتعاون من المسئولين في السلطة المحلية في مديرية رضوم والمحافظة تحصلنا على قطعة الأرض هذه، وتم بالفعل بناء مقر الجمعية في العام 2006م ويحتوي على قاعتين إحداهما للإدارة والأخرى لمستلزمات الخياطة المقدمة من مشروع الدعم الهولندي.. خططنا التطويرية المستقبلية تشمل التوسع في خياطة الشباك وصناعة الخسف، كما أن لدينا أفكار طموحة لكن الوضع المادي لايساعدنا على ترجمتها فعلياً، وقد حظينا بدعم من قبل المشروع الهولندي الذي زودنا بمبالغ لشراء «9» مكينات خياطة، وتوفير الأثاث المكتبي ومستلزمات العمل في الجمعية والخسف والصوف والصباغ.. بالنسبة لعدد المنتسبات للجمعية «60» امرأة، وهن يعانين من ضيق حالتهن المادية وشظف الحياة ويرغبن من خلال الانضمام للجمعية الحصول على مصدر من مصادر الرزق لتأمين حياة كريمة لأفراد أسرهن.. ونظراً لعلاقاتنا الوطيدة مع الأخوة في صندوق التنمية فقد طلبنا منهم رفدنا بمختصات يعلمن منتسبات الجمعية فن الخياطة والحياكة، وبالفعل تم إرسال إحدى المتخصصات بهذا الفن، والتي كانت على وشك الارتباط بدورة في قشن وأخرى في الديس الشرقية لمدة «3» أشهر.. ولكنها في الأخير فضلت القدوم لمنطقة بئر علي بدعم من المشروع الهولندي لمدة شهر واحد.. فيما يخص دوام العمل في الجمعية فيبدأ من الثامنة صباحاً حتى ال 30.12ظهراً باستثناء يوم الجمعة، الطاقم الذي يدير الجمعية يتكون من رئيسة ونائبة، وإدارة من 9 عضوات، ومحاسبة وجميع الأعضاء يعملنّ في الجمعية طواعية.. وحقيقة عمل الجمعية يحظى بتقدير وتشجيع من أهالي بئر علي كافة.
من عشة إلى مبنى مستقر
كما أكد الأخ سعد سعد الله بخيت.. أن جمعية المرأة الساحلية أنشئت بهدف مساعدة الأسر الفقيرة.. وحقيقة لقد بدأنا مرحلة التأسيس من الصفر وتحديداً منذ عام 2000م بدعم متواضع.. حيث كنا نمارس أعمالنا في «عشة» صغيرة في المنطقة، وقد استمرينا على هذا الحال حتى عام 2006م، ومن خلال زيارة المسئولين والبعثات الأجنبية لموقعنا في العشه بدأنا نجني ثمار الدعم، وأول هذه الثمار كان دعماً مقدماً من المشروع الهولندي، الذي وفر إمكانيات بناء وتجهيز مقر الجمعية، وتم شراء مكائن الخياطة.. طبعاً الجمعية مستقلة استقلالاً ذاتياً.. ونحن حالياً نبحث عن مصادر دعم لتمويل مشاريع الجمعية، ومن خلالكم نتاشد الأخوة المقتدرين والميسورين بعد اطلاعهم على نشاط ومنتوجات الجمعية على دعمنا ومدنا بيد العون والمساعدة.
التدريب على فن الخياطة
الأخت أسماء صالح الهدار.. استشارية في صندوق التنمية الاجتماعية، قالت: "سبق أن شاركت في دورة مماثلة في مدينة سيئون استمرت لمدة «3» أشهر حيث أنني اضطلع بمهمة تدريب فن الخياطة.. ففي مدينة سيئون دربت عشرين متدربة لدى جمعية أهل السوم بالمدينة، كما تعرف فأنني كنت على استعداد للتوجه إلى مدينة الشحر والديس الشرقية لتولي دورة تدريبية مدتها 3 أشهر.. حقيقة عندما أبلغوني بتغيير موقع الدورة إلى بئر علي وافقت على الفور.. ووصلت إلى المنطقة برفقة أبني الصغير، الحمدلله الناس هنا طيبين كما أن المواصلات متوفرة من وإلى مدينة المكلا وإذا ما تحدثنا عن جو العمل داخل الجمعية تستطيع القول أنه جيد لكن المتدربات يعانين بسبب عدم معرفتهن للقراءة والكتابة، على اعتبار أن استخدام فن الخياطة على الماكنة يحتاج لمعرفة واستيعاب كتابة الأرقام، وبصراحة دورة لمدة شهر لاتكفي في هذه الحالة على الإطلاق والمطلوب تمديدها من شهر واحد إلى مدة «6» أشهر علماً أنه يوجد معهد تدريب في العاصمة عتق لمدة سنتين تحصل خلاله المتدربة على دبلوم في الخياطة.. حالياً أنا أتكفل بتدريب عشر متدربات من صغار السن تتراوح أعمارهن من «14» سنة حتى «19» سنة من خلال تواجدي في الجمعية حقيقة شعرت بمستوى النشاط الذي يبذله أعضاؤها الذين لاينقصهم سوى توفير مصادر الدعم المادي، طبعاً أنا موجودة في بئر علي بدعم من المشروع الهولندي علماً أنني أمارس مهنة الخياطة منذ صغري بعد أن تعلمت هذا الفن من والدتي وأخواتي.. ومنذ سنتين بدأت عملية تدريب الفتيات والنساء على إتقان هذا الفن، وقد كانت بدايتي بدورة عقدت بمدينة سيئون كما أشرت مسبقاً.. كما أنني شاركت في دورات لتطوير مهاراتي في الخياطة كان أخرها في جمعية بحي الديس بالمكلا".
معالم سياحية وأخرى أثرية
الحديث عن هذا المحور يحتاج إلى مبحث كامل وليس إلى مجرد فقرة مختصرة من ضمن مادة استطلاع شامل، ففي ختام رحلتنا وطوافنا في ربوع بئر علي اصطحبنا من قبل مجموعة من أعيان المنطقة إلى موقعين مختلفين، الأول بحيرة شيروان التاريخية الواقعة باتجاه الطريق المؤدي إلى منطقة ميفع بمحافظة حضرموت، البحيرة عبارة عن هوة سحيقة في أعماق جبل ضخم على ارتفاع شاهق يتطلب بلوغ قمته للإطلالة على البحيرة اجتياز مسافة تقدر بحوالي مائتي متر، بخطوات تحكمها الخفة والمهارة المقرونة بالتأني والحذر، وما أن تصل إلى أعالي الجبل وأنفاسك تكاد أن تنقطع حتى تفاجأ بمشهد البحيرة الهادئة التي تتناثر على ضفتيها نباتات وأشجار لا تبدو مألوفة، تبقى في حالة صمت مطبق وعيناك تجول في أرجاء المكان في البحيرة وحواليها الجبل ومن خلفها البحر أو اليابسة وتستمع لبعض مايقوله المرافقون الذين أكدوا أن البحيرة عبارة عن فوهة بركان خامد وأن مياهها التي لاتشبه على الاطلاق مياه البحر، مياه كبريتية، والأشجار المحيطة بالبحيرة لايوجد لها مثيل في الحجم والشكل هذا ماقالوه وجزء من كلامهم منسوب إلى استخلاصات استنتجها عدد من الباحثين الغربيين والغطاسين الأجانب الذين زاروا البحيرة وقام بعضهم بالغوص في محاولة فاشلة للوصول إلى أعماق البحيرة التي لايبدو أن لها قرار معلوم، كل ماتلقيناه حاولنا بلغة العقل تقبله وتفهمه بعيداً عن جو الأساطير والمبالغات، لاحظنا في هذه الأثناء وجود صخور شبيهة بالصخور البركانية مترنحة في مناطق مختلفة من منحدرات الجبل وعلى بعد عشرات الأمتار عينات كثيفة من هذا النوع من الأحجار، وهو ماعزز لدينا صحة قول أعيان المنطقة عن البحيرة التي تشهد حالياً مشروع شق طريق يتبناه عدد من رجال الإعمال حتى تكون موقعاً فريداً يرتاده السواح.
حصن الغراب
من فوهة البركان الخامد أو بحيرة شيروان التاريخية توجهنا مباشرة إلى بقايا موقع حصن قلعة الغراب الذي يمثل أحد المعالم الأثرية والتاريخية في بلادنا المهددة بالاندثار كلياً، الحصن المهدم بالكامل يعد أحد رموز ميناء قنا لتجارة اللبان والبخور، وما أن تكاد قدماك تطأ مناطق حجراته الفسيحة حتى تشعر بأن يد التاريخ العتيق تشدك من الأعناق وعبق الزمن الغابر يفصلك عن عالم اليوم، وتجردك من مآسيه وأوزاره،تصول وتجول بشيء من الحذر والارتياب تبحث عما يشفي غليلك ويكبح جماح فضولك فلا تجد غير خنادق مطمورة وأحجار سوداء عملاقة شكلت كيان الحصن وبنيانه، ومع ضيق الوقت ودنو لحظة غروب الشمس وعشعشة الظلام اضطررنا المغادرة على الفور وما كدنا نهم للصعود على متن المركبات حتى أصبت بالصدمة والذهول وأنا أقف على بقايا أشلاء يعتقد أنها تعود لكائن حي، فأبلغني المرافقون من أبناء بئر علي أن مسألة العثور على أشلاء تعود لتاريخ المنطقة التي شارفت على الانقراض هو أمر ليس مستغرب فمنذ سنوات خلت قام عدد من منقبي الآثار الأجانب بعمليات حفر في مواقع مختلفة من الحصن ومن بين الغرائب والعجائب المطمورة التي استخرجت من باطن الأرض هيكل عظمي شبه متكامل لكائن بشري صغير في الحجم يتدلى من على عنقه مرصع بفصوص اللؤلؤ والمرجان، تم انتزاعه وأعيد دفن الهيكل من جديد، وفي ثمانينيات القرن المنصرم عاثت فرق التنقيب الأجنبية والروسية تحديداً فساداً في ارجاء الموقع ونفذت عمليات نهب وسطو على نطاق واسع لأثار فريدة من نوعها وكنوز لاتقدر بثمن، من بينها ألواح من البخور النادر الذي تقدر سعته بالأطنان كانت مطمورة بكميات مهولة جداً في سراديب الحصن التي تظل سر مكنون من مجموعة الغاز تبحث عن عاشق مختص يحمل على عاتقه فك طلاسمها.
يبقى أن نشير إلى أننا زودنا في ختام الجولة بحفنة من التراب من قبل شاب من بئر علي أكد لنا أنها عبارة عن بخور ذو رائحة عطرة من بقايا الحصن، لم نتردد في قبول الهدية وكلنا لهفة وشوق في أن نتعرف عما إذا كان ماقاله الشاب حقيقة أم خيال ومبالغة مفرطة؟! وبعد مغادرتنا لبئر علي منطلقين واستقرارنا على أطراف مدينة المكلا بادرنا بإشعال جمرات من النار ونثرنا جزءاً يسيراً من التراب على الجمر الملتهب، وكانت المفاجأة المذهلة انتشار عبق عطر فواح بخّر المكان، وجعلنا نلزم الصمت لبرهة من الزمن دون أن يجرؤ أحدنا على التفوه ببنت شفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.