هو ذاك ياوجعي المسافر، في مساءات «الحراف».. عمري ذوى، وتساقطت أوراقه، حتى الخريف طويل، لا أدري إلى أين مداه ؟!! الكل يعبر فوق جرحي، يرشفون رحيق مواجعي، تعباً يموسقني بهاء مواسم الزعتر والحنا حين يفوح في التحرير .. أجمعه .. و أنثر ماتبقى من فتات الضوء في سوق الصميل. أواه.. كم أضحكتهم وفرشت - حدقات العيون - نوادر فاضت لها كل المآقي بالدموع. عشرون عاماً - كلها - أطفأتها في المركز الثقافي، شمعة.. شمعة صافحت من جلسوا على هذي الكراسي - ثم وزعت العصائر، وقناني الماء، وبعضاً من عقود الفل، والفرح المؤجل منذ أيام السحول وصعدت فوق المسرح الوطني، ألقي للحضور بيان متاعبي جمراً وكانوا يضحكون.. يضحكون.. يضحكون.. وأعود خلف ستارة المسرح «أبكي» عمري ضائع في العمر أستجدي السماء «وظيفة ً» ..عشرون عاماً لاوظيفة للسحولي يارفاق السنديانة، جامع الرضوان، بائعات الخبز «عفواً» لايبعن الخبز - ديناً - للسحولي.. إنه زمن النقود!! عشرون عاماً وأنا أحفظ هذا النص في دراما الجوع تمضغني الشوارع والوجوه، من قال انك يازمان تدور ؟! لافرق عندي، كل أيامك يوم، عشرون عاماً.. ثم عشرون مديراً كلهم عبروا وما التفتوا إلى وجه السحولي حين يكسره الأنين.. يعانق الأضواء مسكوناً ببهرجة المصابيح تصفيق الحضور الصداقات الكبيرة .. والكثيرة.. لم تعد تعني سوى ألم أنيق. هذا المدير وصاحبي ذاك الغفير، وثلث اعضاء المجالس، عاقل الحارة في الباب الكبير، صاحب المطعم في سوق الشنيني.. ومدير الصندقات، وزعيم الفرزات، ثم عمار المعلم والهواء الطلق رائحة الدجاج تدور مشوياً، ولايرقى إلى انفي سوى هذا الدخان هذي الاسامي والعناوين الكبيرة والرفيعة.. كلها ملك يدعي «لكنهم لاينفعوووون» وأخيراً.. على حين غفلة، فجأة «السحولي» يكتب معلقته الشعرية الآنفة الذكر، ويوشك ان يعلقها على جدار المركز الثقافي، في سوق عكاظ، لعله يدرك آخر ماتبقى من نخوة العرب، فيصنع حداً لمعاناته، وينتشله من براثن هذا الضياع المبكر. دعونا ياأصدقائي فيما تبقى من الوقت الضائع، نمد أيدينا لهذا الشاب، الذي قارب العقد الرابع دون أن يتزوج أو يتوظف أو يستقر في منزل يأويه. دعونا نحرص على ماتبقى فيه من الجمال، فلانطفىء شمعة إبداعه التي أوقدها في أعماقه منذ عشرين عاماً.. صدقوني هو اليوم بحاجة إلى العطاء والتكريم أكثر من حاجته لبيان نعي رقيق وتكريم حافل بعد موته.. لاشيء يستحق حينها السحولي يضحك اليوم.. السحولي غداً سينطفىء كماتنطفىء كثير من الشموع. ومضة: في لحظة ألم عاصف - سألته - لماذا يناصبوني العداء؟!! - أجابني.. لأنك الأقوى.