على جانبي الشارع العام بالمعلا الوجه الحضاري المشرق لمدينة عدن، مبان شاهقة تسكنها عشرات الأسر ومئات الأفراد.. مبان تبهر المشاهد بمنظرها الخارجي الأمامي.. ولكنها في الحقيقة مبان تكابد الموت ويهددها السقوط في أي لحظة؟! تصدع.. تشقق اهمال لتلك المباني من قبل ساكنيها الذين يندفعون مهرولين من ذات أنفسهم صوب كارثة مأساوية قد لا تحمد عقباها. فهل تتمكن السلطة المحلية في المحافظة والجهات المعنية وفي المقدمة سكان تلك العمارات من تدارك الموقف قبل أن يقع الفأس بالرأس.. وساعتها لا ينفع الندم. تمثل مديرية المعلا الوجه الجمالي المشرق لمدينة عدن، في الماضي والحاضر، بل وفي المستقبل الواعد وذلك لما تكتسبه من أهمية فهي ذي موقع فريد يمتد ابتداءً من منطقة »الدكا« وحتى منطقة جحيف ومديرية التواهي.. ويزيد من جمال مديرية المعلا، امتداد مبانيها إلى داخل البحر واستناد الأخرى على سفح جبل شمسان الأشم لتتوج كعروس جميلة مستلقية على أريكة طبيعية إلاهية تزين مواشيط رجليها الممتدتان إلى قاع البحر، القوارب والسفن والبواخر التي يزدحم بها الميناء والشواطئ الجميلة إذ هي متكئة ساندة ظهرها على حضن جبل شمسان. ويزيد من جمال المدينة، التخطيط السليم الجديد القديم لشوارع المديرية بإحيائها المختلفة ومبانيها العديدة ذات النمط المعماري والهندسي والفني الموحد. المباني التي حافظت على طابعها المعماري منذ انشائها إبان حكم الاحتلال الانجليزي في عدن وظلت علي ماهي عليه إلى اليوم ولم تطرأ عليها أي تغييرات سواء ترميمات طفيفة على بعضها في عامي 841985م وإلى جانب ما تمتاز به تلك المباني من لوحة جمالية رائعة تمثل البعد والعمق الحضاري لمدينة عدن. هذه المباني المكونة من ستة أدوار ومقسمة إلى عدد من الشقق قد تم توزيعها وتمليكها للمواطنين في عام 1969م أثناء قرار التأميم وقد زاد عدد السكان في الوقت الراهن أضعافاً مضاعفة عما كان عليه أثناء التأميم وما زالت المباني هي نفسها لم تراوح مكانها ولم يطرأ عليها أي تجديد أو تغيير سوى ما أفناه وما أهلكه الدهر وعوامل الطبيعة خصوصاً الملوحة الزائدة جراء الرطوبة الزائدة التي تمتاز بها المنطقة وكذلك ما خلفته أيادي العبث الأدمي.. خاصة وانه قد انتهى العمر الافتراضي لتلك المباني ولولا التصميم الدقيق لكانت كثيراً منها قد صارت في خبر كان. الوجه والخلف الوجه »الله الله« والخلف يعلم الله.. ينطبق هذا القول على مباني الشارع العام في المعلا.. فهي من الواجهة الأمامية للشارع تبدو سليمة وجميلة ولكنها من الجهات الخلفية عكس ذلك فقد اعتراها خراب الاهمال وتساقط جراء ذلك الطبقة العلوية من الاسمنت والبلكونات وأخرى سلاليمها ونوافذها وأنابيب مياه التغذية والصرف الصحي مهشمة ومكسرة أو مسدودة وغرف التفتيش تطفح بالمياه وتجمع للمياه في أماكن الفواصل بين العمارات »الجليات« وأكوام القمامة مرمية في أسفل العمارات .. الأمر الذي يبعث الاندهاش والاستغراب على هذا الاهمال واللامبالاة من قبل ساكنيها. ان الازدحام الشديد له أثر كبير في نشوء مثل هذه المشكلة التي قد تهدد بكارثة لا سمح الله، نتيجة عدم وجود أعمال صيانة وترميمات دورية لهذه المباني بسبب ان العمارة الواحدة موزعة في شققها على أكثر من عشر أسر.. وبسبب التباين واختلاف مستوى دخل كل أسرة يبقى الجميع عاجزين عن ترميم عماراتهم التي يسكنها المئات من الأفراد ويصدق عليهم المثل الشعبي »لحمة الشراكة ما تنجحش«. السكان وغض الطرف سكان العمارات وهم المعنيون بدرجة أساسية يشكون هذه الإشكالية ويرون أن تعمل الجهات الرسمية حلاً لها وقد تقدمت مجموعات كبيرة منهم بطلبات تدخل قيادة السلطة المحلية بمحافظة عدن لهذا الغرض خصوصاً الساكنين فيما تسمى بعمارتي شمسان وشولق.. هاتان العمارتان اللتان تحتويان على 32 شقة ويزيد عدد سكان العمارتين عن 200 نسمة ومثلهم سكان بقية العمارات يشاركونهم المخاوف من حدوث كارثة مأساوية لاسمح الله لمنازلهم.. وأنهم مستعدون للمساهمة في تسهيل أعمال الصيانة والترميم وتقديم المساعدة المادية ولكنهم يطالبون بنفس الوقت ان تتحمل السلطة المحلية تكاليف أعمال الصيانة والترميم وقد تم الرفع بتلك الطلبات منذ سنوات عديدة إلى قيادة محافظة عدن. التقرير الفني جاء في تقرير اللجنة الفنية التي تم تشكيلها لغرض النزول الميداني للمعاينة وابداء الرأى حول الحالة الراهنة لعدد من العمارات في الشارع الرئيسي بمديرية المعلا بأن الوضع سيء للغاية في تلك العمارات ويحتمل البدء بتساقطها في أية لحظة خاصة وان هناك اهمالاً وعدم مسئولية للسكان أو الجهات الأخرى، من حيث عدم ايقاف التسربات للمياه والمجاري حول هذه المباني التي انتهى عمرها الافتراضي.. وكذلك عدم صيانة الأجزاء الانشائية مما ينذر بكارثة لا تحمد عقباها. الأضرار في العمارات تصدع في معظم الأعمدة المسلحة وخاصة الأدوار السفلية »الدور الأرضي والبدروم« حيث ان الغطاء الخرساني منتهي تماماً في كثير من العمارات كما ان حديد التسليح للأعمدة الخرسانية أيضاً متآكل وبنسبة كبيرة جداً. يوجد تصدع في الجسور المعلقة وبلاطات السقوف الخرسانية خاصة في الواجهات الخارجية المعرضة للهواء حيث وان حديد التسليح متآكل والغطاء الخرساني منتهي..كما يوجد تصدع في بعض الجدران »الخارجية خاصة« من خلال ظهور أشراخ وتآكل لطبقة التلبيس خاصة في الجدران للواجهات الخلفية والقريبة من شبكة المجاري. أسباب الأضرار وأسباب الأضرار كما جاء بالتقرير الفني: عدم القيام بصيانة هذه العمارات بشكل دوري للمحافظة عليها وعدم اعطائها عمراً أطول. الاهمال في إصلاح مواسير مياه التغذية والمجاري والتي تتسرب من خلالها المياه إلي جدران المباني. عدم معالجة الانسدادات في غرف التفتيش حيث يلاحظ أن الأرضية الخارجية خاصة في الجهات الخلفية مشبعة بالمياه تماماً بسبب تسرب مياه التغذية والمجاري. الخلاصة والمعالجات وقد خلصت اللجنة الفنية في تقريرها إلى أن الوضع الإنشائي لتلك العمارات خطير جداً ومسألة حدوث أي ضرر وارد في أية لحظة ولذلك نصحت سكان مايزيد عن خمس عمارات بإخلائها.. وان حجم التصدعات في خمس عمارات كبير جداً أو تجاوزت حدود الإصلاحات وجدوى القيام بأعمال الترميمات وأوصت اللجنة الجهات المسؤولة والمعنية بتوخي الحيطة والحذر في حل هذه المسألة ووضع الحلول المناسبة لتأمين سلامة المواطنين وسكان هذه العمارات على وجه الخصوص. السلطة المحلية السلطة المحلية في قيادة محافظة عدن في عهد المحافظ السابق أ.د/ يحيى محمد الشعيبي كان قد اطلع على تقرير اللجنة الفنية وكلف لجنة هندسية لتقدير التكلفة المالية لترميم المباني والجلوس مع الساكنين حول امكانيات مساهمتهم وتعاونهم في أعمال الترميم والصيانة واخلاء ما اذا كان هناك مبان متضررة أكثر بحاجة إلى إخلاء ساكنيها.. وقد قدرت اللجنة تكاليف أعمال الترميمات ما بين خمسين إلى ستين مليون ريال للأعمال الخارجية لبعض المباني..عى أن يتولى السكان ويتحملوا تكاليف أعمال الإصلاحات والترميمات من داخل شققهم ومساكنهم. الحاجة قائمة ورغم كل تلك الإجراءات إلاَّ أن الحاجة ما زالت قائمة لإتخاذ خطوات جادة من قبل قيادة السلطة المحلية ممثلة بالأخ/ أحمد محمد الكحلاني محافظ المحافظة وأمين عام المجلس المحلي والجهات المعنية وفي المقدمة سكان العمارات لوضع الحلول السريعة والعاجلة لحماية عشرات الأسر ان لم تكن المئات من كوارث محققة وتنذر بمآس كبيرة لا سمح الله قد تنجم عنها ضحايا ووفيات بالعشرات..وذلك من خلال الاستناد إلى ماتوصلت إليه اللجان الهندسية والفنية من خلال نزولها الميداني من توصيات ومقترحات ووضع الحلول المناسبة على وفقها بحيث يتم الزام السكان بجزء من أعمال الترميم وكذلك الحفاظ على مبانيهم بعدم ترك مياه التغذية والمجاري تتسرب على جدران العمارات واتخاذ العقوبات اللازمة كإغلاق منازلهم حال المخالفة والتقصير وفي الوقت نفسه تتحمل السلطة المحلية جزءاً من عملية الإصلاحات الخارجية للمباني كمساعدة ومراعاة الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة للسكان. مسئولية المحافظ كلنا علي ثقة بقدرة وكفاءة واهتمام الأخ المحافظ الكحلاني وحرصه الكبير على معالجة هذه القضية كونه هو المسئول الأول في المحافظة وحتى لا يقع الفأس بالرأس وساعتها لا ينفع الندم، وخصوصاً ان هناك أمام السلطة المحلية كثيراً من المعالجات ومنها الزام السكان الزاماً صارماً بواجبهم فوجود أكثر من شخص مالكين لشقق في عمارة واحدة تجعلهم منطويين على أنفسهم في غمرة اللامبالاة والتهاون فهذا هو الإشكال القائم..وفي الأخير الكارثة ستعم بأضرارها وستأكل الأخضر واليابس لا سمح الله.