لايختلف اثنان في تقدير النتائج التي أحدثها الاعتداء الانتحاري الإرهابي الآثم الذي استهدف مجموعة من السياح الإسبان عصر الثاني من يوليو الجاري في محيط عرش بلقيس.لقد أحدث هذا الاعتداء، ولكن إلى حين كما سيتضح لاحقاً هزة قوية في السياحة، وهي القطاع الاقتصادي الذي يعود بالكثير من المنافع لاقتصاد مثقل بالمتاعب، ولكن علينا أن نتريث قبل أن تترسخ في الأذهان فكرة التأثير طويل الأمد لعمل إرهابي بهذا القدر من البشاعة. إن التفاؤل بالتأثير الموقت لهذا الاعتداء الإرهابي، يأتي من تقديرنا لطبيعته التي تتجلى في كونه فعلاً منظماً ومدروساً، ويأتي في سياق سلسلة من العمليات الإرهابية العابرة للحدود، وهنا يحدث التمييز بين عمل يتجاوز في تعقيداته والإعداد له إمكانات أكثر دول العالم تطوراً في مواجهة مثل هذه العمليات، وبين الأعمال المنفلتة التي طبعت أحداثاً عانت منها السياحة اليمنية فيما مضى وهذا يعني أن اليمن في مواجهة هذا الحادث قد بدا للعالم أنه ضحية مباشرة لعمليات إرهابية لم تكن عملية مارب أولها، وهي كما بلدان أخرى تتعرض لعمليات إرهابية منظمة بالغة التعقيد على اتساع جبهة المواجهة بين العالم والإرهاب. إن اليمن يتجاوز وفقاً لهذا التقدير تحدي الأعمال المنفلتة التي استهدفت قطاع السياحة من أعمال اختطاف وتقطع ؛وهي أعمال لاشك قد ألقت بتركتها الثقيلة على سمعة السياحة في هذا البلد وجعلته أكثر حساسية من غيره لتأثيرات عمليات إرهابية كعملية مأرب الآثمة..وتجاوز التحدي هنا يكمن في الانعكاسات الايجابية لهذا الاعتداء الإرهابي، والتي تجلت في حجم الإجماع الوطني المندد والرافض لهذا العمل الإرهابي الآثم، وتتجلى أيضاً في المواقف الدولية المتعاطفة ليس فقط على مستوى الدول والحكومات ولكن على مستوى الأفراد وهو ما جعل العديد من السياح الأجانب يصرون على إكمال برنامج زيارة اليمن لمن يتواجدون داخل البلد، والمضي في الرحلة السياحية المقررة إلى اليمن. إن نسبة البرامج الملغية على إثر هذا الحادث، لاتكاد تذكر أمام البرامج التي تلقت وزارة السياحة والشركات السياحية اليمنية تطمينات باستمرارها وفقاً لماهو مقرر.. وهذا بالتحديد مايعزز الاعتقاد بأن السياحة، على المدى المنظور لن تدفع الثمن الباهظ الذي توقعه منفذو الاعتداء الإرهابي الآثم..ومانحتاجه اليوم هو استقراء الدروس من هذه العملية الإرهابية المنظمة ومن سجل العمليات المنفلتة التي استهدفت السياحة فيما مضى، لتتجه جهود الحكومة والمجتمع والقطاع الخاص والإعلام، بشكل خاص، نحو تعزيز النظرة الايجابية للسياحة باعتبارها مجالاً مفتوحاً على الفرص الاقتصادية الواعدة للدولة وللمجتمع فضلاً عن كونها أفقاً إنسانياً وحضارياً ومعرفياً بالغ الأهمية في عالم تتكرس فيه مفهوم القرية الواحدة في ظل التطورات المذهلة للاقتصاد وتقنيات الاتصال