على مدرج "الأوديون هيرود اتيكوس" القائم على سفح جبل يتربع على قمته معبد الأكروبوليس العريق في العاصمة اليونانية أثينا، وأمام أكثر من خمسة آلاف متفرج ضاقت بهم المدرجات - توافد عدد كبير منهم الى أثينا من بلدان أوروبية مجاورة- وقفت السيدة فيروز حيث وقف أعظم وأهم الفنانين في العالم ، لتكون أول فنانة عربية تغني على هذا المسرح العريق، ضمن واحد من أقدم وأهم وأكبر المهرجانات الموسيقية في أوروبا. ليلة امتزجت فيها حضارة الإغريق بحضارة الفينيقيين، وشدت فيها جارة القمر موظفة صوتها في خدمة الخير تلبية لدعوة مؤسسة الطفل والأسرة في اليونان، وحركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من اجل السلام، حيث سيعود ريع الحفل لمساعدة الأطفال ضحايا الحروب في منطقة الشرق الأوسط افتتحت "جارة القمر" السهرة بأغنية "ع هدير البوسطة" ، وعلى أنغام موسيقى موزارت الكلاسيكية أنشدت "يا أنا يا أنا أنا وياك"، واتبعتها برائعتها "اعطني الناي وغني"، "حبيتك بالصيف حبيتك بالشتي"، "إحكيلي"، "يا ريت"، وغيرها الكثير من قديمها مع الاخوين رحباني، وجديدها مع نجلها زياد، الذي كان مشغولاً معها في الأسابيع الأخيرة، بالتمارين مع الموسيقيين، وبتسجيل اسطوانتها الجديدة التي ينتظرها عشقاها منذ زمن طويل. شدت فيروز "السيدة ذات الصوت الملائكي الرخيم" فحلق الحضور في عالم آخر، وانفصلوا عن واقعهم الدنيوي، ليعيشوا حلماً تمنوا أن لا يفيقوا منه، كانت حالة أقرب للخشوع، لصلاة من نوع خاص. وعندما اختتمت الحفل بأغنية "سهرتنا ع دراج الورد" فوجئت بالجمهور الحاضر من كل الجنسيات يدبك على أنغامها، وعندما غادرت المسرح أبى الجمهور إلا أن تعود، فكان لهم ما أرادوا، فعادت وغنت أغنيتين إضافيتين تحية لهم، وهو مشهد يتكرر في كل حفلاتها، فشدت ب "شتي يا دني" وأنهت الحلم بأغنية "حنا السكران". رحلت وتركت الجمهور سكراناً بصوتها، غابت عن الأنظار لكن ذكراها ستبقى محفورة في وجدان كل من كان هناك.