ولما لا!!؟؟.. إن الله تعالى قادر أن يمنح أعضاء هيئة مكافحة الفساد شجاعة لا نظير لها بحيث تمنحهم الإرادة والشجاعة لأن يقولوا «فقط يقولوا» هذا موقع فساد وهذا مفسد فقولهم هذا وتشخيصهم لمواقع الفساد ليس بالأمر القليل لأن الفساد له من النفوذ بحيث صار حتى مجرد الإشارة إليه يثير الرعب ويرعد الفرائص وخاصة كل ما كان قريباً من موقع القرار لأنه يمسك بالأوداج ليحبس النفس عن بقية الجسد ولذا تصبح قبضته مؤلمة بل ومميتة احياناً ، انني، أشفق على أعضاء الهيئة لأن الأنظار إليهم كثيرة والآمال عليهم عريضة والتشاؤم حيال قدرتهم كبير نظراً للإحباط الذي دب في نفوس الناس وأصبحت غصة تعج حلق المواطن ليل نهار وأصبح عليها النظر إلى هذه الهيئة كآخر حبال النجاة من غول الفساد والذي يخشى من إنقضاض الفساد عليها والتهامها، الكل يؤمن بأنه لا جيش ولا أسلحة لهذه الهيئة وإنما عليها تقع أمانة القول «فقط القول» للفاسد أنت فاسد ويبقى إنها المهمة للقانون والقضاء وهكذا يظهر جلياً أن الهيئة لوحدها ليس المارد المنتظر خروجه من القمقم ليعصف بالفساد ويرمي به خلف الشمس دون رجعة وإنما الأمر بحاجة إلى تعاضد المؤسسات الأخرى التي لم يطالها الفساد، إن وجدت. إذا لم تستطع هذه الهيئة فعل شئ ضد الفساد فإنها سوف تتحول إلى العامل الأخير الذي سوف يؤدي إلى الإحباط الأبدي. أنا لست متشائماً، ولكن حقيقة تخيلوا معي أن نجد هذه الهيئة يوماً من الأيام وقد تاهت مثل بقية اللجان التي تشكّل لتهدئة الخواطر والنفوس وإخماد غضب الغاضبين، عندئذٍ فما هو المُتاح أمام الحالمين بالإصلاح سوى الاستمرار في الحلم. ولكن تخيلو معي «وهذا حق مشروع» أن هذه الهيئة استطاعت وبشجاعة أن توصد وتجفف كل منابع الفساد «على غرار تجفيف منابع الإرهاب» وأصبح كل مواطن لا يخاف الذهاب إلى أي مؤسسة حكومية للمراجعة وأصبح مطمئن جداً أن ابنه يتلقى علماً نافعاً في الجامعة من مدرس لديه شهادة حقيقية وليسّ معادلة، وأصبح يذهب إلى مركز صحي فيلقى العامل الصحي يستقبله بالخدمة الصحية الضرورية دون أن يجفف جيبه قبل إهدائه مرض آخر دون معالجة المرض الذي جاء لمعالجته وأصبح استخراج رخصة فتح صيدلية أو منشأة صحية يمر بقنوات معروفة بدون «حق بن هادي» وأصبحت المراكز الامتحانية تعمل بدون فرق الطلبة لرئيس اللجنة، وتوقفت كل اشكال العبث بالمشاريع الخدمية.. وهكذا يمكن أن تستمروا بإطلاق العنان لخيالكم. ولكن أي المشهدين سنشهد؟؟ الإجابة متروكة لهيئة مكافحة الفساد.