إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ولم يتركهم عالة بل تكفل بأرزاقهم فأنزل لهم من السماء الرزق «وينزل لكم من السماء رزقاً ومايتذكر إلا من ينيب». وذرأ لهم في الأرض ماهم بحاجة إليه حتى قيام الساعة فكل مايدب على وجه الأرض أو يطير في السماء أو ينتصب فوق الأرض أو يغوص في الماء، هو مما ذرأه الله تعالى لخلقه، وسخرلهم أسباب الاستفادة منه لتكون حياتهم أهنأ وعيشهم أجمل يقول جل وعلا «وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين» الحجر. ولقد نشأ ومنذ العهد البشري الأول ارتباط وثيق بين الإنسان وقطعة الأرض التي يعيش عليها، ثم نمت تلك العلاقة كلما ازداد عدد الأفراد الذين يتخذون منها مستقراً ومتاعاً إلى حين، وكبر حجم تلك القطعة لتفي بالحاجة، وعرفت بعدها باسم الوطن، واتخذت تلك الأوطان اسماءها من وحي موقعها، وطبيعة أرضها، وعطاء الله تعالى لها، وهكذا عرف وطننا الحبيب بأرض العرب السعيدة واليمن الخضراء، وهذان اسمان تجانسا مع مردود عقول وسواعد الآباء والأجداد.. فهل نجد ونجاهد نحن الأحفاد لنجعل منهما حقيقة واقعة فيتناسب حال الساكن مع المسكون، إننا نود أن تصبح بلادنا اليمن الخضراء.. ولكن ليست خضرة القات، فعند الملمات هذه النبتة لن تسدٍ رمق جائع. لقد دعا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لليمن بالبركة وكررها مراراً، ولكن تلك البركة لن تحل في ربوع أرضنا مالم نأخذ بالأسباب، ومالم ننتهِ عن تعاملنا مع الأرض الزراعية وكأننا في غنى عنها، ومالم نكف عن تسليم سهولها ووديانها لشجرة القات، والتي يرافق زراعتها الكثير من المصائب والمصاعب، إن شجرة القات تأخذ دون أن تعطي، إنها شجرة ملهاة تسرق منا، الماء، والمال والوقت والعافية. فهل آن لنا أن نعيد النظر في سياستنا الزراعية، وأن تعمد دولتنا إلى عدم المهادنة أو التعامل بنعومة مع هذه النبتة العشوائية شجرة القات لقد آلمنا وأقض مضجعنا ذلك الارتفاع في أسعار القمح والدقيق لأن الجفاف والصقيع والثلوج أصابت المحاصيل في بلدانها البعيدة فوصل الضرر إلى بلاد العرب السعيدة وماذا بعد؟ أليس هذا الحال نذيراً لنا يجعلنا نعيد النظر ونفكر بما نحن عليه من إهمال لزراعة الحبوب، وغيرها من المواد التي يمكن زراعتها والاستفادة منها في الصناعة، لقد حولت كثير من الدول منتجاتها من الزيوت والألبان لتفي بحاجتها، وهذا دافع لنا للاهتمام بثروتنا الحيوانية، وزراعة النباتات التي يمكن أن نستخلص من ثمارها وأزهارها الزيوت. إن خالقنا الكريم أمرنا بالأخذ بالأسباب لننعم بعطائه ورزقه لنا ودلنا على الحلال الطيب ودعانا إلى حسن التعاطي مع ماهيأه لنا من أسباب الحياة والتكاثر بالابتعاد عن خلتين ذميمتين هما الإسراف والبخل لأن ناتجهما يؤدي إلى تعري الخلق والأرض مما أسبغ الله تعالى عليهم من النعم الظاهرة والباطنة يقول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله تعالى هو الخالق، القابض، الباسط، الرزاق، المسعر» عن/ أنس أخرجه أحمد وابن حبان فهل آن لنا أن نكف عن لوم بعضنا، وأن نبدأ معاً أولى خطوات الخير مجتمعين ومتساندين؟!