منذ أقدم العصور، عرفت اليمن بأنها الخضراء « هي الخضراء فاسأل عن رباها». هي أرض الجنتين وهي «اليمن السعيد».. فأين هي السعادة بعد انحسار زراعة الحبوب لصالح زراعة القات ؟! كانت اليمن تزرع الحبوب، وكانت تكفي نفسها، ويتحدث المتحدثون أن أشقاءنا في المملكة السعودية، كان لهم نصيبهم من خير اليمن فقد كانت أحمال من الحبوب تحمل فوق ظهور الجمال تتجه شمالا إلى المملكة كنوع من الدعم السنوي لتلبية جزء من حاجة الاشقاء في المملكة للحبوب. ويروى لنا أن قضاء «ماوية» وحده كان يصدر إلى المملكة مايقدر باثني عشر ألف «قدح» من الحبوب سنويا.. فتعالوا اليوم.. بالله عليكم تعالوا بنا لننظر ماذا فعل القات بقضاء ماوية ؟! لقد حدثت تغييرات هائلة في مساحات شاسعة من الأرض كانت تزرع الحبوب.. فماذا تزرع اليوم؟ لقد أحدث اليمنيون تغييرات مفزعة في نمط الزراعة، جعلوا الأرض تبكي بكاء مراً وهي تحن حنيناً متواصلاً في كل صباح ومساء حسرة على ماكان عليها من زرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ، فاستوى على سوقه يعجب الزراع.. فأين السنابل أيها الزراع؟ أين ذهبت تلك القلاع والمنارات الخضراء من «سوق الذرة» ؟ أين «المحاجين»؟ أين الذرة والدخن وأين الجلجل «السمسم» وأين الدجرة ؟؟ أين ذهب كل ذلك العز والشموخ لأرض الجنتين ؟ لم تكتسح آراضينا الجراد فتهلك زرعها ولم تصب «بالجدمي» ولم تتعرض بلادنا لتقلبات المناخ، بحيث صارت هشيماً تذروه الرياح ولم تجتح بلادنا الزوابع والأعاصير المدمرة، فتحول فيها الزرع إلى حطام.. لم يحدث بفضل الله شيء من ذلك كله.. فماالذي حدث ؟ لقد قمنا بإفساد الأرض وإيذائها وتعطيل وظيفتها.. هكذا عنوة وقصدا مع سبق الاصرار.. فعلنا ذلك ببلادة وقلة اكتراث إن لم يكن ذلك طيشاً ونزقاً !! من منا اليوم لايشعر بفداحة النقص الحاد لمخزون الحبوب المستنبت في بلادنا؟ لقد صار اليوم من المتعذر علينا أن نجد منطقة زراعية مكتفية ذاتياً بماتنتجه من محاصيل الحبوب.. صار الجميع يتطلع إلى القمح والبر والطحين يأتينا من خارج اليمن.. فماذا لو لم يصل؟ هل نستطيع أن نصنع من القات خبزاً؟ هل تفيدنا اوراق القات أن نصنع منها «عصيداً» أو «ملوجاً» أو ماشئتم من هذه المواد الغذائية المصنوعة من الحبوب؟ هل يستطيع القات أن يضمن أن نعيش شهراً واحداً بدون حبوب.. أو نعيش اسبوعاً واحداً أو حتى أقل من ذلك. فإذا علمنا أن القات لا يستطيع أن يضمن لنا الحياة ولو بضعة أيام وهو مع ذلك يشرب أكثر من خمسين في المائة من الماء المخصص لزراعة الحبوب.. فإذا علمنا أن القات لا يستطيع أن يقيم أودنا لبضعة أيام فقط.. وليس شهوراً ولا سنين. بل إن مضغه فوق معدة فارغة وخالية من الحبوب يعتبر كارثة من الكوارث التي تكفى أن تقضي على الجنس البشري في اليمن!!! اسألوا «الموالعة»: هل يستطيعون مضغ القات فوق معدة فارغة؟ فماذا نصنع بالله عليكم لو أغلقت البحار؟ وامتنع الطيران من التحليق في السماء والوصول إلى البلدان؟ ماذا نصنع بالحمير في بلادنا؟ حتى وإن كثر عددهم.. فهل يستطيع الحمير في بلادنا أن يعيشوا على القات دون الأعشاب الأخرى؟ وماذا يفيدنا كثرة الحمير إذا علمنا أنها لاتستطيع اجتياز البحار ولا التحليق في السماء؟ بالله عليكم ألا يوجد منا ولا فينا من يتحسب لقدوم «تسونامي» غذائية فظيعة ورهيبة في بلادنا بعد أن تحولت معظم الأراضي الخصبة التي كانت تزرع الحبوب إلى مستوطنات كئيبة لزراعة القات.. بالله عليكم امنحوني يوماً واحداً وزيراً للزراعة ويوماً واحداً وزيراً للداخلية ويوماً واحداً وزيراً للاشغال، لكي أعيد لمزارع الحبوب اعتبارها في كل المحافظات وأجتث شجرة القات من كل المزارع التي كانت تزرع الحبوب وتزرع الخضروات وتزرع المجد والرخاء لليمن.. ثلاثة أيام فقط تكفي للإنسان أن يعيد الاعتبار للزراعة بشكل عام ولزراعة الحبوب بشكل خاص. يا أخي الرئيس: الذين يقولون إن القات يرفد الاقتصاد ويعول الأسر ويساعد في القضاء على البطالة ويوجد فرص عمل لفئة واسعة من عامة الناس..اسألهم يا أخي الرئيس عن الثمن الذي تدفعه اليمن مقابل مايدعون أو مايزعمون ستجده يا أخي الرئيس «أي الثمن» فادحاً.. فادحاً.. فادحاً. يا أخي الرئيس: ثقتنا بالله كبيرة، في أن يخلص اليمن من كابوس القات واستبدال زراعته بزراعة الحبوب.. ثم ثقتنا في الأخ الرئيس الذي عودنا أن لا تأخذه في الحق لومة لائم، خصوصاً في الأمور التي تمس مصلحة الوطن.