«كوندا ليزا رايس» هي خلاصة «الاستخفاف» الأمريكي بقضايا الشرق الأوسط ،مجسداً في امرأة.. استخفاف يمشي على قدمين ،يصافح ويكشر ويزأر ويعد ،ويبشر الرقاب المنكمشة المؤمنة بمغفرة من البيت الأبيض، وبصناديق سلاح وخوذات عسكرية وعقاقير تنزع ماتبقّى في صدورهم من غل تجاه اسرائىل ،وماتبقّى من بداوة وشرف!! لم تعد أمريكا بحاجة إلى دهاة لشغل منصب وزير الخارجية في إدارتها ،صار هذا الموقع يساوي موقع وزير دفاع في أية حكومة عربية، ديكورياً، هامشياً وتحصيل حاصل .. رحم الله زمان كيسنجر وأولبرايت. -أمريكا أصبحت اليوم في غنى عن تبديد مواهب وقدرات من طراز هؤلاء ،على خارطة «شرق أوسطية» يطويها المارينز من الماء إلى الماء ،لايخشون إلا الطقس وتقلباته على أطعمتهم.. خارطة مهذبة، مضيافة، تستقبل الزوار في الثكنات، وغرف النوم ،على حد سواء! و«كوندا ليزا» هي المسخ المناسب ،في زمن المسخ المناسب.. هذا الاشمئزاز ليس موجهاً إلى بشرتها السوداء ،كما قد يُفهم ،بل إلى النوايا الأمريكية الكالحة تجاه الشرق الأوسط،و «رايس» باعتبارها التجسيد الفاضح لتلك النوايا. نحن نعشق«ليلى كلاي ،ومحمد كلاي ،ومارتن لوثركنج وبطل فيلم «الميل الأخضر» ومانديللا ولومومبا..» لإنسانيتهم ومواهبهم ،ولسنا بحاجة للتدليل على عدم عنصريتنا، لكن «رايس» تبدو ... لا أكثر من فزّاعة آدمية بلامواهب؛ خلطة كراهية وامتعاض ومقت غطستها إدارة بوش في حلق الحنجرة العربية، كمكافأة على حالة الهباء القومي العام. إنها آخر وجه تكتحل به عينا بوش، قبل أن يأوي إلى فراشه، كما تقول«النيوزويك»،و هي في المقابل، أول وجه يفتتح به المشاهد العربي صباحاته الإخبارية. وزعمت «رايس»، لدى زيارتها الأخيرة لباكستان، أن مسئولاً عسكرياً باكستانياً تحّرش بها جنسياً ،لكن أياً من الديوك الورقية في المنطقة لايبدي امتعاضاً إزاء تحرُّشاتها العلنية بهم وبشعوبهم وبدماء شهدائهم،ولا أعتقد أن «رايس» أمام أدبهم الجم يمكن أن تجازف مستقبلاً بتوجيه تهمة من هذا القبيل إلى أحدهم، لمعرفتها أن أحداً لن يصدق! لقد دفع الأمريكيون والإسرائيليون ثمناً ديبلوماسياً ومادياً باهظاً ليحصلوا على التزام بهدنة قصيرة للغاية من طرف ناصر«اتفاق روجرز 69م».. وتعرض عبدالناصر لنقد شديد وصل درجة تخوينه. والآن «رايس» تحصل دون أن تبذل جهداً سوى الطواف على أكثر مما يحلم به البيت الأبيض.. إنها تحصل على قبلات ساخنة أيضاً، لاريب أنها لم تحظ بربعها طيلة سنوات شبابها، في أمريكا بلد العنصرية الأول! ربما لوجه«تسيفي ليفني» كان التخلي عن قطع السلاح الأخيرة سيكون مُبرراً، أما حيال «رايس» فإن الحد الأدنى من المنطق، يفرض تصعيد المقاومة وهدم معبد«المفاوضات» على رؤوس الجميع!! تذييل قصبٌ هياكلنا وعروشنا قصب في كل مئذنة حاوٍ ومغتصبُ يدعو لأندلسٍ إن حوصرت حلبُ درويش