أوباما أصبح رئيس أمريكا؛ وهذا يؤكد أمرين: الأمر الأول أن المجتمع الأمريكي يطمح نحو التجديد، فشعار أوباما كان chang We need نحو التغيير. فالأمريكيون شعروا أنهم منبوذون من العالم بعد ما صنعته الإدارة الأمريكية في العراق وافغانستان وباكستان. فلقد أخطأت هذه الإدارة حينما أرادت أن تحقق امبراطوريتها بواسطة القوة العسكرية والاحتلال للشعوب. وقال قاض كبير في المحكمة الدستورية الأمريكية: لم أعد أستطيع أن أنظر في وجه أطفالي بعدما عرض التلفزيون ما يحدث في «أبوغريب» و«جوانتانامو». إن إدارة بوش ألحقت الهزيمة الأخلاقية بالأمريكيين، وأيقظت ظاهرة العنصرية التي حاولت الجامعات والمعاهد والهيئات الأمريكية محوها بعد أن أثارها مصلحون أمريكيون ومثقفون كبار مثل القس «لوثركنج» الذي كان يردد شعار I have dream "عندي حلم" وجاء حفيده الأسود ليقول We can "نحن نستطيع". لقد ألحقت إدارة بوش القائمة على أساس أصولي ديني توراتي باعتباره ينفذ أمر الله في الأعالي «هو يصرح بذلك وديك تشيني نائبه ورايس وزيرة خارجيته» ألحقت هذه الإدارة العار بأمريكا كما ألحقت هزيمة اقتصادية مريرة بالاقتصاد الأمريكي. فالانهيار الحاصل أكثر من مؤشر على أن هذه الامبراطورية ستغرب كما غربت امبراطوريات مدعمة ومعاصرة كامبراطورية «الاتحاد السوفيتي». أما الأمر الآخر فهو ما يسعد الإنسان في كل مكان أن امريكا تحترم الدستور والقانون حتى على صعيدهم الشخصي. بل إن الرئيس الجديد دليل على أن الشعب الأمريكي يمقت العنصرية، وأن هناك سياقاً عاماً هو التقدم، فالشعب الذي يكتشف القمر والمريخ عار عليه أن يرفض رئيساً أمريكياً لأن لونه أسود. الرئيس الجديد أمامه ملفات ضخمة يحتاج سنين لقراءتها ودراستها، وإذا كان قد اختار يهودياً متعصباً مديراً للبيت الأبيض فإننا نخشى أن يعبث بالأوراق ويزيف الحقائق. وأي رئيس امريكي إن هو إلا محكوم بقوانين كبرى وملتزم بمنطق المؤسسات التي تفخر بها أمريكا.