يعمل الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» على تحسين صورة أمريكا في العالم، هذا ما قالته «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز» قبل اسبوعين. إن العالم قد أصبح يسلم بحقيقة هي أن أمريكا هي الدولة الأولى في العالم صاحبة النفوذ، هذا النفوذ الذي يطمع أن تكون أمريكا هي حاكمة العالم، وقد اتخذت أمريكا منذ بداية الخمسينيات لتحقيق هذا الهدف على الواقع. ولقد اتخذت الإدارة الأمريكية أكثر من آلية للتنفيذ، ومن هذه الآليات وكالة الاستخبارات الأمريكية التي لا تمانع من تركيع أية أمة أو دولة لا تخضع لأمريكا حتى لو كانت بتصفية الشخصيات الوطنية!!.. وسجل المخابرات الأمريكية (C.I.A) حافل بهذا الإجراء. كما أن سجل التاريخ حافل بالزعماء الذين رفضوا وطنياً ودينياً وأخلاقياً هذه الغطرسة واستطاعوا على الأقل أن يحفظوا توازناً مع سياسة أمريكا. «أوباما» ليس من شك وبحكم تربيته في وسط إسلامي في اندونيسيا يميل إلى السلام، ولم يكن مزاجه مثل سلفه «بوش» المتأثر جداً بالثقافة التوراتية المتعصبة، دموياً. فالرئيس الجديد يحاول جاهداً أن يغلق بوابة «جوانتانامو» التي ألحقت العار بأمريكا وفضحت زيفها الديمقراطي، كما يحاول أن يقدم تفهمه لما حصل في العراق من تدمير وقتل وخزي في «أبوغريب». ويحاول أن يكوان ميالاً للحوار أكثر من سفك الدماء كما حددته خطبته في جامعة القاهرة الشهر الماضي، ليقر ويعترف بأن هناك حقاً للفلسطينيين في دولة مستقلة يرفرف عليها علم فلسطين، ويعيش أبناء فلسطين حياة كاملة السيادة غير منقوصة. إن رئيس أمريكا لا يمكن أن يخرج عن ثوابت السياسة الأمريكية وعلى رأسها حفظ حقوقها من الداخل والخارج، والحفاظ على هيبتها لتكون سيدة العالم. ولكن على الأقل أن أوباما يسعى أن يجعل من هذه الثوابت شيئاً قابلاً للمرونة، فبدلاً من إخضاع أي بلد لانقلاب ثوري بالرصاص؛ يخضع البلد لتفاهم معقول ينفذ سياسة مقبولة تراعي المصالح الأمريكية. واجب العرب تشجيع أمريكا لتستمر في طريق المرونة دعماً لهم إزاء ضغوط اللوبي الصهيوني في الكونجرس والبنتاجون.