«ماما زمانها جيه» .. «دلع روحي دلع .. دلع عيني دلع» .. وأخيراً «شخبط شخابيط» ، امتيازات فنية لفنانين .. لم ينسوا إنسانيتهم ، ولم يغفلوا عن رسالتهم الأخرى ، التي تعتبر «أفضل».. إذا غنى الفنان للطفل فإنه بذلك يجسد اكتمال جوانب تلك الرسالة التي يضهرها كثيراً أن تبقى حبيسة الغزل والعشق ووصف المحبوب ، فالفنان لابد له أن يغني للوطن وللحياة وللجمال .. وللحث على معان فضيلة. من زمان الأطفال .. كما هي بقية الأشياء من حولنا ، لهم مكانة في أعماقنا ، بل هم أساس حياتنا ولهم نحيا ونسعى ، عنىّ لهم محمد فوزي ، ومحمد عبدالوهاب ، ومحمد ثروت ، وليلى نظمي ، كاظم الساهر ، وحسين الجسمي ، وغيرهم من فنانينا العرب ، وأخيراً غنت لهم «نانسي عجرم» فأغاني الأطفال فسح لها كبار وعمالقة الفن العربي مجالاً في أعمالهم ، وما أجمل أن يكون هذا المجال محتوياً على جانب اجتماعي كحب الوالدين ، أو تعليمي كالحث على الكتابة أو التعلم أو غيرها ومن زمان نشاهد مثل هذه الأعمال. شخبط شخابيط ولم نلحظ على أي فنان أو مغني أي نقد لتقديمه مثل هذا النوع من الأغاني «المرحة» والمرغوبة ، إلا أن مالاقته «نانسي» من جراء «شخبط شخابيط» يثير تساؤلات عدة ، وبدون أن أدعي دفاعي عن المغنية المذكورة بغض النظر عن ماهي ، أو ما الذي تقدمه إلا أنني أرى أن ألبومها الأخير والموجه نحو الأطفال ما هو إلا تواصلاً للسلسلة الطويلة للفنانين الذين غنوا وتغنوا بالأطفال ، منذ زمن فوزي وعبدالوهاب ، واستغرب تلك الهجمات التي نعتت البومها ب(البايخ) ، أو «الهابط» بالرغم من احتماله لمعاني كثيرة تتسم بالايجاب كالحث على التعليم ، والكتابة وإن كانت شخبطة أو لخبطة.. جانب نفسي يحث الألبوم والأغنية المذكورة خصوصاً على فسح المجال للأطفال للشخبطة ويملأون أو بالأحرى «يوسخون» جدران المنزل بالألوان واللخابيط ، ولندع المجال لعلم النفس الذي سيرد على تلك الأقاويل ، حيث يؤكد علماء واختصاصيون نفسانيون أن الطفل عندما «يشخبط» منقولة بالكلمة إنما هو ينفس عن مكنوناته النفسية ، بل إن كتمان هذه الانطلاقة الطفولية بالزجر والردع و«الزبط» و«اللطم» وأخيراً الحبس تنمي في نفسية الطفل عقداً وكبوات ، تؤثر عليه في الكبر ، وهو ما نقوم به حيال أبنائنا عند اقترافهم مثل هذه الأفعال. جانب علمي تربوي بينما يؤكد تربويون أن الطفل ينمي مداركه ومعارفه ومهاراته أيضاً عن طريق كتابة «لاشيء» وهي المقصود بها «الشخبطة» ، وليس معنى هذا أن نسلم «رقبة» جدران منازلنا إن كان لها رقبة لأيادي وأقلام وشخابيط أطفالنا ، وإنما يجب أن نتيح أمامهم التنفيس والتعبير عن ما يجيش في صدورهم من خلال توفير أدوات التنفيس ، وبرأيي حتى وإن كتب الولد «وشخبط» على أي جدران المنزل أو البيت فمن غير المعقول أن يعاقب عقاب البالغين ، لأن ذلك يمنعه من الكتابة نهائياً في المستقبل وتجعل منه كارهاً رافضاً لكل ما يتعلق بالتعليم في حسب المختصين. قالوا عن شخبط .. من الذين تحدثوا عن محتوى أغنية «نانسي» القيمي والعلمي والاجتماعي المنشد السعودي عيد السعود الذي اتهم المغنية اللبنانية بسرقة الأغنية من البوم الانشاد الخاص به ، ولكنه فجأة ودون سابق إنذار اعتذر وتنازل عن دعواه .. حيث يقول ومعه صديقه المنشد «حامد الضبعان» أنه من الجيد أن يتجه أهل الفن إلى ترديد أغان يستفيد منها الصغار ، وقالا إن الأغنية تحمل رسالة تربوية للمجتمع ، حول ظاهرة الكتابة على الجدران. ويقول أحدهم عبر شبكة النت : هنا يتضح مدى الفشل التربوي الذي نصاب به خصوصاً عندما نحاول أن نربي ، فبينما تقوم نانسي عجرم باصدار البوم «شخابيط» والذي بسببه توالدت الانتقادات التي تصفه بالسلبية ، تقوم منظمات غربية في دولها بتلقين أصول «الشخبطة» لليافعين بحيث يكون الناتج رسوماً جميلة بالفعل تمثل لوحات فنية ، هذا الفن يسمى Graffito وهو يبقى التوجيه الأمثل هنا هو «شخبط» على الحيطان البعيدة والبشعة ، وهو ما تفعله تلك المنظمات بالاتجاه نحو الحارات والأزقة القديمة. شقاوة الأطفال وقالوا عنها أيضاً .. كانت تراودنا أفكار بخصوص مدى صوابية هذه الأغنية كلماتها وطريقة عرضها ، ولكنها في الحقيقة أدت إلى رفع عدد «الشخابيط» التي يشخبطها الصغار على الجدران هنا وهناك ، ولاحظنا ذلك في بيتنا وبيت الجيران وبيوت أخرى ، وطريقة العرض تمزج بين «شقاوة» الأطفال المحبوبة من قبلنا ، وبين مفهوم «الشخابيط» الذي تدكرهم به. ماذا عن نانسي إن الألبوم الأخير «لنانسي» يعد انحرافاً واضحاً عن خط المغنية المعتاد كأول تجربة «طفولية» تقوم بها ، إلا أن الأمر يحسب لها ، بتجديد ما تقدمه ، رغم جودة ماكانت تقدمه ومازالت .. إلا أن الأغنية كما قال أحدهم شحذت همم الأطفال للعلم كما لم يشحذهم أحدهم من قبل. ولنا أن نذكر أن كليب الأغنية يظهر نانسي في دور مدّرسة تثقف تلاميذها من خلال كلمات الأغنية التي تؤديها لها بطريقة إرشادية.