- مدير عام مشروع النظافة : مساعي التثبيت توقفت وعمل مسئولي الأشغال والبيئة البحث عن حق «بن هادي» تراهم أمامك.. خلفك، إلى جانبك، في ساعات الصباح الأولى، وفي أوقات متأخرة من الليل يثيرون الغبار، ويصادرون الأوساخ.. إنهم يغسلون وجه المدينة صباحاً، ويضمدون جروحها عند المساء، ستعتاد عليهم ولن تأبه لمايبذلونه من جهد ومعاناة، وفي الأخير تثمر جهودهم عن ترحيل مابين 340-320طن قمامة من مدينة تعز يومياً.. عددهم 1300 عامل وعاملة ،1200منهم عمال بالأجور اليومية منذ زمن .. مطلبهم الأول والأخير التثبيت. «الجمهورية »لامست المعاناة اليومية لهؤلاء العمال المنسيين وتعرّفت على همومهم ومايكابدون..و هاكم حصيلة رحلتنا في عوالم عمال النظافة. مكنسة وهموم تغادر عائشة منزلها في الصباح الباكر حاملة في يدها مكنسة وفي قلبها هموم لاحصر لها.. عائشة التي فضّلت استخدام اسم مستعار بدلاً من اسمها الحقيقي تمثل إلى جانب زميلاتها حوالي %25 من القوى العاملة في مشروع النظافة بتعز وعليها ان تقضي ثماني ساعات في كنس الشوارع تحت حر الشمس مقابل راتب شهري قدره «16» الف ريال تقول عائشة «31» عاماً : أنا مضطرة لتحمل كل ماألقاه من معاناة حتى أحافظ على مصدر دخلي الوحيد الذي أعول به أربعة أبناء وزوجاً معوقاً بسبب حادث سير. بلا إجازات بالنسبة لعمال النظافة لايعني الشارع بكل حركته وحيويته سوى مكان للتنظيف فهم خلال ثلاث ورديات تبدأ الأولى في السادسة صباحاً وتنتهي الأخيرة في الثانية من صباح اليوم الثاني، وخلال هذا الوقت يخوضون ماراثونات مثيرة مع المخلفات حتى يقضونا على آخر معاقل الأوساخ والقمامة، يعملون طوال أيام السنة ولامجال للإجازات أو العطل في الأعياد الدينية أو المناسبات الوطنية، وبحسب العمال فإنه حتى لايسمح لهم بإلاجازات المرضية وإذا اضطر عامل للغياب بسبب وعكة صحية لمدة خمسة أو ستة أيام فإن ذلك قد يؤدي إلى تسريحه ولاتشفع له سبع سنوات من العمل. الشارع الجاحد يمر الناس في الشوارع وفي طريقهم يلقون بعلب السجائر الفارغة، قناني الماء، مناديل ورقية ، عبوات العصائر، بقايا الصحف وكل مايشعرون أنهم استنفدوه يرمونه إلى الأرض دون أدنى اكتراث وهذا أمر يجعل عامل النظافة عرضة للعقاب إذا مر المشرفون ووجدوا المكان لايتمتع بالنظافة الكاملة، فمحاسبة العامل تتم بشروط مجحفة لاتتسامح مع كيس بلاستيكي هنا أو علبة فارغة هناك.. من يستطيع أن يضمن بقاء خمسة أمتار مربعة في الشارع نظيفة لمدة خمس دقائق؟! وطبعاً المراهنة على ذلك في مجتمع مثل مجتمعنا أمر فيه مجازفة كبيرة غير أن عمال النظافة يحاسَبون على كل قشة لم ترفع من الشارع، على كل همسة غبار.. يقولون : إن أشد مايواجهونه من متاعب هو عدم اكتراث الناس لمايبذل من جهد في تنظيف الشارع بل إن هناك أناساً يعمدون إلى إلقاء الأوساخ عمداً ، مما يجعل العامل عرضة للمساءلة بتهمة الإهمال، ويضيف أحد العاملين : إذا كنا نريد نظافة في بلادنا فعلينا أن نخصص عامل نظافة لكل مواطن.. مطالباً أيضاً بمحاسبة الناس الذين يلقون بالقمامة في غير مكانها قبل محاسبة العامل. واجبات بلا حقوق وضع هؤلاء العمال كمتعاقدين بالأجر اليومي ضاعف عليهم الأعباء وحرمهم من الكثير من الحقوق، حيث يضطر هؤلاء العمال إلى رفع مخلفات الشركات العاملة في مجال الحفر والرصف والبناء من أحجار وأتربة الأمر الذي يحولهم من عمال نظافة إلى عمال فاعل «شقاة» ولايمر الأمر بسلام فالعمال يقولون: إنهم يتعرضون لأعمال ابتزاز من قبل مسئوليهم المباشرين والذين يقومون باستغلال صلاحياتهم واستقطاع مبالغ من رواتب العمال دون وجه حق، ولايجررؤون على ابداء أي تذمر لأن ثمن التذمر قد يكون التسريح من العمل. مخاطر صحية من الملاحظ أن هؤلاء العمال يقومون بأعمال النظافة بأيديهم العارية، ويفتقرون لأبسط تجهيزات الوقاية الصحية مثل الجونتيات الكمامات، ممايجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض بحكم احتكاكهم بشكل مباشر بالأوساخ والقاذورات، وبما أنهم متعاقدون بالأجر اليومي فإن القانون لايمنحهم أية ضمانات صحية ولايلزم الجهة التي يعملون معها بتحمل تبعات أي مرض قد يصيب العامل نتيجة للعمل، وهناك مرض منتشر بين العمال وهو مرض تسدد الجيوب الأنفية الذي يصاب به العامل بسبب استنشاقه المتواصل للغبار أثناء كنس الشوارع. بلطجة وحوادث ومن ضمن المعاناة التي يشكو منها العمال تعرضهم للاعتداءات المتكررة من قبل البلاطجة وبعض النزقين وعلى حد وصف العمال فإنه لايمر يوم دون أن يتعرض عامل للضرب أو على الأقل السب والشتم أثناء مزاولة أعمال التنظيف فهذا يسبهم لأنهم يثيرون الغبار، وذاك يلاحقهم ويلعنهم بدعوى أنهم لم ينظفوا أمام محله كما يجب، ولكن هناك نوعاً يعتبره العمال أسوأ أنواع المعتدين وهم أولئك البلاطجة الذين يتحرشون بالعمال من باب الاستخفاف والتعالي واستعراض العضلات ومؤخراً تعرض عمال النظافة للاعتداء من قبل بعض ضباط المرور ولولا تدخل رئيس المحكمة الاستئنافية ورئيس النيابة بمحافظة تعز لما تم ضبط المعتدين، وفي حالات عديدة يتعرض العمال للضرب والرجم في الحارات أثناء دخولهم لرفع القمامة في الصندوق وحينما يذهب المسئولون إلى هذه الحارات في محاولة لضبط المعتدين لايجدون من يتجاوب معهم. العمل حتى الدهس حوادث الاصطدام والدهس هي الأخرى تحتل مساحة واسعة من هموم عمال النظافة خصوصاً العاملين منهم على مداخل مدينة تعز وشوارعها الرئيسة، فقد يفاجأ العامل أثناء انحنائه لكنس الشارع بسيارة أو دراجة نارية مسرعة يعجز عن تفاديها ويحدث اصطدام تكون نتيجته تحطيم جسد العامل وإصابته بكسور خطيرة. المعالجة للجميع وحول هموم ومشاكل عمّال النظافة المتعاقدين بالأجر اليومي ووضع صندوق النظافة والتحسين بشكل عام التقينا الأخ /صادق الطويل - مدير عام مشروع النظافة والتحسين بمحافظة تعز الذي بدأنا معه الحوار حول تثبيت العمال المتعاقدين فأجاب : مساعينا في هذا الموضوع توقفت عند المعالجة في وزارتي الخدمة المدنية والمالية على أساس معالجة الأمر على مستوى محافظات الجمهورية وليس محافظة تعز فقط، حيث إن هناك الكثير من العمال المتعاقدين في بقية المحافظات والاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية ونقابة عمال النظافة تتابع هذا الموضوع. الأجر اليومي أفضل وحول إمكانية توفير حلول بديلة في إطار صلاحيات الصندوق تحقق للعمال مستوى معيناً من الامتيازات والضمانات التي يتمتع بها بقية العاملين في القطاع العام.. قال الطويل : أولاً هذا العامل غير مستقر يعمل هنا شهراً، والشهر الثاني تجده في مكان آخر، وإذا طلبت منه عملاً وقمت بمتابعته تفاجأ وقد خرج وذهب إلى موقع آخر لايوجد فيه ضغط عليه، فإذا كنا نعاني منهم وهم بالاجور اليومية فمابالك عندما يثبتون ! ماذا سنعاني منهم حينها لن نستطيع أن نفعل لهم شيئاً على اعتبار أنهم موظفو دولة.. وهي مشاكل نعانيها حالياً من العمال الرسميين الذين يعمدون إلى الغياب وتذهب كل رواتبهم للأقساط.. ونحن نتعامل مع العمال الآن على أساس خذ ماهو لك وقدّم ماهو عليك. وأضاف الطويل : إنه لايوجد عامل لايتمرد، وإن العمال يهملون في أداء أعمالهم، مؤكداً في ذات الوقت أنه لايوجد عامل يؤدي العمل الذي عليه.. مشيراً إلى أن هؤلاء العمال يكسبون أفضل من الجميع حيث يمارسون العمل خلال احدى الورديات الثلاث في مشروع النظافة التي أصلاً لأيعمل فيها العامل أكثر من ثلاث ساعات من أصل ثماني ساعات في الوردية ثم يذهب العامل لجمع المواد البلاستيكية أو العمل كخّراز أو حماّل.. وأنا اضطر لمتابعتهم وحثهم على العمل. فوائد الأجور اليومية وبخصوص حرمان العمال من إلاجازات وتعرضهم للفصل حتى وإن كانوا بإجازات مرضية أكد مدير المشروع عدم حدوث ذلك قائلاً :- هذا الكلام غير صحيح، وأنا أتعامل مع العامل بالأجر اليومي مثل العمَال الرسميين، وإذا أحضر العامل اليومي إجازة مرضية أعتمدها مباشرة، لكن الذين يكذبون ويدْعون المرض دون أن يتمكنوا من إثبات ذلك عبر اجازات مرضية تبرر فترة الغياب طبعاً لابد أن أفصله، فأنا لست ملزماً بإنسان يتغيب لمدة سبعة أيام دون مبرر، من سيغطي عمله في حال غيابه، وهذا يعتبر شيئاً ايجابياً في الأجور اليومية حيث تستطيع التصرف إذا لم تغط منطقة ما بأعمال النظافة حينها تستطيع ان تحضر البديل، لكن طالما أن لدى العامل إجازة مرضية نجعل عاملاً آخر يغطي مكان زميله المريض. القضاء على المبتزين وبخصوص تعرض العمال لعمليات ابتزاز وخصم جائر للرواتب من قبل مسئوليهم المباشرين أكد الطويل عدم حدوث ذلك وقال : الآن أصبح المراقبون يخافون من العمال ، وأنا أريد حالة واحدة من العمال تشكو من خصم الراتب ظلماً وأنا مستعد لتحمل المسئولية أو حتى بناء على رفع من قبل المشرف أو المراقب أو حتى مسئول مديرية. وأنا على استعداد تام لتحمل المسئولية، وهذا الكلام يردد من قبل بعض ضعفاء النفوس الذين فقدوا مصالحهم فقد كان يوجد كثير من المرتزقة الذين كانوا يتسلمون رواتب ومكافآت وأيضاً يأخذون فلوساً من العمال وقد تم القضاء عليهم والآن المراقبون آخر من يستلمون مستحقاتهم العمال أولاً ثم يأتي الآخرون. بالرغم أننا نعاني مشاكل كثيرة من العمال وخصوصاً مشكلة الغياب فنحن نرفع أقساط غياب بحدود مليون وخمسمائة الف ريال، وقد كان هناك سابقاً تذمر من بعض العمال بأنهم لايحصلون على حقوقهم عندما كانوا في المديريات لكن الآن تم معالجة كل الاختلالات ولم يعد هناك مثل هذه المشاكل. الوقاية متوفرة وفيما يتعلق بتوفير وسائل الوقاية الصحية للعمال أكد الأخ /صادق الطويل أنه يتم توفير كافة اللوازم الصحية للعمال مشيراً إلى أن المشكلة عند العمال أنفسهم، فالعامل لايلتزم حتى بارتداء بدلة العمل حيث تقدم للعمال الجونتيات والأحذية الخاصة والكمامات لكن العامل يرفض التعامل مع هذه الأشياء ويقولون : إنهم غير متعودين عليها وإن لوازم الوقاية الصحية مكدسة في المخازن وإذا وجد عامل يطالب بها تعطى له مباشرة. مخلفات إضافية أما عن مشكلة رفع مخلفات شركات الحفر والرصف ومخلفات البناء أفاد مدير مشروع النظافة بتعز أن المشروع يعاني من هذه الشركات الأمرين، حيث يضطر المشروع إلى رفع هذه المخلفات بعماله ومعداته، مشيراً إلى أن على هذه الشركات مبلغ مليون وسبعمائة الف ريال أجور عمال ومعدات لم تسلم إلى حد الآن للمشروع شاكياً من أن الرسوم الخاصة بمخلفات البناء تورد إلى مكتب الأشغال ولاتورد إلى مشروع النظافة الذي يقوم برفع هذه المخلفات.. كماطالب الطويل بتوريد رسوم الأسواق إلى مشروع النظافة بدلاً عن مكتب الأشغال على اعتبار أن المشروع هو من يقوم بتنظيف هذه الأسواق. غياب التنسيق وعن مستوى التنسيق بين مشروع النظافة ومكتب الأشغال ومركز البيئة شنّ الطويل هجوماً كاسحاً ووجه اتهامات حادة لمكتب الأشغال ومركز البيئة حيث قال : للأسف الشديد لم نجد المسئولين الذين نتحدث معهم في هاتين الجهتين لأنهم غائبون.. طبعاً مكاتب الأشغال في المديريات لايبحثون عن إصلاحات بل يبحثون من أين سيترزقون ، فأقسام الأسواق في هذه المكاتب لاتسأل كيف تعالج المشاكل، فقط يتساءلون كيف يسترزقون ويضعون هذا هنا وهذا هناك وأخذ حق «بن هادي». مركز البيئة الكاذبة وتابع الطويل كلامه قائلاً : أما بالنسبة للبيئة فنحن نسمع أنه تم افتتاح مكتب جديد لها ولكننا لانعرف ما دوره بالتحديد، فقط قيل أن هناك مكتب بيئة نسمع به فقط .. ولهذا نناشد الأخ/عبدالقادر حاتم وكيل محافظة تعز للشئون الفنية والبيئة أن يضع حداً لمثل هذا الاستهتار في هذا المركز لكي يقوم بدور فاعل وبناّء بعيداً عن المظاهر الكاذبة والاحتفالات المناسباتية، ولكن على أرض الواقع لايوجد شيء، وأنا لي موقف على هذا المركز لأنه لايقدّم دوره برغم أن النظافة 90 % وهو يمثل %10 والمفروض أن ينسق معنا في كل عمل نقوم به، ونحن بالمناسبة قد استحدثنا قسماً جديداً في المشروع للبيئة وسنقوم بأعمال التوعية البيئية مع مختلف شرائح المجتمع عن طريق التواصل المباشر. وأخيراً: هل سيظل التثبيت حلم عمال النظافة في تعز إلى الأبد!؟