مساجين العالم ربما أهم مطالبهم خلع السجّان أولاً.. والطريف هنا أن يتظاهر السجناء مطالبين ببقاء «سجّانهم» كما هو الحال في سجن تعز المركزي.. في زيارة هي الأولى للسجن غير مرتبة.. وبعيداً عن قاعدة «التنسيق المسبق» أحياناً.. دلفنا بوابة السجن الرئيسة لست سجيناً بل مستطلعاً بعد اجراءات الدخول وقفنا أمام مشهد التظاهرة «الثانية» للسجناء .. حيث كانت المفاجأة أن يتظاهر سجناء في سجنهم يطالبون بعدم تغيير سجّانهم.. إنها حالة غير مسبوقة شهدتها الأسابيع الماضية ، مفارقة عجيبة. موقف غريب لم نعهده قط أنا وزميلي «أحمد النويهي ، وفارس العدسة العريقي عادل» السجناء أكتظوا حولنا .. تهافتوا بزحام ليحدثونا عن أوضاعهم.. الزميل العريقي كان أكثر خوفاً على كاميرته جراء الزحام الذي أرهقنا .. ونحن نتحدث مع السجناء لم نستطع من أخذ موطئ لأقدامنا لنقف بثبات كانوا كموج يتلاطم من كثرة عددهم .. ونحن أشبه بغريق يستغيث.. موقف عجيب.. هتاف موحد رددوه أمامنا .. كان يدوّي داخل السجن.. تأذت مسامعنا من قوته .. تعالت الأصوات أكثر : «بالروح بالدم نفديك ياغلاب» والمقصود به مدير السجن العقيد يحيى غلاب.. مانشرته الصحف عار من الصحة العقيد/ يحيى غلاب مدير السجن المركزي: يرد على مانشرته بعض الصحف ازاء أوضاع السجناء وقال :إن كل مانشر لا أساس له من الصحة.. ونحن لانطلب منهم أن يكافئونا على جهودنا التي نبذلها في سبيل خدمة السجناء كل مانشر في تلك الصحف وراءه أناس مغرضون لا أقل ولا أكثر نحن تاعبون ونواجهه مشاكل شتى.. وفوق هذا ينشرون مالاصلة له بالواقع بدلاً من إن يقدموا لنا كلمة شكر.. أنتم جئتم بغتة وتفضلوا أدخلوا إلى أوساط السجناء وأنظروا الواقع بأنفسكم وبإمكانكم أن تتحدثوا مع السجناء أنفسهم ، فنحن نوفر كل مايلزم وماهو من محض واجبنا نقوم به.. المريض نسعفه والباص والأفراد جاهزون في أي وقت لإسعاف أي سجين مريض إلى مستشفى الثورة أو الجمهوري ، ولدينا ثلاث وحدات صحية ، مصحة نفسية ولدينا أطباء موجودون هنا. ويحكي مدير السجن أن أحد آباء المساجين عندما زار السجن قال أنا قرأت في الصحف كلاماً عجيباً والواقع عكس مانشر فيها في بوابة السجناء دلفنا بوابة السجناء في محاولة منا للالتقاء بهم لم نتمكن من وضع أقدامنا وسط ذلك الزحام في مكان اكتظوا فيه وكل يسابق الآخر ليحدثنا.. ذلك الحشد الذي ظهروا به أشبه بتظاهرة يحيون من خلالها مدير السجن الحالي العقيد يحيى غلاب. رعاية يشكر عليها السجين عبدالله أحمد الأسدي قال : بصراحة مدير السجن متعاون معنا ويرعانا بشكل يشكر عليه.. المشكلة أن حمامات السجن هي قديمة ووضعها هكذا مهمل من قبل أن يأتي المدير الحالي للسجن.. طبعاً ابوابها مكسرة والمياه تقل أحياناً لكن للأمانة نقول أن إدارة السجن لم تقصر في حال وجد نقص في المياه. الاشكاليات متراكمة من الماضي ويؤكد السجين عبدالغني الحالمي ماقاله زميله الأسدي ويضيف : أن مدير السجن الحالي «حل كثيراً من مشاكلنا الداخلية وأزال التفرقة وزرع روح الاخوة والألفة والمحبة بيننا.. بوجوده نشعر براحة وطمانينة والخدمات متوفرة بعكس الفترة السابقة. أما بالنسبة للاشكاليات فهي متراكمة من قبل أن يتعين المدير الحالي للسجن.. من يتحدث عن أوضاعنا ويصفها بأنها مزرية أقول وكذلك كل المساجين صرخوا جميعهم كذا بين كل مانشر لا أساس له من الصحة.. وأضاف : الغذاء متوفر بعض الأيام يصرفون لنا لحوماً وبعض الأيام دجاجاً وارزاً ومشكلاً وخضاراً والماء متوفر والخدمات الصحية موجودة. اتقوا الله في سجنائكم ويشير عبدالله الجنيد سجين 4 سنوات إلى المدير الحالي أصلح كثيراً من شئون السجن والسجناء.. ونحن ندعو له بالعافية وطول العمر فهو أكثر رفقاً ورحمة بنا ففيه صفات إنسانية عالية .. فالمريض لايبقى هنا على مرضه حتى يموت بل يتم اسعافه ومعالجته حتى يشفى. لكن المشكلة التي نعاني منها وهي تصرفات قد لايعلمها مدير السجن بل يعلمها من هم ادنى منه في الإدارة منها ، اهمال بعض المستلمين لبعض قضايا السجناء وعدم ايصال الشكاوى إلى الإدارة ولابدمن دفع مقابل من أجل توصيل الشكوى إلى مدير السجن ولابد من دفع ضريبة مقابل ذلك. وحتى نكون منصفين لهذا الرجل فهو متفاعل مع المساجين وفي حل بعض القضايا.. وبالنسبة لي فقد تواصل المدير مع غرمائي وغرماء كثير من السجناء وهذه من حسناته.. ونسأل الله أن يبارك فيه.. ولكن في نفس الوقت نطلب منه أن يتقي الله في الأمور الباقية.. اتق الله في جميع شئون السجن. المدير السابق أهاننا السجين عبدالإله العيزري : مازال يشكو مما تعرض له وزملاءه في السجن من قبل المدير السابق للسجن حيث قال : كنا في السابق نعيش أشبه بالحيوانات داخل الزريبة أما المدير الحالي للسجن فهو أب لنا يستمع إلى قضايانا ويحل مشاكلنا وبالنسبة للتغذية في السابق كانوا يعطونا دجاجاً مريتين في الأسبوع ويومين دقة.. أما الآن يعطونا خمسة أيام دجاجاً ورزاً وبقية الأيام لحماً هذا بالنسبة للغداء أما الفطور والعشاء فول وفاصوليا وأربع كدم لكل فرد في كل وجبة. ويشير إلى زملائه السجناء في المكان قائلاً : هؤلاء كلهم عارفين أن المدير السابق ذلنا.. أهان كرامتنا.. واضاف : كل هذه الضجة التي عملوها في الصحف وراءها المدير السابق وقد نزل ابنه مع اللجنة بهدف استلام إدارة السجن مرة ثانية.. ونحن السجناء نقول له عليه أن ينسى السجن المركزي تماماً ، السجناء هتفوا بصوت واحد «مانشتوش مانشتوش». وقالوا هناك من يحاولون تغيير المدير الحالي للسجن ويريدون إعادة الظلم للسجناء في هذا السجن .. نحن لن نرضى بغير يحيى غلاب.. غلاب أبونا وهتفوا بصوت واحد «بالروح بالدم نفديك ياغلاب».. أسماء وهمية وبحسب السجين بشير محمد الراشدي «4 سنوات في السجن»: ان المدير أحب الناس إلى السجناء لأنه قريب منهم ويتفقد أحوالهم ويتعاون معهم بحسب الامكانيات المتاحة. واضاف : هناك اسماء وهمية تنشرها الصحف على أن أولئك هم من يشكون من الوضع في السجن وتحت ترميز حرفي وهذا غير مصدق به.. مؤكداً أنها اسماء وهمية.. السجن أفضل مؤسسة وبانعفال كان يتحدث لنا السجين محمد عبده سعيد الجبري 6 سنوات في السجن حيث قال : إذا كان الفساد موجوداً فإن السجن المركزي يعتبر افضل مؤسسة والفضل يعود بعد الله إلى المدير الحالي الذي أصلح شأن المساجين وهيأ الوضع ووفر لنا كل شيء والسجين الذي كان منحرفاً أصبح اليوم إنساناً سوياً مستقيما صالحا في المجتمع.. وبالنسبة لنا نحن السجناء لن نتخلى عن المدير الحالي. من كان يخاف الله ويقول الحاج سيف محمد منصر البريهي «74 عاماً» له عشر سنوات في السجن : من كان يخاف الله واليوم الآخر فليبق لنا يحيى غلاب مديراً للسجن وبحسب كلامه أنه أوجد الصلاح والألفة داخل السجن.. وأضاف: أشهد لله أن هناك ناساً مدفعوين بزلط من خارج السجن ضد العدالة.. ضد محاولة أخذ حقنا وانصافنا من غرمائنا. السجينات وفي قطاع النساء السجينات دلفنا بوابتهن بعد الاستئذان ثمة من تندب حظها وتعاستها في هذا المكان آخريات يذرفن الدموع تنهدات الحسرة والألم وتأوهات عديدة تخيم على اجواء هذا القطاع .. ثمة من تطلب استغاثة لانقاذها مما لحق بها من الظلم الذي قادها إلى السجن كما هو حال العجوز «فاطمة» وبعضهن افدن انهن لايعرفن غرماءهن .. وآخريات طالت فترتهن في السجن دون محاكمة أو أدلة تثبت تورطهن فيما نسب اليهن من التهم .. جميعهن يؤكدن أن كل شيء تمام في السجن من حيث العناية والرعاية المقدمة لهن من قبل إدارة السجن ،حيث أكدت لنا السجينة الشابة «فاطمة» بالقول : لم ينقصنا شيء.. عدا الافراج عنا.. واضافت نحن مرتاحون في السجن أفضل من بيوت أهلنا.. وتقول الحجة فاطمة وهي من شمير يقدر عمرها ب 75 عاماً يحيى غلاب وفر لنا كل حاجة.. مايشاتمش .. هذا ابونا عمله مليح.. عندي بزوره سميرة اثيوبية نزيلة في السجن منذ «شهر» ويومين حسب كلامها سألناها عن حالها في السجن فردت بالقول : «الوضع كويس» أنا فقير.. عندي بزوره .. أنا اشتي اشتغل.. أنا في نروح شغل مكوناً في الطريق.. نبيهة البريهي رقيب أول في الشرطة النسائية بالسجن المركزي.. قالت: ارتياح تام من قبل السجينات كون الخدمات متوفرة لهن من تغذية ودواء ومياه ونظافة.. أعتقد أنه لايوجد هناك قصور فالوضع ربما أنه تمام في السجن ، وكما شاهدتم أنتم ولاحظتم بأنفسكم . براءة الطفولة الطفل محمد العاقل 5 سنوات له سنتان ونصف في السجن مع أمه السجينة .. اندفع إلى جوارنا سألناه عن مرافقته لأمة وهل هو مرتاح هنا .. أجاب الحمدلله.. واضاف أنا اشتي يحيى غلاب لأني أحبه.. أثناء خروجنا من قطاع النساء اصطفت السجينات في المكان فيما الاطفال تسلقوا على الشبابيك وهتفوا ليحيى غلاب.. التغذية ياسين عبده أحمد القباطي مساعد طبيب يعمل مشرفاً صحياً على الوجبات الغذائية قال : إن التغذية تعتمد لعدد محدد.. لكن العدد يتضاعف دون أن تضع المصلحة ذلك بعين الاعتبار كون النيابة أحياناً ترسل إلى السجن عدداً أكثر من المطلوب.. مدير السجن في الحالة هذه يغطي العجز حتى يأتي الفصل الثاني من الصرف.. وقد يصل أحياناً عدد السجناء من 30 40 في اليوم أي العدد المرسل من النيابة. يعطى للسجناء وجبات الغذاء مثلاً الغداء يعطى لهم الرز مع الدجاج والخضار خمسة أيام في الأسبوع وبقية الأيام لحوم ، منظمات المجتمع المدني غائبة والقى العقيد علي محمد سعيد نائب مدير السجن المركزي باللوم والعتاب على منظمات المجتمع المدني التي وصف دورها ازاء قضايا السجناء بأنه يكاد يكون غائباً وقال أنه ليس بالمستوى المطلوب.. وطالبها أن تلعب دورها الإيجابي في خدمة قضايا السجناء ومناصرتهم في هذا الجانب وليس من خلال إعداد الاحصائيات.. كما طالب الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال بمد يد العون والمساعدة للسجناء.. وقال السجناء هم في الأخير أخوان لنا إذا اصلاحناهم أصلحنا نصف المجتمع وإذا عطلناهم عطلنا المجتمع. التعليم وتحدث نائب مدير السجن عن المراكز التشغيلية في السجن والمرافق التابعة وقال: إن هناك مدرستين مدرسة للرجال وأخرى للنساء ، مدرسة الرجال يعمل فيها حوالي 38 مدرساً يتناوبون في فترات صباح ومساء وتدرس فيها مرحلتان الأساسي والثانوي.. وهناك منتسبون من الجامعة يتم امتحانهم من قبل لجنة مرسلة من الجامعة إلى السجن ، وهم في مساق الدبلوم ومساق البكالوريوس ، حقوق ، اقتصاد ، علوم إدارية. مدرسة النساء عديمة الجدوى لايوجد لها مدرسات لأن المعلمات يرفضن التدريس في السجن. ايضاً هناك مبنيان لوحدتين صحيتين وحدة خاصة بالرجال والأخرى بالنساء. المراكز التشغيلية أما بخصوص المراكز التشغيلية فنحن الآن بصدد تجهيزها وهناك تنسيق مع الأمين العام للمجلس المحلي ومصلحة السجون والجهات الأخرى ذات العلاقة.. وتوفرت كثير من الامكانيات والآن نحن في طور الميزانية التشغيلية وهو مبلغ محدد ويمكن أن نبدأ خلال الأسابيع القادمة.. لدينا خطة لتشغيل 15 فرداً في مجال الخياطة و15 فرداً في مجال النجارة أعتقد أن تدريب وتأهيل السجناء سيكون افضل لكن الذي يعيقنا حالياً ضعف الميزانية التشغيلية.. أيضاً المباني الموجودة غير كافية. المياه متوفرة لكن ثمة عبثاً.. وبحسب مدير السجن أن الإدارة تبذل قصارى جهدها لتوفير المياه وتغطية احتياجات المساجين عن طريق الوايتات ، ومن ثم يتم الرفع بذلك في تقرير إلى المصلحة لتقوم بعملية تسديد قيمة المياه التي تم استهلاكها .. في العام الماضي بلغت تكلفة المياه بحدود 700 ألف ريال ، وتم الرفع بها إلى الوزارة وتم صرفها.. كذلك رفعنا في التقرير إلى الوزارة والمصلحة وطالبنا بضرورة حفر بئر وهذا سيأخذ وقتاً طويلاً. اعاملهم كأولادي وفقاً لإحاديث السجناء أن العقيد غلاب يعاملهم وكأنهم ابناؤه حيث يقول غلاب مدير السجن : كلما اسمع «طنة صوت» أنه مافيش ماء.. اسرع للعمل بتوفيره.. وكأنني أعامل أولادي وهذا واجب وضروري أن نوفره.. لأننا نعمل في خدمتهم وهؤلاء السجناء هم في ذمتي.. وحرصاً على ذلك «أنا هنا منذ سبعة أشهر لم أزر أهلي وأولادي ، وبقيت هنا لخدمة هؤلاء المساجين وهم حين يتظاهرون ويطالبون ببقائي مديراً للسجن هو تأكيد لما يلمسونه منا من خدمات نقدمها لهم ولهذا لم يحصل أن ثمة سجيناً يحب سجاناً.. وهذا ماهو الارد جميل منهم. هؤلاء .. أمانة في أعناقنا أما بشأن الحمامات المكسرة أبوابها.. نحن لاننكر ذلك أنه في خراب لأنه مع كثرة السجناء يتم فتح واغلاق الأبواب طوال اليوم على هذا الرحيل وهذا طبعاً ما أدى إلى تكسيرها.. وحالياً هناك عملية إصلاحات لها ويتم ذلك كلما اتيحت الفرصة لإصلاحها.. أما بالنسبة للنظافة ، كما شاهدتم على الواقع تتم بشكل يومي وأما بخصوص البطانيات والفراشات هذه الأشياء توّرد مركزياً من المصلحة.. نحن بدورنا نرفع بكل الاحتياجات والمتطلبات للمساجين دون استثناء.. ونقدم الخدمات لهم وفق امكانياتنا ، المريض نسعفه إلى المستشفى.. نحن نتجمل مع السجناء بكل مانستطيع لأنهم أمانة في اعناقنا «كل راعٍ مسئول عن رعيته» فالذي عليه حق العام يستوفي مدته ويفرج عنه والذي عليه حق خاص حينما يسدد ماعليه يفرج عنه والمتعسر تسلم عليه الدولة وفق أحكام خاصة بذلك.. السجين الذي يستوفي مدته نبلغ النيابة على أساس الافراج عنه.. وقال مدير السجن أن أي سجين يستوفي مدته يقوم هو شخصياً بمتابعة الافراج عنه. مشكلة الازدحام زحام المجسونين يفوق السعة للسجن.. ونحن ليس بايدينا شيء لمعالجة هذه المشكلة. العدد يتضاعف وبحسب العقيد علي محمد سعيد نائب مدير السجن أن عدد السجناء يصل أحياناً إلى حدود 1500 1600 سجين فيما يتسع السجن لحوالي 500 شخص ، وقال أن مبنى السجن هو في الأساس صمم كمعهد وليس كسجن.. مشيراً إلى أن هذا الازدحام بالمسجونين يحدث أحياناً المضايقات فيما بين السجناء وقد يتسبب أحياناً في انتشار الأوبئة في أوساط المساجين. واعتبر وجود المبنى المصمم كسجن ضرورة ملحة لأن المبنى حسب قوله حجر الزاوية لإعادة تربية وإصلاح الافراد . واضاف إلى ذلك الحديث العقيد يحيى غلاب مدير السجن وقال أن اللواء الدكتور رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية متفاعل كثيراً مع هذه القضية على أساس توسعة العنابر الداخلية والمرافق التابعة للسجن.
