كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سجينات الحديدة.. واقع مؤلم وإنسانية مفقودة وحقوق ضائعة !
نشر في الجمهورية يوم 05 - 05 - 2012

حين يسجن نفر من الرجال تتعالى صيحات المواساة وشد الأزر والعزم “ السجن للرجال “ ياولدي .. ومع ذلك تطلق تنديدات الاستنكار والعصيان على بقاء هذا النفر بالسجن مهما كانت قضيته ظالم أو مظلوم .. يتحرك الأهالي .. وتتدخل المنظمات .. ويتبرع المحامون .. ويدفع رجال المال والأعمال من جيوبهم ودم قلبهم مبالغ فك العسر وعتق الرقاب للبحث عن أضغاث حسنات ربما تشفع لهم جزاء بعثرة أموال الدنيا التي جنوها في غير محلها .. وتستمر المناشدات لإخراج هذا السجين والترحيب به من جديد في مجتمع يجد صعوبة شديدة في تقبل هذا السجين بعد خروجه .. فما بالكم بسجينات قسا عليهن الزمن .. وحكم عليهن القدر ..
واسودت في وجوهن الدنيا .. عيد الأم وعيد المرأة وعيد الحب مناسبات مختلفة لاحتفالات خاصة توزع معها هدايا الامتنان وورود المحبة وعطر الاشتياق ل الأم والأخت والزوجة “المرأة “ في محاولات متأخرة لإعطاء المرأة دورها وحقوقها المفقود في مجتمع يتقبل بين حين وآخر بحقوق المرأة، لكنه يفضل سلطة وهيمنة الذكور, لكن المرأة السجينة لاتنال أو تتمتع بأي حقوق مجتمعية أو إنسانية على الأقل بمثيلها الرجل السجين انعدمت الرحمة وأصبح الاهتمام بقضايا المرأة السجينة لاتتبناها سوى منظمات مجتمع مدني خلقت شراكة حقيقية لنقل معاناة هذه المرأة من ويلات السجون ومتاعب الاستيطان فيها . تكالبت الظروف الاجتماعية والاقتصادية عليهن ورمت بهن أخطاء الضعف القهري إلى ضيق عنابر السجون، ومنهن من تسكن الوحشة والألم واقعها المحيط بتفاصيل غدر الزمن والمكان لها .. ارتكب في حقهن جرائم وحشية وبعضهن تعرضن لاغتصاب أجبرهن على الاستمرار في ممارسة جرائم زنا المحارم كما ستتعرفون عليها من خلال هذا التحقيق إطلاق سراح السجينات ممن قضين ثلث المدة أو المدة كاملة أصبحت مطالب مجتمعية، كما انه أصبح من الواجب والضروري بناء سجون خاصة وإصلاحيات منفصلة وسجون احتياطية خاصة بالنساء لاعتبارات عديدة . وهنا يأتي دور الحكومة والدولة في التوجه لهذا الجانب والتأهيل .. كما أن على المجتمع أن يعي أن ليس كل امرأة دخلت السجن تكون جريمتها أخلاقية.. هكذا ينظر المجتمع للسجينة.
في هذا التحقيق قصص مؤلمة وردود قاسية وتوضيحات مهمة وتفسيرات مقبولة جمعناها من سجون النساء وقبل سرد تفاصيله نحب أن نشيد بكلمة حق للجهات الأمنية بمحافظة الحديدة التي تعاونت معنا وسهلت جدا مهمتنا بكل شفافية وتلقائية واستيعاب للرسالة الإعلامية يأتي في مقدمتهم مدير أمن المحافظة العميد ناصر الطهيف ومدير السجن المركزي بالحديدة ناصر العولقي.
تطبيق القانون غائب
وفقا للائحة التنفيذية لقانون تنظيم السجون في المادة 67الفقرة ا،ب ، ج إلى تقسيم المحكوم عليهم ذكورا وإناثا الى فئات حسب مدة العقوبة حيث يودع المحكوم عليهم بعقوبة الحبس التي تزيد عن 3سنوات في السجون المركزية بينما يودع المحكوم عليهم بالحبس سنة في السجون الفرعية وأخيرا المحكوم عليهم بالحبس مدة تقل عن سنة في السجون المحلية وبالرغم من النص القانوني لهذه الأنواع من السجون إلا أنها غير موجودة على الواقع وبالتالي يعتبر بمثابة دلالة واضحة على عدم تطبيق القانون وغيابه.
قصة مؤلمة
في السجون آلاف القصص المبكية والمحزنة وهي مايكفي لأن يشيب لها شعر الرأس ولكن سأروي للقارئ الكريم قصة مؤلمة تصادف خروج ضحيتها يوم بداية عمل هذا التحقيق ولكم الحكم والعبرة.
اتصلت “خ،و، د” وهي من صنعاء ببنت خالتها بالحديدة تبلغها أنها سوف تأتي إلى الحديدة لزيارتها وعليها استقبالها بجانب موقف حافلات النقل الجماعي لأنها لاتعرف عنوان سكنها ولأول مرة تسافر إلى الحديدة وهي ستسافر دون علم أهلها وسوف تبلغهم عقب الوصول فوافقت بنت خالتها على ذلك .. وأثناء وصول خ و د إلى موقف إحدى حافلات النقل الجماعي ظلت تتصل ببنت خالتها فوجدت تلفونها مغلقا وكان الوقت قبل صلاة المغرب بقليل فظلت تتصل وتتصل دون جدوى ولم تعرف ماذا يخبئ لها القدر فنزلت من الحافلة لعلها تجد بنت خالتها وتوبخها على غلق تلفونها، لكنها لم تجدها فتأزم موقفها ووجدت نفسها في موقف صعب جدا فاستأجرت باص أجرة لتسأل عن منزل زوج خالتها فلم تجد اجابة فاسودت الدنيا في عينيها على هذا السيناريو المفجع وكانت بنت خالتها هي الأخرى في حيرة كون بطارية تلفونها انتهت ولاتوجد كهرباء كعادة محافظة الحديدة في الظلام الدائم؛ لكي تعيد شحن البطارية مرة أخرى وتنقذ بنت خالتها من هذه الورطة، فلجأت خ و د إلى احد خطباء وأئمة احد مساجد الحديدة تشرح له ماحصل لها وكيفية التصرف والبحث عن المنزل فابلغها الشيخ بالجلوس في منزله مع بناته وأسرته وحين يأتي الصباح سيتم البحث عن المنزل فأبلغ الخطيب احد جيرانه الذي نصحه بالتخلي عنها وإبلاغ البحث كونها ربما هاربة أو مرتكبة جريمة مع أن الفتاة بريئة وطاهرة فدخل الشك بالشيخ وقام بإبلاغ البحث الذي بدلا من أن يساعد الفتاة للخروج من مأزقها وحالتها النفسية زاد الأمر سوءا وفتح تحقيقا مع الفتاة وهو ما نزل كالصاعقة على الفتاة التي ظلت في حالة ذهول .. وفورا تم ترحيلها إلى السجن المركزي دون أي جريمة أو فعل مشين ارتكبته وعلمت بنت خالتها ما حصل فذهبت للسجن وهي تقطر ألماً ودموعا من هول تسلسل الأحداث بطريقة دارماتيكية مفجعة ومحزنة وشرحت أنها هي السبب لكون تلفونها نفدت فيه شحنة البطارية وظلت تتوسل لخروج بنت خالتها كونها بريئة وبقاءها بالسجن جريمة وظلت تسأل ماذا عملت ليتم حبسها فقيل لها حتى يحضر أهلها الذين يرفضون جدا دخول فتاة السجن فوجدوا قريبتهم بالسجن ومتشددين جدا فرفضوا استلامها من السجن كونها محبوسة في سجن مشبوه حسب علمهم رغم أن مدير السجن ومدير الأمن ابلغوهم أن الأمر في خطأ وبإمكانهم إخراج قريبتهم وعمل جميع الفحوصات لها .. لكن مدير الأمن تنبه لرغبة الأهل بالخلاص من البنت وقتلها للتخلص من العار والوصمة فرفض تسليمها وظلت الأمور عالقة إلى أن تدخلت شخصيات كبيرة من الأهل والأمن وتم تسوية الأمر وعادت البنت إلى أهلها مع عقدة نفسية كبيرة بعدم زيارة الحديدة مرة أخرى وكرهت كل شيء بالحديدة حتى بحرها الذي يسحر سكان صنعاء. ولاسامح الله البحث الجنائي والكهرباء وبنت خالتها، سجنت بسبب نفاذ البطارية.
سجن بالتوريث
ذهبنا إلى باجل فوجدنا سجن النساء عبارة عن مبنى قديم فيه غرفة مقاسها 3* 3 وتعود إلى ماقبل 150 سنة وضعت للسجن ويسمى ببيت الكرام نسبة إلى اسم السجانة “ كرم “ التي ورثت السجن عن جدتها وهكذا .. حيث تقول السجانة كرم انها تستقبل السجينات من الأمن بينما قيل لنا انه أحياناً يأتي بنساء إلى السجن من أشخاص يدفعون مبالغ مالية مقابل حبس النساء .. وتضيف كرم أنها تتسول الطعام للسجينات من المطاعم القريبة دون مسوغ قانوني. وبدورنا نتساءل أين ابسط حقوق السجينة بتوفير الطعام وماذا لو رفضت المطاعم التعاون .. عموما تضيف أنها استقبلت ذات مرة عشرين سجينة في نفس هذه الغرفة الضيقة وتخرج بعضهن للحوش القريب من الغرفة .. وأثناء الدردشة مع السجانة اعترفت أنها سوف تقوم بتسليم السجن إلى بناتها وهكذا بمعنى أن السجن أصبح خاصا بأسرتها وبالوراثة .. فهل يعلم بذلك الأمن فإن كان يعلم فتلك مصيبة وان كان لايعلم فالمصيبة أعظم .. وأحيانا توضع بعض السجينات مواليد داخل السجن فتخرج كرم تبحث عن مساعدات للستر فتجد إجابات الجهات الأمنية الغريبة والعجيبة والتنصل من المسلية “ من قلها تولد “ فتلجأ إلى جهات أخرى بديلة .. ولا نعلم لماذا الإبقاء على هذا السجن بالوراثة وبهذه الطريقة المأساوية والمتهالكة حتى أن السجن غير قانوني والسجانة تستلم مبلغ 30 ألف ريال راتب ولا تهمها وضع السجينات.
ضحية عمها
وجدنا لدى كرم إحدى السجينات وهي ف، ا، س تبلغ من العمر 25 عاما دخلت السجن بقضية تقشعر لها الأبدان ويفتح باب آخر من جرائم قيام الساعة هربت من بيتها لكثرة المشاكل والضغط إلى بيت عمها الذي استغلها واغتصبها فأجبرها على ممارسة الجنس “ زنا المحارم “ ومارست معه الجنس مرات عديدة فشاهد ابن عمها الفاحشة وقام بإبلاغ الجهات الأمنية مدعوم بصور الجوال بعد أن قام بتصويرهم دون علمهم في أوضاع مخلة فلم يرض بجرائم والده وصل الخبر إلى والدها الذي يعمل بالمملكة العربية السعودية فأصيب بجلطة نتيجة الصدمة والفاحشة.
قابلناها فوجدناها غارقة بالبكاء ليل نهار وبدموع وترتعش ولايخرج الحرف من فمها إلا مصحوبا بقطرات دموع وخوف ولاتريد غير الخروج من هذا السجن أو احتواءها بسجون خاصة بالنساء بدلا من استغلالها من قبل السجانة بأعمال التنظيف والطباخة والخدمة والعمل بطريقة غير شرعية وفيه استغلال إنساني يتطلب خلاله تدخل منظمات حقوق الإنسان والمرأة للعمالة غير المشروعة داخل السجن.
سجن الحديدة
داخل السجن المركزي بالحديدة وجدنا السجينة ع ع ا لها أكثر من عشر سنوات بالسجن ومتهمة بالقتل وكل ماجاء دور القضاء للحكم في أمرها تعطل القضاء وصدر الإضراب أو الإجازة القضائية وهكذا تتأجل قضيتها من عام إلى آخر مع أن الأحكام السابقة تفيد بخروجها من السجن لعدم اكتمال الأدلة والاكتفاء بالمدة الطويلة التي ظلت فيها بالسجن, ولانخفي أننا وجدنا بالسجن غرف التأهيل للسجينات من خلال مكائن الخياطة والحياكة والتطريز وفصول تعليمية إلا أن السجينات بحاجة إلى رعاية صحية ونفسية ومتابعة دائمة لقضاياهن والاهتمام بتفاصيل حياتهن داخل السجن من خلال التغييرات النفسية والصحية التي طرأت على السجينة وإعادة تأهيلها مجتمعيا .. فلا يجوز أن تظل السجينة حبيسة ذلك العنبر وفي صمت دائم وحالة تفكير نفسي عميق قد تكون لها مردود عكسي يصعب إدماجها من جديد في المجتمع ويعزز فيها قناعات ارتكاب أخطاء وجرائم تعطيها ذنوبا أكثر، فبعض السجينات أكدن أن تعليم الخياطة والتطريز هو ضياع وقت فقط والانشغال داخل السجن رغم أن بعضهن أكدن أنهن استفدن حرفا ومشغولات سوف تفيدهن بعد انقضاء فترة العقوبة لاكتساب لقمة عيش كريمة.
سجون احتياطية للنساء ضرورة ملحة
يقول مدير السجن المركزي بالحديدة ناصر العولقي: إنه بات من الضرورة القصوى بناء سجون احتياطية خاصة بالنساء أسوة بالرجال حيث إنه من المعروف أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وبالتالي فان السجينات لهن اعتبارات وأوضاع خاصة ولابد من التفكير بهذا الجانب وإعطائه أولوية قصوى وبحسب القوانين المعروفة فقد وضعت السجون الاحتياطية لهذا الغرض للرجال سجونا احتياطية خاصة بهم والسجينات كذلك وحقيقة تواجهنا الكثير من المصاعب والمتاعب بهذا الجانب، حيث إن الرجل أثناء مرحلة القبض والتحقيق يتم وضعه في السجن الاحتياطي أي يختلف اختلافا كليا عن السجن المركزي من حيث التسهيلات والحقوق والواجبات وكل الأنظمة المتبعة أثناء التحقيق.
ويواصل العولقي بالقول إنه أثناء مرحلة التحقيق يتم الإدانة أو البراءة وبالتالي إذا كان المتهم مدانا يحول إلى السجن المركزي وفي حالة براءته يتم إخراجه لكن الوضع مختلف للنساء السجينات حيث انه بمجرد أي شبهة يتم إيداع المرأة الى السجن المركزي مباشرة لعدم وجود سجون احتياطية للنساء وهذا فيه ضرر كبير على المرأة والسجينة ويترك لها آثارا نفسية وسلبية لديها ولدى أقاربها وهنا أحب أن أشير إلى أن البعض يستخدم تشويه سمعة السجون واتهامات كيدية بدون أي أدلة وكأن السجن وكر لممارسة الفساد ولا يوجد من يكشف تلك الادعاءات الوهمية يعني لايوجد حراس للسجن ولا مسئولو سجن ولا ضباط أو نزلاء أو نزيلات أنا اريد من يقول هذا الكلام أن يأتي بإثبات واحد أو كلام سجين أو سجينة تدعي وتؤكد هذه الاتهامات وحينها أنا مستعد لأي حكم يصدر، هناك للأسف لغة إسفاف وبذيئة تصدر من أشخاص أمراض ومعتوهين لايجيدون سوى التلفيق ونشر التهم الكيدية والاستعراض لترويج الإشاعات المغرضة دون أدلة وبالتالي ينعكس هذا سلباً على المجتمع والأسر وعليهم أن يراعوا الله ويتقوه قبل الترويج لهكذا خرافات.
ويشير العولقي أن المجتمع بمجرد أن يعرف أن تلك المرأة دخلت السجن فإنها بنظره مدانة بجرم ارتكبته وحتى إن تم تبرئتها من القضاء وتبقى وصمة عار دخولها السجن لاتستطيع التخلص منها وحتى إن كانت جريمتها اقل بكثير من التهمة الموجهة إليها والتي دخلت السجن لذلك لابد أولاً من أن يعي المجتمع والأسر انه ليس كل سجينة هي متهمة وليس كل سجينة تكون تهمتها أخلاقية بعضهن تكون سرقة وبعضهن قتل لكن المجتمع للأسف يظن أن كل سجينة جريمتها ارتكبت “ فضيحة أخلاقية وممارسة جنسية “ وهنا له مشاكل نفسية وتراكمات أخرى.
بعض السجينات لاتجد الدعم الأسري والمتابعة ويتخلى الأهل عنها لمجرد دخولها السجن حتى لو كانت بريئة فهو ينظر لها انها ارتكبت جريمة كبرى وهذا يصعب علينا كثيرا لأننا نخشى على السجينة بعد خروجها أن تتعرض لمكروه أو قتل لاسمح الله من قبل بعض الأسر المتشددة للتخلص من هذا العار بنظرهم وهذه كارثة ومصيبة لدرجة أن بعض السجينات يشتكين لنا برغبتهن بعدم الخروج من السجن ويفضلن البقاء داخله حتى لاتموت بحسب تعبيرهن حيث ينتظرهن انتقام اسري بدلا من أن تجد عونا من الأهل، كما أن هناك بعض المحاميات يتكفلن بالمتابعة وتقديم العون والمساعدة ومساعدة السجينة على الخروج من السجن وإعادة إدماجها في المجتمع وتقريب وجهات النظر بينها وبين أسرتها.
صحوة بصورة عاجلة
الدكتورة صباح الحوثي رئيسة قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة الحديدة قالت: إن مختلف السجينات يأتين من بيئات مختلفة وكذلك تكوينات اجتماعية مختلفة وتجتمع للتعبير عن رفض كلي لفتاة دخلت السجن مهما كانت نوع الجريمة. والأبعاد النفسية في هذه الحالة أكثر خطورة فهي دائمة التفكير في كيفية تعامل المجتمع معها بعد خروجها من السجن وقبل أن يتأكدوا من قضيتها، فما زال المجتمع يرفض أن يدخل الذكور السجون فما بالكم بالمرأة وتقبل ذلك. وأحب أن اهمس في أذن الأسر التي تتيح للفتاة مساحة الحرية مبالغ عن حدها فنحن في مجتمع لايعي ذلك ولابد أن نكون حريصين على التعامل الأسري الأمثل مع بناتنا وليس كل المجتمع أمي وأختي وزوجتي المجتمع فيه الغث والسمين .. ويجب على الإعلام أن يؤدي رسالته بصورة متكاملة فهذه الصحوة تجاه أوضاع السجينات وبصورة عاجلة تتطلب تحركات سريعة من جميع الجهات لترتيب أوضاع السجينات في السجون وبناء سجون خاصة تجنبا للقيل والقال والاتهامات والتقارير التي ترفع والبحوثات الميدانية التي تؤكد تعرض السجينات لمضايقات وانتهاكات داخل السجون.
وتواصل الدكتورة صباح حديثها بالقول: لابد حقيقة أن نشيد ببعض منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية التي تهتم بأوضاع السجينات غير الأعياد الوهمية والصورية لليوم العالمي للمرأة وعيد الأم .... الخ من الأعياد التي تخصص للمرأة ولايعطى لها حقوقها فالسجينة كذلك تشعر بالوحدانية والغربة والكربة داخل السجن ولاتجد من يسمع لها بإنصات سوى بعض هذه المنظمات لعلها تلي الفرج.
وتؤكد أن مشكلة السجون الخاصة للنساء أكثر ضرراً وجريمة أخرى وعقم نفساني وسلوك إنساني خاطئ فلا يجوز أن تستغل السجينة في أعمال أخرى وخدمة السجانة مثلا فهذا أمر لايجب السكوت عليه لأنه يؤدي إلى ازهاق الأرواح والإهمال واللامبالاة ومن الصعوبة أن تكون العوائد النفسية للسجينة جيدة ومهيأة للخروج إلى المجتمع بهذه الصورة؛ لأنها أصبحت أسيرة لسجانة تخدمها ليل نهار وتضيع قضيتها الأساسية ومايحصل بالسجون من تقصير صحي وأعراض سلبية تصل إلى أن تضع السجينات مواليد داخل السجون وهذا غير موجود في بقية الدول المتقدمة.
يجب على الحكومة ورجال المال والأعمال والجميع الالتفات لهذا الجانب والتصميم الداخلي على تفقد ورؤية أوضاع السجون لعلها تحرك المياه الراكدة لديهم وتهتز ضمائرهم وتصحي قلوبهم ويعملون على بناء السجون الاحتياطية الخاصة بالنساء وتوفير الكادر الصحي النسائي لسجن النساء لاعتبارات عديدة. كما انه يتوجب على المجتمع المثقف قبل الأمي والذي ينظر للسجينة بعين الجريمة والرفض والتخلص منها أن النفس أمارة بالسوء وليست السجينة عبارة عن كائن آخر هي بشر بالأخير لعلها وجدت بيئة وظروفا دفعتها لارتكاب خطأ معين، لكنها بحاجة إلى إعادة تهذيب النفس وإصلاح الخلل فربما يكون دافع الانتقام أحياناً للمرأة بحسب تركيبتها النفسية كفيلة لأن يجعلها ترتكب حماقة القتل والكيد فالمرأة أصناف وبهذه الحالة يجب علاجها نفسيا أولاً داخل السجن وليس رميها بين الحيطان أو نقلها إلى المصحة للحكم عليها بالمرض النفسي المبكر .. السجون تستغيث للإنقاذ، والسجينات أصبحن لاحول لهن ولاقوة تتخلى أسرتها عنها فلا تجد من يأخذ بيدها ويشرح لها القانون ولايجوز حجز النساء بدون حكم قضائي.
سجون المشائخ مرفوضة
سعيد الشرعبي منسق مشروع بناء قدرات السجينات بالحديدة يقول: إن فكرة الاهتمام بمتابعة قضايا السجينات والاهتمام بأوضاعهن جاءت بعد التقارير التي اطلعنا عليها من منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوقية أشارت أن بعض السجون في مديريات المحافظة لاتحظى بالرعاية والاهتمام من السلطة المحلية ومدراء المديريات والسجون فيها عبارة عن أماكن ضيقة جدا ولاتوجد أماكن توقيف للسجينات رسمية وأماكن خاصة تعود ملكيتها إالى مشائخ وشخصيات نافذة ومؤثرة وبالتالي هذا يكون غير قانوني ومخالف للقوانين أو تكون سجون خاصة تشرف عليها النساء دون أي ضوابط او معايير .. والسجون الموجودة حاليا هي خاصة بسجون الذكور فقط والسجينات بحاجة إلى أماكن خاصة فبعضهن تأتي مع أطفالها وبعضهن بحاجة إلى زيارات أسرية وهذه الأماكن مفقودة وغائبة .. ومن هنا جاءت فكرة المساهمة في إيجاد حلول ولو برمي حجرة في مياه راكدة وبدأنا نتطرق للموضوع وطرحنا على منظمات حقوقية وعملنا بالشراكة مع 9 منظمات للمجتمع المدني وقدمنها للاتحاد الأوروبي الذي أعجب بالفكرة وقدم الدعم والتمويل للمشروع لكي يخفف من معاناة السجينات ولم يخف سعيد الدور الملموس والجهود المتواصلة التي تقوم بها السلطة المحلية لمساعدة الفريق في تسهيل مهمته من خلال الالتقاء بالسجينات ورصد مشاكلهن بالجملة، ولكن لابد لهذه الجهود أن تتبلور إلى خطط عمل على الواقع تسهم في الارتقاء بمعاملة السجينات، فمثلا هناك امرأة ضائعة وواحدة هربت من أسرتها نتيجة سوء المعاملة وبسبب غياب أماكن توقيف النساء في أقسام الشرطة فإنها ترسل مباشرة إلى السجن المركزي ونعرف في القانون لا ترسل المرأة للسجن المركزي إلا بحكم قضائي ولكن يتم تجاوز هذه الأعراف والقوانين ووصولها للسجن المركزي أشبه بحكم الإعدام وبالتالي ترفض الأسرة حتى التواصل مع السجينة لمجرد دخولها السجن المركزي.
وأردف سعيد أن الدور الأساسي للمشروع هو مناصرة وبناء قدرات السجينات والتوعية بحقوق السجينات المدنية والدستور اليمني والاتفاقيات الدولية المصادقة عليها بلادنا مثل اتفاقية “ القيدو “ مناهضة التعنيف ضد المرأة وغياب الوعي الحقوقي للسجينات ونقدم لهم التدريب والتأهيل.
ونحب أن نوجه رسائل بضرورة التدخلات السريعة وإيجاد سجون احتياطية خاصة بالنساء ويشرف عليها شرطيات وكما أن توقيف المحاكم والقضاء والنيابة يسهم في تأزم موقف السجينات .. كما أننا نتمنى أن تولي الحكومة هذا الجانب وتقدم الاهتمام وتخصص ميزانيات مفتوحة لسجون النساء من خلال التغذية والصحة والمصروف الخاص لأن اغلب السجون يكون فيها الطعام غير مناسب وكاف للسجينات وتتعرض فيها السجينات لسوء تغذية وغياب المتابعة الصحية وتوفير متطلبات الرعاية الصحية وهذا ما يدفع بعض السجون لاستخدام السجينات كشغالات ومتسولات وهذا انتهاك إنساني وحقوقي يعاقب عليه القانون وطالما أن الحكومة موقعة اتفاقيات دولية عليها الالتزام بهذه الاتفاقيات واحترام حقوق السجينة ومتابعة قضياها في المحاكم والقضاء وتقديم العون والمساعدة والمساهمة على التخفيف من مشاكل السجينة النفسية المتراكمة التي تزداد سوءا نتيجة سوء التغذية وفقدان الرعاية الصحية وعندما تتعرض السجينة لبعض الأعراض المرضية فإن التدخل الصحي يكون نادرا ومفقودا ومن هنا يأتي متابعة أوضاع السجينات لإنقاذهن من الوضع المزري والمساهمة في إخراجهن من السجن بعد انتهاء فترة العقوبة والحكم الصادر بحقها والمساهمة بإعادتها إلى امرأة صالحة في المجتمع.
نتواصل مع الأسرة لمسامحة السجينة
-عبده المنصوب المدير التنفيذي لجمعية أبي موسى الأشعري بالحديدة أكد انه من خلال المعاناة التي تعانيها السجينات في السجون نقوم على رفع الروح المعنوية للسجينة من خلال محامي المشروع الذي يظل يتابع قضاياهن، ويجب أن لانغفل التعاون الفعال الذي يقم به مدير امن المحافظة ومدير السجن المركزي بالحديدة لإنجاح التخفيف من معاناة السجينات ضمن توجه عام لكننا متضايقون جدا من سجن باجل وبحاجة إلى إصلاح وتصحيح الإصلاحية فيه وهذه لابد أن تتبناها الحكومة أسوة بسجن الزيدية المثالي حيث يوجد سجن خاص بالنساء وقمنا بتزويده بالأثاث المتكامل .. لكننا نواجه إشكالات قانونية ومجتمعية من بعض شرائح المجتمع فالمساجين الرجال يخرجون يمارسون حياتهم وبصورة طبيعية بعد خروجهم من السجن وبالتالي لابد أيضاً للمرأة السجينة أن تنال هذه الميزة وتعيش حياتها بصورة طبيعية ويأتي ذلك من خلال التوعية من أئمة المساجد والشيوخ ووسائل الإعلام .. والمرأة لها عواطف وأحاسيس وحقوق والمشكلة في الثقافة المجتمعية لأنه ليس كل من دخلت السجن مجرمة وأحياناً تكون بدون محاكمة وبريئة وهي بشر في الأول والأخير والإنسان يخطئ ويصيب ويجب التخلص من ثقافة العار والعيب التي لاتزال ملتصقة بالكثير من الأسر وترفض حتى التكلم مع السجينة وحقيقة فإننا نقوم بالتواصل مع هذه الأسرة والمخاطبة معهم من خلال الأحاديث النبوية والثقافة المجتمعية بضرورة احتضان هذه السجينة ضمن أفراد أسرتها ومسامحتها .. ففي عهد النبي “ ص” كان يعامل النساء في أفضل صورة مهما كان خطؤها ويجب أن نقتدي برسول الله والسجينة إذا أخطأت لايجب أن تعامل كمجرمة مدى الحياة، بل يجب إصلاح خطئها وجعله درسا لها لعدم تكراره من خلال إشعارها بأهميتها وليس التقرف منها.
رسائل
بقى في الأخير القول يجب أن تتكاتف الجهود ويتعاون الجميع لتشييد وبناء سجون خاصة بالنساء فما رأيناه كان مؤلماً وكارثيا خصوصا في المديريات والأرياف، وبعض السجينات انتهت فترة العقوبة ومازلن خلف القضبان لأنهن يخشين المصير المجهول والموت من جانب الأسرة للتخلص من العار.
بعض السجينات اختلسن مبالغ فلكية وعند سؤالهن كيف جاءت تلك السرقات أجزمن انه من خلال مشاهدة بعض الأفلام وتطبيق ذلك على الواقع، بالتالي هنا جوانب سلبية للإعلام المرئي واختلال نفسي واضح في المرأة التي تهوى أدوار الشر لبعض الأفلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.