في الليلِ.. يُعتقني الخوفُ تجتاحني موجةٌ من ضياءٍ تسرّبَ عبر التخومِ تسلّق هامَ الجبالِ ليُسمعني «نبأً من سبأْ» «مأربٌ» تتوضّأ في حافة السَّدِّ على كفّه افترشتْ عُشبَها وخرَّتْ لتسجدَ للّه ضارعةً خاشعة وبالأمس كانت محاصرةً في كتاب الرمالِ يُضاجعها الفأر والعطشُ الهمجيُّ وتسكنها الفاجعة هي الآنَ ما برحتْ تستعيد أنوثتَها وبكارتَها... وطهارتَها تستحمّ بعين الربيعِ وصحوِ الضُّحى لمحو تجاعيدِها وتُصلّي هي الآنَ ماثلةٌ بين ماءِ الشروقِ تُغنّي لحونَ البراءةِ تشطبُ في الرمل إيقاعَ رحلتها الضائعة . في الليلِ يحتلّني جامحاً مرضُ العشقِ أهذي وأدخل غرفةَ صحوِ الوصيفة أُسجّل اسمي فصيلةَ دمعي وحجمَ جنونيَ في دفتر الانتظارِ لتأذنَ لي بالولوج إلى حضرة الملكة. في الليلِ.. لا خمرَ لا دنَّ لا جمرةً في الدماغِ لا وحشةً في العيونِ لا سهرةً جائعة. في الليل ينتهب الحلمُ جفني ويرحل بي لقمةً سائغة.