قلما تركت اكتشافات علمية من الأثرعلى مجالات وأفرع قائمة مثلما ترك اكتشاف أشعة الليزر على أفرع العلوم الاساسية ،كالكيمياء، والجولوجيا، والبيولوجيا، وأفرع العلوم التطبيقية، كالطب والهندسة بصفة عامة، وعلى علم الفيزياء وعلم البصريات بصفة خاصة. وفي مستهل الكلام عن واقع هذه التقنية الحد يثة، التي بدأ الانسان التدرب على استخدامها منذ أكثر من أربعين عاما، والتطور في سبر أغارها، والتعرف على فؤائدها. يجب العوده في البداية لنتذكر أول من وصف هذا الشعاع. لم يكن من العلماء الباحثين، بل كان الروائي الانجليزي المعروف ه. ج. ويلز H.G. Wells 898م، في روايته المثيرة "حرب الكواكب" Star War حيث تصور جيشا من الفضائيين القادمين من المريخ لغزو الأرض، والمدججين بأسلحة فريدة، تطلق شعاعاً رهيباً قادراً على تفجير الصخور، وحرق الاشجار، وقطع المعادن والحديد. سمي هذا الشعاع الوهمي في روايته الخيالية بشعاع الموت.. وماكان حلما اوخيالامنذ عهد قريب أصبح واقعا، ومانحلم به الأن يمكن أن يتتحقق بين عشية وضحاها. ففي عام 1917م، اكتشف العالم الفيزيائي البرت اينشتاينAlbert Einstein بأنه تحت شروط معينة، تستطيع الذرات والجزيئات، وهي المكونات الأساسية لكل المواد، امتصاص الضوء أوأي طاقة أخرى، ومن ثم يمكن حث Stimulate هذه الذرات على بعث ما استعا رته من طاقة على شكل جسيمات ضوئية. وعلى أثرذلك وبين عام 1950- 1958م اقترح كل من الدكتور جارلس تاونس C. Townes ، واّرثر شالوه A. Schawlow، من الولايات المتحدة، تكبير إشعاعات هذه الجسيمات الضوئية بطريقة الانبعاث المحتث Stimulated Emission، وقد صمم جهازا لهذا الغرض، استخدم فيه مادة غاز الأمونيا للحصول على أول شعاع ليزري في منطقة الميكروويف ( الأمواج الدقيقة) ، عرف هذا الجهاز اّنذاك باسم الميزر Maser ، والذي نالوا عليه جائزة نوبل للفيزياء ، سنة 1964م. ومن ناحية أخرى نجح الدكتور تيدوار ميمان T. Maiman عام 1960م، في استعمال مادة الياقوت الصناعي لإنتاج شعاع ليزري في المنطقة المرئية من الطيف، وعرف هذا الجهاز باليزر الياقوت Ruby laser ، وهو يبعث شعاعا فريدا من نوعه قرمزي اللون يفوق الشمس بريقا ...... ومنذ ذلك الحين واسم الليزرLaser ، لم يتوقف عن التشعب المذهل في التصميم والقدرات، جارفا معه الكثيرمن الباحثين والعلماء، وفاتحا المجال لعدد لايحصى من التطبيقات والأعمال، حتى أنه قيل عندما ينتهي عصرنا هذا سوف لايسمى بعصر الذرة أو الفضاء، بل بعصر الليزر. وكلمة الليزرLaser هي لفظة مشتقة من أوائل كلمات العبارة التالية: (( Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation )) ومعناها: " التكبير(التضخيم) الضوئي بواسطة الإشعاع المنبعث المحتث" وتستخدم كلمة الليزر للتعبير عن أية منطقة من مناطق الطيف، وكما أسلفنا فإن أول جهاز ليزر باعث لاشعه مركزه كان في منطقة المابكرويف ذا طاقة ضئيلة. واليوم توسعت تقنية الليزر لتشمل ماوراء المنطقة الفوق بنفسجية باتجاه الطاقة العالية للاشعة السينية، وكل طول موجي في هذه المناطق يعطي القدرة والمساعدة للإنسان على ابتكار تطبيقات متنوعة. ويتميز شعاع الليزر، أيا كانت مادته أو منطقة طيفه، بالخواص الرئيسيه التالية:- *أحادي اللون Monochromatic ، أي ذو عرض طيفي ضيق ينتج عنه تردد مفرد نقي، وهذه الصفة الموجية كانت تتميز بها الأشعة الراديوية دون سواها. * توازي الحزم الضوئية Collimation ،أي يكاد التشتت أو التفريق في الحزمة يكون معدوما، كما انها بطبيعتها مركزة دون الحاجة لاستخدام عدسات ، وقطرها قد يصل الى أقل من قطر الدبوس، ويمكنها أن تنتقل الى مسافات طويلة بفقد قليل في الطاقة خصوصا إذا انعدم وجود مواد ممتصة في مسارها. * الترابط Coherence الترابط بين موجات الحزمة الواحدة مكانيا وزمانيا يساعد الموجات الضوئية أو الفوتونات في تقوية بعضها البعض لتعطي طاقة وقدرة عالية للحزمة. * الشدة Intensity ، شدة الشعاع عالية ومركزة في حزمة ذات قطر ضيق لايتجاوز مليميتراً واحداً، وعند استخدام البصريات الملائمة يمكن تعريضها وفق الحاجه، بالاضافة إلى أننا نستطيع تركيزها في بقعة صغيرة تمتلك قدرة كثافية Power density،هائلة (وهي القدرة في وحدة المساحة). وفي الواقع هذه الصفات والخواص الرئيسية هي التي تجعل الليزر جهازاً قديراً في العلوم والصناعة، والشؤون العسكرية والطب، وحتي في مجال الفن والموسيقى. ونظرا لاهمية تقنية الليزر والتي أصبح التطور فيها مذهلا وفريدا ليكون علما خاصا به، وهو علم الليزر....... دكتوراه في علوم الليزر وتطبيقاته كلية العلوم - جامعة تعز