أي زمن هذا حاضراً أم مستقبلاً نغريه بالوقوف إلى جانبنا،ومن ثم نتحدث عن ماهيتنا، أحلامنا،طموحاتنا، هويتنا وثقافتنا الوطنية، مادام من يعيش بيننا بعض ممن يتشدق بالعلم والمعرفة وهرطقات الفلسفة الميكافيلية، وهو لايكتسب معنى وجود الإنسان ككائن خلقه الله تعالى، ونفخ فيه من روحه سبحانه، وأمر الملائكة بالسجود له، ومن ثم نجدهم لايدركون معنى الهوية والثقافة الوطنية ولامعنى التخطيط والدقة والتحديد والنظر المستقبلي ولامعنى تعزيز فكرة الانتماء لتراب الوطن. لذا إنَّ إدراكنا الذاتي العقلاني يمكن صياغته بفضل الفكرة القائلة: بأنَّ الكائن الإنساني باعتباره كائناً يرتبط بصفة عامة بدوره الاجتماعي أي حضوره الإنساني واتصاله الوثيق بالأمة والوطن، وتسحود عليه ثقافة الحق والخير والجمال، ويبتعد عن المرض العضال، والدود الذي ينخر في كثير من الناس إنه الخواء الداخلي، فيصير حينها هيكلاً فارغاً خالياً من كل فضيلة، باحثاً عما يشبع غرائزه، وكل ماله علاقة باللهو والمتعة وإرضاء الغرائز فيغدو للأسف عبداً يرسف في ذل العبودية المؤسفة. لذا يجب أن نرسي فينا الهوية الوطنية هوية الاعتقاد والحب والانتماء التي تفضي إلى التعاون والتفاعل والتواصل والعمل الاجتماعي، نرسي هوية المجتمع وثقافته الوطنية التي تبنى وتقوى وتتأصل فتكون ثقافة البناء لا الهدم، ثقافة الحب لا الكره، ثقافة التحرر من أسر الذات، وأسر الأفكار الضحلة والهدَّامة، ويجب أن تبرز أهمية الثقافة الوطنية في بلورتها باعتبارها من السمات الروحية والعاطفية والمادية والفكرية التي تصل بالإنسان إلى أن يتعلق بالموضوعية والنزاهة، ومن ثم يتحرر من القيود والحدود التي يمكن أن تغل الأيدي وتلجم التطلعات الفطرية الأصيلة، وتجعله ينطلق نحو خير الوطن وصلاح المجتمع بمختلف شرائحه، مشيعاً روابط المحبة والتعاون فيه على اختلاف المشارب، وتباين الطبقات، لأنها سنة الله في أرضه واختلاف عقائد الناس وتعدد آرائهم رحمة كما يقال. فأعود فأقول: إنَّ الهوية الوطنية هي الحفاظ على مقدسات الوطن ورموزه المحببة إلى النفس من مناضلين وأحرار وهبوا أنفسهم رخيصة لهذا الوطن، الحفاظ على أمن واستقلال وحرية الرأي، والانفتاح والتعليم مع تعميق وتأصيل ثقافة الجذور والتراث الوطني ووصل كل ذلك مع الحاضر، وجعل تنمية الوطن وتطوره عنواناً بارزاً وشعاراً وأملاً للانطلاق نحو البناء والحفاظ على الكرامة ومن ثم السعي نحو تطوير الكفاءات وإطلاق القدرات والكشف عن موارد المجتمع والحث على تنميتها، فالفرد منا مهما يكن موقعه لابد أن ترتكز فيه مقومات البناء من قدرات ذاتية ثابتة راسخة رسوخ الجبال، مع نظرات ثاقبة للاندماج مع قدرات المجتمع المتفاعلة من قدرات سياسية واقتصادية وثقافية موجهة وواعية نحو تطلعات الإنسان وآماله وأحلامه،فتكون حينها الإرادة وتنطلق الجهود، وتستثمر عندها الطاقات لتحقيق الحياة الكريمة الفاضلة للإنسان الذي سُعي إليها قديماً وحديثاً تحت شعار المدينة الفاضلة بداية من إفلاطون مروراً بالفارابي وماركس وكل الثقافات والنظريات، لتتواصل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.