من العوامل البيئية الضارة على صحة الإنسان يأتي تلوث الهواء الجوي المحيط بالإنسان بالكثير من المواد السامة ومن أهمها دخان التبغ والذي له آثار صحية خطيرة على المدخنين وغير المدخنين «التدخين السلبي». ويقدر عدد المدخنين في العالم بنحو اثنين مليار شخص يتعاطون أنواع مختلفة من التبغ كالسجائر والشيشة وغيرها. والتدخين السلبي يطلق على الناس الذين لايدخنون ولكن يتعرضون للدخان والغازات الخارجة من رئتي المدخن أو الناتج عن احتراق السيجارة والذي يسبب انطلاق غازات غير مكتملة الاحتراق ويصدر عنها هواء ملوث يستنشقه الإنسان أثناء تنفسه للهواء.والتدخين السلبي أصبح مشكلة عالمية مؤرقة للكثير من بلدان العالم المهتمة بصحة مواطنيها،ويحتوي الدخان السلبي على نفس المواد التي يحتويها دخان التبغ وهي عبارة عن مزيج مخلوط من آلاف المواد الكيماوية على شكل غازات والكثير منها عبارة عن مواد مهيجة للجهاز التنفسي إضافة إلى مواد سامة مضرة بصحة الإنسان مثل سيانيد الهيدروجين والأمونيا وفومالدهايد والنيكوتين. أول أكسيد الكربون ،البنزين، كما يحتوي على مواد مسرطنة مثل "الزرنيخ والكروميوم والكاديوم ونيتروسامين والبترابيرين والكثير من المواد السرطانية الأخرى وتبقى هذه الغازات لفترة في هواء الغرف المغلقة كالمنازل وأماكن العمل،بحيث تؤثر في صحة الإنسان غير المدخن،وقد أثبتت الدراسات العلمية أن التدخين السلبي يسبب نفس الأمراض والآثار الضارة التي يعاني منها المدخنون. والدراسات الحديثة تؤكد أن التدخين السلبي يعتبر من أهم أسباب الإصابة بأمراض خطيرة مثل أمراض الرئة والقلب والسرطان والتي تعتبر من أهم أسباب الوفيات بين المدخنين،وتؤكد الدراسات أن المدخنين يستنشقون15%فقط من دخان سجائرهم ،فيما ينتشر 85%من الدخان المتصاعد في الهواء الجوي مهدداً حياة غير المدخنين في المنازل والأماكن العامة والمواصلات والمطاعم وأماكن العمل وغيرها.وتشير دراسة سويدية أن مادة النيكوتين في أجسام ابناء المدخنين نسبتها أعلى من المستويات العادية حتى لو قام آباؤهم بالتدخين في حجرة منفصلة أو خارج المنزل،وتشير الدراسة أن المدخنين الذين يدخنون في وجود أبنائهم يرفعون مستويات النيكوتين لدى هؤلاء الأبناء إلى 15ضعفاً عن المستويات الطبيعية والتدخين السلبي قد يسبب مضاعفات فورية تتمثل في ظهور حساسية العين والأنف والحلق والحنجرة والغثيان والصداع والدوار وأمراض الصدر كالأزمات التنفسية ونوبات الربو الشعبي الحادة والسعال المزمن،وقد أثبتت العديد من الأبحاث العلمية الحديثة أن الأمهات الحاملات والأطفال وخاصة الرضع الذين يعيشون باستمرار في بيئات ملوثة بدخان التبغ يأتون في مقدمة المتضررين صحياً من التدخين. ويعود السبب في ذلك لعدم إكتمال نمو الجهاز التنفسي والأجهزة المناعية للأطفال مما يجعلهم يتنفسون بشكل أسرع من البالغين وبالتالي استنشاق كميات كبيرة من المواد السامة التي يحتويها دخان التبغ والتي تعمل على تدمير الدفاعات المناعية الطبيعية والضرورية لحماية الجهاز التنفسي،وبالتالي إلى قلة كفاءة وقدرة الرئة على أداء وظائفها مما يجعل هؤلاء الأطفال معرضين بأضعاف المعدل الاعتيادي للمشاكل الصحية في الجهاز التنفسي أو للإصابة بالربو.وكشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن نحو700مليون طفل في أنحاء العالم يتعرضون للتدخين السلبي،مشيرة إلى أن هناك مليون طفل مصابون بالربو في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها،بسبب التعرض لدخان التبغ السلبي،واشار التقرير إلى أن 200ألف عامل غير مدخن يموتون سنوياً بسبب التدخين السلبي،داخل أماكن عملهم فقط،وقد أكدت الكثير من الأبحاث العلمية التي أجريت على مجموعات مختلفة من الأمهات اللواتي يتعاطين التدخين أو تعرضن بشكل مستمر للتدخين السلبي أثناء الحمل،أن اطفالهن ولدوا بأوزان منخفضة عن المعدلات الطبيعية قياساً بالمواليد من أمهات لايتعاطين التدخين أو لم يتعرضن للتدخين السلبي أثناء الحمل وأعادت الدراسات العلمية السبب إلى تأثير المواد السامة الكثيرة التي يحتويها دخان التبغ على كمية الدم الواصلة للجنين وبالتالي انخفاض كمية العناصر الغذائية التي يحتاجها الجنين لنموه بشكل طبيعي مما يجعل هؤلاء المواليد أكثر عرضة للأمراض المختلفة كالإلتهابات ومضاعفاتها الخطيرة،وأثبتت دراسات طبية أخرى أن العديد من المواليد لأمهات يتعاطين التدخين أو تعرضن للتدخين السلبي أثناء الحمل لديهم مستويات ذكاء أقل من أقرانهم وأن هؤلاء الأطفال يعانون من انخفاض في القدرات الذهنية والإدراكية ويعود السبب أيضاً إلى قلة كمية الدم الواصلة إلى منطقة الجهاز العصبي. أثناء نمو الجنين وكذلك لارتفاع نسبة النكوتينين الناتجة عن تحطم مادة النيكوتين في دماء الأطفال الذين يتعرضون للتدخين السلبي وقد تزيد نسبة احتمال حدوث الإجهاض أو الموت المفاجئ عند المواليد كلما أكثرت الأم الحامل من عدد السجائر التي تدخنها ،وقد وجد العلماء بعد أبحاث اجروها على 11000ألف طفل تحت سن الثانية عشرة لأمهات تعاطين التدخين أثناء فترة الحمل أنهم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الأذن ولو لمرة واحدة على الأقل في حياتهم مقارنة بأقرانهم الذين لم يتعرضوا للدخان. أما الذين تعرضوا لدخان التبغ وهم داخل أرحام أمهاتهم وكذلك للتدخين السلبي بعد الولادة فقد كانوا أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الأذن المتكررة بنسبة تصل إلى 44%ويكشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية إلى أن 200ألف عامل غير مدخن يموتون سنوياً بسبب التدخين السلبي،داخل أماكن عملهم فقط، كما تشير الاحصاءات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى وفاة مايقارب ال000.30000.60حالة سنوياً بالذبحة الصدرية نتيجة التدخين السلبي جراء زيادة حجم التلف في خلايا عضلات القلب بسبب النيكوتين وغاز أول أكسيد الكربون وغيرها من المواد السامة،كما تشير دراسة المانية إلى موت3300شخص سنوياً من جراء التدخين السلبي ويأتي الأطفال والرُضع الذين يعيشون بين والدين مدخنين في مقدمة المتضررين من التدخين السلبي،وتشير دراسة المانية أخرى إلى إن 18مليون طفل يعيشون في بيئة منزلية مدخنة وأن 170ألف رضيع يستنشقون سنوياً الدخان نتيجة إدمان أمهاتهم على التدخين أثناء الحمل يموت منهم 60رضيعاً سنوياً،وقد قام باحثون أوروبيون بدراسة مضاعفات التدخين السلبي بضيق التنفس الليلي،وضيق التنفس الذي يتبع القيام بالتمارين والأنشطة الجسدية وزيادة تأثر الشعب الهوائية بالالتهابات كما وجدت الدراسة أن المصابين بالحساسية كمرضى الربو هم أكثر عرضة للنوبات الحادة من غيرهم والتي تظهر على شكل ضيق شديد في التنفس مصحوب بسعال حاد. ويربط العديد من الباحثين بين التدخين السلبي والكثير من السرطانات مثل سرطان الثدي سرطان الدم وسرطان المثانة وعنق الرحم وسرطان الجيوب الأنفية وسرطان البنكرياس،وسرطان الكلى،كما أنه يؤدي إلى ظهور المياه البيضاء في العين،أحدث التقارير الطبية الصادرة عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان تشير إلى أن 29من علماءها في اثنتي عشرة دولة قاموا بدراسة أكثر من خمسين دراسة طبية حول أضرار التدخين وتوصلوا إلى نتائج مؤكدة تربط بين التدخين السلبي والإصابة بالسرطان ومن أهمها سرطان الرئة الذي أظهرت الأبحاث العلمية أن التدخين مسئول عن نسبة90%من الإصابة به. كما توصل العلماء إلى أدلة تشير إلى وجود علاقة بين التدخين وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وتوصلت الدراسة إلى أن نسبة الإصابة بين النساء المدخنات تزيد حوالي 30% على نسبة الإصابة بين النساء اللواتي لم يدخن مطلقاً وتوصلت الدراسة إلى أن النساء اللواتي بدأن التدخين قبل سن العشرين،وهؤلاء اللواتي بدأن التدخين قبل خمس سنوات على الأقل من حملهن الأول،هن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي. وتوصلت أحد الأبحاث العلمية الجديدة إلى الأضرار التي يسببها التدخين السلبي على قدرة المرأة على الإنجاب وتوصلت الدراسة،التي أجرتها جامعة بريستول على 8500من الأزواج الذين تعرضوا باستمرار للتدخين السلبي في المنازل أو أماكن عملهم ،أن 14%من النساء وخاصة المتزوجات بمدخنين أصبحن أقل قدرة على الحمل ،وتزيد نسبة تأخر الحمل إلى 34%إذا كان الزوج يدخن أكثر من عشرين سيجارة في اليوم. دكتوراه طب الأطفال جامعة تعز