على الرغم من عرض فرنسا له بمغادرة بلاده التي تشهد تمرداً، إلاَّ أن الرئيس التشادي «إدريس ديبي» الذي وصل إلى السلطة في انقلاب مسلح عام 1990م رفض ذلك، وفضل البقاء تجددت أمس الأحد المعارك بعد ليلة من الهدوء الحذر بين الجيش التشادي والمتمردين في نجامينا، حيث لايزال الرئيس التشادي إدريس ديبي يقاوم في قصره، فيما يكتنف الغموض التام ميزان القوى على الأرض.. وسمع دوي إطلاق نار بالأسلحة الرشاشة والثقيلة ومدافع دبابات في وسط نجامينا حيث يقع القصر الرئاسي، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وقالت مصادر عسكرية: إن مروحيات تابعة للجيش التشادي تمكنت من الإقلاع من المطار حيث توجد أيضاً قاعدة فرنسية، وفتحت النيران على شاحنات صغيرة للمتمردين الذين توغلوا في عدد من نقاط المدينة. وطلبت القوات الحكومية أمس من السكان إخلاء المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي، بحسب ما ذكر مصدر قريب من الحكم. وكان العديد من الناس فروا في وقت سابق، إلاّ أن مصدراً عسكرياً أشار إلى أن هناك أشخاصاً لا يزالون يغادرون من المنطقة سيراً على الأقدام أو على دراجات. وتمركزت دبابة للجيش في غرب المدينة للدفاع عن مقر الإذاعة الوطنية الذي يعتبر موقعاً استراتيجياً. وأفاد شاهد أن الجنود المتمركزين في الموقع يطلقون النار على كل كائن بشري، وحلقت طائرات “ميراج إف-1” فرنسية صباح أمس الأحد فوق نجامينا، كما أفادت مصادر عسكرية. وأوضحت هيئة الأركان الفرنسية في باريس في وقت لاحق، أن الطائرات “وضعت في مأمن” في دول مجاورة.. واكتفت هذه الطائرات الفرنسية بالخروج من القاعدة السبت لتأمين الحماية للمطار خلال إجلاء حوالي 400 أجنبي نحو ليبرفيل. وقال الناطق باسم تحالف المتمردين عبدالرحمن كلام الله، في اتصال هاتفي مع فرانس برس: لم نتوجه للاستيلاء على المطار من أجل عدم عرقلة حركة إجلاء الرعايا الأجانب، والآن الجيش الفرنسي يسمح بإقلاع مروحيات تشادية تأتي لمهاجمتنا.. واستؤنفت عملية إجلاء الأجانب من تشاد ظهر أمس الأحد. وأعلنت هيئة الأركان في الجيش الفرنسي أن طائرة من طراز “هيركوليز سي-130” تابعة للجيش الفرنسي أقلعت من نجامينا متوجهة إلى ليبرفيل وهي تقل 104 أشخاص، وأسقطت الاشتباكات التي استؤنفت أمس الأحد، في اليوم الثاني من المعركة العنيفة من أجل السيطرة على نجامينا، كما يبدو اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن ليل أمس الأحد بمبادرة من الزعيم الليبي معمر القذافي، الوسيط المنتدب من الاتحاد الأفريقي.. وذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أن القذافي أجرى اتصالاً هاتفياً مساء السبت مع أحد قادة التمرد محمد نوري وتوصل معه إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في تشاد. وأوضح المتحدث باسم التمرد عبدالرحمن كلام الله، أن نوري قال نعم، لكن شرط أن يوافق أيضاً القائدان الآخران للتحالف (تيمان ارديمي وعبدالوحيد عبود ماكاي)”. ولم يعلن أي طرف حصيلة لضحايا الهجوم الذي شنه المتمردون، وهو الأول في نجامينا منذ حركة التمرد في 2006، لكن يرجح أن يكون عدد كبير من الضحايا سقطوا في المواجهات. وأفاد شهود تشاديون وأوروبيون أنهم رأوا جثثاً متفحمة وأشلاء. وأكد وزير الدفاع الفرنسي هيرفيه موران أمس الأحد مقتل رئيس هيئة الأركان التشادي داؤود سوماين في المعارك ضد المتمردين الجمعة في ماساغيت على بعد خمسين كيلومتراً عن نجامينا. ووصل إدريس ديبي إلى السلطة في انقلاب مسلح في 1990، بعد أن انطلق هو أيضاً من السودان. ونجح خلال السنوات الأخيرة مرات عدة في مواجهة حركات تمرد وإعادة ميزان القوى لصالحه، وأعلن مصدر قريب من قصر الإليزيه أمس الأحد أن فرنسا عرضت منذ الجمعة على الرئيس التشادي مساعدته على مغادرة البلاد إذا اعتبر أن حياته في خطر، لكنه رفض ذلك. إلى ذلك نفى السودان أمس أي تدخل له في المعارك الدائرة في جارته تشاد، حيث دخل متمردون قادمون من الشرق العاصمة نجامينا ودعا الطرفين المتحاربين إلى ضبط النفس.