كغيرها تنتظر سيارة الهايلوكس الضوء الأخضر للعبور، في الجزء المكشوف منها يقنع الصغير شقيقه الأصغر بالجلوس بعد أن وقف وتدلى نصفه الأعلى محاولاً لمس السيارة الأقل ارتفاعاً والموازية لسيارتهما، مستغلاً لحظات الوقوف في اللعب قبل أن يلفت انتباهه الصغير الذي يقبع في مقعدها الخلفي. الشارع شديد الازدحام، أسعد الصغير زحف السيارات الملاحقة للضوء الأخضر، مكنته من التعرف على صديق جديد بادله التحية وشاركه اللعب والحديث وكأنهما صديقان منذ خمسة أو ستة أعوام هي كل عمرهما. حلقت ضحكاتهما عالياً وارتدت إليهما، في صمت بارك نشوة اللحظة. اللحظة التي جعلت أشعة شمس الظهيرة باردة، والشارع المكتظ بالسيارات فارغاً والإشارة التي لم تصل إليها سيارتهما سرابًا. جره شقيقه بقوة هذه المرة، وبلهجة حادة أمره بالجلوس وإلا سيشكوه لوالده الذي سيحرمه متعة الجزء المكشوف لسيارتهما الجديدة ويجلسه في المقعد الخالي إلى جواره. هدأ الصغير لثوانٍ بعد هذا التهديد، واقتعد المكان الذي يمكنه من رؤية صديقه الجديد الذي وهبته إياه السيارة الجديدة، واكتفيا بتبادل الحديث صمتاً. زحف السيارات مستمر لإدراك الضوء الأخضر الذي كان جاداً هذه المرة في السماح لهما بالعبور، غافل الصغير شقيقه … ووقف ثانية ليودع صديقه، أصدرت السيارة زفير غضب الانتظار الطويل وانطلقت. فشل الصغير في اللحاق بيد شقيقه الأصغر ونجح الإسفلت في احتضانه.