في هذا المقال ربما أعمد إلى الكتابة عن مشاهداتي الخاصة، سأكتب وقد يكون هذا الأمر متكرراً في اللاحق من الطرح الذي سأقدمه في هذه الزاوية، فقد كنت أجلس مع أحد الأصدقاء على كرسي في حديقة عامة، وكان قريباً من مواقف السيارات، كنت أجلس مقابلها تماماً فيما جلس مرافقي على كرسيه الخاص المدولب (كرسي متحرك) بعكسي، وكنا في حديث عميق وحيوي حول الكتابة عامة والرواية خاصة وكيف تطورت في السنوات الأخيرة. وفي عمق الأحاديث الدائرة بيننا تأتي عائلة من دولة عربية، تدل لهجة حديثهم على ذلك، ليخرجوا بسيارتهم وكانوا منقسمين بين سيارتين، كنا نجلس بسلام، لم أفهم وأنا في حديثي لماذا انفتح في وجهي فجأة نور ساطع من كلتا السيارتين وكأنهم يعاقبونني، ولا أدري ما سبب العقاب، هل هو الجلوس على مقعد لم أخصصه أنا إنما خصصته إدارة الحدائق حيث وضعته على طرفها البعيد أو يعاقبونني على حديثي العميق الذي استرق ربما بعضهم جزءاً منه وأزعجهم بطريقة ما، رفعت يدي أمام وجهي بطريقة مبدية بها انزعاجي وامتعاضي من النور الساطع ومصدره الذي يمكن أن يخفض حينها، ولكن هيهات فقد استمر العقاب حتى تقافز كل الصغار والكبار إلى داخل السيارة، وزجت جميع الحاجيات داخلها وصعد رب الأسرة ليقرر إنهاء عقابي الذي سلط فجأة نحو عيني. أينقص بعضنا ثقافة احترام الآخر في مجتمعنا الذي يتعامل داخله الأغلبية بفكرة «حقوقي»، وهذا حقي ولي وملكي ولا خطوط أخرى واضحة تبين حقوق الآخرين؟ أينقصنا الأمر؟ احترام الآخر .. الإنسان الآخر؟ فالاحترام للآخر لا يجسد فقط في الإنصات للآخر حين الحديث بالقول أو خفض الصوت، وليس فقط تقديم النساء عند عبور الممرات والطرقات في تقليد بروتوكولي لكلمة إتيكيت، بل احترام الآخر مصطلح فضفاض وواسع وكبير ومتسع تماماً كالأفق والسماء .. واحترام الآخر فرض نفتقده في مجتمعاتنا العربية خصوصاً بأسلوب حياة ذهبي وجميل. احترام الآخرين ليس انتقاصاً وليس قلة حيلة ولا أدنى أنواع الضعف، احترام الآخر ليس صفعة على وجه .. «من حقي»، الاحترام جزء من طبيعة الرقي، والرقي باب موارب من أبواب الحياة الكريمة. m.shehhi@alroeya The post رقي فضفاض appeared first on صحيفة الرؤية.