قالت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إنها أوشكت على استكمال التحقيق والتحري بشأن خمس قضايا، تتعلق بجرائم فساد واختلالات وتجاوزات مالية تبلغ قرابة العشرين مليار ريال.. وكشفت الهيئة في تقرير رفعته مؤخراً إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب حصلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على نسخة منه إن هذه القضايا تأتي ضمن 141 شكوى وبلاغاًَ تلقتها الهيئة منذ إنشائها العام الماضي، منها 78 شكوى وبلاغاً استقبلتها الهيئة خلال الفترة من يناير وحتى نهاية مارس 2008م. وبينت الهيئة في التقرير الذي تضمن أبرز ما قامت به من مهام خلال الربع الأول من العام الجاري، أن معظم تلك القضايا لا يرقى إلى المفهوم القانوني لظاهرة الفساد، بل تمثل ادعاءات وقضايا ذات طابع قضائي إجرائي، فضلاً عن أن 16 قضية منها ذات طابع إداري، النظر فيها ليس من اختصاص الهيئة. وبشأن القضايا التي تندرج ضمن صور الفساد، أكد التقرير أن الهيئة شارفت على الانتهاء من ست قضايا، فيما لاتزال بقية القضايا في طور التحقيق والمتابعة. وبحسب التقرير فإن القضايا التي أوشكت الهيئة على الانتهاء منها تشمل قضية مشروع إعادة تأهيل طريق تعز التربة الذي كشفت الهيئة عن وجود تجاوزت مالية فيه بلغت 116 مليوناً و927 ألفاً و781 ريالاً عن التكلفة المتفق عليها البالغة 971 مليوناً و28 ألفاً و700 ريال. إضافة إلى قضية البعثات والعهد المالية الخاصة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتي أظهر بحث وتحري الهيئة بشأنها وجود اختلالات وتراكم في العهد المالية لدى الملحقين الثقافيين في47 دولة بلغت ستة عشر ملياراً و81 مليوناً و146 ألف ريال خلال الفترة من 2001 2007م. وخلصت تحقيقات وتحريات الهيئة حول هذه القضية وفقاً للتقرير إلى وجود (2053) أمراً بطلب منح خارج الإجراءات القانونية بما شكل ضغطاً على الوزارة وحال دون تنفيذ القانون وتجسيد مبدأ تكافؤ الفرص، رغم أن هناك توجيهاً من فخامة رئيس الجمهورية بمنع قبول أي توجيه مخالف للقانون. ولفت التقرير إلى أن الهيئة لاتزال تتابع هذا الموضوع وأنها التقت مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والمختصين في الوزارة، وتم الاتفاق على طلب الملحقين الثقافيين لتصفية العهد التي عليهم أو إحالتهم إلى القضاء وفقاً للقانون. وبناء على التقرير اتفق الجانبان أيضاً على عقد لقاء مفتوح لكافة الجهات الرسمية المعنية بالإيفاد بغرض الوصول إلى رؤية استراتيجية تعيد النظر في عملية الابتعاث بصورة عامة. وتتعلق القضية الثالثة بمشروع ترميم قلعة القاهرة بتعز والذي أظهرت تحريات وتحقيقات الهيئة ارتكاب مخالفات عديدة كبّدت خزينة الدولة مليارين و559 مليوناً و698 ألف ريال، وهو ما يتجاوز عشرين أمثال تكلفة المشروع عند التعاقد في 2002م والتي بلغت 118 مليون ريال. وتضمنت تلك المخالفات والوقائع التي تندرج بحسب التقرير ضمن صور وجرائم الفساد المنصوص عليها في المادة (30) من قانون مكافحة الفساد عدم مرعاة أحكام قانون المناقصات والقوانين والأنظمة المالية من كافة النواحي الإجرائية والموضوعية في جميع مراحل تنفيذ المشروع. فبحسب التقرير الدوري "فقد تم التعاقد على تنفيذ المشروع في عام 2002م بموجب الأسعار المقدمة من المقاول التي يتجاوز معظمها الأسعار السائدة في السوق في عام 2007م، إلى جانب عدم وجود مخططات وتصاميم فنية وهندسية ومواصفات وكميات محددة وغياب كلي للإشراف على تنفيذ المشروع من قبل المهندسين والمختصين، فضلاً عن منح المقاول أسعاراً تعويضية وفوارق أسعار مواصفات فنية وكلفة نقل ومخاطر دون وجه حق. وأضاف التقرير: إن هيئة مكافحة الفساد وجهت بإيقاف صرف أية مبالغ إضافية للمقاول على ذمة التحقيق في القضية، وكلفت فريقاً من المتخصصين لتقييم الأعمال المنجزة تمهيداً لمحاسبة المقاول بمستحقه الفعلي لما تم عمله، كما طلبت من الجهاز المركزي للرقابة المحاسبة تكليف فرع الجهاز بأعمال التدقيق المحاسبي. أما القضية الرابعة تتعلق بشكوى مرفوعة من موظفي جامعة ذمار بشأن وجود تلاعب وتزوير رافق مناقصة تجهيز معامل كلية الهندسة.. ووفقاً للتقرير فقد تخاطبت الهيئة مع النائب العام لتحريك القضية كونها منظورة لدى النيابة، كما وجهت خطاباً إلى وزير التعليم العالي بإعادة الموظفين الذين قامت الجامعة بتغييرهم من أماكن عملهم وتعيين آخرين بدلاً عنهم بسبب تقديمهم هذه الشكوى إلى أماكن عملهم السابقة وصرف مستحقاتهم. فيما تتعلق القضية الخامسة بوجود تلاعبات بمخصصات دعم مدارس الجاليات فى شرق أفريقيا، حيث كشفت تحريات الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد عن عدم تصفية وزارة شؤون المغتربين للعهد الخاصة بدعم الجاليات للفترة من 1999 وحتى عام 2007م. وأفاد التقرير بأن الهيئة في ضوء ذلك طلبت من وزارة شؤون المغتربين موافاتها بكافة الوثائق المتعلقة بصرف مخصص دعم الجاليات خلال الفترة من 1999 وحتى عام 2007م، إلا أن الوزارة لم توافِ الهيئة بشيء رغم تكرار المخاطبات.. وأكدت الهيئة أنها لاتزال مستمرة في المتابعة. كما تضمن التقرير المرفوع من قبل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب عرضاً لما قامت به من مهام خلال الفترة من يناير وحتى نهاية مارس الماضي.. مبيناً أن الهيئة تلقت 1060 إقراراً بالذمة المالية خلال الربع الأول من لعام الجاري ليبلغ إجمالي الإقرارات التي تلقتها الهيئة منذ سبتمبر 2007م إلى نهاية مارس الماضي 1219 إقراراً من المشمولين بقانون إقرار الذمة المالية. وتسري أحكام القانون رقم "30" لسنة 2006م، بشأن الإقرار بالذمة المالية على كافة العاملين في وظائف السلطة العليا، وكذا في وظائف الإدارة العليا، والعاملين في الوظائف المالية. كما أشار التقرير إلى أن الهيئة أعدت نظاماً بقطاع الذمة المالية تضمن إنشاء قاعدة بيانات آلية تضم جميع المشمولين بإقرار الذمة المالية وتمكن بسهولة من مساءلة المتخلفين عن تقديم إقرارتهم وفقاً للقانون. واشتمل التقرير على كافة القضايا والموضوعات التي ناقشتها الهيئة والقرارات المتخذة بشأنها وفضلاً عن اللقاءات والأنشطة التي قامت بها خلال الربع الأول من العام الجاري، ونتائج مشاركتها في الاجتماعات والمؤتمرات الخارجية. يذكر أن القانون رقم "39" لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد يلزم الهيئة برفع تقارير موحدة كل ثلاثة أشهر عن ما قامت به من مهام وأعمال إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب. وبحسب قانون مكافحة الفساد تعد من جرائم الفساد الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني وكذا الماسة بالوظيفة العامة والجرائم المخلة بسير العدالة واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص ورشوة الموظفين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية للقيام بعمل أو الامتناع عن عمل إخلالاً بواجباتهم ووظائفهم بغرض الحصول على مزايا غير مستحقة أو الاحتفاظ بها متى تعلقت بتصريف الأعمال التجارية الدولية. كما يعد من جرائم الفساد جرائم التزوير المتعلقة بالفساد والتهرب الجمركي والتهرب الضريبي والغش والتلاعب في المزايدات والمناقصات والمواصفات وغيرها من العقود الحكومية، وجرائم غسل العائدات الناتجة عن جرائم الفساد، فضلاً عن استغلال الوظيفة للحصول على منافع خاصة وجرائم الثراء غير المشروع.