ودع الوسط الإعلامي اليمني الصوت التلفزيوني والإذاعي المتألق محسن الجبري الذي مثل بحياته الإذاعية الممتدة لأكثر من 30 سنة صوتا للثورة وباحثا عن اسرار ونفائس التراث الشعبي في كل أرجاء اليمن.واعتبر اعلاميون رحيله خسارة كبيرة لا تعوض، منوهين بحياته الحافلة بالعطاء التي كرسها للدفاع عن الثورة اليمنية والتعريف بانجازاتها المحققة على مستوى كل مدينة وقرية فضلاً عن رصيده الكبير في توثيق الكثير من تفاصيل ومعالم التراث الشعبي في معظم المناطق اليمنية التي مثلت اطلالة حقيقية على المكان اليمني بموروثه الغزير والمتنوع . واعتبر وزير الإعلام حسن اللوزي ضمن شهادات نخبة من الاعلاميين لوكالة الأنباء اليمنية سبأ أن رحيل محسن الجبري مثل خسارة كبيرة وترك فراغا في العمل الإعلامي يصعب ملؤه بذلك الاقتدار والتفوق الذي كان يفصح عن مبادئه وايمانه وخبرته وتقنياته."كما سيفتقده الجمهور الذي يمكن أن يعد بالملايين ممن كانوا يتابعون برنامجه الجماهيري صور من بلادي" . ونوه بأن برنامج "صور من بلادي" مثل مدرسة إعلامية ومعرفية ووطنية هامة وجسد ذخيرة هامة في مكتبة التلفزيون تعين الدارسين على معرفة حقائق التطور الذي عاشته اليمن خلال الأربعة عقود . وأكد أن الفقيد الراحل خلف وراءه بصمة إعلامية ساطعة الدلالات على المهنية والاقتدار والقرب من الجماهير والمواطنين، لافتاً إلى ماقدمه الإذاعي الجبري من برامج متميزة سواء في إذاعة صنعاء وإذاعة عدن كبرنامج "جي ما أقولك"الذي يشهد بعظمة الدور الإعلامي الذي قام به محسن الجبري في الدفاع عن الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر. واضاف: كان شاعراً متميزاً يستلهم تراث شعبه من إبداع روائع القصائد ونوادر الزوامل التي رافقت ظروف الكفاح الثوري والوطني وقد تحول البعض منها إلى أناشيد وطنية ستبقى خالدة الأثر والمردود . وتساءل: من سوف يواصل حمل الراية وأداء الرسالة بنفس روح التفاني والحماس وبنفس صدق الاخلاص وشجاعة المواجهة والتناول.. لافتاً إلى أن "سيرة محسن الجبري الإعلامية والمهنية ستكون صفحات من الدروس التي يجب أن يتعلم منها الإعلاميون الجدد حيث كان الراحل مثالا مضيئا للتفوق والإبداع والتميز في مجال العمل الإعلامي. بندقية الثورة وفي إطار الشهادات عن الدور الإعلامي والثقافي لفقيد الإعلام اليمني محسن الجبري أجمع الكثيرون أن الراحل مثل بتجربته الإعلامية نموذجا للإعلامي الملتزم لقضايا وطنه وأمته منذ اندلاع الثورة في حين نوه أخرون إلى الدور الكبير الذي لعبه في حياته من خلال توثيق التراث الشعبي من كل مناطق اليمن خصوصا تلك التي لم تستطع وسائل الإعلام باختلافها الوصول اليها . ويقول رئيس قطاع الفضائية اليمنية حسين باسليم " كان محسن الجبري علما من أعلام الإعلام اليمني ومؤسسيه وترك بصمات واضحة في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء". ويضيف: لاننسى الدور البارز الذي قام به محسن الجبري في التعريف بالتراث الشعبي اليمني بمختلف مناطق وقرى ومدن اليمن والتعريف به خارجيا عبر الأثير والبث الفضائي اليمني من خلال برنامج صور من بلادي الذي استمر أكثر من 30 عاما". ويعتبر نائب رئيس قطاع إذاعة صنعاء عبد الملك العرشي أن محسن الجبري مثل بندقية متواصلة النيران دفاعاً عن الثورة واحتفاء بها.. ومن خلال الكلمة استبسل في الدفاع عن الثورة والجمهورية . ويلفت إلى برنامجه الإذاعي الشهير "أخي جي ما اقول لك" وأغانيه الوطنية العديدة التي نظمها إلى مقالاته الصحفية التي خطها رديف مساند لخندق الدفاع عن الثورة والجمهورية". ويضيف " بعد انتصار الثورة، وخلال مرحلة البناء والتطوير ظلت كلمته عاملة بجد في مؤازرة مسيرة البناء من خلال برنامجه الإذاعي الشهير "أخي معي لك خبر" وبرنامجه التلفزيوني الشهير " صور من بلادي" الذي ظل يصول ويجول في مختلف مناطق اليمن للتعريف بتحولات الثورة التنموية في ظل الثورة والجمهورية. ويقول المخرج عبد العزيز الحرازي وهو أول مخرج لبرنامج (صور من بلادي): ارتبطت بالبرنامج منذ بداياته بمعية الفقيد الجبري والدكتورة رؤوفة حسن وكان للفقيد اهتمام كبير بالموروث الشعبي وأعطاه كل حياته وغطى على مدى سنوات طويلة معظم محافظات الجمهورية خصوصاً بعد الوحدة اليمنية المباركة. ويضيف: من شدة تعلقه ببرنامجه كان يولي الجوانب ذات الصلة بالاعراف والتقاليد جل اهتمامه ويبحث عن المعلومة التي يريدها ولو كلفه ذلك الكثير فكان يركب الصعب كما يقال ويصعد الجبال وينزل السهول ليصل الى المعلومة لأنه يحب عمله بشكل غير عادي " . ويشير الحرازي إلى أن أعمال الفقيد تمثل اليوم مرجعا للموروث الشعبي الكبير التي تزخر به مناطق اليمن ورحيله خسارة منيت بها الأسرة الإعلامية ويصعب ملء الفراغ الذي تركه. رجل متعدد المواهب ويقول المخرج التلفزيوني الدكتور فضل العلفي :إن محسن الجبري كان علما من أعلام اليمن ومن المناضلين الاوائل لثورة 26 سبتمبر وإعلامياً مخضرماً عاصر الامامة والثورة والوحدة، وظل حتى آخر يوم في حياته يؤدي عمله بكل ثقة وريادة . ويضيف: الجبري هو الاعلامي الوحيد الذي وصل الى كل عزلة وقرية في أرجاء اليمن ليوثق لعادات واعراف اليمنيين المختلفة وهو رجل متعدد المواهب فهو إعلامي محنك وشاعر وكاتب قصة خلاق . الدكتورة رؤوفة حسن الشرفي رئيسة مؤسسة برامج التنمية الثقافية كانت أول من عمل معه في برنامج (صور من بلادي) في أول ست حلقات بمعية المخرج عبدالعزيز الحرازي وتلاحظ في حديثها عن تجربته التلفزيونية :إن الجبري تمكن من ربط التلفزيون بالقرية لاسيما القرى في أقاصي الوطن التي لم يكن لها ان تظهر على الشاشة الصغيرة لولا وصول الجبري إليها " .وتضيف: كنت أول من عمل في برنامج (صور من بلادي) وكانت فكرته الاصلية ذا طابع مختلف تحوي جانباً اجتماعياً يتمثل في إبراز عادات واعمال النساء الريفيات والجوانب الاسرية في الريف وكانت الرقصات الشعبية والزوامل تكمل البرنامج وبعد رحيلي من البرنامج استمر الجانب المتعلق بالرجال وغابت الجوانب الاخرى " . وتشير الدكتورة حسن إلى أن الراحل الجبري "كان شديد الاهتمام بعمله وبالتراث الشعبي حيث كوّن ثروة تراثية تلفزيونية جيدة، وقام بتأليف كتاب وثق فيه "الحكايات الصنعانية المتداولة". برامج شعبية متميزة ويلفت المذيع بإذاعة صنعاء عبد العزيز شايف بأن محسن الجبري تميز ببرامجه الشعبية في مقدمتها البرنامج الجماهيري الإذاعي الشهير "صوت الشعب". ويضيف: في هذا البرنامج كان الناس يأتون من مختلف المناطق إلى حديقة الإذاعة مرددين الزوامل الشعبية والأشعار الوطنية التي تشيد بالثورة والجمهورية وكان محسن الجبري يقوم بالتسجيل معهم بجانب منزله حتى أن منزله تعرض لانفجار بلغم من قبل الملكيين". ويلفت إلى أن الجبري كان عصاميا يحب عمله أكثر من المناصب والإغراءات الإدارية وأسهم في العمل التلفريوني عبر برنامجه المشهور صور من بلادي وكان شاعرا شعبيا وكتب للإذاعة الكثير من الاشعار الشعبية المسجلة في مكتبة الإذاعة . سيرة حافلة مدير عام التنسيق والمكتبات بقطاع الفضائية اليمنية لطف الخميسي يعرض السيرة للفقيد ويشير إلى أن " الاعلامي المبدع محسن الجبري يتحدر من اسرة فقيرة مكافحة اختطت طريق العلم والفكر واللغة وعملت في مجال القضاء . والجبري من خريجي المدرسة العلمية بصنعاء وارتبط أواخر خمسينيات القرن الماضي بتيار التغيير والتحديث والتحرر الذي كان سائداً آنذاك وتشبّع بثقافة وطنية وقومية واسلامية وانسانية . ويضيف: الراحل كان من أبرز من كتب الاغنية الشعبية والزوامل والباله وأكثر أبناء جيله اهتماما بجمع التراث والقول المأثور من الشعر والحكم والامثال الشعبية والزوامل والهيدات والباله وأغاني الحصاد والمواسم المختلفة . هذا وقد نعت وزارة الاعلام والمؤسسة العامة اليمنية للاذاعة والتلفزيون والمؤسسات الصحفية الإعلامي الكبير الأستاذ محسن الجبري الذي انتقل إلى جوار ربه أمس عن عمر ناهز ال85 عاما قضى معظمه في خدمة الوطن والدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة الوطنية . وأشار بيان النعي إلى أن الفقيد كان خلال مسيرته في المجال الاعلامي في طليعة المناضلين الذين أبلوا بلاء حسناً في معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية وتجسيد اهدافها والتفاني من اجلها بالكلمة الوفية الصادقة والرأي الوطني الحكيم وبمقدرة المواجهة والدفاع والتصدي للمهام الكبيرة. كما كان للفقيد رصيد نضالي في رفع مستوى الوعي الثقافي والاجتماعي وترسيخ قيم المحبة والسلام والتنمية والديمقراطية في أوساط الجماهير من خلال برامجه الاذاعية والتلفزيونية ومن أبرزها " معي لك خبر، وجي ما أقلك ، وصولا إلى برنامجه التلفزيوني الاشهر "صور من بلادي " . كما أبدع الفقيد وتميز في نظم القصائد والزوامل واللوحات الفنية والاستعراضية المجسدة لعمق الالتزام الثوري والولاء الوطني ، وأسهمت في احياء الموروث الشعبي والحضاري لجماهير شعبنا اليمني في كافة مناطق الجمهورية ، كما تضمنت الدعوة للتطوير والتحديث والخلاص من مخلفات الامامة والاستعمار. واعتبر البيان المناضل محسن الجبري من ابرز الشعراء الشعبيين والكتاب الذين قدموا على مدى 60 عاما من خلال الكلمة الشريفة والصادقة خدمة للثقافة الوطنية والعربية والاسلامية . ووزارة الاعلام والمؤسسة العامة اليمنية للاذاعة والتلفزيون والمؤسسات الصحفية إذ تتقدم الى أسرة الفقيد والى كل زملاء الكلمة المناضلة بأحر التعازي .. لتسأل المولى القدير أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان . هذا وسيشيع جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير في مقبرة بيت معياد بصنعاء بعد الصلاة عليه في جامع بيت معياد الساعة الثامنة من صباح اليوم الأحد.
