فازت الأمريكية ميليسا ساندرا عن جدارة واستحقاق بلقب زوجة مثالية، وهي تدّعي أن فوزها بهذا اللقب لم يأت بمحض الصدفة، وإنما عن معرفة واعية بكيفية الحفاظ على الزوج ليكون متعلقاً ببيته وامرأته.. ولإثبات معرفتها بفن الحفاظ على الزوج، قامت ميليسا بتأليف كتاب يحمل عنوان «زوجة وحبيبة» وضعت فيه خلاصة تجربتها الزوجية والعائلية لتكون في متناول كل النساء، فما أبرز الوصايا والنصائح التي قدمتها ميليسا لنساء العالم في زمن الطلاق والعنوسة؟!. دراسة تحليلية لعل أبرز نتيجة توصلت إليها هذه الزوجة المثالية هي أن خطيئة انحراف الزوج لا تقع كلها على كاهله، وإنما تتحمل الزوجة قسطاً لا يستهان به من مسؤولية التسبب بذلك، ومع أنها تستند في ذلك الحكم إلى تجربتها الشخصية، ولكي تضفي مسحة علمية على استنتاجها، قامت بإجراء دراسة تحليلية على مئات السيدات ممن يبلغ عمر زواجهن بين ثلاثة أعوام وعشرين عاماً، كيف تسهم الزوجة في انحراف زوجها؟. إليكم استنتاجات ميليسا: أولاً: سوء المعاملة، وملامح هذه الحالة تتمثل في الجفاف والصرامة وكثرة الجدال والتنكيد والتجهم، من ملامح ذلك أن المرأة تبدو وكأنها لا يهدأ لها بال حتى تذيق زوجها من نكد العيش ما يكفيه لكي يكره كل خطوة من خطوات عودته إلى البيت. لماذا تتصرف بعض النساء على هذا النحو؟. الجواب يقود إلى النقطة الثانية في استنتاجات ميليسا، وهذه النقطة تتعلق بالافتراض الخاطئ لدى بعض الزوجات بأن اهتمام الزوج وبقاءه في «الحظيرة» هو أمر مفروغ منه، فمهما حدث من مشكلات جسيمة ومفتعلة ومنغصة فلن تتغير الحال ولن يتزعزع ولاء الرجل، إذ هل يعقل أن يضحّي بأبنائه ويهجر بيته؟!. ومع أن الشواهد تدل بكثرة على عكس افتراض مثل هذه المرأة، فهي تبدو كمن لا يرى أبعد من أنفه، وبذلك تتصرف على نحو خاطئ، صحيح أن هذه المرأة قد لا تكون شريرة، وأنها تتصرف وفق ما يمليه عليها إحساسها بأنها بريئة، وأن جل ما في البيت من نكد العيش هو من صنيعة الزوج لا غيره، لكن في المحصلة النهائية قد لا يكون ثمة فرق بين أن تكوني شريرة أو تكوني عبيطة!. لا يتوقف سلوك هذه المرأة على التنغيص والتنكيد، وإنما هي محترفة في إهمال الذات، ولعلها تقف أمام المرآة كل صباح، لا لكي تطمئن إلى سلامة مظهرها، وإنما لكي يتأكد من أن كل خصلة من خصلات شعرها تشير إلى اتجاه مختلف، ولكي تتأكد من أن «الخرقة» التي تضعها على بدنها كل يوم «مبهدلة» بما يكفي لتجعل منها كائناً بائساً وكئيباً ومنفراً، وهذه بالمناسبة ليست ناجمة عن فقر أو حاجة، فخزانة ملابسها قد تكون مملوءة، ولكنه طبع متأصلة ودال على عقلية متخلفة، أو ناجم إن شئت عن بخل شديد، والنتيجة في كل الأحوال واحدة، تحاول ميليسا جاهدة أن تقنع نساء الأرض بالتوقف ملياً عند حقيقة أن الرجل بعد سنوات من الزواج يفقد جزءاً مهماً من اهتمامه الغريزي تجاه زوجته، ويحاول في المقابل أن يحصل منها على ما يعوض ذلك، كالاهتمام والتقدير والتفاهم والصفاء والتحمل. المراحل الحرجة هناك مراحل حرجة في حياة كل زوج، هذا ما توصلت إليه «ميليسا» في سياق أبحاثها من خلال تجاربها الشخصية، وفي تلك المراحل يكون الزوج أضعف ما يكون، وبالتالي فهو عرضة للسقوط والانحراف، أهم تلك المراحل الحرجة في حياة الزوج هي مجيء الأطفال إلى الدنيا، دعك مما يقال عن فرحة الأبوة والابتهاج لصوت الطفل في البيت، قد يكون هذا صحيحاً، لكن الصحيح أيضاً هو أنه مع مجيء كل طفل إلى الدنيا، يتزايد إحساس الأب بأنه صار أقل أهمية من الناحية العاطفية، ها هي الزوجة تعطي %90 من اهتمامها للطفل القادم وليس في أجندتها متسع لأشياء أخرى.. بعبارة أخرى: لقد راحت على الزوج. تزايد أعباء الزوجة في البيت وخارجه، قد تدفع الظروف المادية الصعبة إلى ابتكار بدائل عملية لزيادة الدخل، كأن يبحث كل من الزوجين عن فرصة لتعزيز الدخل، وكثيراً ما ينعكس ذلك على السكينة العائلية، إذ تصبح الحياة أشبه بصراع مع المتطلبات والحاجات التي لا تنتهي، وعندما تغرق المرأة في انشغالات عملها الخارجي وأعمالها المنزلية، فمن الطبيعي أن اهتمامها بزوجها سيتناقص إلى الحدود الدنيا، صحيح أنه هو الآخر منشغل إلى حد كبير لكن الرجل هو الرجل، ذلك الكائن الذي اعتاد تاريخياً أن يرى المرأة وقد وضعته في أعلى قائمة الاهتمامات. الأمومة المبالغ فيها: نعم إن الإفراط في الأمومة إلى حد «الهبل» ينعكس سلباً على علاقة المرأة بزوجها، وقد لا يفصح الرجل عن ذلك؛ لأن كبرياءه ربما تمنعه من أن يضع نفسه في مرتبة الشاكي من قلة الاهتمام، وخصوصاً إذا كان منافسه هو الطفل أو الأطفال؛ إلا أن عدم الشكوى لا يعني إلا أنه يحبس ضيقه في صدره، وقد يفرغه في دروب غير صحية وغير سليمة. تنبيه: مازلنا مع ميليسا، والأفكار الواردة هنا جاءت في مذكراتها ونوردها بإيجاز.. تشير ميليسا إلى تلك الفترة الأشد حرجاً في حياة الرجل، عندما تبدأ قدراته في التضاؤل، وهي الفترة التي قد تبدأ من منتصف الثلاثينيات وصولاً إلى سن الخمسين، وفي هذه المرحلة تتراءى أسئلة كبيرة أمام الزوج، إنها أسئلة الرجولة المعروفة والتي تشكل مكوناً أساسياً من مكونات اعتزاز الرجل بذاته وبكيانه، الآن تبدو الصورة مهتزة بعض الشيء ما يفتح الباب على مصراعيه حول الأسباب، ما الذي يوهن الرجل يا تري؟ من الصعب أن يتوصل سريعاً إلى إجابة ذات طبيعة «عضوية» تشير بأصبع الاتهام نحو الزمن وآثاره، وأسهل حل هو تحميل الزوجة مسؤولية ذلك.. «إنها تفقد جاذبيتها السابقة» وبالتالي فإن وهن الرجل هو في الواقع استجابة طبيعية لجاذبية متناقصة، أما الرجل فهو بريء من التهمة. ومما يزيد الطين بلة في مثل تلك الأحوال هو رد فعل المرأة، وهنا نأتي إلى مربط الفرس الذي تشير إليه ميليسا، قد تلجأ المرأة إلى معايرة زوجها بضعفه، وقد تطلب منه بشكل فظ أن يراجع طبيباً مختصاً، وقد تتدخل بأشكال أخرى وبمقترحات متسارعة، المهم أنها تشعره بأن الدنيا قد «انخبطت» وبأن السماء «انطبقت» على الأرض، ويتعين اتخاذ إجراء فوري لإنقاذ العالم من الدمار!!. لكن الرجل يرى المسألة من زاوية مختلفة تماماً كما أسلفنا، ومع اشتداد الإلحاح بالنسبة إلى المرأة، واشتداد المرارة في نفس الرجل، يصبح الخطر داهماً، وهو خطر انزلاق الرجل إلى وضع يثبت فيه رجولته ليؤكد مسؤولية الزوجة وليعفي نفسه من «التهمة». علاقة الرجل بالبيت نعود إلى النقاط التي استخلصتها ميليسا من تجربتها الذاتية، ومن أبحاثها حول كيفية احتفاظ المرأة بحياة زوجية سعيدة تنعكس عليها وعلى الأسرة جمعاء بالهناء. ماذا عن علاقة الرجل بشؤون البيت؟ تعتقد بعض النساء عن خطأ، أن الإخلاص والتفاني يتطلبان إبعاد الرجل عن شؤون المنزل إبعاداً تاماً، حتى إنه إذا فكر في دخول المطبخ للحصول على منفضة سجائر، فإنه يمضي رُبع ساعة بحثاً عنها، لأنه لا يعرف أصلاً في أي درج توضع، ورأي ميليسا في هذا كما يلي: إن إبعاد الرجل عن شؤون المنزل هو إبعاد له عن الأجواء العائلية، لنسّلم بأن الرجل منشغل جداً وليس لديه الوقت لصغائر الأمور، فهل يمنعه ذلك من قضاء نصف ساعة في المطبخ يوم العطلة الأسبوعية؟! من المفترض أن تكون تلك الأوقات القليلة مبعث سعادة له وللمرأة على السواء فهاهما على أي حال يتشاركان في شيء من أشيائهما اليومية، وهذا من شأنه أن يضيف إلى بطارية الدفء العائلي التي تحتاج إلى جلسات الشحن المنتظمة كتلك اللحظات التي يتشارك فيها الزوجان والعائلة بعض النشاطات. أخيراً تؤكد ميليسا أن المرأة التي يهمها الاحتفاظ بزوجها وبيتها حتى النهاية، هي بالضرورة امرأة صبورة للغاية، وهي تؤمن أن لمصاعب الحياة زمناً، وأن الصبر هو مفتاح الفرج، فالحياة الزوجية كما هو معروف كالكائن الحي، إنها تمر بمراحل أصبحت واضحة لكل ذي دراية وخبرة وليس من المنطقي ولا من الواقعي أن يتوقع المرء استمرار شهر العسل إلى نهاية العمر، إن شهر العسل قد يطول لعام أو عامين، وبعد ذلك للطبيعة أحكامها، والمرأة «الشاطرة» هي التي تجتاز مراحل الحياة الزوجية بكل ما فيها من مرارة وحلاوة، ومن المؤكد أن هذه المرأة ستضحك أخيراً وستضحك كثيراً.