إن كنت كما كنت، فاشربي ماتيسر من الماء واقطفي مشبعة جوعك حلماً نباتياً أو لحومياً، لايهم سترشفين ألذه على الاطلاق مُري صبرك خيراً.. عديني أن يستر جوعك، وألا تنامي خاوية البطن.. تغذي. هكذا كانت دروس التمويه المجانية عند فراغ أوعية جسدنا من الهواء، وتشقق جفاف أواني بيتنا، شقيقتي تخاف علي جوعاً. مساء الاربعاء عاد أبي وروحه مغتسلة بالتعب يجر الخيبة المعتادة، والدهور تزحف اعتذارات جافة على ملامحه. ومافائدة كل تلك الدهور، إن كانت مختزلة سعادته، لانستطيع نقل جزء منا لمساعدته. لايهم الموت جوعاً مادمنا محتجبات من العيون النهمة، كان هذا الكيان الذي أحبه يردد على مسامعنا أن المرأة مكانها دارها تتقرفص فيه إلى أن يأتيها ابن الحلال، التعليم مقصور على القرآن والصلاة وماعدا ذلك ممنوع بحكم العيب، ولكن ياوالدي العزيز عالمنا المنقطع عن كل شيء، كيف به سيعرف أن لديك عانسات بحاجة لقليل من الحرية، واستنشاق الذات. استقبلناه والشبع ملء أجفاننا بقبلات، ظل ينذر بالاختفاء.. تبرعت له ببعض أحلامي حتى يتسنى له النوم مطبق الذاكرة ممتلئ المعدة. عاد الصباح بروتين مقرف. ياإلهي أبي يشتعل فوق مضجعه. أختي تمزق كيانها بهدوء وتهمس بقراءة مألوفة. تقاذفتني الوساوس، هرولت نحو الباب دون أن تدرك شقيقتي، لأول مرة أتعرف على الشمس، التي لمعت في عيني وأبقتني منتظرة، سرت بضع خطوات خنقني الاتجاه. فجأة تجمع الناس حولي مطليين بالغربان جماعة منهم وألوان لا استوعبها خفت.. أحدهم صرخ، وطلب مني صعود شي ما. ماعلامات الاستفهام هذه، هل جئت من عالم مختلف؟ هذا الكائن شهي، صعدت خطوة نحو الحديد.. كان الفضول يشدني لمعرفة ماهذا الشيء، معرفة الأمكنة، الأرواح الأخرى غير شقيقتي وأبي، خارج ألوان خليتي العجفاء. أكملت بثبات خطواتي، ومعها ضحت أذناي بصراخ لصوتٍ مألوف، التفت نحو الخلية، تابعت الصعود، انطلق الحديد، تشرب المسافات، والصوت يتناقص رنينه داخلي كلما وأد ارتواء عطشي!!