عرفت الاستراتيجية الوطنية لتنمية المنشآت الصغيرة والأصغر، المنشأة الصغيرة بأنها «أي نشاط مدر للدخل في مجال الصناعة أو التجارة أو الخدمات باستثناء الصناعات الأولية» وتستخدم «50» عاملاً أو أقل وتسوق «50 %» من منتجاتها.. وكذلك عرفت المنشأة الأصغر بأنها تلك المنشأة التي تستخدم مابين «1 4» عمال بمن فيهم المالك.. وفي هذا التحقيق نستعرض أهمية هذه المنشأة اقتصادياً واجتماعياً في بلادنا وواقعها الذي يحتاج إلى تطوير أكثر والجهود الرسمية المبذولة لتنميتها.الأهمية تحتل المنشآت الصغيرة والأصغر أهمية كبيرة كونها تلعب دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث تصل مساهمتها الاقتصادية إلى مايزيد على «07%» من اجمالي عدد المشروعات الاقتصادية...وقد اعتبر خبراء الاقتصاد المنشآت الصغيرة والاصغر اداة من أدوات التخفيف من الفقر والحد من البطالة، كما هي أداة لتطوير الكفاءة الإدارية والتسويقية لأصحابها حيث تتجسد أهميتها بدرجة رئيسية في قدرتها على توليد وتوطين الوظائف بمعدلات كبيرة وتكلفة رأسمالية قليلة وبالتالي المساهمة في معالجة مشكلة البطالة التي تعاني منها أغلب الدول، كما تتمتع المشروعات الصغيرة والأصغر بروابط خلفية وأمامية قوية مع المشروعات الكبيرة وتساهم في زيادة الدخل وتنويعه بالإضافة إلى زيادة القيمة الإضافية المحلية، كما أنها تمتاز بكفاءة استخدام رأس المال برغم ضآلته نظراً للارتباط المباشر لملكية المشروع بإدارته وحرص المالك على نجاح مشروعه وإدارته بالطريقة المثلى. ولأهمية المنشآت الصغيرة والأصغر في تحريك الاقتصاد أولتها الحكومة اهتماماً كبيراً حرصاً منها على التخفيف من حدة الفقر وتخفيض معدلات البطالة في اليمن ومن أجل تحقيق ذلك الهدف وضعت الحكومة اليمنية المنشآت الصغيرة والأصغر في طليعة الأدوات التي ستساهم في خلق فرص عمل وبذلك التزمت الحكومة بدعم هذا القطاع الهام والسعي نحو التنمية وتعمل الحكومة من خلال مؤسساتها المختلفة لتحقيق ذلك، ويعتبر الصندوق الاجتماعي للتنمية أحد آلياته الحكومية لدعم هذه المنشآت وذلك عبر وحدة تنمية المنشآت الصغيرة و الأصغر بالصندوق بالإضافة للبرامج الأخرى. مقارنة من منظور اقتصادي جديد فإن تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر وتشجيع الاستثمارات الانتاجية الصغيرة تعتبر أفضل نمط تنموي لاستيعاب أكبر عدد من الأيادي العاملة وتحقيق نمو اقتصادي عادل تستفيد منه معظم شرائح وفئات المجتمع وفي نفس الوقت يقدم هذا النمط من التنمية حلاً مثالياً لمشكلة ندرة رأس المال الكبير...فالاستثمار في المشروعات الصغيرة والأصغر إذا ما وجد تشجيع حقيقي واهتمام أكبر سيكون أفضل من الاهتمام بالاستثمارات الكبيرة...فالمشاريع الصغيرة والأصغر تكثف العمل وتزيد فرص العمالة بعكس ذلك النوع من المشاريع الصغيرة والأصغر التي تكثف رأس المال وتعتمد على تقنية معقدة ورأسمال كثيف وعمال قليلين..وقد اثبتت هذه الرؤية صحتها في نمط التنمية الذي اعتمدته الصين بتشجيع المشروعات الصغيرة وتنظيمها في شبكات تنافسية واعتماد فنون إنتاجية تناسب الاعداد الكبيرة من الأيادي العاملة. احصائيات في بلادنا تلعب المنشآت الصغيرة والاصغر دوراً هاماً في الاقتصاد الوطني..حيث تشير الدراسات بأن عدد المنشآت الصغيرة والاصغر في اليمن يقدر بحوالي «113»ألف منشأة يعمل فيها حوالي «005» الف عامل، منها «422» ألف منشأة فردية بنسبة 27%من اجمالي عدد المنشآت و«67» ألف منشأة يعمل فيها «24» عاملاً بنسبة «52%» من اجمالي عدد المنشآت و«11» ألف منشأة يعمل فيها «5 05»عاملاً بنسبة «3%» ..كما أن نسبة الاستثمار في المنشأة الصغيرة الحجم بلغ «27%» من اجمالي الاستثمارات في الجمهورية اليمنية. معوقات بينت الدراسات التي أجراها الصندوق الاجتماعي للتنمية أن المنشآت الصغيرة والاصغر تعاني مجموعة من المعوقات التي تحد من امكانيات تطورها ومساهمتها بشكل أكبر في الاقتصاد الوطني . فالمنشآت الصغيرة والأصغر في اليمن تتصف بشكل عام بعدم التجديد وانحصارها في قطاعات معينة. ويرجع ذلك لعدد من العوامل منها ضعف البنية التحتية للخدمات الضرورية مثل الكهرباء والطرق ،بالإضافة للمعوقات المتمثلة في متطلبات الترخيص لمزاولة المهنة والضرائب، كما تعاني من عدم توفر خدمات تنمية الأعمال، مثل الخدمات الاستشارية الضرورية والتدريب ، ومحدودية مصادر التمويل. وتتمثل أهم هذه التحديات في ثلاثة مجالات أولها التحديات الخاصة بالموارد البشرية، والمتمثلة بضعف المهارات العمالية الموجودة في المنشآت الصغيرة، لا سيما المهارات الإدارية والتسويقية لدى المالك إضافة إلى صعوبة الحصول على المهارات العمالية العالية ، وكذلك تأتي مشكلة ارتفاع معدل دورات العمالة وانخفاض انتاجية العمل وقلة العرض «قلة العمالة الماهرة». تحديات مالية وثاني أنواع التحديات هي التحديات المالية المتمثلة في تدني مستوى الاقراض الحكومي بالنسبة للاقراض المحلي للقطاع الخاص، وتخوف القطاع المصرفي للبنوك من الدخول في مجال الاقراض لتكلفتها العالية وللاعتقاد السائد لديها بالمخاطر العالية المرتبطة بهذه المنشآت ، وصعوبة قيام اصحاب المنشآت الصغيرة والاصغر بتوفير الضمانات المطلوبة من قبل البنوك في حال موافقة البنك على اقراضها. أما النوع الثالث من التحديات فهذه التحديات الإدارية وسوء إدارة الملاك للمنشآت الصغيرة والاصغر، وإهمال ما يجري في البيئة كلياً أو جزئياً أو عدم التكيف معها والاستجابة لتغيراتها، وعدم معرفة السوق، لاسيما حاجات العملاء ورغباتهم واذواقهم والرغبة العالية في السيطرة لدى المالك على كل شيء في المنشأة ، والضعف في المتابعة والقصور في المعلومات وفي الأدوات الرقابية. تدخلات تنموية ان وجود مثل هذه التحديات يؤدي إلى إعاقة نمو وتطور هذه المنشآت إن لم يؤد إلى فشلها الأمر الذي يتطلب ضرورة إيجاد حلول لمواجهة تلك التحديات والمشاكل واسبابها وذلك من خلال إيجاد آليات عمل مناسبة تؤدي إلى نشوء منشآت صغيرة واصغر جديدة وبشكل متزايد إضافة إلى مساعدتها على البقاء والاستمرار والتوسع حتى تصبح في المستقبل منشأة كبيرة أو متوسطة الحجم وهذا ما سعت إليه الحكومة عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي أنشأ وحدة متخصصة لتنمية المنشآت الصغيرة والاصغر لتقديم عدد من الخدمات المالية وغير المالية لتلك المنشآت. خدمات التمويل ومن خلال وحدة تنمية المنشآت الصغيرة والاصغر تمكن الصندوق الاجتماعي للتنمية من التدخل لإيجاد حلول لبعض التحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة...ومن هذه التدخلات أنشأ الصندوق عدداً من برامج ومؤسسات التمويل الصغيرة والأصغر والتي تقدم خدمات مالية إقراضية للمنشآت الصغيرة والاصغر بشكل مستدام واستهداف شرائح مختلفة من اصحاب المنشآت... وقد زاد عدد البرامج التي تقدم خدمات التمويل الأصغر في اليمن لتصل إلى تسعة برامج عام «9991م» وارتفع العدد إلى «21» برنامجاً رئيسياً في نهاية عام 7002م ، كما زاد عدد المستفيدين بشكل ملحوظ فارتفع عدد العملاء النشطين في التمويل الاصغر من «574» مقترضاً عام «7991م» إلى أكثر من «33» ألف مقترض نشط بنهاية يوليو «8002م» 08%منهم من النساء، وتم منح أكثر من «602» آلاف قرض تراكمياً خلال السنوات العشر الماضية بقيمة أكثرمن «01» مليارت ريال وقد أنشئت برامج التمويل الاصغر لتقوم بدورها في خدمة اصحاب المنشآت الصغيرة والاصغر وتوفير مصادر التمويل بصفة مستمرة لهم. الخدمات غير المالية إضافة إلى الخدمات المالية التي يقدمها الصندوق الاجتماعي للتنمية للمنشآت الصغيرة من خلال دعم إنشاء برامج التمويل الأصغر عبر وحدة تنمية المنشآت...شرع الصندوق بتقديم الخدمات غير المالية لاصحاب المنشآت سواء كانوا عملاء برامج ومؤسسات التمويل الاصغر أم من غير العملاء وذلك لرفع كفاءة وقدرة هذه الفئة من خلال تقديم التدريب والتأهيل في عدة مجالات كالخياطة وصيانة التلفونات المحمولة والتطريز والتدبير المنزلي وصناعة الاغذية والاشغال اليدوية وتصنيع العطور والبخور...الخ.. وبهدف إيجاد قاعدة معلومات متكاملة عن قطاع المنشآت الصغيرة والاصغر نفذت الوحدة التابعة للصندوق عدداً من المسوحات الميدانية منها مسح صغار المقاولين والمسح القاعدي للمنشأة الصغيرة....وإدراكاً لحجم احتياج اصحاب المنشآت للخدمات غير المالية أنشأت الوحدة وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والاصغر بهدف تعزيز مقدرة مزودي الخدمات غير المالية لتقديم خدماتهم بشكل دائم ومستمر وتسهيل وصول تلك الخدمات لاصحاب المنشآت الصغيرة والاصغر وتنمية مقدرتهم على التوسع والانتشار.