ابومازن: نودع نجماً احببناه لدرجة العشق وترك عطاءً لا ينضب القاسم : نعتز بشعب لا يتقاسم ارغفة الحصار بل يتقاسم قبور الشعراء وسط موكب مهيب عامر بالحزن، وصل إلى الأراضي الفلسطينية جثمان الشاعر الراحل محمود درويش الذي وافته المنية الأحد عقب عملية بالقلب. وقد وصل جثمان الشاعر درويش إلى رام الله على متن مروحية عسكرية ملفوفًا بالعلم الفلسطيني ، وترافقها أخرى تقل أعضاء الوفد الفلسطيني الذي توجه صباح أمس إلى عمان لاستقبال جثمانه الذي أقلته طائرة خاصة من الولايات المتحدة. وشارك في مراسم استقبال ووداع جثمان الشاعر الكبير كبار المسئولين الفلسطينيين وممثلو وقادة القوى الفلسطينية إضافة إلى ذويه وعلى رأسهم والدته الحاجة حورية. وحضرت والدة درويش الطاعنة في السن على كرسي متحرك وألقت هي وعدد من كبار الشخصيات الفلسطينية النظرة الأخيرة على جثمانه وكبار الشخصيات لالقاء النظرة الاخيرة عليه، والقى منظمو الجنازة التحية العسكرية له..وألقى كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وذوو الفقيد والشاعر سميح القاسم كلمات وداعية ثم أقيمت صلاة الجنازة عليه في مقر الرئاسة. ووضع جثمان الراحل درويش على مركبة عسكرية اتجهت في جنازة الى قصر الثقافة حيث سارت نحو أربعة كيلو مترات وتعبر رام الله من شمالها إلى جنوبها. ومر الموكب الجنائزي بشارع الارسال في ميدان المنارة ودوار الساعة وشارع يافا ثم مشفى أبو ريا قبل أن يصل إلى قصر الثقافة الواقع على تلة تطل على مدينة القدس حيث يوارى الثرى. عباس والقاسم وعشراوي ينعون درويش وبنبرة حزينة ، نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر محمود درويش وسط جموع المشيعين لجنازته في مدينة رام الله. وقال عباس: “ لقد وضعنا درويش أمام امتحان الصبر والقدرة على استدامة العطاء .. درويش ترك وراءه عطاءً لا ينضب”..وتابع: “ قد احتضنت تطلعاته دولة فلسطينية مستقلة ومساوية بين جميع ابنائها على شتى عقائدهم . دولة القانون والمؤسسات التي نذر درويش نفسه يحلم بها قائدًا رياديًا معلمًا وحصنًا منيعًا “ ، مضيفًا :” لا نصدق أنه رحل وعندما نوقن بالقدر ونستسلم للقضاء تزداد فاجعتنا ألمًا “ وخاطب روح درويش قائلا: “ لقد كنت الإنسان فينا وستكون في كل مولود لنا لم يسقط الحصان عن القصيدة . على هذه الأرض ما يستحق الحياة ..نودع نجمًا أحببناه لدرجة العشق ليحرك فينا شمسًا لا تغيب ونهرًا من الخير والأمل”. من جهته استنكر سميح القاسم رفيق الشاعر الفلسطيني محمود درويش الراحل طغيان الاحتلال الإسرائيلي وعبر عن ألمه من الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس وذلك خلال كلمته التي نعى فيها صديقه درويش. وقال قاسم: “ يريدون تحويل مقبرتك الى حظيرة لمواشيهم المستوردة كأفكارهم .. إنهم ينتقمون لعجز أسلحة التدمير الشامل عن مواجهة قصيدتك قصيدة الحياة الشاملة”. وأضاف :”إنهم منغمون بالكراهية وشهوة التدمير الذاتي لأنهم لا يحبون السلام والعدالة .. يا أخًا لم تلده أمي أعرف أنك تسمعني جيدًا.. لنا أن نعتز بشعب لا يتقاسم أرغفة الحصار بحسب بل يتقاسم قبور الشعراء ..الشعب الفلسطيني لن يكون في مقاومته شعب إرهاب كما يدعي رجال القتل والاحتلال والعنصرية والعدوان”. ومضى بالقول :”إذا كانت غزة غير قادرة بفعل هؤلاء على التصرف في رام الله ورام الله غير قادرة على التصرف في غزة فمن أين لنا أن تتجلى فلسطين في فلسطين .. للشعب الواحد أن يعيش ولكن تتعدد اتجاهاته الفكرية ويظل شعباً واحداً إن كان شعبًا طبيعيا .. إن لم نكن شعباً واحداً فمن نحن إذًا . هل عدنا للجاهلية . سامحنا يا أخانا على ضعفنا وخوفنا وحزننا وركاكة أيامنا”. من جهتها قالت حنان عشراوي عضو المجلس التشريعي إنها على معرفة قديمة بالراحل منذ كانت طالبة ببيروت وقالت: “ سيكون هناك فراغ في المشهد الفلسطيني والمستوى الاخلاقي والانساني ، درويش صاغ الرؤية الفلسطينية وقدمه لنا بأفضل ما يكون” . وأضافت : “ درويش جسد للفلسطيني هويته ، كان يحب الحياة وواجه الموت بجرءة وكان يدرك أن معاركه الكثيرة مع الموت ستنتهي في يوم ما وكان لديه شعور ان هذه العملية هي المواجهة الاخيرة مع الموت”. وأوضحت العشراوي:” سنتذكر درويش دائما ليس كصانع للكلمات وشاعر ولكن كأنسان محب جدا أحب الشعب الفلسطيني وأحب الحياة وقدم لنا المثال الفذ”. وكان كتاب ومثقفون وأعضاء كنيست عرب، ومؤسسات سياسية وثقافية، من عرب 1948 طالبوا بدفن الشاعر الفلسطيني محمود درويش في مسقط رأسه قرية البروة القريبة من قرية الجديدة في الجليل الفلسطيني. ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت قوله: “ يمكن الاستئناف على هذا القرار “ . وقد اقيمت جنازة رمزية في قرية البروة الساعة الخامسة مساء بموازاة الجنازة التي اعلن عنها في رام الله. وقالت فداء حمود، من منظمي الجنازة : “مع أنّ القرار الرسمي جاء لترتيب الجنازة في رام الله، إلا أنّ مبادرتنا هذه تأتي لأننا نشعر بأنّ واجبنا الوطني يأخذنا إلى البروة“ . ويتضح من عدة نشاطات وبيانات صدرت في الداخل الفلسطيني انهم غير راضين عن دفن درويش في رام الله. وقال شلحت الذي وقع عريضة مع عشرات الكتاب والادباء والفنانين في الداخل والعالم العربي: “ إن درويش يجب ان يدفن في أرضه الاولى، الجليل، إنها شهدت بداية تكوينه الأول”.