منذ وقت طويل ونحن نرقب دلالات واضحة في أوساط عريضة من أفراد الفئات المهمشة «الأخدام» تدل في جوهرها إلى تغيرات جمّة يصعب اندماجها مع العيش الجماعي ومع الحياة الاجتماعية أيضاً. عجيب أمر ذلك الخراز «الخادم»الذي يتحمل مسئولية أسرية كبيرة،كلها محسوبة على المخيط الذي بيده ومعتمدة على تلك الخيطة السوداء التي تخترق كل مابيده من أحذية. لقد تمادت تلك الممارسة في حياة ذلك الشخص السابق حتى أنها تسير مهرولة بكارثيتها حتى على نفوس الأحفاد! إن الأمية على وضعها الراهن بين المهمشين تسلبهم أجمل مافي التقدم وتحقن حياتهم بأسوأ مافي الكوارث. لقد كنتُ ماهراً في رمي سنارة أفكاري وسط قصة حياة الخراز، التي كان يحكيها لي بدءاً بالمآسي الأسرية التي تجري في حياته وكأنها المخيط الذي يجري لاتقان خياطة مابيده ! وكانت نهاية القصة هي أن حياته كغيره من المهمشين تحت مظلة سوداء تحجب الاندماج الاجتماعي عنهم فقط لاغير. ليس هناك حال آخر في العموم يتطلب الأمر إدراج التعليم في حياة المهمشين بنسبة كبيرة ومايتناسب ووضع حياتهم،مع مراعاة شيئ من التوجيهات والتوصيات الهادفة إلى عمل كل مايقلل من أميتهم الراهنة بكفاءة، كالزواج المبكر،وتعدد أفراد الأسرة، إنهاء مشكلة الشحاذة التي تمادت بآثارها حتى بلغت الحلقوم سواءً عن طريق المهمشين أو غيرهم،إضافة إلى إكسابهم المهمشين نوعاً من التدريب المهني عن طريق المعاهد ومايؤهلهم للقيام بأشغال لاتنخرط عن المتطلب العام حالياً،أي مايدرجهم في أعمال تضمن لهم البقاء وتؤمن كل احتياجاتهم المعيشية دون الانقياد وراء الحرف التقليدية الموروثة عن زمن بعيد والمنتشرة بشكل فج على مستوى الوطن. لا أنكر ماتقوم به الجمعيات من أدوار جديرة بالشكر والتقدير وماتقدمه الدول المانحة أجدر. أعتقد أن تلك الأدوار كلها هادفة إلى الدمج الاجتماعي بكل تربية وتعليم محققين،ولكن يبقى مؤشر الدمج مصلوباً عند خط البدء،لذلك لا أستطيع التعميم بكل المهمشين ولكن عن طريق التتبع لسير أنتجتها تلك الأوساط منهم أعضاء تقف صفاً في خدمة المجتمع وتعلو به شأناً يدل على مدى نفعهم الكبير والمتجاسد في الاندماج مع كل مجريات العصر وتقدماته. فارقت قصة المخيط والخيطة السوداء في يد الخراز،بيقين جازم أنها لم تفارقني،كأنما وضع ذلك الخادم سيظل يخيط مهنته حتى على نفوس الأحفاد!