ماذا نتوقع من مؤتمر صيف 2025 لهواتف "غالاكسي"؟    حارس ميسي يوقع عقدا ب15 مليون دولار لمواجهة لوغان بول    إنريكي يستقر على توليفة باريس لقهر الريال    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    استنكار واسع لاختطاف الشيخ الزايدي بالمهرة    هآرتس: وقف العدوان على غزة هو الحل الأفضل لتجنب صواريخ اليمن    تشيلسي يتخطى فلومينينسي ويتأهل إلى نهائي كأس العالم للأندية    هل للصوص الأراضي علاقة باشعال الحرائق في محمية الحسوة (صور)    الاحتلال الإسرائيلي يقر بمقتل وإصابة 19 من جنوده في غزة    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    جنوبية حضرموت قبل الاستقلال في30 نوفمبر1967 (3 وثائق)    لحج.. النيابة تُصدر قرارًا بعدم إقامة دعوى ضد الصحفية هند العمودي    سلطة حضرموت ترد على نائب البركان.. رجال الدولة لا يستقون معلوماتهم من الإشاعات    ضابط استخبارات بريطاني سابق يكشف صناعة الغرب ل"داعش"    الحزب الاشتراكي اليمني.. المناصب الحكومية بدلا عن المبادئ    هم شهود زور على انهيار وطن    السقلدي يكشف عن القوى التي تسيطر على المهرة واسباب الحضور الباهت للانتقالي    تغاريد حرة .. سيحدث ولو بعد حين    (دليل السراة) توثيق جديد للفن والأدب اليمني    ولادة على خط النار    صنعاء .. الاعلام الحربي ينشر تسجيل مرئي للسفينة "ماجيك سير" من الاستهداف إلى الغرق    مصير غامض يكتنف السفينة "إترنيتي سي" بعد اصابتها باضرار جسيمة ..!    لندوة علمية بعدن حول (حوكمة الجامعات)    اختتام ورشة تدريبية حول السند القانوني لاستعادة الدولة الجنوبية بالعاصمة عدن    تظاهرات في مدينة تعز تطالب برحيل المرتزقة ..    تصل لخلل الجهاز العصبي.. أخطار الشاشات الرقمية على نمو الأطفال    أضرار السهر وتأثيره على الصحة الجسدية والنفسية    التعرفة بالريال السعودي.. كهرباء المخا من منحة إماراتية إلى مشروع استثماري    مايضير أوينفع الشاة بعد ذبحها    تدشين العمل بمشروع طريق اللصيب – خدير البريهي في ماوية    ذمار تحصد 17مركزا ضمن أوائل الجمهورية    إلقاء القبض على قيادي حوثي في منفذ صرفيت بمحافظة المهرة    الزهري يترأس اجتماعًا للجان المجتمعية بخور مكسرالزهري يترأس اجتماعًا للجان المجتمعية بخور مكسر ويؤكد على تعزيز دورها الخدمي والتنموي ويؤكد على تعزيز دورها الخدمي والتنموي    استقرار أسعار الذهب عالميا مع تزايد القلق من الرسوم الجمركية الأمريكية    - وفاة عميد المخترعين اليمنيين المهندس محمد العفيفي صاحب الأوتوكيو ومخترع ال 31 ابتكارا    الرصاص يتفقد سير العملية التعليمية والتربوية في البيضاء    مونديال الأندية.. فيفا يلغي مباراة المركز الثالث    اكتشاف مدينة مفقودة في بيرو عاصرت حضارات مصر القديمة وبلاد الرافدين    شرطة تعز تمهل الجهات المختصة 24 ساعة لحل أزمة مياه الشرب وتؤكد أنها لن تقف عاجزة    الهلال السعودي يتعاقد مع اللاعبة الفرنسية حمراوي    أمم أوروبا سيدات.. إسبانيا تكتسح بلجيكا بسداسية    النجدة بصنعاء تستعيد 41 سيارة مسروقة    الخبير المعالج الصلوي: الطب الشعبي مكملاً للطب العام ، في عدة مجالات    الفصل الخامس    بعد ليزا نيلسون.. فنان فرنسي يتهم مها الصغير ب"سرقة" لوحاته    صنعاء .. التأمينات الاجتماعية تعلن صرف مرتبات المتقاعدين وتستعد للانتقال للمحفظة الإلكترونية    تحسن ملحوظ في خدمة الكهرباء بعدن عقب وصول شحنة وقود إسعافية    تسجيل هزتين ارضيتين وسط محافظة الحديدة    مدرب الناشئين:سنتيح الفرصة لاستكشاف المواهب على امتداد خارطة الوطن    الإعلام الأمني: تسجيل 23 حالة انتحار خلال يونيو ومأرب وتعز تتصدران القائمة    مصر.. اكتشاف مقابر أثرية تحمل زخارف مدهشة في أسوان تعود للعصرين اليوناني والروماني    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    دراما اللحظات الأخيرة.. الريال يعبر دورتموند ويصطدم بسان جيرمان    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن تحت حكم الإمام أحمد 1948_1963 الحلقة "1"
نشر في الجمهورية يوم 01 - 09 - 2008

انتهى عهد الإمام أحمد بموته، وإن كان الموت لم يوقف تداعيات فترة حكمه البائسة والتي بدأت في الظهور بمجرد غيابه، وبعد أسبوع سقطت الإمامة الزيدية السياسة في اليمن، ومع سقوطها بدأت مرحلة جديدة في تاريخ اليمن المعاصر..كان غياب الإمامة كطريقة في الحكم، وشكل من أشكال السلطة حدثاً مهماً بكل ما تعنيه الكلمة من مدلول سياسي وديني، فخلال أحد عشر قرناً كان دور الأئمة حاضراً، صاحب هذا الحضور نفوذ ديني يمتد ليشمل اليمن الطبيعي كله، أو ينحسر ويتراجع شمالاً حتى جبال صعدة..ومع كل تراجع كانت هناك فرصة جديدة للتمدد جنوباً، لأن في الزيدية كمذهب ديني روحاً ثورية متمردة، ترفض الظلم والاستبداد، وتدعو إلى الخروج على الحاكم الظالم مهما كانت ادعاءاته السياسية والدينية ..الجمهورية تنشر فيمايلي أطروحة الدكتوراه للأستاذ أحمد عبيد بن دغر، والتي تعد أول دراسة أكاديمية في هذا الموضوع
أولاً: الموقع والتضاريس:
قديماً كان يطلق أسم اليمن على الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية بأقسامه الجغرافية الثلاثة «اليمن، حضرموت، وجزء من عمان» أما اليوم فإن اليمن تعني فقط الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية الذي يشمل ما يعرف بشمال اليمن وجنوبه.
وشمال اليمن «المملكة اليمنية المتوكلية» هو ما يعنينا في هذا البحث، وهذا الجزء يقع مابين خطي عرض «03.21و03.71» ويحده من الشمال المملكة العربية السعودية، ومن الجنوب والشرق عدن والمحميات، ومن الغرب البحر الأحمر.
وتقدر مساحة اليمن بنحو «09257» ميلاً، ويسكنها نحو خمسة ملايين نسمة حسب بعض التقديرات غير أن حكومة الإمام تصل بهذا الرقم إلى «000.000.9» نسمة وهي تقديرات يصعب الوثوق به لعدم وجود إحصاء سكاني رسمي في اليمن حتى قيام الثورة.
إن موقع اليمن في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، أكسبها تميزاً وتفرداً في المكان، فهي إلى كونها المنطقة الأكثر خصوبة في شبه جزيرة العرب، فهي المنطقة التي تطل على باب المندب بوابة البحر الأحمر الجنوبية، وسواحلها تمثل النقطة الأقرب إلى سواحل أفريقيا، وهذا الموقع يسمح لها بالإشراف على الطريق التجاري البحري بين جزئي العالم القديم شرقه وغربه، وقديماً كانت نقطة التقاء الطرق البرية إلى العراق والشام ودول البحر الأبيض.
إن مجرد الإشارة إلى اليمن، باعتباره جزءاً هاماً من شبه جزيرة العرب، ربما يثير الاعتقاد لدى البعض بأنه بلد صحراوي جاف، يندر فيه المطر، وتقل فيه النباتات، ويشتغل أهله بالرعي، والانتقال وراء الإبل، وهذا الاعتقاد قد يصدق على المناطق الداخلية والوسطى من الجزيرة العربية، ولكنه لايصدق البتة على اليمن، فاليمن يختلف عن محيطه الجغرافي بأمور عديدة في المناخ، والخصوبة، والرطوبة، ونوعية المحاصيل وبالتالي نمط الحياة وهذا الاختلاف يعود أساساً إلى كون اليمن، أومعظمه عبارة عن هضبة عالية يزيد ارتفاعها عن 0053متر تقريباً فوق سطح البحر.
ولانبالغ كثيراً إذا قلنا إن اليمن في معظمه بلد جبلي، فالجبال تشمل مايزيد على ثلاثة أرباع مساحته، وجبال اليمن هي امتداد لسلسلة جبل السراة وسلسلة جبال الحجاز الآتية من الشمال، والمبتدئة من المنطقة الواقعة بين الطائف ومكة والمنتهية في جنوب اليمن.
واليمن الأعلى هو الكتلة الصخرية الأكثر ارتفاعاً حيث يتراوح ارتفاعها مابين 0002متر و0053متر فوق سطح البحر، وفيها أعلى قمة في شبه الجزيرة العربية، وهي قمة«الحادور» والتي يبلغ ارتفاعها 0773م لكنها تنحدر فجائياً نحو الشرق باتجاه السهل الصحراوي وغرباً نحو«تهامة» وهذا الجزء برغم كثرة جباله ليس خالياً من تضاريس تشبه القيعان«جمع قاع»، وهي أراضٍ منبسطة نسبياً وخصبة، أهمها قاع البون وقاع سنحان التي تحتضن العاصمة صنعاء، وقاع جهران وقاع الحقل.. كما تقع بها مدن هامة مثل ذمار، وعمران، ويريم، وصعدة، وحجة وباستثناء هذه القيعان وتلك المدرجات الزراعية، التي تقف شاهداً على عظمة الانسان اليمني، فإن اليمن الأعلى يخلو معظمه من النبات وفي هذه الأعالي تنخفض درجات الحرارة كلما زادت الهضبة ارتفاعاً، وقد يصل انخفاضها إلى 5درجات تحت الصفر وهي تتلقى نسباً متفاوته من الأمطار تتراوح بين 003مم في صنعاء و0001مم في إب.
أما اليمن الأسفل فإن ارتفاع جباله يتراوح بين 006م، 0051م عن سطح البحر ويبلغ ارتفاع ناحية تعز نحو 0731م، وأشهر جبالها جبل صبر المطل على المدينة، ودرجة حرارة هذا الجزء تتراوح بين 8172 لذلك فهي تتمتع بطقس معتدل طوال العام ومن مميزات هذا التقسيم الطبيعي أن سكان اليمن الأعلى هم من معتنقي المذهب الزيدي، بينما يعتنق سكان اليمن الأسفل المذهب الشافعي، وكذلك سكان السهول.
وعموماً فإن مبلغ الابهار والروعة في اليمن، يدركه المسافرون على أي من الطرق الرئيسية ففي هذه الجبال قمم لاتحصى، ووهاد لاتعد، ومهاوٍ سحيقة ممعنة في التقعر، تأخذ بعضها برقاب بعض، على مسافة بضع مئات من الكيلومترات.
وعلى حافتي الهضبة هناك سهلان أحدهما سهل تهامة، وهو سهل متسع الأرجاء يمتد من شمال اليمن وحتى جنوبه تربته غالباً صالحة للزراعة، وإن تخللته الرمال النشطة.
ويبلغ عرضه مابين 06001كلم تنحدر إليه وديان كثيرة أهمها وادي مور، ووادي سردد ووادي زبيد وغيرها وبالرغم من أنه لاتسقط إلا القليل من الأمطار على هذا السهل، إلا أن تكوينه لايخلو من أحواض باطنية توفر المياه للمزيد من الأراضي الزراعية والمناخ حار، ومعدل حرارة الصيف 23درجة والشتاء 42درجة، ونسبة الرطوبة تصل إلى 08% ويعتبر سهل تهامة من أهم المناطق الزراعية في اليمن، وخصوصاً بمحاصيله الصناعية كالقطن والتبغ والزيتون والسمسم وأهم مدنه: الحديدة، الميناء الأول لليمن، ويليها في الأهمية ميناء المخا، ثم ميناء الصليف، ومن أشهر مدنها مدينة زبيد التاريخية، وبيت الفقيه.
وفي الجانب الآخر من الهضبة، في الشرق يقع السهل الصحراوي الجاف، وفي هذا السهل نشأت قديماً حضارة اليمن، والتي ارتبط قيامها بأنظمة ري تحويلية كان أعظمها سد مأرب، والذي بانهياره أسدل الستار على فصل من فصول حضارة أهل الجنوب.
ومناخ هذه المنطقة حار صيفاً، بارد شتاءً وتقل فيه المياه وكذا النباتات كلما اتجهنا نحو صحراء الربع الخالي وهذا السهل يمثل احتياطياً هاماً في الأراضي الصالحة للزراعة، إذا ما استطاع اليمن استعادة بعض نظم الري الملائمة لظروف المنطقة.
وبتنوع الأقاليم، تنوعت المناخات، وعلى الأقل هناك ثلاثة أقاليم مناخية في اليمن هي اقليم الساحل واقليم المرتفعات واقليم الصحراء وتعددت أنواع المزروعات كالحبوب والخضر والفواكه، وتزرع محاصيل نوعية كالبن، والتبغ وغيرها مما لايتوافر في أقاليم عربية أخرى أكثر اتساعاً وأوفر ماءً، كاقليم الشام على سبيل المثال.
ثانياً: الزراعة:
كانت الزراعة ومازالت هي المجال الرئيس لنشاط السكان في اليمن فهناك على الأقل 6.88% من السكان يعيشون في الريف منهم 3.76% يعملون بالزراعة، وتقدر المساحة الصالحة للزراعة بنحو 5% من المساحة الكلية وهذه النسبة تساوي مايقارب 5.5مليون فدان منها 2مليون فدان في سهل تهامة الساحلي إن تعدد المناخات والبيئات الزراعية أدى إلى تنوع ملحوظ في المنتجات الزراعية وكمياتها إلا أن الحبوب تبقى دائماً هي المحصول الزراعي الأكثر أهمية، وهي أنواع كالذرة والدخن والقمح والشعير والأرز.
وتغطي زراعة الذرة أنحاء البلاد الحارة ومعتدلة البرودة وحتى المناطق التي يتعدى ارتفاعها 0003متر فوق سطح البحر وتوجد منها أنواع وضروب شتى، الذرة البيضاء، والحمراء والصفراء، والبنية.. إلخ.
وقد جرى تقدير ماتشغله في مساحة الأراضي بنحو 09% لأنها لاتتطلب الكثير من المياه«052مم»، وهذه كمية متاحة في جميع مناطق اليمن، وعادة فإنها تزرع بعلية بعد سقوط الأمطار لكن المناطق التي تقل فيها نسبة الأمطار عن هذا المعدل فإن السكان يقومون بزراعتها زراعة سقوية«آلية» وتعطي بذرة الذرة محصولين وأحياناً ثلاثة، كما هو الحال في ناحية إب ومردود الهكتار يختلف باختلاف وسيلة الري فهو في الأراضي البعلية 51قنطاراً للهكتار و52قنطاراً في الأراضي السقوية لكن المساحات المزروعة تناقصت عاماً بعد عام فبينما هي في عام 2591 287ألف طن انخفضت في عام 1691م إلى 456ألف طن لأسباب يأتي ذكرها لاحقاً.
وفي المرتبة الثانية يأتي الدخن، الذي يزرع في تهامة كما يزرع في مناطق أخرى وفي الهضبة يمكن زراعة أصناف أخرى من الحبوب والقليل من الأرز.
وإلى جانب الحبوب هناك الخضار كالطماطم والبصل والجزر والفلفل وخضار السلطة والبطاطس واليمن لديه امكانيات في التوسع في هذا النوع من المحاصيل وبالتالي فائض للتصدير.
وتساعد الظروف المناخية باليمن على نحو أشجار الفاكهة المدارية، وفواكه البلاد المعتدلة ففي تهامة نجد النخيل والموز والباباي والمانجو وابتداء من ارتفاع 0020053م تجد الرمان والبرتقال والليمون والتفاح والخوخ والكمثرى والأناناس وبالتأكيد فإن معظم الانتاج يذهب إلى الاستهلاك إلا أنه من المفيد القول بأن زراعة العنب تحظى بالاهتمام الأكبر ومناطق صنعاء وصعدة وإب وذمار تشتهر بزراعة أنواع جيدة منه وانتاجه يكفي لاستهلاك السوق المحلي مع وجود فائض غير قليل للتصدير وهناك أربعون صنفاً من أصناف العنب يمكن مقارنة جودة بعضها بأجود ماتنتجه مناطق انتاجه الرئيسية في العالم واليمنيون يستهلكون العنب طرياً ومجففاً، ويستخدم بعضه في صناعة أنواع من النبيذ وإن كان ذلك يتم في شيء من السرية.
وتزرع البقوليات في اليمن كالفول والعدس وفول الصويا وغيرها ولكن معظمها يذهب لتعطية احتياجات السوق المحلي ولايخلو مناطق اليمن من وجود بعض الغابات، ولكن الاحتطاب الجائر أزال بعضها أوكاد ومن النباتات المألوفة في اليمن، العظل والبكارة والسمر والدوم والسلم والخروع الهندي وبعض هذه النباتات مقاوم للحرارة، لذلك نجده بكثره في السهلين الشرقي والغربي، وتنمو في المرتفعات الأشجار المخزنة للعصارة، وقد أدخلت أخيراً أنواع من أشجار الصنوبر.
وتشتهر اليمن بزراعة البن، الذي يحظى بشهرة واسعة، رغم ارتفاع سعره عن الأنواع الأخرى كالبن البرازيلي مثلاً، وهناك على الأقل نوع واحد معروف عالمياً هو ابن «مكا» نسبة إلى ميناء مخا اليمني على ساحل البحر الأحمر، ميناء التصدير الرئيسي لهذا النوع من المحصول، وهناك مناطق اشتهرت بزراعة البن، كمنطقة الحيمتين، وبرع، وريمه.
وشجرة البن تشبه في بعض الوجوه شجرة الليمون، وثمرة أحمر اللون يشبه المرجان، وله بيئته الخاصة به من حيث نوعية التربة والمناخ.. وغالباً فإنه يزرع في المدرجات حيث الارتفاعات من «00210052م» عن سطح البحر، وشجرة البن تعطي أول محصول لها في العام الثالث، ولكنها مع ذلك شجرة مقاومة للآفات الزراعية ومعمرة، والجدير بالذكر أن أهل اليمن لا يستهلكون حبوب البن بل قشرته فقط، وهم يهيئونها للشراب على شكل منقوع يسمونه «القشر» والذي يحتوي على ضعف ماتحتويه الحبة نفسها من مادة الكافيين، وهو على أنواع تختلف قيمتها بحسب نوعيتها.
وقد تقلصت زراعة البن في اليمن لوجود منافس قوي هو شجرة القات التي تزرع في نفس ظروف زراعة البن بالإضافة إلى أنها أكثر مردود للمزارعين، ويزداد الطلب عليها مع ازدياد عدد السكان أولاً وتحسن الدخول ثانياً، وشجرة القات لا تكلف المزارع كثيراً من الجهد كشجرة البن، وهي شجرة أقل تأثراً بالآفات الزراعية، وقد ظهرت شجرة القات في اليمن منذ قرون مضت وتجذرت مشكلته، وأصبحت ذات أوجه اجتماعية واقتصادية سوف نتناولها عند الحديث عن العادات والتقاليد الضارة في المجتمع.
وخصصت مساحات صغيرة في البداية لزراعة القطن في سهل تهامة، وتدريجياً ازداد الاهتمام بتحسين وتطوير إنتاجه، حتى بلغ القطن في عام 16910052م طن سنوياً، وربما كان ذلك بسبب نجاح زراعته في ظروف مشابهة في المحميات المجاورة «لحج وأبين».
وتعتبر مناطق زبيد وبيت الفقيه مناطق رئيسية لزراعته، بنوعية طويل التيلة وقصيرها، كما يزرع في منطقة أنس في الجوف، وبمساحة لا تتعدى 006 فدان، وبسبب كمياته المحدودة، ووجود أنواع منافسة في الأسواق القريبة، فإن القطن يعتبر من المحاصيل ذات الطابع المحلي.
وتمثل الثروة الحيوانية مصدراً هاماً من مصادر الدخل القومي، وهناك كثرة ملحوظة في الإنتاج الحيواني، وأهل اليمن يعطون اهتماماً وعناية خاصة بالمواشي، نظراً لما تدره عليهم من دخل، ربما تغطي خسائرهم في زراعة المحاصيل الأخرى، وحتى عام 4491م كان عدد الأغنام حسب سجلات الحكومة اليمنية لأغراض الزكاة تشير إلى وجود «690.186.8» من الأغنام و «739.17» من الجمال و«850.413» من الأبقار و «9552» من الجياد، وعدد آخر لا يحصى من البغال والحمير.. كما تعيش في صحارى وجبال اليمن الضباء، والوعول والذئاب والسباع حيث تنمو الأعشاب الخضراء.
وليست الطبيعة وحدها تبدو هنا صعبة وقاسية بالنسبة للإنسان اليمني، فبالإضافة إلى صعوبة البيئة هناك صعوبات كثيرة ناجمة عن التخلف الموروث قرناً بعد آخر وهذا التخلف يمكن رؤية مظاهره ببساطة في وسائل الإنتاج الزراعي وأساليبه، فأدوات العمل الحديثة «الآلات والمعدات والماكينات» غير متاحة إلا للقليل من ذوي المكانة، والمال من الأمراء وكبار الملاك، فالغالبية العظمى من الفلاحين المالكين وغير المالكين لا يستطيعون شراءها، فيعتمدون على الدواب أو على قواهم البشرية كما كانوا قبل قرون، ومن هنا فإن أدوات الإنتاج الغالبة في الزراعة هي المحراث والمنجل والفأس، وهي شبيهة بتلك التي استخدمها اليمنيون في فترات نهوضهم الحضاري قبل أكثر من الألفي عام..وهذه الأدوات يمكن صناعتها محلياً، مما يجعلها في متناول ميزانية الفلاح الضئيلة أصلاً، ولكن في المقابل فإن مردودها شديد الضعف، وليس هناك من مجال لمقارنة هذه الأدوات بالماكينات الزراعية على اختلاف أنواعها، ويمكن أن ينطبق ذلك على باقي عمليات الإنتاج الزراعي، كالحصاد والدرس، والنقل والتخزين.. الخ.
المؤلف في سطور
.. من مواليد 2591م، حضرموت .
.. حاصل على بكالوريوس «من قسم الدراسات التاريخية» جامعة عدن، عام 3891م.
.. حاصل على درجة الماجستير في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، من معهد البحوث والدراسات العربية، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إحدى منظمات جامعة الدول العربية عام 0002م، ودرجة الدكتوراه من المعهد ذاته عام 4002م.. تقلد عدداً من المناصب الشعبية الرسمية، منها رئيساً لإتحاد فلاحي اليمن الديمقراطية حتى عام 2991م.
.. عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني.
.. عضو مجلس الشعب الأعلى في اليمن الديمقراطية لفترة من 6891 وحتى قيام دولة الوحدة عام 0991م.
.. عضو هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى لنفس الفترة.
.. عضو مجلس النواب لدولة الوحدة للفترة من 0991 وحتى 7991م، ورئيساً «للجنة الزراعية والأسماك في المجلس» لسنوات أربع.
.. حاصل على وسام «الاستقلال» الثلاثين من نوفمبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.