يبدو من الضروري التعرف على هذا المرض عن كثب الذي يجهل حقيقته للأسف الكثير من المرضى المصابين. إذ يحاول البعض علاج القرحة الهضمية بشتى الوصفات الشعبية عبثاً دون جدوى وقد ترك وأغفل السبيل الأمثل وهو العلاج تحت إشراف طبي متخصص لتخطي المشكلة والشفاء من المرض وقت أن كان طفيفاً في بدايته ووقت أن كان علاجه أيسر لا يستغرق مدة طويلة ولا حاجة معه إلى تدخل جراحي. ننصرف عن العمومية إلى تناول قرحة المعدة والاثنى عشر لنضع القارئ أمام صورة مرض ليس بالهين، يحتاج منا قدراً كافياً من الوعي والمعرفة لما يلحقه من مضاعفات وأضرار تدميرية وإتلافية جد خطيرة على الصحة ومن ثم تناول مايلزم على المصابين بالمرض اتباعه من تعليمات ونصائح.. حقيقة القرحة كانت أسباب القرحة تعزى في الماضي إلى الضغوط النفسية والقلق والتوتر العصبي، لكن الأبحاث والدراسات الطبية الحديثة أثبتت وجود أنواع من الجراثيم تسمى «البكتيريا الحلزونية البوابية» اكتشفت في ثمانينيات القرن الماضي، وهي تعيش داخل المعدة وثبت أنها المسبب الرئيس للقرحة، إلى جانب عوامل أخرى مساعدة، كاستعمال الأدوية المضادة للالتهابات والروماتيزم، ومسكنات الألم مثل «الإسبرين البروفين الفولترين الكورتيكستريودات البريدنيزالون» اضافة إلى تدخين التبغ والسجائر وتعاطي المشروبات المحرمة «الكحوليات» والأغذية الحارة والتوابل والبهارات. ولا تحدث القرحة الهضمية الا بصورة عرضية جداً عند الأشخاص غير المصابين بجرثومة «الحلزونية البوابية» وكذلك عند الأشخاص الذين يتناولون الأدوية، كما ذكرت. وتبقى هذه القرحات غالباً غير قابلة للتفسير على الرغم من أنها قابلة للعلاج بصورة جيدة. ويعد التدخين سبباً مستقلاً للقرحات الهضمية لكنه يقلل بصورة كبيرة فرص شفاء المرض، لذا ينصح المدخن المريض بالقرحة بالعدول والتوقف عن التدخين. بالتالي يقصد بالقرحة الهضمية: تكون قروح في الجزء العلوي من الجهاز الهضمي تظهر على شكل فجوات أو جرح في البطانة الداخلية له، اختلال التوازن بين إفرازات المعدة ومقاومة الغشاء المخاطي المبطن للجهاز الهضمي. بمعنى إنها موضع من النسيج فقد طبقاته العلوية، الأمر الذي يسبب تقرحها، حيث تشبه القرحة الهضمية في الشكل قرحات الفم، إلا أنها أكثر عمقاً. وهي على نوعين: 1 قرحة المعدة. 2 قرحة الإثنى عشر. أبرز الأعراض أهم أعراض القرحة ، ألم مع حرقة في المنطقة المتوسطة للقسم العلوي للبطن، يزيد بعد تناول الطعام ويخف بعد التقيؤ أو تناول الأدوية المضادة للحموضة اذا كانت القرحة في المعدة. وعلى العكس عند قرحة الإثنى عشر فإن الألم يظهر لدى الإحساس بالجوع مؤدياً إلى استيقاظ المريض من نومه ليلاً، لكنه يخف بعد تناول الطعام أو تناول الأدوية المضادة للحموضة، لذلك يلجأ المريض إلى زيادة تناول الطعام لتخفيف الألم، مما يؤدي إلى زيادة وزنه. بينما يلاحظ على المرضى بقرحة المعدة نقص الوزن لانعدام الشهية لديهم أو لعدم رغبتهم في الأكل بسبب الخوف من الألم.. وتتردد الأعراض بشكل فصلي أو دوري، وتقتصر أحياناً على الإحساس بثقل وانتفاخ وامتلاء المعدة أو الإحساس بالغثيان. العدوى الجرثومية جرثومة « الحلزونية البوابية» معدية، مسؤولة عن الإصابة بالقرحة وتكتسب عدوى هذه الجرثومة عادة بصورة مبكرة من حياة الشخص عن طريق أفراد الأسرة أو الآخرين.. فهي تنتقل عن طريق الاختلاط وتكون شائعة كثيراً في الأسر الكبيرة التي تعيش في منازل صغيرة. كذلك يمكن التقاط العدوى في بعض المساكن الضيقة التي يتزاحم فيها ساكنوها ، كمساكن الشباب «العزبة..الخ». أما كيفية حدوث العدوى فهو أمر غير معروف غير أنه تبين أن بكتيريا «الحلزونية البوابية» موجودة في اللعاب وكذلك في البراز أحيانآً. وبالتالي النظافة الشخصية الجيدة لها دور مهم في تلافي العدوى. خطورة المضاعفات التخلف عن علاج القرحة أو إهماله قد يترتب عليه مع الوقت تدهور حالة الإصابة مفضية إلى مضاعفات مختلفة، مثل: النزيف الهضمي الانثقاب الانسداد البابي للمعدة التحول السرطاني امتداد القرحة إلى البنكرياس، وتبعاً لذلك تتغير أعراض القرحة. وعند حدوث نزيف تظهر علامات فقر الدم، ويكون بكميات بسيطة اذا كان مزمناً ، بينما يظهر على شكل تقيؤ دموي أو بلون رواسب القهوة الداكنة، أو مع براز دموي أو براز أسود لزج «كالقطران» إذا كان النزيف حاداً وغزيراً. وعند انثقاب القرحة يصبح الألم قوياً يعم البطن، وفي حال حدوث انسداد بابي للمعدة فإن الألم لا يخف بعد تناول الطعام، بل تزيد قوته ويصاحبه قيء يحتوي أحياناً طعاماً تم تناوله قبل عدة أيام. وبطبيعة الحال لدى تحول القرحة إلى سرطان لا سمح الله يتناقص وزن المريض. كما يظهر ألم مستمر يمتد إلى الظهر عند نفاذ القرحة إلى البنكرياس، لا يخفف حتى عقب تناول الطعام أو مضادات الحموضة. التشخيص والعلاج تشخيص القرحة الهضمية يعتمد على شكوى المريض وما عليه من أعراض والتاريخ المرضي مع عمل الأشعة بالصبغة وفحص المعدة والاثنى عشر بواسطة المنظار إضافة إلى الفحوصات المخبرية، ثم يتم علاجها بواسطة العديد من الأدوية التي تطورت عبر أجيال من مضادات الحموضة الشائعة الاستخدام إلى مضادات الإفراز مروراً بواقيات جدار المعدة والاثنى عشر.. ثم المجموعة الأحدث وهي عبارة عن مثبطات مضخة للبروتون، إلى جانب العلاجات المضادة لجراثيم «الحلزونيات البوابية» التي تلعب دوراً مهماً في الإصابة بالقرحة الهضمية، ويمكن أن يضاف إلى هذه الأدوية تلك العقاقير التي تنظم حركة الجهاز الهضمي ومضادات القلق، حيث تقدم هذه الأدوية على اختلاف أجيالها علاجاً جيداً، ونسب شفاء متقاربة، مؤدية إلى التئام قرحة الاثنى عشر وشفائها خلال فترة تتراوح بين 46 أسابيع. أما في قرحة المعدة ففترة الشفاء ما بين 68 أسابيع ولا يتم اللجوء للعمليات الجراحية إلا في حال حدوث مضاعفات أو عدم الاستجابة للعلاج. قواعد إرشادية مرضى القرحة الهضمية عموماً ليسوا كغيرهم من الأصحاء ليتناولوا من الأطعمة والمشروبات ما يحلو لهم بل يلزمهم نظام غذائي معين إلى جانب الانضباط في أخذ أدوية القرحة ومتطلبات العلاج لاستيفاء شروط نجاح المعالجة.. ومن النصائح التي أوجهها لهم: تجنب تعاطي الأدوية المضادة للالتهابات والروماتيزم ومسكنات الألم التي ذكرتها سلفاً. الإقلاع عن التدخين وتعاطي القات. عدم تناول الأطعمة المحتوية مواد حافظة، وكذلك المخللات والحمضيات. تجنب السرعة في تناول الطعام. تجنب تناول الطعام الساخن أو البارد. الامتناع عن تناول البهارات الحارة والتوابل، كالبسباس والفلفل..الخ. تجنب ملء المعدة أو الإكثار من تناول الطعام وشرب السوائل أثناء تناول الوجبات. الامتناع عن شرب القهوة والشاي والمشروبات الغازية. تجنب الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون، وكذا المقليات. عدم النوم بعد الأكل مباشرة. الابتعاد عن الانفعالات والتوتر النفسي. التقليل من تناول البقوليات «كالفول الدجر الفاصوليا». تناول وجبات خفيفة بين الوجبات ، مثل «اللبن الزبادي الحليب الجيلي البسكويت ساندويتش الجبن». وأخيراً وليس آخر يجب على مريض القرحة مراجعة الطبيب المختص بأمراض وجراحة الجهاز الهضمي ليقرر له العلاج اللازم، وتحديد ما يتطلبه من تنظيم للوجبات وما إلى ذلك من نصائح وإرشادات. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة