انتهى عهد الإمام أحمد بموته ، وإن كان الموت لم يوقف تداعيات فترة حكمه البائسة والتي بدأت في الظهور بمجرد غيابه ، وبعد أسبوع سقطت الإمامة الزيدية السياسة في اليمن ،ومع سقوطها بدأت مرحلة جديدة في تاريخ اليمن المعاصر. كان غياب الإمامة كطريقة في الحكم ، وشكل من أشكال السلطة حدثاً مهماً بكل ما تعنيه الكلمة من مدلول سياسي وديني ، فخلال إحدى عشر قرناً كان دور الأئمة حاضراً ، صاحب هذا الحضور نفوذ ديني يمتد ليشمل اليمن الطبيعي كله ، أو ينحصر ويتراجع شمالاً حتى جبال صعدة. ومع كل تراجع كانت هناك فرصة جديدة للتمدد جنوباً ، لأن في الزيدية كمذهب ديني روحاً ثورية متمردة ،ترفض الظلم والاستبداد ، وتدعو إلى الخروج على الحاكم الظالم مهما كانت ادعاءاته السياسية والدينية. وتركت ما يشبه المؤسسة الأمنية التي كان النظام يعتمد عليها في القيام بالواجبات الشرطوية. يتأكد هذا من تقرير سري كان قد أعده خبير سوري روى فيه معلومات هامة ونادرة عن الجهاز الأمني في اليمن عام 7591م . يقول هذا الخبير:” وجهاز الأمن في اليمن يرأسه قائد شرطة وهو برتبة زعيم، يعاونه لفيف من الضباط بين مقدم ورئيس، يضطلعون بأعباء الأمن في مختلف المدن اليمنية، وفي كل مدينة عدد من المخافر بها نحو عشرة إلى خمسة عشر شرطياً، بقيادة ضابط أو رقيب تبعاً لأهمية المركز، ولهذه المخافر أهمية كبرى فلرجالها صلاحية حل المنازعات أو رفعها إلى المحكمة إذا رغب أحد المتنازعين...ومخافر المدن تسير دوريات في الأسواق مهمتها مراقبة الحالة الأمنية، وقمع المخالفات، وتنظيم علاقة المواطنين بعضهم ببعض، وتذكيرهم بالصلاة، وحثهم على المبادئ. ويشير التقرير إلى أن الحالة الأمنية مستقرة، إلى درجة أن المواطنين وقت صلاة الظهر كانوا يتركون متاجرهم مفتوحة، أو نصف مغلقة، دونما خوف على أموالهم، وهذا ما تؤكده “كلوديا فايان” الطبيبة الألمانية في عام 7591م فقد كتبت تقول:”إن التجار في مدينة تعز كانوا يقفلون متاجرهم عند صلاة الظهر بخيوط دون خوف من اللصوص”. وظاهرة من هذا النوع قد تفهم على أنها نتيجة الحالة من الرخاء وتحقيق العدالة. ولكن الأمر في اليمن ليس كذلك، ففي هذه الفترة كانت البلاد في حالة شديدة من الفقر والمرض والجوع، وقد هاجر الكثير من أهلها إلى بلدان عديدة بحثاً عن حياة أفضل، وكان الظلم سائداً والفساد متفشياً، السبب الوحيد وراء ظاهرة الأمن هي شدة القمع وتطبيق العقوبات القاسية، بما فيها نظام الرهائن. وليس لرجال الشرطة زي خاص بهم، ذلك أن على الجندي والضابط أن يشتريا لباسهما من السوق، ومن دخله، وليس لهم شعار خاص...كما أنه لايوجد نظام للخدمة، وهناك دائماً أولاد في سن الثانية عشرة من عمرهم، كما أن هناك في الخدمة الشيوخ والكهول أيضاً. وفي عام 8591م حدثت نقلة في الجهاز الشرطوي، فقد قام الإمام أحمد بافتتاح كلية الشرطة. وكان الملتحقون فيها من طلاب دار العلوم والمدرسة التحضيرية. ج نظام الرهائن: كثيراً ما ساد الاعتقاد أن نظام الرهائن هو من اختراع الإمام يحيى، ومن سمات حكم الإمام أحمد ومثل هذا الاعتقاد يبدو مجافياً للحقيقة، فنظام الرهائن في اليمن كان معمولاً به من قبل العثمانيين، وقد استخدموه في أكثر من حالة في اليمن، بل إنهم استخدموه في أكثر صوره بشاعة وتجرداً من الإنسانية، كانوا يأخذون رهائنهم من كل شيخ زوجة وبنتاً وولداً، ولا يبدو أن هناك ماهو أقسى من مثل هذا العقاب الذي لا علاقة له بأي من منابع الثقافة الإسلامية، فإذا ما قرروا تطبيق هذا العقاب على منطقة ما، أقدموا على اعتقال شيوخها، ثم بعد ذلك خيروهم مابين البقاء رهن الاعتقال، أو تسليم ما عليهم من رهائن، وكان بعض الشيوخ وخاصة في المناطق الجنوبية مضطرين في حالات غير قليلة لافتداء أنفسهم بزوجاتهم وبناتهم وأولادهم. وفي النظام والعرف القبليين كان نظام الرهائن قائماً حتى وقت قريب،كانت المنازعات والحروب بين القبائل تتطلب أن يتدخل وسيط قوي ذو تأثير أو مكانة، وفي غير حالة كان هذا الوسيط يشترط للقيام بدور الوساطة في نزاع ما، عدداً من الأشخاص من طرفي النزاع، كضمان لتنفيذ قرار الصلح بعد صدوره، وليس هناك من شك أن هذا العرف أقل كثيراً في قسوته من أي شكل من الأشكال الأخرى في التعامل مع الرهائن، فعادة هؤلاء الرهائن ينزلون أشبه بضيوف لدى الطرف الوسيط، ولكن من المؤكد أنهم لا يتمتعون بالحرية، وقد استبدل هذا النظام مع تطور الحياة الاجتماعية، وتقدم وعي الناس في الريف بنظام”العدال” الذي يمكن أن يكون نقوداً أو أسلحة ، أوما يشبه ذلك. إذن يمكننا أن نجد لهذا النظام جذوراً اجتماعية، وخلفية تاريخية في اليمن، وربما في الدول العربية الشبيهة، فالأغلب أن البيئة الاجتماعية الواحدة المتشابهة تنتج ثقافة وسلوكاً متشابهاً، لكن الإمام يحيى ومن بعده ابنه الإمام أحمد، اتخذا من هذا النظام سلوكاً عاماً، وأسلوباً جماعياً للعقاب، وفرض الهيمنة ، وإخضاع المتمردين ، واستخدموا له سجوناً، هي كما يرى البعض حالة وُسطى بين السجون العادية، وبين الاحتجاز للتدريب أو التعليم. بل إن بعض هؤلاء الرهائن كانوا يحظون بعناية خاصة من قبل الإمام، فنجده يقرب بعضهم، وينزلهم في قصره. وكانت حياة الرهائن في فترتي الإمام يحيى والإمام أحمد عجيبة، فمنهم المقيدون، ومنهم غير المقيدين، وفئة ثالثة مطلقة السراح تماماً ، أحرار في حركتهم وسط المدن ، حتى أن بعضهم قد اختلط بالحياة العامة، إلى درجة أن السجن كان بالنسبة لهم مأوى يلوذون به ليلاً ومع مرور الزمن ومع طول ارتهان لدى الإمام كان بعضهم يستوطن المدينة حتى بعد حصولهم على حريتهم، وكان منهم من حصل على فرصة للتعلم أو الاستزادة في العلم. وقرأوا على أيدي بعض السجناء من المعارضة السياسية، واستفادوا، وتحولوا إلى طليعة مناهضة لحكم الأئمة. وفي نهاية الخمسينيات كان الإمام أحمد يحتفظ بنحو 0005رهينة في سجونه. معظمهم من الأولاد الصغار أو الشباب، وقد كان الشاب عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ حاشد، أكثر هؤلاء الشباب شهرة وصيتاً بالنظر إلى مكانته الاجتماعية، كان سجيناً ورهينة في “سجن المحابشة” لثلاث سنوات حتى قيام الثورة، لقد حوله السجن إلى مناهض قوي للإمامة، كما صنع الظلم بنفس القدر موقف والده وأخويه “حميد” من الإمام يحيى ثم من الإمام أحمد، وكان العرف يقضي بأن يتكفل الأب مصاريف ابنه الرهينة، لكن الإمام أحمد أسبغ من نعمته على رهائنه بأن أحالهم إلى بيت المال. كما أن العرف يقضي بأنه إذا فر أحد الرهائن أو مات توجب على ذويه أن يأتوا برهينة أخرى تحل محل الرهينة الفار، أو الذي قضى نحبه. والرهائن عند الإمام ليسوا فقط من أبناء اليمن «المملكة» حيث تسود سلطة الإمام، لكن بعضهم يأتون من أبناء الجنوب «عدن والمحميات» من المناطق المحاذية لليمن الشمالي. فقبائل الحدود كان عليها للحصول على دعم الإمام أو ماسندته أن تقدم هي الأخرى رهائن تأكيداً لولائها للإمام، وكانت هذه القبائل تقارن بين سلوك البريطانيين في عدن الذي بدا في حالات غير قليلة أكثر رحمة من سلوك الإمام ونظمه، وكانت النتيجة الطبيعية هذه المقارنة في وعي القبائل تميل لصالح البريطانيين، على الأقل من باب القبول بأهون الشرين، ووفقاً لرأي البعض «فإن هذه الظاهرة أياً كان مستواها، فقد طبعت عهد الإمام يحيى- ونضيف والإمام أحمد- بسلبيتها، وصبغته بالجمود والتخلف وعدم الثقة بين الحاكم وشعبه، وبسببها ارتمى كثيراً من شيوخ المحميات في أحضان الإنجليز خوفاً من ارتهان أولادهم في سجون الإمام». وبعد هذا الاستعراض لحالة الإدارة في عهد الإمام أحمد فإننا نصل إلى الحقائق التالية: أولاً: إن الأئمة لم يغيروا كثيراً من وضع الإدارة الحكومية في اليمن، فقد حافظوا على ما ورثوه من العهد العثماني دون تطوير، بل أكثر من ذلك فإنهم قاموا بإلغاء اللبنات الأولى لإدارة مدنية حديثة كان العثمانيون قد حاولوا تأسيسها في اليمن. وثانياً: إن الإمام في النظام الإمام الزيدي كان ملكاً ثيوقراطياً، يجمع بين يديه كل السلطات الروحية والزمنية، ويتصرف في أمور الدولة كحاكم مطلق الصلاحية ومستبد، ولم تكن هناك حكومة حقيقية في اليمن، بالرغم أن الإمام أحمد قد شكل عدداً من الحكومات إلا أنه في الواقع كان يمنع هذه الحكومات من التصرف كحكومات فعلية، وكان هو بنفسه وفي بلاطه يقوم بمعالجة القضايا صغيرها وكبيرها، وكانت قراراته وأوامره نافذة، وباختصار كان الإمام صاحب الأمر والنهي، هو الدولة والدولة هي الإمام. وثالثاً: هو أن محاولات الإمام أحمد لتطوير أجهزة الدولة كانت محدودة، وكانت هذه المحاولات صفة البرنامج التطوري ولا حتى كانت تتم عن قناعة وإرادة صادقة عند الإمام؛ لهذا بقيت الإدارة كما هي مع بعض الاستحداثات كاستحداث لواء البيضاء على سبيل المثال، وكانت أوضاع القضاء شبيهة بأوضاع الإدارة والقانون غائب تماماً، ليس بمعنى أنه لا يؤخذ به بل بمعنى عدم وجوده أصلاً، والقضاة في المحاكم يحكمون استناداً إلى معارفهم الفقهية الخاصة، وقد احترم الإمام خصوصية أتباع المذهب الشافعي فعين القضاة، بينهم قضاة شافعيون وكانت وسائل العقاب مما تعارف عليه المسلمون إلا أن للإمام وسائل عقابية أخرى جماعية وفردية، وعقوبة الرهائن والخطاط والتنافيذ تعتبر من خصوصيات الدولة الزيدية. ورابعاً: وكان الفساد في الإدارة كما في القضاء وبقية أجهزة الدولة أمراً شائعاً، والإمام أحمد نموذج لهذا الفساد، كان الفساد مصدراً لثروات الحاكم في المدن والألوية وكذلك الضباط في وحداتهم العسكرية، وطالما كان الإمام راضياً عن هذا الحاكم أو ذاك فإن يد هذا الحاكم أو الموظف تكون مطلقة، وقد عانى الناس كثيراً من الفساد، لكن الإمام كان في الواقع هو المرجع الوحيد لمحاسبة هؤلاء الحكام والموظفين، إلا أنه لا يتدخل. وأخيراً: فإن الإمام قد ورث عن أبيه مؤسسة عسكرية تبدو ضخمة العدد ولكن قليلة الفعالية، وكان قد عول كثيراً على هذه المؤسسة لتحقيق نجاحات عسكرية لمشروعاته السياسية في الجنوب المحتل، لكن هذه المؤسسة كانت قاصرة عن تحقيق الأهداف ولم يكن بإمكان الإمام أن يستخدم هذه المؤسسة وقد رأى بنفسه كيف هزمت مرتين في عهد والده الإمام يحيى، مرة في الشمال ومرة في الجنوب، والحقيقة التي كان يخشاها الإمام هي أن تنقلب عليه المؤسسة العسكرية في يوم من الأيام إذا ما قام بتطويرها وتزويدها بالأسلحة اللازمة، لذلك بقى حال المؤسسة العسكرية على ما كان عليه عند قيام الدولة وحتى عام 9591م. التعليم والحياة الثقافية أولاً التعليم: وصل الإمام يحيى إلى السلطة بعد أن أرغم الأتراك على ترك اليمن، وهناك تكونت دولة آل حميد الدين، وفور دخوله صنعاء قام بإلغاء دار المعلمين التي أنشأها الأتراك، وحولها إلى أملاك حكومية، وبعد سنوات حول دار استراحة الوالي التركي، إلى ما يعرف «بالمدرسة العلمية» وتم افتتاحها رسمياً عام 5291م، فأصبحت أول دار علوم تنفق عليها الدولة وتتولى الإشراف على مناهجها، وقد تكونت المدرسة العلمية من ثلاث مراحل، وكل فصل يتكون من أربع شعب، يبدأ الطالب بالفصل الأول فيقضي في كل شعبة من شعبه الأربع سنة، ومدة الدراسة فيها21 عاماً بعد الابتدائية، وهذه المدرسة كانت أعلى مراحل التعليم في اليمن حتى قيام الثورة وفي الألوية كانت هناك «مدارس علمية» لكن مدة الدراسة فيها لا تتعدى ست إلى سبع سنوات، وإن اتفقت في التسمية مع الأولى. وكان منهج الدراسة في المدرسة العلمية أقرب إلى منهج الأزهر، لقد كان الطلبة يتلقون دروساً في التوحيد، والفقه والحديث، والفرائض، والبلاغه، والتفسير، والأحكام، والفلك، والنحو، والصرف، والمنطق، والسيرة، والأدب، وعلم القراءات، وقد تكفلت الدولة بتكاليف الدراسة فيها، ولا يلتحق بالمدرسة إلا من توافرات فيه بعض الشروط، أولها: أن يكون مستواه معادلاً للابتدائية وثانيها: أن يلتحق بالقسم التحضيري بالمدرسة لمدة سنة وثالثها: أن يأتي بكفيل «ضامن» يكلف بعدم خروجه من المدرسة إلا بأمر شريف، وكان الهدف واضحاً وهو تخريج قضاة شرعيين، وفقهاء مجتهدين، فالاجتهاد في المذهب الزيدي مفتوح أو تخريج موظفين على قدر عال من الكفاءة، كي يلتحقوا بخدمة الدولة، وفي إحدى سنوات الدراسة كان يوجد نحو أربعمائة طالب، ولأنها كانت لأرفع في سلم التعليم الحكومي، فقد حظيت بقدر من الاهتمام، كان طلبتها يزهون بملابسهم النظيفة، وكذلك الأساتذة، فإن حالتهم كانت أفضل بكثير من حالة نظرائهم في العملية» في صنعاء نموذجاً خاصاً في التعليم،أعلى مكانة في المرحلة الثانوية،وأقل مستوى من المرحلة الجامعية،كما رأينا. وكان التعليم الأهلي ضرورة في ظل غياب التعليم الحكومي،وخصوصاً في الريف،وفي مدارس التعليم الأهلي لا اعتبار للسن،ويقوم بالتدريس في مدارس التعليم الأهلي مدرسون متوسطو الثقافة، أو أن تأهيلهم قاصراً على العلوم الدينية،وكان منهاج هذا النوع من التعليم قاصراً على قراءة القرآن وحفظه،ومبادئ علوم اللغة،والرياضيات،والقليل من هذه المدارس التى أدخلت التاريخ والجغرافيا ضمن منهاجها الدراسي. ويمارس التعليم الأهلي إما في المساجد أو في دور أهلية،والتلاميد عادة يفترشون الأرض والمعلمون يتقاضون رواتبهم من الأهالي. وعادة فإن النابهين من طلاب التعليم يمكنهم مواصلة دراستهم في المدارس الابتدائية الحكومية،من 5-6 سنوات، وهناك أيضاً لا اعتبار للسن، حيث يحصل الطالب على معلومات إضافية في علوم الدين،وكذلك في مجالات أخرى كالتاريخ والجغرافيا والرياضيات ومبادئ الهندسة، ويخلو التعليم الابتدائي من تعلم لغة أجنبية، كما يفتقر التعليم الابتدائي إلى النظم التعليمية الحديثة، وكان يقوم بالتدريس في هذه المرحلة مدرسون يمنيون ومدرسون عرب من سوريا ومصر وفلسطين، وللانتقال إلى المستوى المتوسط، يجب على الطالب أن يتم إنهاء المرحلة الابتدائية، وقد يسمح في حالات معينة لبعض طلبة التعليم الأهلي بالانضمام إلى التعليم المتوسط، إذا أثبتوا جدارتهم، وقد قيد الإمام أحمد مثل هذه الحالات بأمر شريف منه أو من نائبه أو ولي عهده الأمير بدر، ولا وجود لمنهج دراسي محدد،وكانت التعليمات تصدر باعتماد هذه المادة أو تلك، وفي الغالب كان للمدرسين حق الخيار في البرامج، وانتقاء الكتب المناسبة، وما يميز هذه المرحلة هي أن الطالب يمكنه الحصول على معلومات إضافية في المواد التي تلقى معارف حولها في المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى أن طلبة الصفين الأخيرين يمكنهم دراسة اللغة الإنجليزية بصورة أولية. ومدة التعليم الثانوي خمس سنوات، وهو على مرحلتين، المرحلة الأولى سنة واحدة ويدخلها من ينتهي من التعليم المتوسط، كمرحلة تحضيرية تقتضيها طبيعة الدراسة في المراحل السابقة التي لاتتقيد بمنهاج، أما المرحلة الثانية وتستمر أربع سنوات، وغالباً ما كان التلاميذ يقطعون دراستهم في هذا المستوى إما للانضمام إلى صفوف العمل أو للهجرة، أو للالتحاق بالمعاهد الدينية في الألوية« المحافظات»، والذين يكملون دراستهم يحصلون على فرصة عمل، أو يلتحقون بإحدى البعثات الدراسية في مصر، بموازاة هذا المستوى وجد ماعرف ب « المدارس التحضيرية» ويضم إليها غالباً أبناء علية القوم،ممن لايشترط مرورهم بالمدارس المتوسطة، إلا أن مستوى التدريس في هذه المدارس يضاهي المدارس الثانوية أو يفوقها، حيث يقوم بالتدريس فيها مدرسون عرب، وفيها تدرس مواد حديثة كالرياضيات واللغة الإنجليزية وغيرها. وهناك شبه غياب واضح للتعليم الفني، ماعدا مدرسة صناعية وأخرى زراعية وثالثة صحية، ومن المؤكد أن شيئاً من الزيادة قد حصل في مدخلات ومخرجات التعليم، رافقها شيء من التحسن النوعي في هذه الفترة «عهد الإمام أحمد» والجدول أدناه يلقي قدراً من الضوء على هذا.