فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جامعة عدن.. البذور والجذور
من ثمرات الاستقلال الوطني
نشر في 14 أكتوبر يوم 01 - 12 - 2011

كانت فرص التعليم في عدن معدومة على مدى مئات السنين، باستثناء بعض الكتاتيب وبعض المدارس الابتدائية المحدودة التي بدأت تظهر بعد الحرب العالمية الأولى ( 1914 - 1918 )، حيث كان التعليم في عدن قبل ذلك يقوم على النظام التقليدي غير النظامي، ويعتمد على ما يعرف بالكتاب (المعلامة) وهو نظام تعليمي حر، يقوم به معلم فرد، يتولى التدريس فيه دون تدخل من الحكومة، ويتميز هذا النوع من التعليم بعدم خضوعه لسن عمرية محددة، وليس له نظام قبول معين، ولا سنوات دراسية محددة، ويركز على تعليم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والحساب، وتعليم الخط على نماذج رديئة يكتبها المعلم، وكان لا يتعاطى تعليم الأطفال في الكتاب إلا من سدت في وجهه أبواب الرزق، ويئس من وجود عمل آخر لكسب العيش. (1)
ويعتمد التدريس في الكتاب على الحفظ والتلقين، فيقوم المعلم بالإشراف على تلاميذه الذين يتولى كل واحد منهم القيام بمهمة تختلف عن مهام الآخرين، فمنهم من يكتب في اللوح، ومنهم من يحفظ الدرس، ومنهم من يسمع، وهكذا، ولم يكن باستطاعة المعلم أن يعلم الأطفال جميعهم في وقت واحد، لأن كل واحد منهم يسير في ناحية من المصحف تختلف عن الآخر، لذلك هو يشغل زيداً بعمرو، فيكلف الكبير بتعليم الصغير، وربما يستعين ببعض أبنائه لمساعدته.
وكانت الكتاتيب ( المعلامات ) أكثر مؤسسات التعليم التقليدي انتشاراً في عدن، إذ لم تعرف عدن ما عرفته بعض المدن اليمنية الأخرى من مؤسسات تعليمية كالأربطة والمدارس الدينية التي وجدت في زبيد وبيت الفقيه وحضرموت، باستثناء رباط الشيخ أبوبكر محمد بن حسين بن مرزوق الصوفي، ورباط الشيخ أحمد الرفاعي بحارة حسين في عدن (2).
وكانت الكتاتيب هي الوسيلة الوحيدة للتعليم قبل ظهور التعليم النظامي، واستمرت في الانتشار حتى بعد ظهور التعليم النظامي. وقد انتشرت ( المعلامات ) أو الكتاتيب في عدد من أحياء عدن، وشملت معظم المساجد، وأخذت في التطور منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث أخذت المعلامات تتطور إلى حد ما عما كانت عليه قبل الحرب، فصار الأطفال يجلسون على مقاعد خشبية، وارتقى منهج الدراسة فيها، بحيث أصبح الطفل الذي أنهى المعلامة قادراً على العمل لدى بعض التجار أو في الدكاكين لتدوين حساباتهم، في ظل الأمية المطبقة.
ومن أشهر المعلامات في عدن، التي ظهرت في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى واستمرت إلى الستينات من القرن العشرين، معلامة محمد الشنقيطي، في حارة اليهود ( حسن علي ) ومعلامة الشيخ محمد علوان العولقي، في حارة حسين، ومعلامة الشيخ محمد الحوزي في حارة القطيع، ومعلامة السيد محمد عبدالله طاهر النجدي وأخيه في مسجد بانصير بشارع المتنبي، ومعلامة الشيخ محمد المالكي في حارة العيدروس، وكلهن في منطقة كريتر، أما في منطقة المعلا فإن أشهر المعلامات التي ظهرت فيها كانت معلامة الشيخ درهم في مظلة مقبرة المعلا دكة، ومعلامة الشريف، وهي خاصة بالصومال، ومعلامة الفقيه سالم عبدالله الكوري في شارع البحتري، وفي منطقة التواهي وجدت معلامة الشيخ الهتاري، ومعلامة الشيخ عبدالفتاح، ومعلامة الشيخ محمد القاضي، أما في منطقة الشيخ عثمان فكانت معلامة الشيخ أحمد عوض العبادي، ومعلامة الفقيه حيدر، ومعلامة الفقيه عثمان، ومعلامة الفقيه كليب ومعلامة السيد قاسم وغيرها. (3)
وقد لعبت المعلامات في عدن دوراً مؤثراً وكبيراً في التخفيف من الأمية بالرغم من أساليبها المتخلفة، فقد كانت الملاذ الوحيد لكثير من الناس في ظل الجهل المخيم على عموم اليمن.
أما التعليم النظامي، فقد كانت أول مدرسة ابتدائية افتتحت في عدن بعد مضي أكثر من سبعة عشر عاماً من الاحتلال أي عام 1856م، ولكن الاستعمار أغلقها بعد سنتين فقط من افتتاحها. (4)
وكان الهدف من تلك المدرسة هو التبشير بالدين المسيحي كجزء من السياسة الاستعمارية حينذاك، التي كانت تستهدف القضاء على هوية البلدان التي تستعمرها. وكما هو معروف فإن عدن وقعت تحت سلطة الاحتلال البريطاني عام 1839م، ولكنها ظلت مرتبطة بحكومة الهند حتى عام 1936م، حينها شعر الانجليز أن الهند على وشك أن تنال استقلالها فبادر إلى ربطها بوزارة المستعمرات البريطانية.
وكان الانجليز قد عملوا على تشجيع الهجرة الأجنبية إلى عدن لذوبان الجنس العربي وإيجاد خليط من السكان ذوي ميول مختلفة، ومصالح متباينة، يرتكز عليهم الاستعمار في تسيير مصالحه، إلى جانب ما يحدثونه من خلل في صفوف الوطنيين من أبناء الوطن. وكان من نتائج تلك السياسة أن وفدت إلى عدن أعداد غفيرة من الجنسيات المختلفة أتى بهم الاستعمار من مستعمراته المتعددة، أو من دول (الكومنولث).
وقد أثر وجود هذه الجنسيات على الوضع التعليمي في عدن، وهو ما أدى إلى فتح عدد من المدارس لتلبية حاجة المستعمرة من الموظفين الذين يجيدون اللغة الانجليزية ليتمكن من التفاهم معهم، وبواسطتهم يستطيع تسيير أعماله، وتنفيذ مخططاته. وفي سبيل تحقيق ذلك افتتح مدرسة ابتدائية في عدن عام 1866م (5). وكان معظم التلاميذ الذين التحقوا فيها من جنسيات متعددة، ونسبة العرب فيهم ضئيلة جداً، لاتتجاور 8 % من عدد الطلاب في المدرسة (6). وإلى جانب هاتين المدرستين وجدت بعض المدارس للجاليات الأخرى، فقد وجدت مدرسة للصومال في المعلا، وأخرى لليهود في كريتر. وركز الانجليز اهتمامه بمدارس المبشرين، وحاول أن يفتح أبوابها للأيتام والمنبوذين بهدف تنصيرهم فيما بعد. (7)
وفي الفترة بين عامي 1885 - 1900م أي خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر لم يفتتح الانجليز غير مدرستين اثنتين، الأولى في المعلا عام 1889م والأخرى في التواهي عام 1880م. (8) وافتتحت خلال هذه الفترة أيضاً مدرستان تبشيريتان كاثوليكيتان.
ولقد كان لارتباط عدن بالهند أثره البالغ في الوضع التعليمي، حيث كان معظم المدرسين من الهنود، وكان النظام التعليمي تابعاً للهند، وهو ما أدى إلى ضعف اللغة العربية، وتدني الثقافة العربية.
وخلال فترة ارتباط عدن بالهند كان التعليم في عدن محصوراً على الأجانب الوافدين إلى عدن، وهم من جنسيات مختلفة، أما أبناء البلد من العرب فلم يكن أمامهم أية فرصة للتعليم باستثناء الكتاتيب أي (المعلامات ). (9)
واستمر هذا الوضع المتردي للتعليم إلى أن تخلصت عدن من تبعيتها للهند، وصارت تتبع مباشرة وزارة المستعمرات البريطانية، ومن أسباب هذا التردي أن اقبال السكان على التعليم كان ضعيفاً، والمطالبة به كانت محدودة، وانتشاره محصوراً في أسر قليلة، غير أن حالة التعليم بدأت تشهد نوعاً من التحسن منذ تولى إدارة المعارف في عدن الأستاذ عطا حسين، في الفترة ما بين 1921 - 1930م حيث قام بإدخال تحسينات لاباس بها في نظام التعليم، فقد استطاع أن يدخل بعض الأساليب الحديثة في التعليم، وفي عهده أعد الطلبة لأول مرة لامتحان شهادة ( سنيركامبردج) وفي عهده كذلك أرسلت أول بعثة طلابية إلى بريطانيا، عاد بعضهم ليعملوا مدرسين فيما بعد في مدارس عدن، كما تم في عهده إدخال بعض التغييرات في المناهج التعليمية، إذ تمكن من تطوير التعليم الابتدائي، وعمل على تعيين الأستاذ كامل عبدالله صلاح مديراً لأول مدرسة ابتدائية حديثة عدن، والذي بدوره اعتنى عناية خاصة باللغة العربية. (10)
وعطا حسين هذا هو أحد الهنود المسلمين المؤهلين تأهيلاً عالياً، وكان قد أرسى في عدن قاعدة للتعليم النظامي الحديث، وتولى بعده نظارة المعارف الأستاذ الفاروقي، وهو هندي أيضاً، وعمل الفاروقي على وضع برامج مفصلة للتعليم الابتدائي والثانوي، وادخل نظام الامتحانات المشتركة، واهتم بالمكتبة المدرسية، كما افتتحت في أيامه أول مدرسة ابتدائية للبنات. (11)
وتحت إلحاح المواطنين ومطالباتهم بالاهتمام باللغة العربية أدخلت اللغة العربية ضمن مواد الدراسة في الصفوف الأولى من المدرسة الثانوية، وكان آخر ناظر هندي لعدن قبل تبعيتها لوزارة المستعمرات البريطانية عام 1937م هو محمد نورا، وفي عهده أدخلت الرياضة المدرسية إلى التعليم، وصارت الألعاب الرياضية جزءاً من الدراسة.
وإذا أخذنا أعداد الطلبة الموجودين في مدارس عدن في النصف الثاني من الثلاثينات في القرن العشرين، أي قبل انضمام عدن إلى وزارة المستعمرات البريطانية، سنجد أنها كانت قليلة للغاية، فالمدارس الحكومية لم يزد عددها على أربع مدارس (12) أما المدارس المعانة فكانت ست مدارس فقط .(13)
وفي عام 1935م، أي قبل انتقال تبعية عدن إلى وزارة المستعمرات بعامين تم افتتاح ( كلية أبناء المشايخ ) في جبل جديد، وكانت هذه المدرسة مخصصة لتعليم أبناء المشايخ والأمراء والعقال، واستمرت حتى عام 1952م حين أقفلت أبوابها لتأخذ كلية عدن في الشيخ عثمان دورها. وكان الغرض من هذه المدرسة تخريج جيل من أبناء السلاطين والأمراء يعرفون قدراً من اللغة الانجليزية ليتمكن الضباط الانجليز من الاتصال بهم بسهولة، إلى جانب إعدادهم ليكونوا حكاماً موالين للسلطات الاستعمارية مستقبلاً.
وفي عام 1937 انفصلت عدن عن إدارة الهند والحقت بوزارة المستعمرات البريطانية، وبعدها بعامين اسندت إدارة المعارف في عدن إلى أحد البريطانيين ويدعى (بي، جي، انتبروا p. j. auttenborough) والذي نشط لترقية التعليم في المستعمرة، وعمل على النهوض به، فاستدعى جملة من رجال التعليم من الخارج، وزاد من أجور المعلمين، وفتح كثيراً من المدارس الأولية، وزاد ما يصرف من المال على التعلم(15)
وفي عهد (انتبروا) تم دمج الصف الأول الابتدائي المعروف صف الطفولة بالمرحلة الابتدائية لتصبح خمس سنوات بدلاً من أربع كما تم تحديد عمر سن القبول بالمدرسة إلى 8 سنوات للصف الأول ويمكن رفعه إلى عشر سنوات بالنسبة للقادمين إلى عدن من أماكن أخرى. وادخل التربية الإسلامية ضمن الجدول الدراسي، واستخدام اللغة العربية لغة للتعليم في حدود ضيقة، واعفاء البنات من الرسوم المدرسية وتم التعاقد مع عدد من المدرسات العربيات المؤهلات للتعليم في مدارس البنات.(16)
وفي عهده تم إلحاق صفوف الثانوية الصغرى بالثانوية العليا في منطقة (الرازمت) في الخليج الأمامي، وانشئت عدة مدارس ابتدائية للبنين في كل من التواهي، والبريقة، والشيخ عثمان، والمعلا، ومدرسة للبنات في عدن، وأخرى في المعلا.(17)
وكان (انتبروا) قد تولى إدارة المعارف في عدن في الفترة من عام 1937 1947م أي لمدة عشر سنوات، استطاع خلالها إحداث نقلة في التعليم، وتطوير التعليم الثانوي إلى الحد الذي وصل فيه التلميذ مستوى يؤهله لامتحانات شهادة (كامبردج).(18)
وفي عهد (انتبروا) بدأ الاهتمام لأول مرة بتأهيل المعلمين وتدريبهم وتحسين أحوالهم، والعمل على زيادة عددهم. فقد جلب عدداً من المدرسين من بعض البلدان العربية، وأرسل بعض مدرسي المدارس الثانوية إلى بعض البلدان العربية للتدريب على التعليم، وتعاقد مع عدد من المدرسين العرب للعمل في مدارس عدن، ووضع هيكلاً جديداً لأجور المعلمين والمعلمات، وأرسل عدداً من المدرسين للتدريب في السودان.. وغيرها من البلدان.(19)
ونستطيع القول إن التعليم في عدن، لم ينتعش إلا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية (1939 1945) وذلك نتيجة الضغوطات والمطالب الملحة من قبل الأهالي لتحسين التعليم، مما اضطر سلطات الاحتلال لتوفير الحد الأدنى من التعليم في المستعمرة، إذا كان عدد المدارس في عدن عام 1948م حوالي سبع عشرة مدرسة، بما فيها الكتاتيب (المعلامات) وتضم حوالي 5545 تلميذاً.(20)
وبمقارنة هذا العدد مع عدد سكان عدن وقتها حسب الإحصاء الرسمي لذلك العام البالغ عددهم 80,516 نسمة، فان الذين يتعلمون القراءة والكتابة لا تزيد نسبتهم عن 6 % من السكان. (21)
وفي عام 1948 جرى وضع برنامج محدد شمل بناء مدرستين ثانويتين إحداهما للبنين، وهي التي اطلق عليها (كلية عدن) افتتحت عام 1952، والأخرى للبنات في خورمكسر، افتتحت عام 1956، وفي الفترة ذاتها تم افتتاح المعهد الفني بالمعلا الذي بناه (البس) لتخريج عمال مهرة في الكهرباء والميكانيكا وغيرها.(22)
وكان الأهالي قد شكلوا ضغطاً كبيراً على السلطات في المستعمرة لفتح المزيد من المدارس لاستيعاب الأعداد المتزايدة من التلاميذ، إلا أن التوسع في بناء المدارس الحكومية ظل محدوداً للغاية، ومع ذلك وضعت السلطات شروطاً تعسفية لقبول التلاميذ في المدارس الحكومية، منها أن يكون التلميذ من مواليد عدن، وحاملاً شهادة ميلاد صادرة من المستعمرة لغرض عرقلة أي تلميذ من أبناء ريف المحميات أو الشمال من دخول المدارس كجزء من سياسة الاستعمار، لمنع انتشار التعليم والحد من التوسع في نشر المعرفة بين السكان، غير أن الأهالي تعاونوا فيما بينهم وبنوا العديد من المدارس الأهلية لاستيعاب التلاميذ الذين رفضتهم المدارس الحكومية.
وكانت بريطانيا قد عملت على تشجيع بناء المدارس التبشيرية ومدارس الجاليات الأجنبية وفق نظام الإعانات المالية للمدارس غير الحكومية فانتشرت بعض المدارس التابعة للارساليات الأجنبية في كل من عدن والتواهي والشيخ عثمان. وكان الطلبة المسلمون الذين ينهون الدراسة الابتدائية في بعض مدارس عدن، لا تتاح لهم فرص الالتحاق بالمدارس الثانوية الحكومية لقلتها وعدم قدرتها الاستيعابية، فيضطرون للالتحاق بمدارس الجاليات الأجنبية، غير أن الأهالي كانوا يترددون في الحاق أبنائهم بتلك المدارس خشية تنصرهم، فكان بعض الأهالي يحذرون من التحاق أولاد المسلمين في تلك المدارس، وبالذات البنات، خاصة بعدما قامت احدى الارساليات الأجنبية بفتح مدرسة للبنات، وهو ما شجع الأهالي للمبادرة في إنشاء عدد من المدارس الأهلية.
وكانت أول المدارس الأهلية في عدن هي مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية التي بناها وأسسها في عدن الشيخ محمد عمر بازرعة عام 1912م وعين لها مديراً هو الشيخ الأستاذ محمد مكي الذي كان قدم من الحجاز واستوطن عدن، وكان يغلب على التدريس فيها الطابع التقليدي، إلى أن تولى إدارتها الأستاذ محمد صبحي في الثلاثينات من القرن العشرين فادخل إليها بعض التحسين في المناهج كما تولى إدارتها في الأربعينات الأستاذ محمد صبحي وهو فلسطيني، تلاه الشيخ علي محمد باحميش وهو عالم دين شهير، وفي عهده كثفت المواد الدينية، وتلاه الأستاذ خليل أبو غبن وهو أردني، حاول أن يدخل بعض التطوير في المناهج والخطط الدراسية، إلا أنه اصطدم بعقليات متزمتة، فارزع عن الإدارة وحل محله الأستاذ عمر باناجة، وتلاه الأستاذ محمد سعيد الصائغ.. وغيرهم. وقد ساهمت مدرسة بازرعة في حل مشكلات عدم استيعاب المدارس الحكومية لمن ليس لديه مخلقة.(23)
وثاني المدارس الأهلية كانت مدرسة الفلاح الإسلامية التي تأسست عام 1936 في شارع الزعفران بعدن، وتولى إدارتها الأستاذ حسين الزباغ الحسيني، الذي كان قد أتى من الحجاز، وساهمت هذه المدرسة إلى جانب مدرسة بازرعة في استيعاب الطلاب الذين حيل بين دخولهم مدارس الحكومة، ويغلب عليها الطابع الديني في مناهجها الدراسية، إلى جانب بعض المواد الأخرى اللازمة للأعمال الحكومية.
ولما كانت الحاجة تقتضي وجود موظفين يعرفون بعض شؤون السكرتارية ومسك الدفاتر والحسابات ونحوها، فكان لابد من إنشاء (المعهد العدني) بمبادرة من ياسين راجمنار الذي قام بإنشاء المعهد عام 1927، بصفوف مسائية تستوعب بعض خريجي المدارس الحكومية، وبعدها بنى داراً كبيرة للمعهد عام 1945، خصصها للدراسة في الشؤون التجارية، وأعمال المحاسبة وغيرها. وفي عام 1953 افتتحت مدرسة للبنات ملحقة بالمعهد التجاري أطلق عليها اسم المدرسة الإسلامية للبنات.(24)
وفي عام 1955م قام الشيخ محمد بن سالم البيحاني ببناء المعهد العلمي الإسلامي، بعد جهود عظيمة بذلها لإقناع التجار والأثرياء في اليمن وخارجها للتبرع من أجل بناء هذا المعهد. وافتتح المعهد عام 1957، وبدأت الدراسة فيه بالمرحلتين الأساسيتين الابتدائية والمتوسطة، ثم تطورت الدراسة فيه لتبدأ الدراسة الثانوية عام 1959م. واعتمد المعهد في برامجه ومناهجه المناهج المصرية، وضم عدداً من المدرسين المؤهلين.(25)
وفي مدينة الشيخ عثمان قام الحاج عبده حسين الأدهل ببناء مدرسة أهلية سميت مدرسة النهضة العربية، وذلك عام 1948م. وساهمت في تخفيف الضغط على مدارس الحكومة، واستيعاب الأولاد القادمين من الشمال وريف الجنوب، وتضم مرحلتين الابتدائية والإعدادية، واستمرت في أداء رسالتها التعليمية حتى انضمت إلى كلية بلقيس، في 15 يوليو 1965م، وصارت جزءاً من مجموعة مدارس كلية بلقيس.(26)
وكانت كلية بلقيس قد تأسست في مدينة الشيخ عثمان من قبل هيئة التربية والتعليم اليمنية عام 1958، وافتتحت رسمياً في 1961/10/16م، بهدف توفير الظروف المناسبة للدراسة للطلاب المحرومين من دخول المدارس الحكومية، وكانت تحظى بإدارة تعليمية متميزة، وعلى رأسها الأستاذ حسين علي الحبيشي، وأساتذة مؤهلين، وأخذت بالمنهج التعليمي المصري ثم العراقي، وفيها مورس النشاط الرياضي والثقافي على أفضل ما يكون، وظهرت فيها الأسر الرياضية، والجمعيات العلمية، وظلت تمارس نشاطها التعليمي المستقل حتى عام 1975، حين انضمت إلى وزارة التربية والتعليم.(27)
ثانياً: الجذور
فيما يخص التعليم الفني، فقد بدأت عدن تشهد أول معهد فني عام 1948، حين تم الشروع ببناء المعهد الفني في المعلا، على نفقة التاجر الفرنسي (A.besse)، وظل يمارس نشاطه في التعليم الفني، لتوفير احتياجات السلطات البريطانية في المستعمرة والشركات العاملة في عدن، ويدرس فيها بعض المواد في تخصصات المعادن والميكانيكا والكهرباء. وكان يؤهل الطلبة فيه للدخول في امتحان شهادة الثقافة العامة في المواد الفنية. (سيتي اندجليدز).
وكان المعهد الفني في المعلا هو النواة الأولى للتعليم التقني في عدن، حيث تم تحويله بعد الاستقلال ليكون معهداً تقنياً عالياً، فبدلاً مما كان يلتحق فيه الطالب بعد انهائه التعليم المتوسط ويدرس فيها ثلاث سنوات، صار يدرس خمس سنوات، ويحصل على أثرها على شهادة الثانوية الصناعية. (28) وخلال عقد السبعينات كان التعليم الفني الثانوي له مستويان هما: التعليم التقني ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات بعد إتمام المرحلة الإعدادية بنجاح، والتعليم المهني ومدة الدراسة فيه سنتان، بعد إتمام المرحلة الإعدادية بنجاح، وقد صمم التعليم الفني التقني لإعداد التقنيين وهم الكادر الفني الوسط بين المهندسين والعمال المهرة، كما صمم التعليم الفني المهني لإعداد العمال المهرة في مختلف الأنشطة الاقتصادية. (29)
ولعل المعهد الفني في المعلا، الذي أنشئ عام 1953 خير مثال للمعاهد الفنية التقنية، فقد حصل فيه بعض التطوير عام 1972، فصار يتكون من قسمين: القسم التقني، والقسم المهني، يقبل فيهما الطلبة من خريجي الثانوية العامة، أومن الناجحين في القسم التقني، وذلك للدراسة لمدة سنتين. (30)
أما التعليم الفني التجاري فقد كان في أول أمره قسماً ملحقاً بالمعهد الفني بالمعلا، ثم انفصل كمدرسة ثانوية تجارية مستقلة في الخساف بكريتر، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات بعد إتمام المرحلة الإعدادية، وهو القسم التقني التجاري، وإلى جانبه يوجد القسم المهني التجاري، ومدة الدراسة فيه سنتان بعد الإعدادية. وفي عام1975م تم فتح قسم الدبلوم الذي يقبل الطلبة الناجحين في الثانوية التجارية، وصار هذا القسم فيما بعد ملحقاً بكلية الاقتصاد بعد تأسيسها، وفي الوقت نفسه صار التقني في المعهد الفني ملحقاً بكلية الهندسة. وبذلك كان المعهد الفني في المعلا نواة لكلية الهندسة. مثلما كانت الثانوية التجارية في الخساف بكريتر نواة لكلية الاقتصاد.(30)
أما فيما يتعلق بتأهيل المعلمين، فقد كانت مدارس في بداياتها تستفيد من المعلمين في المعلامات للعمل فيها،ومعظمهم ليسوا مؤهلين تأهيلاً تربوياً، فظهرت الحاجة لتدريب المعلمين على التعاطي مع التربية الحديثة، فافتتحت صفوف مسائية في المدارس الحكومية، وفيها تقدم للمعلمين بعض المحاضرات في مجالات طرق التدريس، وعلم النفس، والصحة النفسية، والتدريب العملي، وعلم النفس التربوي(31)
ومنذ عام 1947م بدأ تأهيل المعلمين في عدن يخطو خطوات متقدمة، خاصة بعدما تولى إدارة المعارف فيها الأستاذ محمد عبده غانم، الذي أعطى مسألة تأهيل المعلمين اهتماماً متزايداً، فأستقدم عدداً من المدرسين السودانيين الذين أتي بهم من معهد بخت الرضا، ليقدموا دروساً تربوية للمعلمين العاملين في الخدمة في إطار دورات تدريبية مسائية للتقوية في مواد التخصص، ثم أخذت هذه الدورات تنتظم في الإجازات الصيفية فظهرت الحاجة لإنشاء معهد تدريب المعلمين، الذي كان في بدايته عبارة عن فصول ملحقة في إحدى المدارس الثانوية، وكان الخريجون المتميزون يرسلون للحصول على مزيد من التدريب التخصصي إلى بعض البلدان العربية، وعندما عاد بعض هؤلاء الخريجين، تشكلت منهم النواة الأولى لهيئة التدريس لأول مركز لتدريب المعلمين في عدن، وذلك في العام الدراسي 1957 1958م، إذ كان قوام الهيئة التدريسية فيه مكوناً من 9 مدربين متفرغين ومدرب واحد غير متفرغ، والتحق بالمركز في ذلك العام 26 طالباً من عدن، و13 طالباً من المحميات. وقد بني للمركز مبنى خاص في خورمكسر، وصار المركز فيما بعد يعرف باسم كلية التربية.
ولما كانت إمكانيات هذه الكلية لا تفي بتأهيل مدرسين مؤهلين للعمل في المدارس الثانوية، فقد ظهرت الحاجة لإنشاء كلية التربية العليا، وهو ما أدى إلى تغيير اسم الكلية القائمة ليصبح اسمها كلية التربية الصغرى، للتفريق بين الاثنتين، وعند تعدد مراكز تدريب المعلمين في السبعينات، صارت كلها تعرف باسم دور المعلمين والمعلمات، واقتصر عملها لتأهيل المعلمين في المراحل الابتدائية.
وفي عام 1970م تم افتتاح كلية التربية العليا في خورمكسر، بتمويل حكومي ودعم من اليونسكو، وقد اعتبرت حينها كأول مؤسسة تعليمية جامعية في عدن وعموم اليمن وكانت مهمتها إعداد كادر تربوي من المدرسين المؤهلين علمياً ومسلكياً للتدريس في المدارس الإعدادية والثانوية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي ولا سيما في المرحلة الثانوية التي كانت تعتمد أساساً على المعلمين العرب. وكانت وقتها تتبع وزارة التربية والتعليم.
ولما كان تأسيس كلية التربية العليا بحاجة إلى إجراءات قانونية لتنظيم عملها، فقد صدر القرار الوزاري رقم (54) لعام 1974م موقعاً عليه من قبل وزير التربية والتعليم حينذاك علي ناصر محمد، والصادر في 25 يونيو عام 1974م. (33)وقد نص القرار الوزاري على أهداف الكلية والدوائر المكونة لها، والأقسام العلمية التي تتألف منها. فمن أهدافها:
إعداد مدرسين مؤهلين تأهيلاً أكاديمياً وتربوياً ومسلكياً، وفقاً لمبادئ الثورة الوطنية الديمقراطية، لسد حاجة المدارس الإعدادية والثانوية من المدرسين.
عقد دورات دراسية وتدريبية للمعلمين لمدد مختلفة لكافة المراحل، بقصد رفع مستوياتهم، وزيادة معارفهم وخبراتهم.
القيام بالدراسات والأبحاث التربوية والتعليمية للإسهام في تطوير التعليم في الجمهورية.
كما حددت اللائحة التنظيمية التي صدرت بهذا القرار تشكيل مجلس الكلية ومهامه، وتعيين هيئة التدريس في الكلية والشروط المطلوب توفرها فيهم.
كما نصت اللائحة التنظيمية على أن الكلية تتكون من دائرتين رئيسيتين هما:
أ دائرة العلوم، وتتألف من الأقسام التالية: قسم الفيزياء، قسم الرياضيات، قسم الكيمياء، قسم الأحياء.
ب دائرة الإنسانيات، وتتألف من الأقسام التالية: قسم اللغة العربية، قسم اللغات الأجنبية، قسم التاريخ، قسم الجغرافيا، قسم التربية وعلم النفس. (34)
أما فيما يتعلق بالتعليم الزراعي‘ فقد كانت بداياته عام 1969م حين أنشئ في مدينة الحوطة بمحافظة لحج أول معهد زراعي متوسط يتبع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات، بعد إتمام المرحلة الإعدادية، كما ظهر إلى جانبه عدد من المعاهد المتخصصة بالشؤون الزراعية، مثل: معهد المرشدين الزراعيين (1970) ومعهد البيطرة والإنتاج الحيواني (1972) والمعهد التعاوني بدارسعد، وكلها تتبع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي. (35)
ونظراً لأهمية تأهيل الكادر الزراعي تأهيلاً جامعياً كان لابد أن يتطور التعليم الزراعي ليواكب النهضة الزراعية، فظهرت الحاجة لإنشاء كلية ناصر للعلوم الزراعية التي افتتحت في أكتوبر عام 1972م وبدأت بتخصص واحد في مجال الإنتاج الزراعي يسمى (الشعبة العامة) يلتحق بها الحاصلون على شهادة الثانوية العامة من القسم العلمي ، أو ما يعادلها ويمنح المتخرج بعد أربع سنوات من الدراسة الجامعية شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية ( 36)
وكانت الكلية تحظى بدعم من جمهورية مصر العربية وفيها بعثة تعليمية مصرية ، مكنتها من اقتباس منهاجها الدراسية من مناهج كليات الزراعة في مصر.
ولما كانت الكلية بحاجة إلى لائحة تنظيم أعمالها، فقد صدر القرار الوزاري رقم ( 33) لعام 1974م بشأن تنظيم كلية ناصر للعلوم الزراعية وحدد القرار أهدافها ومهام مجلس الكلية والأقسام العلمية والنظام الدراسي فيها وشهادة التخرج الممنوحة وقد حددت اللائحة المهام الرئيسية التي انيطت بالكلية في الوظائف الرئيسية الآتية:
1. التعليم الزراعي ، 2. البحث العلمي ، 3. الإرشاد و التدريب الزراعي
و كانت الكلية عند إنشائها تتبع وزاره التربية والتعليم وتخضع لإشراف الإدارة العامة للتعليم العالي ، حتى صدور القانون رقم (22) لعام 1975م، فصارت تتبع جامعة عدن ، وتعتبر أحدى كلياتها ( 37) .
أما فيما يتعلق بالتعليم الصحي ، فقد ظهرت حاجة المستشفيات والمجمعات الصحية في عدن وغيرها من المحافظات إلى ممرضين وممرضات و اختصاصيين فنيين ، وهو ما أدى إلى إنشاء معهد صحي في عدن ، سمي بمعهد الدكتور أمين ناشر للعلوم الصحية ، وذلك في عام 1970م ليكون معهداً صحياً يحوي عدداً من التخصصات الصحية ، لتخريج ممرضين بدرجة مساعد طبيب عام وممرض مهني ، ومساعد فني مختبرات ، ومساعد صيدلي، ومفتش صحة عام وكان يلتحق به الطلبة الذين أنهوا المرحلة الإعدادية ( 38) .
وكانت الدراسة فيه عند إنشائه مدتها سنتان غير أنه ابتداءً من عام 1981م تم رفع مستوى الدراسة فيه إلى المستوى التقني ، فصار يقبل فيه الطلبة الذين تخرجوا من الثانوية العامة - القسم العلمي ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات ، يحصل المتخرج بعدها على شهادة دبلوم في التخصصات التالية: فني أشعة ، مفتش صحة عامة، مساعد اختصاصي طبيب أسنان، فني عمليات ، فني صيدلة ، مساعد طبيب عام،تمريض مهني ( 39)
وفي عام 1989م تم تغيير اسم المعهد بما يتناسب مع مستوى التطور الحاصل فيه ، فصار يعرف باسم معهد الدكتور أمين ناشر العالي للعلوم الصحية و من حينها صار يؤهل الطلبة فيه لمساق البكالوريوس في التخصصات الآتية: صحة مجتمع ، تمريض مجتمع ، وفي عام 1992م أضيف تخصص آخر هو مساعد تخدير، ويقوم المعهد إلى جانب ذلك بتنظيم دورات خاصة للعاملين في أثناء الخدمة. ( 40)
وكان هذا المعهد يشرف على معهد صحي آخر في محافظة لحج تأسس عام 1973م يتولى تقديم دورات في مجالات التمريض المختلفة .
يمكن القول إن معهد الدكتور أمين ناشر للعلوم الصحية كان بمثابة البذرة الأولى للتعليم الصحي وقد مهد بذلك الطريق لتأسيس كلية الطب ، التي تأسست عام 1975م ، والهادفة إلى تأهيل الأطباء إعداداً متكاملاً من النواحي العلمية والمهنية والسلوكية بما يجعلهم قادرين على تلبية الاحتياجات الصحية للمجتمع ، ومواكبة التطورات في العلوم الطبية والصحية .( 41)
وفي عام 1995م صدر قرار رئيس الجامعة رقم ( 187) لإنشاء تخصص صيدلة وفي هذا العام تم قبول أول دفعة في تخصص الصيدلة .
وفي عام1997م صدر قرار آخر لرئيس الجامعة باستحداث تخصص طب الأسنان وفيما بعد صار كل من تخصص الصيدلة وتخصص طب الأسنان كلية مستقلة قائمة بذاتها.( 42)
وفي العاشر من سبتمبر 1975م صدر القانون رقم (22) لعام 1975م بإنشاء جامعة عدن ، لتحقيق الأهداف الآتية:
1. إتاحة فرصة الدراسة المتخصصة والمتعمقة للطلاب في ميادين المعرفة المختلفة تلبية لاحتياجات البلاد من التخصصات والفنيين والخبراء مع الاهتمام والتركيز على :
أ . رفع مستوى ونوعية الإعداد والتأهيل.
ب. تكوين الثقافة العامة الرامية إلى تنمية مقومات الشخصية الإسلامية الصحيحة التكوين المعرفي والعلمي القويم.
ج . ترسيخ الرؤية الإسلامية الصحيحة النابعة من آفاق المعرفة الإسلامية الشاملة وتصورها للكون والإنسان والحياة.
د . تكوين مهارات لتفكير العلمي الابتكاري الناقد.
ه. اكتساب المعارف والمهارات العلمية والتطبيقية اللازمة وتسخيرها لحل المشكلات بفعالية وكفاءة.
و . تدريس وتمكين الطلاب من أساليب وطرق إجراء البحوث العلمية وتطبيقها وتقويمها.
ز . تنمية المواقف والمهارات الإيجابية نحو العمل بشكل عام ، مع التركيز على تنمية روح التعاون ، والعمل الجماعي ،والقيادة الفعالة، والشعور بالمسؤولية والالتزام الأخلاقي.
ح. تنمية الاتجاهات الإيجابية نحو العلوم والتكنولوجيا وكيفية الاستفادة من ذلك في تطوير وحل قضايا البيئة والمجتمع اليمني.
ط. تنمية الاتجاه الإيجابي للطلاب نحو مفهوم التعلم الذاتي والمستمر مدى الحياة.
2. العناية باللغة العربية وتدريسها وتطويرها وتعميم استعمالها كلغة علمية وتعليمها في مختلف مجالات المعرفة والعلوم وذلك باعتبارها الوعاء الحضاري للمعاني والقيم والأخلاق لحضارة الإسلام ورسالته .
3. تطوير المعرفة بإجراء البحوث العلمية في مختلف مجالات المعرفة سواء على المستوى الفردي أو الجماعي ، وتوجيهها لخدمة احتياجات وخطط التنمية.
4. الاهتمام بتنمية التقنية ( التكنولوجيا ) وتطويرها ، والاستفادة منها في تطوير المجتمع.
5. تشجيع حركة التأليف والترجمة والنشر في مختلف مجالات المعرفة مع التركيز بوجه خاص على التراث اليمني.
6. الإسهام في رقي الآداب والفنون وتقدم العلوم.
7. إيجاد المناخ الأكاديمي المساعد على حرية الفكر والتعبير والنشر بما لا يتعارض مع عقيدة الأمة وقيمها السامية ومثلها العليا .
8. تقوية الروابط بين الجامعات والمؤسسات العامة والخاصة في البلاد بما يكفل التفاعل المتبادل والبناء للمعارف والخبرات والموارد والمشاركة التي تكفل الإسهام الفعال في إحداث التنمية الشاملة في البلاد.
9. توثيق الروابط العلمية والثقافية مع الجامعات والهيئات العلمية ومراكز البحوث والتطوير العربية والأجنبية ، بما يساعد على تطوير جامعة عدن وتعزيز مكانتها.
10. العمل كمؤسسة مسؤولة عن تقديم الدراسات والاستشارات الفنية والمتخصصة لمختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة والمختلطة.
11. المساهمة في تطوير السياسات وأساليب العمل في مؤسسات وأجهزة الدولة والقطاعين العام والخاص ، وتقديم النماذج والتجارب المبتكرة لحل المشاكل المختلفة.
12. رفع كفاءة العاملين والموظفين في مؤسسات وأجهزة الدولة والقطاعين العام والخاص ، وذلك من خلال المساهمة في برامج الإعداد والتأهيل أثناء الخدمة.( 43) .
ويتضح مما سبق أن هناك ثلاث كليات جامعية ، كانت قد تأسست في عدن قبل صدور قانون تأسيس جامعة عدن ، عام 1975م ، وكانت أولى هذه الكليات هي كلية التربية العليا ، التي أنشئت عام 1970م مما يجعلها النواة الأولى للتعليم الجامعي ، بما يعني أن الاحتفاء بتأسيس جامعة عدن ، ينبغي أن يكون من تاريخ كلية التربية العليا، لا من صدور قانون تأسيس جامعة عدن ، عام 1975م لأنه عند صدور قانون تأسيس الجامعة كانت هناك ثلاث كليات قد تأسست أولاها كلية التربية العليا ثم تلا تأسيسها بعامين كلية ناصر للعلوم الزراعية ، التي أنشئت عام 1972م. ثم كلية الاقتصاد والإدارة عام 1974م وتوالت بعدها إنشاء الكليات الأخرى منها كلية الطب والعلوم الصحية عام 1975م وكلية التكنولوجيا عام 1978م والتي تحول اسمها لتعرف بكلية الهندسة. وكلية الحقوق وغيرها إلى جانب عدد من كليات التربية في كل من المكلا ، صبر ، زنجبار ،شبوة ، يافع ، الضالع، ردفان ، ولودر بالإضافة إلى كلية النفط والمعادن في شبوة.
المراجع والهوامش
-1 علوي عبدالله طاهر ، واقع التعليم في اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م مجلة الإكليل ( صنعاء) العدد ( 1) السنة الخامسة ، صيف 1407ه - 1987م ص12.
2. علي صلاح الأرضي ، تاريخ التعليم في عدن ، ص99.
3. عبد الجبار عبدالله سعد ، ملزمة بالروينو، ص13.
4. عبده حسين الأدهل ، الاستقلال الضائع ، ص75.
5. علوي عبدالله طاهر ، عدن في التاريخ ، ص92.
(4) سلطان ناجي ، الحالتان التعليمية والثقافية في عدن ، مجلة الإكليل، السنة الثانية العدد 21 ، ص96.
(5) المرجع السابق ، ص97.
(6) نفسه ص99.
(7) نفسه ص99.
(8) نفسه ص99.
(9) علوي عبدالله طاهر ، واقع التعليم في اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر 1962
( مرجع سابق) هامش (1) ص17
(10) المرجع السابق، ص17.
(11) المرجع السابق ،ص17.
(12) سلطان ناجي ، الحالتان التعليمية والثقافية في عدن ، مجلة الإكليل، مرجع سابق، ص116.
( 13) المرجع السابق ص16.
( 14) المرجع السابق ص16.
( 15) هاشم عبدالله ( ه. ع ) جزيرة العرب تتهم حكامها ، ص150 - 151.
(16) علي صلاح الأرضي ، تاريخ التعليم في عدن ، مرجع سابق ص156.
( 17) المرجع السابق ، ص 158 - 159.
( 18) المرجع السابق ، ص158.
(19) المرجع السابق، ص162.
(20 ) سلطان ناجي ، الحالتان التعليمية والثقافية في عدن ، مرجع سابق، ص98.
( 21) علوي عبدالله طاهر ، عدن في التاريخ، مرجع سابق ، ص92.
( 22) مجلة التربية الجديدة ( عدن) العدد 2 و 3 -السنة الأولى، سبتمبر - ديسمبر 1975، ص82.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.