متاعب وآلام حصوات البول شديدة، ومبعث قلق للكثيرين وإنها لمشكلة جديرة بالاهتمام وجدير بنا أن نقف أمامها وبحثها مع ذوي الاختصاص من أهل الطب، لتعم الفائدة لكل من يعاني رواسب أملاح وحصوات البول. وقد أفردنا لقاءً صحفياً جمعنا بالدكتور.خالد الكحلاني استشاري أمراض وجراحة المسالك البولية للوقوف على أسبابها ومسبباتها ولإطلاعنا عن كيفية وظروف نشوء وتكون الحصوات البولية، ولتوضيح ماالتبس في فهم حقيقة هذا المرض، ومايتعين على الصائم في رمضان الذي يعاني هذه المشكلة اتباعه من نصائح وإرشادات.. الحصوات..وأنواعها ? الحصوات البولية مشكلة مرضية واسعة الانتشار، فما تقييمك لحجمها وانتشارها؟ حصوات المسالك البولية من الأمراض الشائعة، إذ تشير المصادر الطبية إلى أنها تصيب «23%» من الناس. وعند البالغين تفوق إصابة الذكور إصابة الإناث بثلاثة أضعاف، بينما تتساوى النسبة بين الأطفال من الجنسين. وتتكون الحصوات البولية في أي جزء من الجهاز البولي «الكلى الحالب المثانة مجرى البول» ويمكن أن تتكون أيضاً في بعض أجزاء الجهاز التناسلي، مثل البروستات والحويصلات المنوية. ? ماأنواع حصوات المسالك؟ ومماتتركب؟ تعتبر حصوات الكالسيوم، خصوصاً «أوكسالات الكالسيوم» من أكثر الأنواع شيوعاً بنسبة تتراوح بين «07 08%» تليها الحصوات الثلاثية التركيب والتي تتكون من اتحاد «الماغنسيوم والأمونيا» مع «الفوسفات» وتتكون عادة لدى الإصابة بأنواع معينة من البكتيريا تسمى البكتيريا المحللة لمادة اليوريا «مادة موجودة في البول بكثرة»، لذلك تسمى أيضاً بالحصوات الالتهابية، وهي خطيرة جداً يمكن أن تتكون بسرعة خلال أسابيع وشهور وتصل إلى أحجام كبيرة جداً وإلى شكل متشعب حتى أنها قد تملأ الكليتين تماماً مسببة، إتلاف نسيج الكلى ومؤدية إلى الفشل الكلوي. قد لايشعر المريض بهذا النوع من الحصوات مطلقاً إلا عند ظهور أعراض الفشل الكلوي، وتتراوح نسبة الإصابة بها بين «21 51%». النوع الثالث من الحصوات تلك الناتجة عن زيادة تركيز «حمض البوليك» وأملاحه في الدم والبول، تكثر على وجه الخصوص لدى الذين يفرطون في تناول اللحوم، وكذلك الأحشاء الداخلية، كالكبد والمخ والأمعاء، فكلها غنية بالبروتينات التي تؤدي إلى زيادة «حمض البوليك». كما أنها توجد لدى مرضى النقرس، وتصل نسبة هذا النوع من الحصوات إلى «8%» يأتي بعد ذلك النوع الرابع وهي حصوات «حمض السيستين» بنسبة «4%» وتتكون نتيجة خلل وراثي يؤدي إلى عدم امتصاص هذا الحمض الأميني بعد طرحه في البول، وهو حمض غير ذائب في البول ممايؤدي إلى ترسبه وتكون حصوات منه. بالإضافة إلى الأنواع المذكورة أعلاه هناك حصوات أخرى نادرة الحدوث تنشأ نتيجة الإسراف في استخدام بعض الأدوية، مثل مدرات البول وأدوية الضغط ومضادات الحموضة كذلك الأدوية المستخدمة في علاج مرض الإيدز. جوانب الغموض ? هل أسباب تكون جميع حصوات المسالك البولية معروفة؟ وبما تفسر زيادة إصابة الذكور بالحصوات البولية أكثر من الإناث؟ لاتعرف بعد الأسباب الحقيقية الكاملة لتكون كل أنواع حصوات المسالك البولية، وعلى الرغم من أنه أصبح من المعروف أن ثمة علاقة سببية أكيدة بين تكون بعض أنواع الحصوات وبعض الأمراض سواءً الوراثية، مثل طرح «حمض السيستين» في البول أو المكتسبة كداء النقرس والتهاب المسالك البولية، إلا أنه لم يعرف بعد لماذا لاتتكون الحصوات لدى كل المصابين بهذاه الأمراض؟ ولماذا تتكون عند البعض في إحدى الكليتين، بينما البعض الآخر في الكليتين معاً؟ ? لماذا أيضاً ترتجع الحصوات لدى بعض المرضى ولاترتجع لدى البعض الآخر؟ كل هذه التساؤلات قادت إلى الاعتقاد بأن مرض حصوات المسالك البولية مرض متعدد العوامل، منها عوامل داخلية ذاتية في المريض، وأخرى خارجية. ويضاف الجنس إلى العوامل الداخلية الوراثية التي يعتقد أن لها دور في حوالي «52%» من الحالات حيث يؤدي الهرمون الذكري إلى زيادة إنتاج «الأوكسالات» وطرحها في البول. فيما تؤدي الهرمونات الأنثوية إلى زيادة طرح مادة السيترات في البول، وهي مادة مانعة لتكون الحصوات. هذه الحقائق ربما تفسر زيادة إصابة الذكور بالحصوات البولية أكثر من الإناث لدى البالغين وتساوي النسبة في سن الطفولة. ومن العوامل الخارجية نذكر: التضاريس: إذ تكثر الحصوات بين سكان الجبال والصحارى والمناطق الحارة. المناخ: يزداد تكون الحصوات في فصل الصيف بسبب كثرة العرق وقلة التبول ممايساعد على زيادة تركيز الأملاح في البول وترسبها. ومن العوامل الخارجية الهامة مايتعلق بشرب السوائل والتغذية على نحو ماأشرنا إليه أنفاً. إلى ذلك يعتقد أن لطبيعة عمل الإنسان دوراً في نشوء الحصوات، فهي تكثر عند المرضى الذين يتطلب عملهم حركة أقل كموظفي المكاتب والسائقين..الخ، وتقل لدى الذين يتطلب عملهم حركة كثيرة. تشكل الحصوات ? كيف تتكون وتتشكل الحصوات؟ وماالذي يساعد على سرعة نموها وزيادة حجمها وصلابتها وأيضاً صعوبة خروجها مع البول؟ إن الحدث الأهم في نشوء حصوات الكلى، هو زيادة تشبع البول بالأملاح المكونة للحصاة، وفي الأحوال الطبيعية توجد معظم الأملاح في صورة ذائبة بتركيز معين في البول، وبالتالي لاتتحول إلى بلورات ولاتتكون الحصوات، وعندما يزيد تركيز هذه الأملاح عن الحد الطبيعي نتيجة للعوامل المختلفة التي سبق ذكرها، فإنها تبدأ في تكوين بلورات صغيرة يعرف بالأملاح لدى عامة الناس يمكن رؤيتها في الميكروسكوب عند فحص البول. وكل نوع من أنواع الحصوات تتخذ بلوراته المكونة شكل خاص مميز، ثم تبدأ هذه البلورات بالتجمع مكونة بلورات أكبر تشكل نواة الحصاة. وقد يساعد وجود خلايا ميتة في الجهاز البولي أو أجسام غريبة على سرعة عملية تكوين نواة الحصاة ماقد يؤدي إلى تكوين حصوات مركبة لأكثر من نوع من الأملاح. ومن لطف المولى عز وجل بنا أنه لم يجعل كل البلورات والأنوية التي تتكون تؤدي في النهاية إلى تكوين حصاة كاملة فثمة مواد أخرى أوجدها سبحانه وتعالى في البول تسمى موانع أو كوابح تكون الحصوات، منها مايمنع التبلور، ومنها مايمنع التجمع، لعل أهمها مادة «السيترات» وهناك أيضاً «الماغنسيوم» وبعض البروتينات الموجودة في البول. وفي حال توافر الظروف المواتية لتكون الحصاة، كالاستعداد الوراثي، زيادة تشبع البول بالأملاح أو نقص المواد المانعة للتبلور يزداد نمو الحصاة وتتجمع البلورات أكثر وأكثر. ويساعد على ترابطها وتجمعها المادة العضوية التي تتكون في بعض البروتينات التي تساعد على تماسك الحصاة. فيما يبدأ تكون البلورات في القنوات الكلوية، ومن هناك تنتقل إلى حوض الكلية، حيث تستمر في النمو فيه أو تتحرك إلى الحالب مسببة المغص الكلوي الحاد، وبحسب ظروف الجهاز البولي مثل وجود تضيقات أو تشوهات خلقية في المسالك البولية وكذلك وجود التهابات جرثومية، يمكن أن يؤدي جميعها إلى تسريع نمو الحصوات وكبر حجمها. وقد تخرج بعض الحصوات الصغيرة عبر الحالب إلى المثانة، ومن ثم إلى مجرى البول، إذ يمكن أن تخرج تلقائياً، وقد تسبب انسداداً تاماً للمجرى البولي يمنع خروج البول نهائياً ويتطلب تدخلاً لإخراجها. ? معاودة تكون حصوات بولية جديدة مثار قلق الكثيرين، فما يضمن للمرضى الذين أجروا عمليات تفتيت لها عدم رجوع تكون الحصوات لديهم من جديد بعد ذلك؟ على الرغم من التطور الكبير في علاج حصوات المسالك البولية بأجهزة التفتيت الحديثة والمناظير، إلا أن نسبة رجوع ومعاودة تكون الحصوات تصل إلى «05%» تقريباً خلال عشر سنوات إذا ترك المريض دون علاج وقائي ومتابعة مستمرة. وفي العادة يُطلب من مرضى حصوات المسالك البولية شرب كميات كبيرة من السوائل، خاصة الماء، وهو إن جاز التعبير أرخص وأسهل علاج وقائي لجعل بول المريض دائماً مخففاً، فيقل فيه تركيز الأملاح المكونة للحصوات ولايحدث لها ترسيب. كما أن زيادة شرب السوائل يجعل المريض يتبول مرات أكثر من المعتاد، وبالتالي يقلل من فترة بقاء الأملاح والرواسب، وكذا البكتيريا في الجهاز البولي فتقل تبعاً فرص تكون الحصوات. الصوم..وشروطه ? متى لايسمح للمريض بحصوات المسالك البولية بالصيام؟ وماذا يتعين على الصائمين منهم اتباعه من نصائح وإرشادات خلال شهر رمضان؟ بصفة عامة يمكن للمريض المصاب بحصوات المسالك البولية أن يصوم، لاسيما إذا كانت الحصوات التي لديه ساكنة غير متحركة، وإذا كانت حصوات المريض تتكون في فترات متباعدة. ويبقى على هؤلاء المرضى تعويض السوائل المطلوب شربها بعد وجبتي الإفطار والسحور. كما يجب أن يلتزموا بالعلاج الوقائي المقر من الطبيب وبالحمية الغذائية، خصوصاً التقليل من الملح والبروتينات لاسيما لمن ثبت أن تكون الحصوات لديه نتيجة لاضطرابات في التمثيل الغذائي. وبالنسبة للمرضى الذين يعانون من مغص كلوي حاد فعادة لايمكنهم مواصلة الصيام نتيجة للتقيؤ المصاحب للمغص الكلوي في العادة، وأيضاً لضرورة علاج هؤلاء المرضى بالمحاليل والحقن المختلفة لتهدئة الألم. أما بالنسبة للمرضى الذين تتكون الحصوات لديهم بشكل سريع ومستمر وبالأخص الذين لديهم حصوات ثلاثية التركيب، فهؤلاء يجب عليهم مراجعة الطبيب قبل رمضان للتأكد من حالة البول وتركيز الأملاح فيه، وكذا وجود البكتيريا المسببة لهذه الحصوات، ويعتمد هنا تقرير الصوم من عدمه على نتائج هذه التحاليل وتقرير الطبيب لحاجة المريض إلى العلاج وإلى شرب السوائل أثناء النهار. إلى ذلك تؤكد المصادر على ضرورة ممارسة مرضى الحصوات البولية في رمضان للحركة والإكثار من شرب الماء والسوائل مساءً حتى موعد الإمساك، مع عدم التعريض طويلاً لحرارة الشمس العالية لحفظ مافي الجسم من سوائل كي لاتقل بسبب كثرة العرق..فكل ذلك من شأنه التخفيف من تركيز الأملاح المكونة للحصوات.