هناك من النساء الرجال على حد سواء من يمتلكون الكثير من الوقت في رمضان ولذلك فهم يسعون إلى صرفه بأي شيء وفي أي مكان.. فنجدهم في هذه الليالي الفضيلة يبحثون عن من يشاركهم ساعاتهم في مجالس القات والتفرطة في أسواق المدينة برفقة من لاعمل لهم غيرها. وفي النهار تجدهم يقضون نهارهم تحت وسائد النوم ويتجاهلون فضل وفضائل الشهر الكريم وينسون أعمالهم أو يهملونها إلى درجة السخرية.. رمضانهم استثنائي ليس في العبادات وإنما في العادات وخاصة السيئة منها، جعلوا من مجالسهم ملتقى للذنوب.. وهربوا من كرامات العبادة في شهر الرحمة وهؤلاء الأشخاص لايهتمون بوظائفهم وأعمالهم التي تشهد انخفاضاً حاداً حيث تبدأ حياتهم بمقيل وتنتهى بمقيل.. دراسة أثبتت دراسة أجراها أحد المعاهد المستقلة على مجالس السمر الرمضانية أن 44% من المشتركين فيها يقضون وقت الجلسة في نميمة واستهزاء وسخرية، بينما 52% يقضون أوقاتهم في الحديث عن الشؤون الأسرية الخاصة والمشكلات المنزلية والزواج والأطفال و51% يتحدثون عن السياسة والأسواق والمسلسلات في حين ذكرت الدراسة أن 11% يقضون وقت جلساتهم في الحديث عن الفن والفنانين، والواقع يقول إن معظم المضيعين لأوقاتهم في الجلسات المسائية الرمضانية يخرجون من مجالسهم وهم يشعرون بالضيق واللوم للنفس ويشعرون بتوتر وضجر وحزن وإحباط. مقيل نسائي في الاحياء الشعبية بمدينة إب وكذلك الاحياء الراقية تبدأ ربات البيوت بتحضير مقيلها المتوسط الحجم قبل الافطار ويأتي ذلك من خشية ربات البيوت أن يدخل المساء قبل أن يكونا قد جهزنا مجالسهن بكل متطلباتها من «مداعة» وقهوة بالزبيب وقهوة بالجلجلان وقهوة بالا .. و.. التي تتناولها النساء بالإضافة إلى النعناع والزنجبيل وقبل هذا كله القات!! سيدة البيت الأبية لايضايقها حضور صديقاتها وجيرانها المبكرة دقائق قليلة بعد صلاة العشاء يمتلئ المقيل بالنساء اللواتي يحملن القات.. ومعها تبدأ أحاديث والنميمة والقيل والقال وتتناول الأحاديث النساء ذات الجرأة واللباقة أولاً وكل امرأة بعدها تدلي بدلوها حسب معلوماتها عن موضوع ما ولايخلو الحديث في العادة عن المبالغة والاضافات التي تجعل للموضوع أهميته ولفت انتباه الآخريات، وهكذا طوال الجلسة التي تمتد إلى مابعد الساعة الثانية عشرة ليلاً حيث يتوجهن بعد ذلك إلى منازلهن لتجهيز وجبة السحور بعد أن تكون أفرغت مافي حعبتها من كلمات القيل والقال، وهكذا طوال شهر رمضان!! مقايل رجالية بعض مجالس الرجال ليست أفضل حالاً من مجالس النساء في رمضان «مع اعتذاري» فالرجال يتناولون فطورهم بسرعة قياسية يتمكنوا من اللحاق بأصحاب القات،هذا إذا لم يكونوا قد تسلحوا بسلاحهم الأخضر في الساعات الأولى من العصر وعادة يتجه الرجال بعد صلاة العشاء والبعض بعد صلاة التراويح إلى دواوين القات المضادة بشكل يومي وتبدأ أوقات السهرة والحديث الذي لايخلو من النميمة والآمال الضائعة وما أن يصل المخزنون إلى نصف سهرتهم حتى يبدأ البعض منهم بالحديث عن هموم الأبناء ومشاكلهم والغلاء ومتطلبات الأسرة التي لاتنتهي،ثم يدور الحديث عن متطلبات ولوازم شهر رمضان إلى لوازم العيد من ملابس الأبناء و الزوجة وحلويات العيد وغيرها من المتطلبات التي لاحصر لها ويطول الحديث عن هذه المواضيع في كل ليلة من ليالي هذ الشهر الفضيل وهكذا يمر الوقت سريعاً،تتبدل دقائقه وتتغير ساعاته والمجلس محافظ على طقوسه اليومية. الجميع غارق بماهم فيه من أحاديث واهتمامات وغالباً ماتكون الهموم سطحية وأحاديث لامعنى ولافائدة منها، لايوقظهم منها إلا أصوات المؤذن في أذانه الأول فيحمل كل منهم نفسه مكرهاً يتخلص مما خزنه من ساعات الليل الأولى في فمه، وتظل كتل الهموم التي اعتصرها مع تلك الأوراق مجتمعة على رأسه ينشغل بعدها بوجبة السحور ثم يصلي الفجر ويخلو إلى فراشه مقلباً مادار في المقيل فلا يصل إلى نتيجة حتى طلوع ساعات الصباح الأولى فيضطر إلى النوم والغياب عن العمل ارتقاء الأرواح شهر رمضان شهر يدعو الصائم فيه للامتثال لأوامر ربه ففي هذا الشهر تتضاعف الأجور والأعمال الخيرية سواء الدنيوية أو العبادات الإلهية، فشهر رمضان أوله رحمة وأوسطة مغفرة وآخره عتق من النار.. في كل يوم يعتق الله عز وجل ستة آلاف رأس من الناس لهذا وجب على المؤمن أن لا يضيع دقيقة واحدة من هذا الشهر الكريم سواء في العمل أو العبادة.. فالعمل والطاعات وتأدية واجبات الخالق من أهم الأشياء في رمضان وغير رمضان.. بهذا الخصوص يقول الأستاذ عبدالكريم البعداني رئيس قسم الإرشاد بمكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة إب.. شهر رمضان شهر الخيرات وقد مضت أيام وليال ثمينة منه ويجب علينا أن نستغل بقية أوقاته ففضائل هذا الشهر يجب ألا تمر ولا يخرج الصائم بعد انقضاء هذا الشهر الكريم إلا وقد تبدل حاله إلى الأفضل وإلى حالة غير حالته المعتادة فرمضان شهر الغنائم من الأعمال وإذا لم يغفر لنا في رمضان فمتى يغفر لنا ويشدد الأخ عبدالكريم البعداني على ضرورة قراءة القرآن في رمضان ليلاً ونهاراً والقيام ليلاً والبعد عن المجالس النميمة والغيبة ومجالس البعد عن الطاعات والعبادات، ولا يجوز إغفال تدبر آيات القرآن والعمل بما جاء به وترك قيام الليل.. القرآن في رمضان وأردف قائلاً: ينبغي على المسلم أن يختم المصحف أربع مرات كحد أدنى أن أمكن أسوة بالصحابة الكرام، فقد روي عن الإمام الباهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، أو كما قال: فقراءة القرآن تكون بمثابة الحجة والشفيع للمسلم يوم القيامة، فكل حرف بعشر حسنات وتصاعف الحسنات خلال شهر رمضان المبارك ويجب أن تكون الصلة بالله بزيادة أوقات عبادته. ولهذا يرى أنه يجب على المسلم أن يعمل جدولاً زمنياً ينظم فيه عبادته وثمة أمر آخر فالمغرمون بالمجالس الرمضانية رجالاً كانوا أم نساءً شباباً كانوا أم شابات يقعون في أمر واحد وهو ضياع وقت الصلوات عليهم وخاصة السنن منها كصلاة التروايح والتهجد. اهدار «عبدالله دحان الجماعي» يحب شهر رمضان لأنه يمكنه من السهر خارج المنزل مع اصدقائه في الحارة أو في منزل صديقه «حميد الخولاني» من بعده صلاة التروايح من جامع «البيجو» إلى قرب الفجر في مجلس قات ساخن ذي طابع سياسي واجتماعي وإذا توفر لدى الأخ الجماعي وقت بعد ذلك فإنه يغطيه بالتنزه فرمضان يعتبر شهر عبادة وشهر سمر وترفيه عن النفس. هناك من بدل حياته وعكس كل أنشطته الحياتية في رمضان.. «عبدالحكيم الفقيه» مدرس وحارس في أحدى البنوك الخاصة ينام طوال النهار ويستيقظ قبل أذان المغرب بلحظات ويصلي الظهر والعصر جمعاً وبعد الفطار يتوجه إلى سوق القات لشراء ربطة قات تعينه على العمل كحارس في البنك بعد أن يكون قد مر على نسبه أحمد لتناول الحلويات الرمضانية وعن الصلاة في رمضان يقول الفقيه: إنه يقوم بجمع الظهر والعصر بعد أن ينام وقد صلى الفجر ولا يخزن إلا وقد جمع المغرب والعشاء، وأما صلاة التراويح فيقول أنها غير مهمة لأنها سنة وليست فرضاً. حالاً ينبغي التوقف عندها وعن التقصير الحاصل عند بعض الشباب يقول الشيخ- محمد عبدالله منصور- موجه التربية الإسلامية «علوم القرآن بوزارة التربية والتعليم- انه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، ويتابع بالقول: هناك شباب لم يعمر قلوبهم الإيمان ولا الشوق إلى الجنة مما حملهم على تضييع أوقاتهم فيما لا ينفع وقد يضر ويجلب لصاحبها الإثم وربما تطور أمرهم إلى ترك الفرائض من كانت حالته هذه فهو على خطر فليراجع نفسه وحالته على ضياع وقته، وذهاب عمره، ونسأل الله لهم الهداية. ويضيف: الأشخاص الذين لا يهتمون بقيمة الوقت ويقضون أوقاتهم بالسهر وإحياء مجالس القات جهلة لم يفهموا الذين على حقيقته إنما شهر رمضان شهر جهاد وصبر وعمل وعبادة وليس النوم والكسل والسهر، ومعظم فتوحات المسلمين الكبرى كانت في رمضان. ويوصي الشيخ الشباب أمثال ما ذكرنا سابقاً بقوله: اتقوا الله في أعمالكم التي أوكلت إليكم ولا تضيعوا أوقاتكم وأعماركم في النوم والتخاذل.. فإن أفضل العبادات هي إيثار مرضاة الله في وقتها والانتفاع بواجب هذه الأوقات الطيبة ومقتضياتها. استباق الخيرات لقد جرت العادة في أكثر من مكان أن تخصص فترة مابعد صلاة العشاء لاستقبال الاصدقاء والزائرين فلا يخلو البيت عادة من إعلان حالة الطوارئ حيث تجري استعدادات فوق الجهد والعادة، لاستقبال السماء وتهيئة المجلس المخصص..لذلك يقول ردمان الأديب مدير عام الهيئة العامة للكتاب بمحافظة إب ماذا إذا سألنا رب الأوقات المهدرة التي ان خلت من انتهاك لحرمات الله فلا تخلو من لغو الكلام والثرثرة والتي ذمها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله «إن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون» ومن أضاع وقته في رمضان فقد أضاع جزءاً لايعوض من حياته وجدير أن تطول عليه حسرته ، فأين حق العبادات والطاعات لهذا الشهر الكريم. فلا يجب أن تضيع أوقات هذا الشهر الفضيل في النميمة وفي حديث لهو لا قيمة له. توضح الاستاذة نجاة مزاحم مدرسة القرآن بمدرسة أروى للبنات في إب بالقول: أساليب النساء والرجال في مجالس السهر الرمضانية في اللهو وإضاعة الأوقات تفوق الخيال، فبعد السهر على شتى البرامج في وسائل اللهو الحديثة تبدأ مرحلة النوم حتى صلاة العصر وربما تمتد إلى ماقبل صلاة المغرب وهذا ينطبق فقط على أولئك اللاهثين على الدنيا فقط، وهو شأن الخاملين اللاهين، أما الجادون فيحرصون على أوقاتهم حرص الشحيح على ماله أوأشد حرصاً. مباهج الدنيا أم عمر ربة بيت تتوجه بعد صلاة المغرب إلى المسجد المقابل لمنزلها من أجل صلاة العشاء والتراويح في جماعة تاركة مباهج الدنيا لاغتنام أوقات الشهر الكريم أما الحاجة حفصة لاتعرف القراءة وبهذا فهي تتوجه إلى المسجد منذ بداية الأيام الأولى للشهر الكريم وحريصة كل الحرص على عدم التخلف عن الصلاة قائلة : شهر رمضان يأتي في كل عام مرة واحدة..العمر هو رأسمال المسلم فهذا رأسمالي أما أن يتلاشى أو يعمر بطاعة الأزمنة في الأوقات التي لاتعمر إلا بطاعة الله عزوجل فالفرصة الوحيدة للإنسان في هذاالعمر هي الوقت فعلينا أن نعتبر هذا العمر مزرعة نزرع فيها ما ينفعنا في الدنيا والآخرة،. ورمضان هذا الشهر المبارك فيه تتاح للمسلم فرصة كبيرة للطاعات وكسب الحسنات التي تتضاعف فهو بحق بضاعة رابحة ويجب على كل شخص أن يضع لنفسه وعائلته منهجاً يتلاءم مع ظروفهم المعيشية لقراءة القرآن وإكثار الصلوات وقيام الليل وحضور المحاضرات وصلاة التروايح والجلوس مع الابناء وتعليمهم أمور دينهم وصلة الأرحام والأعمال الدنيوية التي يكتسب منها رزقه وقوت يومه ويسعى بإرادة وهمة وعزيمة إلى تطبيق هذا الجدول المنهجي خشية ضياع وقته الثمين في شهر رمضان..فالصحابة رضوان الله عليهم كان البعض منهم يختم القرآن الكريم في شهر وعندما يأتي رمضان يختمونه في سبعة أيام أو ثلاثة أيام وكانوا يقومون الليل مع أنهم كانوا صائمين ويعملون طوال النهار...ويجب علينا في هذا الشهر الكريم تجنب جلسات السمر الرمضانية العديمة الفائدة كونها تجعل الصائم يقترف ذنوباً كالنميمة واللهو ويصبح ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش وهذا هو صيام الحيوانات.