بات من الخطأ الواضح أن زكاة القات لا يتم تحصيلها من جهة الاختصاص إلا في نهاية العام فقط كأنها زكاة تجارة، على الرغم من أنها تخرج وتحصّل عند حصادها لقوله تعالى: «وآتوا حقه يوم حصاده» صدق الله العظيم. ويبين إمام الجامع الكبير بمدينة رداع فضلية الشيخ ناصر علي الصانع أن زكاة القات واجبة على المزارع باعتبارها زكاة زروع، وتجب على البائع كزكاة عروض تجارة. ويقول: الزكاة فرض وركن من أركان الإسلام، وعبادة يتقرب المسلم من خلالها إلى الله سبحانه، فلا يجوز لأي شخص كائناً من كان التساهل فيها، كما أن الزكاة مقدار معلوم ومحدد في الشرع لا يجوز لأحد التنازل أو التخفيض عن هذا المقدار المحدد لأن الله سبحانه وتعالى تعبّدنا في هذا القدر إذا ما أخرجة المسلم كاملاً غير منقوص، ولا يقبل إذا ما نقص منه شيء، مثله كمثل الصلاة، فصلاة الظهر - مثلاً - إذا صلاّها المسلم ثلاثاً فإنها لا تقبل منه، لأنها منقوصة وغير كاملة، فالله تعبّدنا في عددها أيضاً. وفيما يتعلق باللبْس الذي يشوب في زكاة القات وعدم تمييزها يضيف الشيخ الصانع: وللأسف الشديد فإن من الملاحظ فيه في زكاة القات أن هناك خطأً كبيراً في تحصيلها يفضي إلى خطأ آخر في تقديرها أيضاً، وذلك أن زكاة القات اختلط فيها الأمر ما بين زكاة عروض التجارة وبين ثمار الأرض، فزكاة القات لا يتم تحصيلها من جهة الاختصاص إلا في نهاية العام فقط كأنها زكاة تجارة، على الرغم أنها تُخرج وتحصّل عند حصادها لقوله تعالى: «وآتوا حقه يوم حصاده» صدق الله العظيم.. مشيراً إلى أهمية الحرص على إخراج زكاة القات عند كل عملية حصد، وبحسب المقدار المحدد لزكاة الزروع، ومقداره 5 بالمائة للمروي بالتكاليف، و10 بالمائة للمطري، أي الذي يعتمد على مياه الأمطار إذا لم تستقِ من ماء السماء، أما زكاة التجارة ففيها ربع العشر فقط. ويرى أن تحصيل زكاة القات في نهاية العام على أنها من ثمار الأرض وفيها نصف العشر فهو أمر وارد، فأما تقديرها فصحيح فهي من ثمار الأرض وفيها نصف العشر، أما في تحصيلها في نهاية العام فهذا خطأ كبير من جوانب عديدة، منها الجانب التعبّدي الذي تعبّدنا به الله سبحانه وتعالى، فالله يقول: «وآتوا حقه يوم حصاده»، أي في كل مرة يغل فيها يجب إخراج زكاته... معتبراً الذي يقول إن زكاة القات تُخرج فقط في نهاية العام فإنه يتجاوز الحد ويتعدّى على حدود الله وفرائضه. وهناك جانب آخر يتعلق بالتحصيل نفسه، فإنه عندما يتم تحصيلها مقابل مرّة فإنه يسهل معرفة مقدارها بخلاف إذا ما كان في نهاية العام فإنه يصعب معرفة القدر الحقيقي ومعرفة عدد المرات أيضاً، كما أنه إذا ما كان تحصيلها عند كل مرّة فإنه يسهل على المزكي إخراجها، بخلاف إذا ما تراكمت عليه حتى نهاية العام فإن القدر يكثر عليه فيستثقل ذلك القدر، خاصة أن النفس جبلت على حب المال، بالإضافة إلى عدم معرفة جهة الاختصاص بمقدار زكاة كل غلّة وتساهلها أيضاً في جمع هذه الزكاة وأخذها ما تيسر من المزكي. واعتبر ذلك تنازلاً لا يرضاه الشرع ولا يقبله الله، فهو حق في مال المزكي لا يجوز لأحد التنازل عنه أو التفريط فيه. قائلاً: لا يحق للجهات المعنية أن تؤخر استلام زكاة القات حتى نهاية العام إلا إذا قصدت بأنها زكاة تجارة وهذا أيضاً خطأ، بل يجب عليها تحصيلها بعد كل غلّة. من جانبه يوضح محمد عبده حجر - مدير عام الواجبات الزكوية بمحافظة صنعاء - أن زكاة القات والخضروات والحبوب مشكلة تحصيلها تكمن في وجود قصور في عملية التقرير من قبل بعض الأمناء، حيث يقوم الأمين بتقرير زكات المحاصيل من تلقاء نفسه دون الرجوع إلى أصحاب الشأن (الملاّك)، وهذه مشكلة نعانيها ونحاول السيطرة عليها من خلال التعاميم والمراسلات التي تتم مع فروع ومكاتب الواجبات بالمحافظات. وفيما يشير إلى أن الزكاة أمانة يجب الالتزام بها وإخراجها كما حددها الشرع، فقد بين أن الكثير من المزارعين يلجأون إلى التحايل بل يتهربون من الأمانة ويوكّلون الأمناء بعملية التقرير، وأرجع ذلك التحايل ربما لجهلهم بأهمية الزكاة أو لتساهلهم. لافتاً إلى المعوقات التي تواجه آلية التحصيل فيما يتعلق بزكاة القات، حيث يقول حجر: لا يخفى على الجميع أن زكات القات هي من أكبر الأوعية الزكوية تقريراً وتحصيلاً، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجهنا في هذا الجانب والمتمثلة في عدم اندفاع البعض لتسليم ما ورد من بيان الأمين، حيث إن جملة ما يتم تحصيله من تلك المبالغ لا يساوي سوى 10 في المائة مما تم تقريره من قبل الأمين. ويضيف: ومع الأسف فإن معظم البواقي المتراكمة تعتمد في معظمها على مياه الأمطار ويتم قطفها مرّة واحدة في العام، أما مناطق الوديان التي تعتمد زراعتها على الآبار فهي متعددة المحاصيل أي يتم قطفها خلال العام أكثر من مرة، ولكن جرت العادة على أن المزكي عند انتهاء العام يقوم بتقرير زكاته على جملة ما تم تحصيله خلال العام كامل سواء قطف مرة أم أكثر، المهم أنه لا يوجد إهمال لأي محصول، فالمواطن حريص على تطهير أمواله كاملة. ويشير العلماء إلى أنه من أجل إحياء روح التكافل في المجتمع المسلم وغرس مبادئ المحبة والألفة ليبقى الصف الإسلامي متماسكاً ومترابطاً، شرعت الزكاة وفرضت على المسلمين، بالإضافة إلى بناء اقتصاد إسلامي قوي يسهم في بقاء الاقتصاد، ولهذا كانت الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وذُكرت بعد الصلاة لاقترانها بها في اثنين وثمانين آية وفي العديد من الأحاديث. منوهين إلى أنه من أنكر وجوبها فقد خرج عن الإسلام وقُتل كفراً، أما إذا امتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها فإنه آثم، وعلى الحاكم أن يأخذها منه قسراً أو يأخذ منه نصف ماله كعقوبة لامتناعه، مع الاعتقاد. ومن هذه الناحية يقول إمام الجامع الكبير بمدينة رداع: أما عن عقاب مانع الزكاة فاسمع لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم، قال: من آتاه الله مالاً فلم يؤدّ زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يأخذ بلهزمتيه يوم القيامة ثم يقول: أنا مالك، كنزك... ثم تلا قوله تعالى: «ولا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله...». وعن حكم مانع الزكاة فيبين أن الزكاة من الفرائض التي أجمعت عليها الأمة واشتهرت شهرة جعلتها من ضروريات الدين بحيث لو أنكر وجوبها أحد فقد خرج عن الإسلام وقُتل كفراً، إما إذا امتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها فإنه يأثم بامتناعه دون أن يخرجه عن الإسلام، وعلى الحاكم أن يأخذها منه قسراً أو يأخذ نصف ماله عقوبة. وأضاف: لو امتنع قوم عن أدائها مع اعتقادهم وجوبها وكانت لهم قوة ومنعة فإنهم يقاتلون عليها حتى يعطوها. وحول إمكانية إسهام زكاة القات في تنمية الاقتصاد، فيشير أستاذ الاقتصاد بكلية الزراعة جامعة صنعاء الدكتور علي العسلي، إلى أهمية زكاة القات في رفد الاقتصاد الوطني ومعالجة كثير من الأعباء المالية التي تتحمل كاهلها الدولة، فضلاً عن إسهام زكاته في التخفيف من الفقر وحل مشاكل البطالة ومعوقات التنمية في البلاد. لافتاً إلى أن زكاة القات تسهم في حل الإشكالية المتعلقة بالدخل الذي يتركز في يد فئة محدودة في المدن، فضلاً عن كونها تساعد في توسيع المنافع الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي... مشترطاً ذلك بأن تكون عملية أخذ الزكاة بشكل منظم. وهو ما يؤكده مدير عام الواجبات الزكوية بمحافظة صنعاء في قوله: القات من المزروعات التي يجب استغلالها في قضية الزكاة التي تدعم تنمية الاقتصاد وذلك من خلال وضع آلية سليمة وأيادٍ أمينة لجمع هذه الزكوات الكثيرة، التي إن جمعت بشكل صحيح فإنها ستسهم إسهاماً كبيراً في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني. داعياً خطباء المساجد إلى وعظ وتوعية المزارعين فيما يتعلق بأهمية إخراج زكاة زروعهم وكيفية تقديرها، وأن يتقوا الله سبحانه وتعالى في عددم التحايل عند تزكية أموالهم وزروعهم، والتوضيح لهم بأنها فرض واجب على المسلم، وبها تطهير الأنفس وصفاؤها. إلى ذلك تعد الشركات المساهمة والعامة من التعاملات المالية الحديثة التي عرفها الاقتصاد الإسلامي وتفرض عليها الزكاة كونها شخصية اعتبارية... وتحتسب زكاة الشركات المساهمة والعامة بنفس الطريقة التي يحتسب بها الشخص الطبيعي زكاة ماله باعتبارها من كبار المكلفين في دفع الزكاة. وقد أجمع العلماء أن زكاة أسهم الشركات هو ربع العشر أي 5، 2 بالمائة سواء قصد مالكها بها التجارة أم الاقتناء من أجل أرباحها السنوية، لأنها إن كانت من أجل التجارة بها، فهي عروض تجارة، وزكاة عروض التجارة هو ربع العشر، وإن كانت من أجل الاقتناء والربح السنوي فهي تشبه العقار المؤجر، وزكاة أجرة العقار ربع العشر... فيما تكون زكاة أسهم الشركات الصناعية والخدمية من أرباحها السنوية. وتتباين وجهات النظر بين القائمين على الشركات المساهمة والمساهمين فيها، حول آلية إخراج الزكاة، فبعض الشركات تقوم بإخراج الزكاة نيابة عن المساهمين، والبعض الآخر تقوم بإخراج زكاة رأس مال الشركة وتترك دفع زكاة ربح الأسهم للمساهمين باعتبار أنه لم يحل عليها الحول. ورغم تعدد الأقوال فإن العلماء يجمعون على أن الأصل في إخراج زكاة السهم هو من صاحب السهم نفسه لأنه المالك له المكلف بإخراج زكاته... ومع ذلك فقد أجاز العلماء إخراج الشركة للزكاة نيابة عن أصحاب الأسهم، وقد ذكر المجمع الفقهي أنه لا مانع من إخراج الشركة المساهمة للزكاة في أربع حالات، أولها إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، وثانيها إذا صدر به قرار من الجمعية العمومية، أما الحالة الثالثة فهي إذا كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، وأخيراً إذا حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه. وفي هذا الصدد يقول المدير التنفيذي لشركة (يمن موبايل) صادق محمد مصلح، لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ): إن الشركة هي التي تتولى دفع الزكاة على رأسمال الشركة بعد احتساب الإيرادات والمصروفات والضرائب للوقوف على صافي الربح وتقدير الزكاة المستحقة على رأسمال الشركة. مؤكداً أن الشركة لا تقوم بدفع الزكاة على أرباح المساهمين... ويعلّل ذلك بقوله: إن الأرباح التي توزعها الشركة على المساهمين لم يحل عليها الحول. وقال: وزّعنا هذا العام 8 مليارات ريال على المساهمين، هذه الأرباح لم ندفع عليها الزكاة لأنه لم يحل عليها الحول. مشيراً إلى أن دفع زكاة رأسمال الشركة يتم بالتنسيق مع الإدارة العامة للواجبات الزكوية بأمانة العاصمة، حيث دفعت الشركة 265 مليون ريال كمصاريف زكاة على رأسمالها. وبيّن المدير التنفيذي أن الشركة دفعت 75 بالمائة من المبلغ للإدارة العامة للواجبات، فيما أعطيت الشركة الصلاحية لتوزيع 25 بالمائة من المبلغ الزكوي المستحق عليها، على الجمعيات والجهات الخيرية، خصص منها 28 مليون ريال للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، وخمسة ملايين ريال لمركز الزهراوي لمكافحة السرطان، و22 مليون ريال لقطاع الأيتام بمؤسسة الصالح للتنمية، كما تم تخصيص خمسة ملايين ريال لدار الأيتام بأمانة العاصمة وغيرها من دور رعاية العجزة.. أما البنك اليمني للإنشاء والتعمير، الذي يعد مؤسسة مختلطة بين الحكومة والمساهمين، حيث تبلغ نسبة الحكومة 51 بالمائة والمساهمين 49 بالمائة... يقول مدير إدارة الرقابة المالية بالبنك جمال أمين ناشر: إن تحديد قيمة الوعاء الزكوي المستحق على البنك يتم بعد خصم الأصول الثابتة. مضيفاً: إن البنك يقوم بدفع الزكاة بنسبة 5، 2 بالمائة من الأرباح إلى الإدارة العامة للواجبات الزكوية بأمانة العاصمة ويتسلم المساهمون الأرباح صافية. وأشار ناشر إلى أنه يتم دفع الزكاة بموجب القانون بعد نشر الميزانية العمومية، والبنك هو الذي يقوم بدفع الزكاة باعتباره ممثلاً للحكومة والمساهمين. ونوه إلى أن إجمالي المستحقات الزكوية التي دفعها البنك خلال العام الماضي 2007م بلغت 187مليوناً و655 ألف ريال... مؤكداً أهمية دفع الزكاة للدولة باعتبارها ركناً من أركان الإسلام، حيث إن المبالغ الزكوية يتم الاستفادة منها في عملية التنمية وتعود فائدتها على المجتمع ككل. من جانبه أشار المدير العام المساعد بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية محمد عبدالجبار المعلمي، إلى أن المؤسسة تسدد الزكاة لمكاتب الواجبات وفقاً للآليات التي حددها القانون المعمول به في مكاتب الواجبات. وأشار إلى أن المؤسسة حصلت على شهادة تقدير لحصولها على المرتبة الأولى لانضباطها في تسديد الزكاة من قبل مكتب الواجبات بالأمانة. وأكد المعلمي أهمية دفع الزكاة باعتبارها فريضة على كل مسلم ومسلمة... وحث الجهات والمؤسسات في مختلف القطاعات التجارية والإنتاجية بأن يكونوا قدوة في تسديد الزكاة لما لها من مردودات إيجابية على المجتمع والتنمية.