وجود رقابة على المؤسسات المالية والمصرفية إلى جانب وجود الشفافية والرقابة من قبل أجهزة الرقابة والمحاسبة نفسها ووجود إدارة كفؤة من أهم الإجراءات التي تواجه بها مثل هذه الأزمات. الأزمة المالية التي تشهدها الأسواق العالمية على رأسها الأسواق الأمريكية هي محور الحديث لوسائل الإعلام كافة والاجراءات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة هذه الأزمة وعمل خطة الانقاذ لتجاوز هذه المرحلة التي تعد الأسوأ في حياتها .. حول هذه الأزمة التي تأثرت بها كثير من البلدان العربية إلى جانب البلدان الأجنبية الأخرى وما هي أبرز الأشياء التي صنعت هذه الأزمة وما مدى تأثر اليمن بها كان للجمهورية أن التقت الدكتو أحمد اسماعيل البواب مدير عام العلاقات بالبنك اليمني للانشاء والتعمير وأجرت معه الحوار التالي : ما معنى أزمة وكيف نشأت ؟ بالنسبة للأزمة فإن أية أزمة تنشأ فإنها تنشأ نتيجة لحدث طارئ ، سواء كانت الأزمة سياسية أو مالية أو حربية ، أما بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فالأزمة هي عبارة عن إطلاق العنان في سوق مور استريت والشركات التابعة لها ، بالإضافة إلي البنوك والمصارف وأيضاً للادارات التي تدير هذه المنشآت الاقتصادية فقد اطلقت لها العنان والحرية في إدارتها والتحكم بها ونتيجة لصرف مكافآت مجزية للناس التي تقوم بإدارة هذه المنشآت ، ونتيجة لذلك حدثت أخطاء وتجاوزات نتج عنها أزمة مالية وإفلاس لكثير من المؤسسات المالية والمصرفية خصوصاً منها الاستثمارية التي تعمل في المجال العقاري مثل بنك بومن براذرز التي تعد من المؤسسات المالية المختصة بالرهون العقارية ، ولا يمنع أن تكون هذه الأزمة قد جاءت على اثر تراكمات نتيجة دخول الولايات المتحدة الامريكية نفسها في حروب مع بلدان أخرى والعمليات العسكرية واستنزاف أموال الضرائب وأموال الحكومة الفيدرالية في هذه الجوانب مما أدى إلى تفسيرها بعدم وجود رقابة على الأسواق المالية التي لابد من وجود الرقابة والإفصاح والشفافية عن المعلوماتية ، مما أدى إلى عدم وجود القدرة الكافية عند هذه الحكومات لدعم مؤسستها المالية عند حدوث هذه الأزمة ، لأن الولايات المتحدة تعد نفسها هي القطب الوحيد الذي يمتلك الحرية المالية والسياسات المالية ويمتلك أكبر اقتصاد في العالم. كيف تأثرت الدول الأخرى بهذه الأزمة ؟ بداية الأزمة حدثت في الولايات المتحدة الامريكية أيضاً هناك ميرلانش من المجوعات المالية الكبيرة وهناك بومن براذرز أيضاً الذي يعد من البنوك المعتبرة في الولايات المتحدة الامريكية وهي تعمل في مجال الرهن العقاري ، وتأثرت كثير من البلدان بسبب وجود الأموال المهاجرة من بلدانها الأصلية إلى الولايات المتحدة الامريكية سواء من قبل بنوك مشاركة في هذه البنوك الامريكية أو من قبل أفراد مستثمرين في هذه المؤسسات المالية. ونتيجة لطلبات المستثمرين والعملاء للسيولة التي يملكونها في هذه المؤسسات واجهت هذه البنوك إفلاساً والحكومات واجهت مأساة هي أيضاً ، ففي بريطانيا بدأ بنك HBOS وهو من البنوك العقارية وتأثر هو الآخر رغم أنه موجود في بريطانيا بسبب أنه مساهم في الولايات المتحدة الامريكية ، وكان البنك مؤهلاً لأن يصاب بانهيار لولا أن تدخلت الدولة نفسها وقامت بالضعط على بنك لويدز بانك يشراء البنك HBOS من أجل انشاء كيان عملاق برأسمال وصل إلى 28 مليار جنيه استرليني أي 50 مليار دولار وكونا كياناً مصرفياً ، بالإضافة إلى قيام بريطانيا بضخ سيولة نقدية للمودعين والمستثمرين لمواجهة السحوبات ومن أجل عدم تأثرها بالتأثر الكبير الذي تأثرت به الولايات المتحدة الامريكية .. ناهيك عن اليابان وعن الهند قامت بضخ مبالغ كبيرة من أجل المحافظة على استقرار أوضاع بلدانهم وأوضاع مصارفهم خاصة وإعطاء سيولة نقدية للمصارف الضخمة فيها ، واعتقد أن الدولة عندما تحافظ على بنوكها ومصارفها وتكون تحت ملكيتها يكون وضعها أفضل من التي تكون مطلقة العنان لأفرادها ومؤسساتها وأكبر دليل ما حصل هذه الأيام من هذه الأزمة المالية خاصة في ظل عدم وجود الرقابة المالية ، طبعاً التأثير امتد ومازالت آثاره إلى الآن إلى دول الخليج والصين رغم أنها من الدول الكبرى ولديها كنترول وهي تميل أكثر شيء إلى الاشتراكية ولكن نتيجة للمصالح الاقتصادية ولأنها دولة منفتحة على العالم بمنتجاتها قامت بدعم ثلاثة بنوك صينية عندها حتى تحافظ على استقرارها. ما مدى تأثر بلادنا بهذه الأزمة ؟ إذا نظرنا إلى بلدنا فالتأثير كان محدوداً خاصة أن الاستثمارات في بلادنا هي استثمارات حكومية وليست استثمارات خاصة ، وإنما هذا لا يمنع أن يكون هناك تأثير طفيف للاستثمارات الخاصة والاستثمارات المهاجرة التي هاجرت للاستثمار خارج بلدانهم وهم يستثمرونها في بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة الامريكية وغيرها ، وهذا وبدون شك أنها تأثرت وتأثرت بشكل كبير جداً. هل الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من الدول كفيلة بالحد من هذه الأزمة ؟ الولايات المتحدة الامريكية قامت باتخاذ خطة وسمتها خطة الانقاذ ، إلا أن الخطة هذه واجزم بأن هذه الخطة تحتاج إلى وقت طويل من أجل تنفيذها وتحتاج إلى مبالغ كبيرة وتحتاج إلى رقابة وإفصاح وتحتاج إلى شفافية في الموضوع ، فإذا نظرنا إلى البداية وإلى ما قامت به الولايات المتحدة الامريكية من دعم لأكبر شركات التأمين لديها بمبلغ (189) مليار دولار مقابل امتلاكها حصة في أسهمها إلا أن هذا لم يؤد إلى حيلولة وحل للأزمة أيضاً قامت بدعم مورقن بيك وقامت بدعم بعض الأفراد وقدمت العديد من التسهيلات وخصوصاً للذين حصلوا على قروض عقارية ولم تستطع الانفاق على الخدمات التي تقدم للعقارات نفسها وقامت باعتمادات أخرى كما قامت باعتماد (700) مليار دولار لويدز استريت وللمؤسسات وللبنوك العاملة في الولايات المتحدة الامريكية من أجل انقاذها ، وذلك يحتاج إلى وقت طويل وسيظل التأثير هذا لوقت طويل أيضاً وليس فقط على البلدان العربية ذات الأموال المهاجرة . هل للأزمة تأثيرات أخرى ؟ نعم هذه الأزمة قد يكون لها تأثير على الحياة العامة إضافة إلى ما تأثرت به سابقاً من ارتفاع للأسعار للمواد الغذائية وغيرها بالرغم من وجود خطة للانقاذ إلا أن هذه الخطة تحتاج إلى وقت طويل من أجل أن يكون له أثرها على الحياة بشكل عام ، فالعالم كله تأثر بهذه الأزمة فالصين واليابان وأمريكا اللاتينية والبورصات العالمية والبورصات الخليجية والبورصة المصرية تأثرت تأثراً كبيراً. ماهي الاجراءات التي يجب أن تتخذ من قبل البلدان العربية وغيرها كعمل احترازي لمواجهة مثل هذه أزمة ؟ في واقع الحال الاحتراز واجب وسن القوانين واجب من أجل أن تحفظ وتضبط أي انسان تسول له نفسه وتجاوز حدوده فلا بد من وجود رقابة على المؤسسات المالية والمصرفية في بلدانها ووجود الشفافية والرقابة من قبل أجهزة الرقابة والمحاسبة نفسها ، ولا بد من وضع أناس أكفاء على إدارة هذه البنوك والمصارف والمؤسسات ويجب وضع الضوابط الدقيقة والمحددة في منح الائتمان الذي يمنح للغير وتمنح لأشخاص معينين في هذه المصارف والمؤسسات ، يجب على الدولة والأفراد الدخول في مشاريع مجزية وليس مشاريع قابلة للافلاس وفيها تشبع ، لا بد من الحكومات نفسها أن تضمن أموال المستثمرين والمودعين وتفرض القوانين على المودعات الخاصة بهم على البنوك العاملة في هذه البلدان.