استطلاع -عارف الشماع المحويت بحر في تجاويف الإبداع الحضاري والإنساني تغنى بها كبار فناني اليمن كالحارثي والأخفش كيف وهي قبلة السياح ومهوى العاشقين.. الزائر للمحويت ترتسم أمامه صورة فنية غاية في الجمال والروعة والإبداع تجمع في حناياها جمال الطبيعة وفن العمارة التي تميز بها اليمانيون عبر التاريخ فالقصور الشامخة على مصنعة المحويت والتي يعانقها الضباب كأم حانية على مدار العام ويضيف الضباب عند معانقته المدينة جمالاً فريداً يعكس أشعة الشمس الذهبية. محافظة الضباب اليمنية جمعت بين أشكال الطبيعة وتنوع المناخ وهوائها الطلق والمعالم الأثرية والتاريخية مما يجعلها مكتملة لمعاني الجمال والإبداع والدهشة. محافظة المحويت من المحافظات السياحية الواعدة حيث تتمتع بمناظرها الطبيعية الجذابة التي تجعل الزائر يتأمل في الجمال الإلهي البديع من سهول وجبال وهضاب ، كما أنه يوجد في المحافظة أودية غنية بالأشجار النادرة والغيول الجارية طوال العام وكذا يوجد معالم تاريخية وأثرية متنوعة ما بين قلاع وحصون ومدن ذوات عراقة تدل على عظمة الإنسان اليمني عبر العصور كما تمتاز المحافظة بتنوع مناخها بين الجبل والسهل ففي المناطق الجبلية يسود المناخ المعتدل صيفاً والبارد شتاء بينما يسود المناطق السهلية المجاورة للوديان وتهامة مناخ حار صيفاً ومعتدل شتاء فالمحافظة تتمتع بمواطن دهشة وجمال وإبداع وتاريخ وتراث ، وتنوع عجيب في كل شيء الزائر لهذه المحافظة يقف عاجزاً عن التعبير والتغني بهذه اللوحة الفنية التي رسمت بأنامل الإبداع والسحر والجمال الإلهي البديع مما يؤهلها لأن تكون منطقة جذب سياحية من الدرجة الأولى فالسياح خلال شهري سبتمبر واكتوبر من كل عام يأتون إليها أفواجاً من كل حدب وصوب لقضاء أمتع أوقاتهم على رؤوس الجبال الشاهقة المطلة على الأودية الخصبة ناهيك عن استنشاق الهواء العليل الذي ينعش القلوب كيف لا والمحويت قبلة السياح التي يقصدونها بغرض الاستجمام والنقاهة وسبر اغوار الطبيعة البكر والاطلاع على معالمها الأثرية والتاريخية. أشهر الجبال والوديان لمحافظة المحويت مظهر طبوغرافي تشكل من صخور كلسية وبازلتية وجوراسية وقاعدية تعود للزمن الجيولوجي الوسيط وأزمنة أخرى حيث تشكلت بين تلك الجبال والهضاب والوديان أحواض تصريفية صغيرة وممرات مائية عميقة واسعة الانحدار إذ إن كل ذلك تكون بفعل مياه السيول المتدفقة من تلك الجبال المرتفعة والشاهقة التي تكونت جراء انفصال الجزيرة العربية عن قارة افريقيا خلال الفترة ما بين (15-45) مليون سنة تقريباً ومنذ الزمن الجيولوجي الرباعي تشكلت رسوبيات طمي ملائمة لاقامة الحقول الزراعية المدرجة التي استغلت لزراعة بعض محاصيل الحبوب التي تعتمد على الأمطار الموسمية والغيول ، وتتوزع تضاريس محافظة المحويت بين جبال عالية تكسوها المدرجات الزراعية ووديان عميقة وواسعة على ضفافها المناظر الطبيعية الخلابة والجذابة. وأشهر جبالها سلسلة جبال حفاش وملحان وسلسلة جبال بلاد غيل وجبال ذخار ثم جبال القرانع. أما وديانها فأشهرها وادي لاعة ووادي الاهجر ووادي سردود ووادي نعوان ووادي سمع ثم وادي عيان ويعرف بالحامضة. الصناعات الحرفية والملبوسات المحويتية تنتشر في محافظة المحويت العديد من الصناعات الحرفية مثل صناعة الحلي التقليدية القديمة وصناعة العسوب والجنابي إضافة إلى صناعة المعدات الزراعية (المفرس - الفأس - المجرفة - المخرش - المعقرة - المحراث) وغيرها وهناك تفنن في صنع الخزف والحصير المتمثلة في صناعة (الكوابيس - سلب وشيق - ظلل - مصابي) وغيرها وصناعة الطين والفخار والتي تتمثل في صناعة (البرم - المقالي - الصلالي - الحيسي - الجمنة - المحثري - الكعدة - المدل) وغيرها.. إضافة إلى الألبسة التي يلبسها الرجل المحويتي المكون من المدرعة وهي تشبه القميص وهو عبارة عن ثوب طويل مميز بطول أكمامه وعرض فتحاته يقوم بارتدائه فوق المدرعة ومقطب وهو عبارة عن قطعة قماش مستطيلة تلف على الظهر ويصل طولها إلى تحت الركبتين مع لبسه للعمامة والتي تختلف مسمياتها حسب نوع الصناعة فهناك القبعة الحضرمي (نيل) وكوفيه الخيزران (تصنع في تهامة) وأخرى كوفية تسمى (تنتنة) وعن الحذاء الذي اعتاد الرجل المحويتي لبسه فهو (جزمة من جلد) أو حذاء (البينيان) وهو مصنوع من جلد أيضاً و(حذاء أبو شبك صنعاني) وغيرها.. أما المرأة المحويتية فعادة ما ترتدي عند خروجها قميصاً طويلاً أسود يشبه الثوب وهو عريض وذو أكمام واسعة جداً، الرائي لها لا يستطيع تمييز الفتاة من العجوز ولباساً آخر مصنوعاً من القماش يسمى (الدكمة) وتضع على رأسها (صارمية) أو (مقرمة) وهي قطعة قماش عريضة وطويلة وتسبل على جميع جسدها وعندما تمشي ترفعها قليلاً لترى طريقها فقط. المحويت في كتب التاريخ أورد الهمداني في كتابه (الاكليل) الجزء الثاني وكتابه «صفة جزيرة العرب» إشارات إلى كثير من أسماء المواضع والأماكن ذات المعالم الأثرية والتاريخية والطبيعية في المحويت منها جبل تبس (المصنعة) حيث تمثل المصنعة كنزاً تراثياً وتاريخياً لم يزل مطموراً ولم يتم استكشاف أغواره بعد ويعود تاريخ هذا المدينة إلى ما قبل (850) سنة هجرية وللمصنعة عدة بوابات وتزداد دهشة الزائر عندما يجد نفسه واقفاً أمام أكبر وأهم البوابات في مدينة المحويت وهي (بوابة المصنعة) ذلك الحصن الأشم والتاريخي العريق والقصور المتراصة عندها تتسابق قدماك إلى صعود السلالم المتراصة بشكل حلزوني وتجذبك الوان الروعة والجمال صوب عراقة التاريخ وأصالة الفن فتتجلى لك لوحة فنية فوتغرافية ترتسم أمام ناظريك وتأخذ بقلبك وعقلك إلى عصور التاريخ الماضية وما أبداه الأوائل من فنون وأصالة وعراقة.. وكذا أورد الهمداني جبل بني حبش وتبس بفتح التاء المثناه الفوقية وسكون الباء الموحدة آخره سين مهملة وفيه قرية المحويت (المركز الإداري للمحافظة) وجُرابي بضم الجيم وهو جبل فيه حروث وقرى من ناحية (قيمة) وفيه قتل (إبراهيم بن طريق الكباري) أحد الزعماء البارزين في الدولة الحوالية سنة (292) هجرية وسارع منطقة وواد يسمى سارع بني سعد يتفرع منه وادي (بكيل بني لاعة) ووادي (سردود) وفي بكيل هذا معادن متعددة أما وادي عبان إلى جانب الظاهر المعروف بجبل المضرب من ملحان ويذكر أن عياناً كانت سوقاً قديمة. كما ذكر الهمداني سردوداً وحفاشاً وملحاناً وينسب جبل ملحان إلى رجل من حمير ، والباقر يسمى اليوم (برش) وهو جبل في أصل ملحان والمضرب وصحار من بلد حمير ثم من المحويت وتبس ونضار والماعز وشاحذ والباقر هي قبائل يحاذيها حمير وهمدان في النسب وسادة الجبل البحريون من ولد ذي خليل من حمير ووادي سمع إلى الشمال والغرب يتفرع من وادي عيان ومن الأودية الرئيسية التي تتصل بمديرية المحويت من الناحية الشمالية الغربية وادي لاعة واسم هذا الوادي هو جبل ومدينة ويلتقي مع وادي مور في منطقة (القلعوس) قرب جبل الجدية وتعد لاعة من غرر المناطق المشهورة بالخصوبة وغزارة المياه وكثرة أشجار البن ومن لاعة انتشرت الدعوة القرمطية على يد (حسن بن حوشب القرمطي) سنة (268) هجرية وكان هناك سوق مشهور وهو اليوم خراب ومن فرق البحث الأثرية الاجنبية التي زارت المحافظة البعثة الأثرية الفرنسية والتي استمرت من عام (1994م إلى 2008م لمسح وتسجيل ودراسة المقابر الصخرية في منطقة (صياع - بيت منعين وبيت النصيري وأخيراً شعبة ديحية في مديرية بني سعد وقد تمت عمليات مسح أثرية من قبل الهيئة العامة للآثار خلال الأعوام (94-95-96-98-99م - 2006-2007م في مديريات الرجم والطويلة والآن تستعد الهيئة العامة للآثار لإنشاء أول متحف للموميات في مدينة الطويلة. تراث وطبيعة خلابة المحويت غنية بتراثها الحي فالزائر محافظة المحويت ومديرياتها سيجد فيها مالم يجده في كثير من المحافظات ففيها المواقع الأثرية والغابات والمحميات الطبيعية وأشجارها الباسقة الوارفة الظلال وموروثاتها الشعبية وعاداتها وتقاليدها وحرفها اليدوية وقصورها العالية (ناطحات السحاب) ومبانيها الفريدة المتميزة بطرازها وجمالها المعماري التقليدي القديم والمروج الخضراء الغنية بالكثير من الثمار والفواكه والبن والعسل فهي في أغلب أيام السنة مكسية بالخضرة فالمدرجات الزراعية تطرز جبالها من قممها حتى الوديان كل ذلك يشكل لوحة فنية غاية في السحر والجمال. أسواق المحويت كانت المحويت وماتزال مركزاً تجارياً متميزاً مما يجعلها محل إعجاب وانبهار لدى الزائر لهذه المحافظة فأسواقها التي مازالت تحتفظ بطابعها القديم وباحتضانها العديد من المهن والحرف اليمنية التقليدية ومن هذه الأسواق : 1) السوق القديم في عاصمة المحافظة إذ إن هذا السوق يضم في حناياه العديد من الحرف اليدوية التقليدية ويتميز هذا السوق بأنه يوجد لكل حرفة سوق فمثلاً هناك سوق النجارة - سوق الحدادة وسوق الحبوب وسوق المخلص «الفضة» وسوق الأقمشة وسوق الأحذية وسوق الزبيب وسوق المدائع وسوق البقر وغيرها من الأسواق. سوق الصفقين بمديرية حفاش. سوق الجمعة الخميس بمديرية بني سعد. سوق الأحد وسارع بمديرية المحويت. سوق الاثنين بمديرية الرجم . سوق الثلوث بمديرية ملحان. سوق شبام بمديرية شبام. وهذه الأسواق التي ذكرناها تتميز بأنه يوجد فيها كل ما يطلبه المتسوق وما يحتاجه لاقتناء كل شيء مميز وثمين إلا أن المتسوق يذهب إلى هذه الأسواق من أجل المتعة لا أكثر حيث من الناس من يتوافدون إلى هذه الأسواق من جميع القرى والعزل فيشكلون سوقاً ضخماً .. وتزداد الدهشة عندما تذهب اليوم الذي يلي يوم السوق فترى مكان السوق خالياً من تلك الزحمة ومن السلع وكأن شيئاً لم يكن ، إلا أن الرجل المحويتي لا يستغني عن سوق المحافظة لأن كل شيء موجود فيه.