ثلاثة مليارات وستون مليون ريال على الأقل خلال العام الواحد يدفعها نحو (17) ألف باص وحافلة نقل داخلي في أمانة العاصمة يدفعونها يومياً بمتوسط (500) ريال للباص الواحد.. ولا أحد هنا في أمانة العاصمة بمقدوره أن يقول أين يذهب ذلك المبلغ ، حتى نحن هنا وفي هذا التحقيق لم نكن نبحث عن المكان الذي يتسلم ذلك المبلغ أو الأماكن التي يؤول إليها فقط كان علينا أن نكتشف إجمالي ما يصل مالكي الباصات (الأجرة) داخلشوارع ومديريات أمانة العاصمة يدفعونها يومياً مقابل لاشيء وقد توصلنا إلى هذا الرقم الذي جعلناه فاتحة موضوع ها أنتم تقرؤونه الآن : معاناة مستمرة على طول الخط الممتد من منطقة (شُميلة) إلى منطقة مذبح في أمانة العاصمة صنعاء على متن حافلة (هيس) بدأت معنا خيوط تحقيق يكشف عن الكثير من المعاناة الصامتة فوق حفريات الشوارع وفي مواقف الباصات وتقاطعات الشوارع وخلف تجاهل المجالس المحلية في مديريات الأمانة لحقيقة معاناة تبدأ كل يوم مع شروق الشمس ولا تنتهي عند حلول الحادية عشرة مساء من كل يوم.. متجاذباً الحديث إلى سائق الحافلة الذي عرفت فيما بعد أنه تخرج من كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء منذ أربع سنوات ومنذ ذلك الحين وهو يعمل على توفير ثمن لقمة العيش على متن هذه الحافلة. في موقف الباصات في شميلة اقترب شخص المندوب من نافذة أيمن (السائق) وفي يده دفتر كوبونات أحمر اللون نزع منه ورقة واحدة وبعد أن علم عليها بقلم أزرق ناولها أيمن ، الذي تناولها ناقداً المندوب مبلغ 100 ريال هكذا بدأ أيمن مشوار عمله اليومي في نقل الطلاب والموظفين والعمال داخل الشوارع ومناطق أمانة العاصمة كل حسب وجهته ، ذهب المندوب نحو باص آخر وآخر وحين اكتمل عدد الركاب في الباص بالعدد المطلوب واحد تقدم رجل آخر من نافذة السائق ماداً يده (حق الحمول) ونقده السائق عشرين ريالاً. حكاية الكوبون وعند أول تقاطع نصل إليه يترجل العديد من الركاب ويبقى في الباص متسع لركاب آخرين ما إن يصعدوا إلى الباص وإذا بشاب في العشرين أو الثلاثين يتقدم من نافذة السائق طالباً حق الحمول وينقده السائق عشرين ريالاً أخرى وهكذا استمر الحال في خمسة تقاطعات وأماكن ركوب في الخط الممتد من شميلة جنوباً نحو مذبح شمالاً نقطة الوصول النهائي إلى جوار مكتب النائب العام وكلية الطب ليكون على أيمن (السائق) أن يتسلم قسيمة أخرى كوبون آخر بمبلغ 100 ريال أخرى وربما يكون يومياً من الكوبونات قد انتهى لكن على أيمن أن يستمر بدفع مبلغ ال 20 ريالاً خمس مرات في المشوار الواحد وفي نهاية اليوم يجد أن مادفعه بدون مسوغ قانوني مبلغ 600 ريال وطبعاً إذا حالفه الحظ ولم ينل مخالفة مرورية. اعتداءات و»بلطجة« الباصات الصغيرة العاملة في خط حدة التحرير كانت تدفع في اليوم لحاملي القسائم (المندوبين) 100 ريال فقط 50 ريالاً لمندوب حدة و50 ريالاً لمندوب التحرير فجأة صار عليهم أن يدفعوا بدلاً عن الخمسين الريال مائة ريال لكن هشام رفض أن يتسلم القسيمة ويدفع ال 100 ريال حينها لم يكن من المندوب إلاّ أن يتحول إلى قاطع طريق وبعصا غليظة كانت في يده طرح بها على فريم الباص المليء بالركاب ليحوله إلى شظايا تناثرت على أوجه الجميع وبدأت مشاجرة انتهت بإضراب كل سائقي الخط حدة التحرير عن العمل لحوالي نصف يوم لكنهم عادوا للعمل دافعين 200 ريال يومياً لا أحد يدري إلى أين؟ مصير المبلغ في الاتجاه الآخر لخط سير بدايته باب اليمن ونهايته مذبح كنت الراكب الوحيد إلى جوار ساق عليه أن يكون حاضراً الساعة الواحدة ظهراً إلى جوار بوابة مدرسة أهلية تعاقد معها لتوصيل الطلاب تحدثنا كثيراً وسألته عن مصير مبلغ ال 200 ريال التي يدفعونها ويتسلمون كوبونات أكد السائق أنه لا وجود للجنة نقابية خاصة بهم وأنهم يعتقدون أن المندوب تابع للمجلس المحلي حسب المديريات ناولني قسيمة أخرى وكانت المفاجأة أن واحدة منها تابعة للمجلس المحلي أما الأخرى فكانت تحمل اسم مندوب اللجنة النقابية فلان وللمساعدة الاتصال على الأرقام كثير محاولات بذلتها للاتصال بالأرقام لكن لافائدة. فيما درج محلي أمانة العاصمة على استمرار النفي لأن يكون للمحلي علاقة بتلك المبالغ التي تحصل بل إن الكثير من التصريحات نقلت عن عدد من أعضاء المجلس المحلي بالأمانة القول بأن تحصيل تلك المبالغ مخالفة للقانون وليست شرعية وينتهي الحديث دائماً هنا فيها بم يقدم المحلي على اتخاذ أية خطوة عملية كتلك الخطوة التي بادر إليها محلي تعز أو مرور تعز (ليس مهماً من؟) ولكن ماذا ؟ وفي الأرقام الخبر اليقين حتى يكون لهذا التحقيق معنى تنقلت بين محطات الباصات التالية داخل أمانة العاصمة ومن مندوب إلى آخر بحثاً عن رقم لعدد الباصات العاملة في تلك المحطات ولكن كل مندوب أكد أنه لا يعرف، بعظهم كان لا يعرف والبعض الآخر لايريدنا أن نعرف ولكن الجواب كان موجوداً في مكان ما في إدارة مرور أمانة العاصمة ومن تلك المحطات التي تنقلت فيها. شميلة ، الصافية ، باب اليمن ، التحرير ولم أخرج بشيء عدا التقرير الذي قدرت التخلص منه حين جاء رد عمليات المرور قاطعاً بأن في أمانة العاصمة حوالي (37000) سيارة أجرة بين تكس وباص وحافلة وأن عدد الباصات والحافلات منها في مختلف المحطات يتجاوز (17000) باص وحافلة. لغة الأرقام وهنا بدأت الأرقام ترتص إلى جوار بعضها كاشفة عن مستور مخيف من التساؤلات التي يجب طرحها على مكتب محلي الأمانة ومكاتب مجالس المديريات وأمام حفريات وتقشرات الشوارع وطبقات الاسفلت. 17000 باص وحافلة مضروبة بمتوسط ما يدفعه كل باص يومياً مبلغ (500) ريال على الأقل يكون المبلغ المتحصل يومياً من الباصات والحافلات في أمانة العاصمة هو 8.500.000 ريال على الأقل ل يوم وخلال ثلاثين يوماً يصل هذا المبلغ إلى (2.55.000.000) على الأقل وفي غضون عام واحد يتضاعف هذا المبلغ اثنتي عشرة مرة ليصل إلى (3.060.000.000) ريال على الأقل أي ثلاثة مليارات و(60) مليون ريال على الأقل؟ فهل بمقدور مرور ومحلي أمانة العاصمة الإجابة عن مصير هذه المبالغ التي تفوق ما يتم تحصيله نهاية كل عام من ضريبة العقارات على مستوى الجمهورية ثلاث مرات ؟؟ فلا أعتقد أنه بمقدور اللجنة النقابية أو اللجان النقابية الإجابة على ذلك . وفيما يبدو هناك مبالغ..، تأكدوا أن مبلغ 50 ريالاً يدفعها سائقو الدراجات النارية يومياً لم تدخل ضمن الموضوع كذلك تعمدنا حذف مبلغ 100 ريال مما يدفعه كل سائق باص يومياً 600 ريال وجعلنا المبلغ 500 ريال فقط بالمقابل لم نذكر ما يدفعه سائقو التاكسي أيضاً. تعز أنموذجاً كان لابد أن نختتم هذا التحقيق بنموذج طيب لمن استشعر فداحة الابتزاز الذي يطال سائقي الباصات داخل المدن وفداحة أن تكون ثمة مبالغ لاتجد طريقها إلى خزانة الدولة فمطلع الشهر الجاري نوفمبر 2008م اتخذ محلي محافظة تعز قراراً حدد المبلغ المتحصل على وسائل النقل الداخلي (الباصات والحافلات) بمبلغ (200) ريال في الشهر وحسب الإعلان الذي نشرته يومية «الجمهورية» فإن المبلغ سوف يتم تحصيله شهرياً بموجب قسائم لاحقة تحول دون تعرض مالكي وسائقي الباصات لأية عمليات ابتزاز. وقد شكل القرار خطوة جيدة أكد عدداً من السائقين هنا في صنعاء أنها حلم بالنسبة لهم.